اجتماع «منصّة موسكو» حول أفغانستان يختبر نية «حكومة طالبان»

شروط روسية للاعتراف بها وتنشيط المساعدات الإنسانية

وفد «طالبان» لدى مشاركته في محادثات ب واشنطن: إيلي يوسف موسكو أمس (أ.ف.ب)
وفد «طالبان» لدى مشاركته في محادثات ب واشنطن: إيلي يوسف موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

اجتماع «منصّة موسكو» حول أفغانستان يختبر نية «حكومة طالبان»

وفد «طالبان» لدى مشاركته في محادثات ب واشنطن: إيلي يوسف موسكو أمس (أ.ف.ب)
وفد «طالبان» لدى مشاركته في محادثات ب واشنطن: إيلي يوسف موسكو أمس (أ.ف.ب)

انطلقت في العاصمة الروسية، أمس، جولة من المحادثات حول الوضع في أفغانستان، في إطار ما يُعرف بـ«منصة موسكو»، التي تشمل أطرافاً إقليمية بينها، بالإضافة إلى روسيا والصين، باكستان والهند وإيران والجمهوريات السوفياتية السابقة في منطقة آسيا الوسطى.
ومع الغياب الأميركي عن جولات الحوار التي تستمر أربعة أيام، انصبّ التركيز على حضور ممثلي الحكومة التي شكلتها حركة «طالبان»، بعدما كانت الحركة ماطلت في تلبية الدعوة الروسية لأيام. ورأى معلقون روس أن هذه المحادثات تشكل الاختبار الأول لنوايا «حكومة الأمر الواقع»، ومدى قدرتها على الالتزام بتعهداتها. وبدا أن موسكو وضعت شروطاً محددة لتحديد مسار علاقاتها مع كابل في المرحلة المقبلة.
ويعد هذا اللقاء الأول بعد سيطرة «طالبان» على الحكم في أفغانستان، وكانت موسكو نظّمت لقاءات مماثلة في السابق، حضرها ممثلو الحركة إلى جانب ممثلي الحكومة الأفغانية السابقة. وتعمدت الحركة اختيار أعضاء وفدها من أبرز أركان الحكومة التي شكّلتها، في مسعى لتكريس الاعتراف الإقليمي بهذه الحكومة.
وترأس الوفد نائب رئيس الوزراء عبد السلام حنفي الذي يُعدّ من أبرز شخصيات حكومة «طالبان»، وسبق أن أجرى محادثات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الأسبوع الماضي. وضم الوفد وزير الخارجية الأفغاني أميرخان متقي، ووزير التجارة نور الدين عزيزي، ووزير الثقافة والإعلام خير الله خير حق، والمتحدث باسم المكتب السياسي لحركة «طالبان» أنس حقاني، وممثل المكتب السياسي للحركة شبه الدين دلاور، وعمدة كابل عبد الرشيد بلوش، والمتحدث باسم وزارة الخارجية عبد القهار بلحي، ومدير القسم السياسي الثالث زكير جليالي، ومسؤولين عن المراسم في وزارة الخارجية.
واستبقت روسيا جولة المحادثات بتأكيد أن مسألة الاعتراف بحركة «طالبان» كسلطة شرعية في أفغانستان ليست مطروحة على جدول الأعمال، ولفت معلقون روس إلى أن موسكو مثل القوى العالمية الأخرى تتعامل مع الحكومة المعينة كـ«سلطة أمر واقع».
وقال سفير روسيا لدى أفغانستان، دميتري جيرنوف، لدى وصوله إلى مقر انعقاد المحادثات إن عقد هذا اللقاء لا يعني الاعتراف التلقائي، وزاد: «من السابق لأوانه الحديث عن ذلك». وأشار الدبلوماسي الروسي إلى أن موسكو تعمل حالياً على تنظيم رحلة إجلاء جديدة من كابل، وإيصال مساعدات إنسانية إلى أفغانستان، متعهداً بالإعلان رسمياً عن ذلك عندما سيتم تحديد موعد. وأكد جيرنوف أن «طالبان» التي ما زالت مُدرَجة على قائمة التنظيمات الإرهابية في روسيا لم تطلب من موسكو أي دعم عسكري، مشدداً على أن «هذا الموضوع خارج نطاق النقاش إطلاقاً».
وألقى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، كلمة افتتاحية بحضور وسائل الإعلام، قبل أن يبدأ الاجتماع المغلق بين الوفود المشاركة في المحادثات. وحدد الوزير الروسي في كلمته ما بدا أنها الشروط المطلوب تنفيذها من حكومة «طالبان» للحصول على الاعتراف الروسي، وتوسيع التعاون معها. وقال لافروف إن عودة حركة «طالبان» إلى سدّة الحكم في أفغانستان بات أمراً واقعاً، على المجتمع الدولي التعامل معه.
وأوضح أنه «بعد حدوث تغيرات جذرية في الوضع على الأرض، لا جدوى من البحث عن المسؤولين عن عدم إحراز أي تقدم ملموس في ملف المصالحة الوطنية، وبودي الإشارة فقط إلى أن الآمال المرتبطة بالمعسكر الجمهوري، أي الحكومة الأفغانية السابقة برئاسة الرئيس السابق أشرف غني، لم تتحقق، ووصلت إدارة جديدة إلى الحكم الآن، وهذا الأمر الواقع يُحمل مسؤولية كبيرة على عاتق حركة (طالبان)».
وأشار الوزير الروسي إلى الجهود التي بذلتها «طالبان» في سبيل استقرار الأوضاع العسكرية والسياسية في البلاد وتنظيم عمل مؤسسات الدولة، مشدداً في الوقت نفسه على أن «مهمة إحلال سلام مستدام في أفغانستان لا تزال ملحّة». وزاد أن موسكو ترى «الشرط الأساسي لتحقيق هذا الهدف في تشكيل حكومة شاملة في الواقع ستعكس بالكامل مصالح جميع القوى العرقية والسياسية في البلاد».
وأوضح الوزير الروسي أن «الرؤية المتبصرة التي ستظهرها هذه الخطوة سوف تعطي درساً جيداً للذين ضحّوا، من أجل تحقيق طموحاتهم الشخصية، بالمصالح القومية، وتركوا بالفعل شعبهم ليلاقي مصيره، وستحدد طريقة لتطور أفغانستان تدريجياً اعتماداً على أوسع طيف ممكن من الفئات الاجتماعية».
ولفت لافروف إلى أن مستوى الدعم الاجتماعي الذي ستحظى به «طالبان» مرتبط بشكل وثيق مع سياساتها الاجتماعية وبمدى احترامها للحقوق والحريات الأساسية، مؤكداً أن الجانب الروسي بحث هذه المسألة بالتفصيل مع وفد الحركة المشارك في محادثات اليوم.
ووفقا للافروف، فإن «توازن القوى الجديد الذي قام في أفغانستان منذ 15 أغسطس (آب) لا بديل عنه للمستقبل المنظور من جانب، ومن جانب آخر يؤكد عدم الاعتراف رسمياً (بـ«طالبان» كسلطة شرعية) على الصعيد الدولي، والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والمالية والتحديات الجديدة التي تواجهها السلطات الجديدة في كابل، أن الوضع في البلاد لا يمكن وصفه بأنه مستقر حتى الآن».
وحذر الوزير الروسي من أن العديد من التنظيمات الإرهابية، بالدرجة الأولى «داعش» و«القاعدة»، تحاول الإفادة من هشاشة الوضع وتشن هجمات دموية في مناطق متفرقة من أفغانستان، بالإضافة إلى استمرار الأنشطة المتعلقة بإنتاج المخدرات في البلاد.
وأشار إلى خطر امتداد الأنشطة الإرهابية والمتعلقة بالمخدرات إلى دول مجاورة، لا سيما تحت «غطاء تدفق المهاجرين». وقال إن روسيا ناقشت مع وفد «طالبان» ضرورة أن تلتزم الحركة على نحو صارم بالنهج الرامي إلى منع استغلال أي أطراف لأراضي أفغانستان ضد مصالح دول أخرى.
وأعرب لافروف عن ارتياح موسكو إزاء مستوى التعاون العملي الحالي مع السلطات الأفغانية الجديدة، مشيراً إلى أنه يتيح تحقيق الأهداف الأولية المرتبطة بضمان أمن المواطنين الروس المقيمين في أفغانستان، ومواصلة سفارة موسكو في كابل أداء مهامها دون عوائق.
وأعرب الوزير عن أسف موسكو إزاء عدم مشاركة الولايات المتحدة في المحادثات، وغيابها للمرة الثانية على التوالي عن اجتماعات «الترويكا الموسعة» بخصوص أفغانستان. وأبدى الوزير أمله في أن هذا الأمر ليس مرتبطاً مبدئياً بأي مشكلات، وفي أن واشنطن لا تزال مستعدة لمواصلة العمل على الملف الأفغاني، مرجحاً أن أحد أسباب غياب واشنطن عن اجتماع موسكو يعود إلى تغيير المبعوث الأميركي الخاص بشأن أفغانستان (خليل زاد) مؤخراً.
وحمل حديث لافروف عن ضرورة تشكيل حكومة توافقية تمثل كل المكونات العرقية والسياسية في أفغانستان، تأكيداً جديداً على الشروط التي أعلنتها موسكو لتطبيع العلاقات الحكومة الأفغانية الجديدة، التي كان بينها تقديم ضمانات بعدم استخدام الأراضي الأفغانية لتهديد بلدان الجوار، ومنع تمركز مجموعات إرهابية على الأراضي الأفغانية ومحاربة تجارة المخدرات.
وكان لافروف استبق مشاركته في الاجتماع بإعلان أن موسكو «تشجع (طالبان) على الوفاء بالتصريحات التي أدلوا بها عندما وصلوا إلى السلطة، بما في ذلك ضمان شمولية الحكومة ليس فقط على أساس الانتماء العرقي، بل أيضاً على أساس المعتقدات السياسية، حتى يتسنى تمثيل جميع الأطياف السياسية للمجتمع في الحكومة».
وأفاد بأن المبعوث الأميركي الجديد لأفغانستان توماس ويست اتصل بالمبعوث الخاص للرئيس الروسي لأفغانستان زامير كابولوف قبل يومين، وأعرب عن رغبته في تعزيز التواصل وزيارة روسيا قريباً. وحمل هذا التصريح مع تأكيد لافروف في خطابه أمام الاجتماع، قناعة روسية بأن غياب واشنطن عن الاجتماع له أسباب «فنية»، ولا يشكل امتداداً لمواقف سابقة بمقاطعة الفعاليات التي تدعو إليها موسكو.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.