المالكي يحلم بالعودة إلى رئاسة الحكومة معولا على إيران وقربه من بعض ميليشيات الحشد الشعبي

يصر على أن اختيار العبادي خلفا له لم يكن «دستوريا».. ويتطلع لانتخابات 2018

حيدر العبادي و نوري المالكي
حيدر العبادي و نوري المالكي
TT

المالكي يحلم بالعودة إلى رئاسة الحكومة معولا على إيران وقربه من بعض ميليشيات الحشد الشعبي

حيدر العبادي و نوري المالكي
حيدر العبادي و نوري المالكي

لا يزال نوري المالكي يرحب بزواره في نفس المكتب ذي الأرضية الرخامية داخل فيلا مظللة في قلب المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد كما كان يفعل لمدة 8 سنوات كرئيس لوزراء البلاد.
يحتفظ المالكي حاليا، بصفته أحد النواب الثلاثة للرئيس العراقي المنتخب، بمنصب شرفي إلى حد كبير في حكومة خلفه حيدر العبادي. لكن هل حقا تخلى المالكي عن سعيه الحثيث وراء السلطة؟ لا تزال المسألة قيد التساؤل بشكل متزايد إذ يخرج في سلسلة من الجولات الميدانية المعلنة يتقابل فيها مع شيوخ العشائر ويسافر في زيارات خارجية.
نفى المالكي خلال مقابلة أجريت معه في مقره بالمنطقة الخضراء سعيه لاستعادة منصبه السابق، وتعهد بدعم وتأييد العبادي، الذي مر عليه 6 شهور حتى الآن في منصبه محاولا إخماد حالة الفوضى التي ضربت العراق. تلقى المالكي كثيرا من اللوم حيال تلك الفوضى العارمة، من حيث إخفاقه في التواصل مع السنة وتطبيقه لسياسات وصفت على نطاق واسع بأنها تؤجج الطائفية في البلاد.
غير أن المالكي لا يستبعد أن يعود إلى مكانته السابقة في يوم من الأيام، يقول المالكي «استنادا إلى التأييد الشعبي الذي أتمتع به ولا يزال قويا، أعتقد أن ذلك ممكن»، مشيرا إلى أنه ينصب ناظريه على الانتخابات البرلمانية المقبلة في عام 2018. وأضاف المالكي قائلا: «الأمر ممكن من الناحية القانونية والدستورية. لكنه اختيار الشعب العراقي في نهاية الأمر».
ويمثل حضور المالكي في مشهد الأحداث العراقية تحديا مستمرا للعبادي الذي يحاول استعادة الأراضي المحتلة من المتطرفين ورأب الصدع مع السنة العرب والأكراد. ويبدو المالكي وكأنه يمارس قدرا من النفوذ على الكثير من أعضاء البرلمان أكثر من العبادي نفسه، مع المزيد من التأييد للمالكي داخل الأجهزة الأمنية بالدولة، على حد قوله. ومع ذلك، يشكك الآخرون في مدى ذلك النفوذ، معتبرين أن فرصته في العودة إلى صدارة الأحداث باتت ضئيلة للغاية.
استقبل المالكي، في رحلة أخيرة في مارس (آذار) إلى مدينة تم تحريرها بالقرب من تكريت، المقاتلين الشيعة (الحشد الشعبي) الذين تمكنوا من طرد مقاتلي تنظيم داعش، كما لو كان لا يزال في منصبه السابق. وقال إنه «أمر طبيعي أن تشعر بعض القوات الأمنية بالولاء له»، مضيفا «لقد أسست تلك الميليشيات وقتما كنت في السلطة. إن علاقتي بهم وثيقة للغاية، وقد يكونون على نفس إخلاصهم لي. وبالتالي ما زلت أعمل معهم وأؤيدهم وأشجعهم على القتال».
ويحتل المالكي درجة أكبر من العبادي داخل حزب الدعوة الذي ينتميان إليه إذ يشغل المالكي منصب الأمين العام للحزب. ويشير بعض من أعضاء حزب الدعوة، ساخرين، إلى العبادي بأنه «شرطي المرور»، في إشارة إلى حقيقة مفادها أنه على الرغم من اعتلائه قمة الهرم الحكومي في البلاد، إلا أن قبضته على السلطة لا تزال محل تساؤل كبير.
ورغم من خروج الرجلين من تحت ذات العباءة الحزبية، فإنهما يختلفان للغاية في أسلوب الحكم والإدارة والتي قد تتأصل في تجاربهما المتباينة في المنفى إبان سنوات حكم صدام حسين. ففي حين أن العبادي، الذي يتحدث الإنجليزية بطلاقة وكان يعمل مهندسا كهربائيا في بريطانيا، يعتبر من ذوي العلاقات الهادئة مع الغرب، فإن المالكي، الذي انهار الدعم الأميركي له سريعا خلال سنوات حكمه الأخيرة، تربطه علاقات وثيقة بإيران التي عاش فيها لعدة سنوات.
ولا تزال صور المالكي الكبيرة متناثرة في جميع أنحاء بغداد. أما العبادي، على العكس من ذلك، فقد أمر بعدم نشر أي صور له في أي مكان، في محاولة منه لكسر التقليد العراقي حيال التزلف والتملق للشخصيات الحاكمة.
وحينما يغادر المالكي المنطقة الخضراء فإنه يخرج في قافلة كبيرة من سيارات الدفع الرباعي المصفحة. أما العبادي فقد نال الاستحسان حينما زار أحد الأضرحة المقدسة في بغداد مصحوبا باثنين من حراسه الشخصيين فقط. وفي حين أن العبادي يتجنب التشريفات العامة، فالمالكي اتخذ لنفسه مسمى «النائب الأول لرئيس الجمهورية»، بينما مضى لم يكن هناك من فارق بين النواب الثلاثة لرئيس البلاد.
وتعليقا على سجل العبادي في الحكم، يقول المالكي إن «ما يفعله يكمن في حدود الممكن وليس الطموح المطلوب، مجرد الممكن»، لكنه أقر بأن خلفه يقبع تحت قيود مالية كبيرة وحالة أمنية هشة تعم البلاد.
وكان المالكي سريعا في الإشارة إلى ما يعتبره من قبيل العيوب في سياسات العبادي. حيث إن الصفقة النفطية مع الأكراد التي نالت الكثير من الإشادة – والتي وصفت بأنها إشارة على مقدرة رئيس الوزراء الجديد على تجاوز الخلافات التي مزقت البلاد تحت حكم المالكي - هي صفقة غير دستورية، كما يزعم المالكي، إذ إنها تسمح لأربيل بتصدير بعض من النفط العراقي بشكل مستقل.
وفيما يعتبر مشروع الحرس الوطني حجر الزاوية لسياسة العبادي الأمنية، يقول المالكي «أنا من اقترحت ذلك، ولكن ليس على النحو الذي سارت عليه الأمور مؤخرا. لقد بات يشكل خطرا على الوحدة الوطنية».
وعندما زار العبادي إيران للمرة الأولى العام الماضي، تبعه المالكي بزيارة إليها بعد ذلك بأسابيع قليلة، ملتقيا فيها كذلك بالمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
ولا يزال المالكي يزعم أن قرار ترشيح العبادي لرئاسة الحكومة في الصيف الماضي كان قرارا «غير قانوني» عقب فوزه بأعلى نسبة من عدد الأصوات. قال المالكي: «أكدت كل القوانين والإجراءات أن المالكي يستحق ولاية ثالثة». ومع ذلك، فإنه يزعم أن المسألة برمتها خلف ظهره الآن. وأضاف «علينا اليوم التعاون سويا في عملية بناء البلاد ومواجهة التحديات، وبالتالي فإنني حريص كل الحرص على نجاح الحكومة الحالية».
لكن هذا الشعور بالخيانة قد يحفزه إلى التخطيط للعودة ومع الدور القوي الذي تلعبه إيران في العراق، فإن المالكي ينتظر جني المكاسب. فالعبادي من الحلفاء الطبيعيين لإيران التي حاولت منع ترشحه لرئاسة الوزراء في البلد الذي يخضع لنفوذها السياسي الواسع. غير أن طهران رضخت في النهاية عندما بات العراق على شفير الانهيار.
* خدمة: «واشنطن بوست»
* خاص بـ«الشرق الأوسط»



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.