فجر احتجاز السلطات التركية رجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، أزمة دبلوماسية بين تركيا و10 دول بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، طالبت جميعها في بيان مشترك بالإفراج الفوري عنه بعد اعتقاله وحبسه احتياطيا لما يقرب من 4 سنوات وتغيير الاتهامات الموجهة إليه واستحداث أخرى بعد حصوله على البراءة في اتهامات سابقة.
في الوقت ذاته، لوح الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات ضد تركيا بسبب استفزازاتها في منطقة شرق المتوسط وانتهاك حقوق اليونان وقبرص الدوليتن العضوين بالتكتل.
وأبلغت وزارة الخارجية التركية سفراء وممثلي الدول العشر، الذين استدعتهم إلى مقرها أمس (الثلاثاء)، رفض أنقرة بيانهم المشترك حول كافالا المحبوس بتهمتي التجسس والضلوع في محاولة الانقلاب الفاشلة، التي شهدتها تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016، ونسبتها السلطات إلى «حركة الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن.
وقالت الخارجية التركية، في بيان، إنه تم إبلاغ الممثلين الدبلوماسيين لبعثات الولايات المتحدة، ألمانيا، الدنمارك، فنلندا، فرنسا، هولندا، السويد، النرويج، كندا ونيوزيلندا، برفض بيانهم«غير المسؤول».
ونددت السفارات العشر، في بيان مشترك نشرته عبر وسائل التواصل الاجتماعي أول من أمس، بحبس كالافا (64) عاما، دون محاكمة، قائلة إن استمرار تأخير محاكمته، بما يتضمن دمج قضايا مختلفة واستحداث أخرى بعد تبرئة سابقة، يلقي بظلال من الشك على احترام الديمقراطية وحكم القانون والشفافية في نظام القضاء التركي.
وأضاف البيان: «بالنظر إلى أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن هذا الأمر، فإننا نطالب تركيا بالإفراج العاجل عنه».
وسبق أن أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قرارات عدة، طالبت فيها تركيا بسرعة الإفراج عن كافالا، لكن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن رفض حكومته الامثتال لهذه القرارات، ووصفها بأنها غير ملزمة لبلاده، وهاجم كافالا متهما إياه بتمويل أحتجاجات« جيزي بارك» التي انطلقت كاحتجاجات للمدافعين عن البيئة في إسطنبول، وسرعان ما تحولت إلى احتجاجات على حكومة إردوغان في أنحاء البلاد، حيث اعتبرها إردوغان، الذي كان رئيسا للوزراء في ذلك الوقت محاولة للإطاحة به.
ويقول إردوغان إن كافالا هو ذراع الملياردير جورج سورس و«مؤسسة المجتمع المفتوح» التابعة له، وأنه مول احتجاجات جيزي بارك للإطاحة بحكومته. وبرأت محكمة تركية كافالا، أوائل العام الماضي، من اتهامات تتصل باحتجاجات جيزي بارك من بينها التجسس والعمل على الإطاحة بالنظام الدستوري للبلاد، لكن سرعان ما اعتقل بعد ساعات، وألغى حكم البراءة وتم دمج الاتهامات في قضية واحدة يحاكم فيها بتهمتي التجسس ودعم محاولة الانقلاب.
ومددت محكمة في اسطنبول سجن كافالا، المعتقل دون صدور أي حكم في حقه منذ 4 أعوام، معتبرة أنه تنقصها «عناصر جديدة» لكي تأمر بالإفراج عنه. وعقدت جلسة لمحاكمته الأسبوع الماضي، وتم تأجيل النظر في القضية إلى 26 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وتعتبر منظمات حقوقية دولية المحاكمات التي تستهدف كافالا بأنها رمز لحملة قمع للمعارضة في عهد إردوغان. وحذر مجلس أوروبا لحقوق الإنسان، الذي انضمت إليه تركيا عام 1950، قبل يومين، من أنه قد يبدأ إجراءات ضد تركيا حال عدم الإفراج عن كافالا بحلول نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الجاري. لكن
وقالت الخارجية التركية، في بيانها، إن التصريحات« غير المسؤولة» التي صدرت عن السفراء والقائمين بأعمال هذه الدول، عبر وسائل التواصل الاجتماعي بحق قضية قانونية يشرف عليها قضاء تركي مستقل، مرفوضة، وإنه لايمكن قبول أي محاولة هدفها الضغط على القضاء وتسييس الدعاوى القضائية، وإن البيان مناف لما يدعيه سفراء الدول العشر من الدفاع عن سيادة القانون والديمقراطية واستقلال القضاء.
ووصفت الخارجية التركية بيان الدول العشر بأنه «ازدواجية في المعايير» حيث تتجاهل بعض الدول قرارات محكمة حقوق الإنسان الأوروبية وتركز اهتمامها على القضايا المتعلقة بتركيا.
بدوره، قال وزير العدل التركي عبدالحميد غل إن الدبلوماسيين بحاجة لاحترام القوانين وإن السفراء لا يمكنهم طرح اقتراحات على المحاكم.
وعلق وزير الداخلية سليمان صويلو على البيان، عبر «تويتر» قائلا إن «قيام سفراء بتقديم توصية واقتراح على القضاء في قضية قائمة أمر غير مقبول.. توصيتكم واقتراحكم يلقي بظلال من الشك على فهمكم للقانون والديمقراطية».
وبينما يشتعل التوتر حول قضية كافالا، أمر الادعاء التركي باعتقال 158 مشتبها بهم، بينهم 33 من العسكريين لايزالون في الخدمة، لاتهامهم بالارتباط بحركة غولن، التي صنفتها السلطات« منظمة إرهابية» عقب محاولة الانقلاب في 2016.
وعلى الفور ألقت قوات الأمن القبض على 97 شخصا، بينما يجري البحث عن باقي المطلوبين، ومن بينهم 110 من طلاب الكليات العسكرية سبق فصلهم في أعقاب محاولة الانقلاب، بالإضافة إلى 48 من عناصر الجيش الحاليين والسابقين.
على صعيد آخر، يدرس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذين اجتمعوا في لوكسمبورج أول من أمس، فرض عقوبات على تركيا، بسبب سياساتها تجاه منطقة حظر الإشغال في قبرص وملاحقتها سفينة الأبحاث« ناوتيكال جيو» القبرصية في منطقة شرق البحر المتوسط مؤخرا.
وقال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد، جوزيب بوريل، إنهم قرروا إعداد« وثيقة خيارات» في حال استمرار أنشطة تركيا، ستتضمن الخطوات التي يمكن أن يتخذها الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك العقوبات.
ولفت بوريل إلى تدخل سفينة حربية تركية في الأيام القليلة الماضية ضد السفينة القبرصية، واصفا التدخل بـ« غير مقبول».
في السيقا ذاته، قال الرئيس القبرصي، نيكوس أناستاسيادس، إن تركيا مستمرة في الاعتداء على الاتفاقية الدولية للبحار وتواصل استفزازاتها في البحر المتوسط.
وأضاف أناستاسيادس، خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس في أثينا أمس، أنه لا يمكن إجراء حوار مع تركيا إلا إذا اعترفت بحقوق قبرص. ودعا تركيا إلى ضرورة احترام القانون الدولي وسيادة دول الجوار.
وتابع: «نتوافق مع مصر واليونان بشأن التصدي للتحديات المشتركة ومكافحة الإرهاب».
من جانبه، قال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس إن هناك رؤى متوافقة بين مصر واليونان وقبرص فى إدانة السلوكيات الهجومية من جانب تركيا والاختراقات داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص وهو ما يهدد السلام فى المنطقة بشكل أوسع.
وأضاف ميتسوتاكيس، أن بلاده ومصر وقبرص ملتزمة بالشرعية الدولية، وتم توقيع اتفاقيات لترسيم الحدود البحرية فى إطار اتفاقية البحار الدولية، وصفها بأنها اتفاقيات نموذجية.
احتجاز« كافالا» يفجر أزمة دبلوماسية بين تركيا و10 دول بينها أميركا
أوروبا تلوح بعقوبات لاستمرار استفزازاتها شرق المتوسط
احتجاز« كافالا» يفجر أزمة دبلوماسية بين تركيا و10 دول بينها أميركا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة