لبنان: أسعار المحروقات إلى مستوى غير مسبوق

تحركات شعبية وتلويح برفع تعرفة النقل

TT

لبنان: أسعار المحروقات إلى مستوى غير مسبوق

شهدت المناطق اللبنانية، أمس، تحركات احتجاجية، بعد ارتفاع جديد غير مسبوق في أسعار المحروقات، يهدد برفع أسعار كثير من السلع والخدمات المرتبطة بها.
ومع صدور جدول أسعار المحروقات الذي شهد قفزة بلغت 50 ألف ليرة في سعر صفيحة البنزين الذي وصل إلى 312 ألف ليرة (نحو 15 دولاراً)، خرجت بعض التحركات الشعبية في عدد من المناطق. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بقطع الطريق في وسط بيروت بكل الاتجاهات احتجاجاً على الارتفاع الكبير بسعر البنزين.
وقطعت مجموعة من العسكريين المتقاعدين المسلك الشرقي لأوتوستراد الدورة احتجاجاً على ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية، بحسب الوكالة.
وشهدت مدينة صيدا تحركات احتجاجية من قبل سائقي السيارات العمومية، إثر ارتفاع سعر صفيحة البنزين، تمثلت بقطع الطريق عند ساحة النجمة وعند الكورنيش البحري قبالة مركز الإطفاء بالاتجاهين وقبالة مسجد الزعتري.
وفي شمال لبنان، قطع عدد من المحتجين أوتوستراد طرابلس عكار في منطقة التبانة، فيما قطع آخرون مسارب ساحة عبد الحميد كرامي، وطريق عام البيرة - القبيات احتجاجاً على الأوضاع المعيشية الصعبة.
وقال عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج براكس إن «دعم المحروقات انتهى نهائياً والجدول وُضع على أساس سعر صرف الـ20 ألف ليرة وسعر برميل النفط العالمي الذي لامس 85 دولاراً، وكل أسبوع سيتغيّر جدول تركيب الأسعار»، وتحدث عن تراجع «في استهلاك البنزين بعد ارتفاع الأسعار، وسنشهد انعكاساً سلبياً على القطاعات كافة».
ودعا رئيس الاتحاد العمالي العام، بشارة الأسمر، إلى اجتماع موسَّع الأسبوع المقبل لتدارس التحركات الشعبية مع هذا الارتفاع للأسعار، فيما هدّد رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس برفع تعرفة النقل، الأسبوع المقبل.
وأصدرت وزارة الطاقة والمياه بياناً تحججت فيه بأنها ليست الجهة المتحكمة بالأسعار، مؤكدة أن «السبب الأول عدم استقرار أسعار الدولار داخلياً، والأمر الثاني ناتج عن الارتفاع الكبير في أسعار النفط العالمي».
وبناء على جدول الأسعار الجديد، هدّد رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس برفع تعرفة النقل الأسبوع المقبل. وقال إن «القفزة الجنونية لأسعار المشتقات النفطية ومنها الغاز التي شرعت بقرار من الطاقة اليوم، تؤكد أن السياسة المعتمدة من قبل هذه الحكومة، هي سياسة (من معه يُعطى ويزاد، والفقير إلى المزيد من الإفقار)». وأكد: «إما الدعم الفوري للسائقين أو تعرفة جديدة يوم الاثنين المقبل تتوافق مع أسعار المحروقات الجديدة التي قررتها الحكومة اليوم».
من جهته، علّق ممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا على الارتفاع غير المسبوق في أسعار المحروقات، قائلاً: «ما رأيناه اليوم هو إفلاس لأصحاب المحطات وإفلاس للمواطن»، سائلاً: «كيف سيتحملون رفع التكلفة دفعة واحدة؟ مَن يسكن في الجبال بات بحاجة إلى 30 مليون ليرة... ماذا يفعل؟ هل يبيع منزله؟».
وحذّر رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، من تداعيات هذا الارتفاع، معلناً في مؤتمر صحافي أنها ستنعكس على قطاعات عدة وعلى حياة المواطنين، ولا سيما منها الشلل التام للحركة الاقتصادية وعدم قدرة الموظف في القطاعين العام والخاص للتوجه إلى عمله وتباطؤ الحركة الاقتصادية وتوقفها، وإلى انفجار اجتماعي كبير، وزيادة صاروخية في أسعار النقل والسلع والغاز والخبز والطبابة والاستشفاء والتدفئة، ونحن على أبواب الشتاء. كما ستؤدي، بحسب الأسمر، إلى انهيار كبير في أداء المؤسسات الحكومية التي تعتمد كلياً على المحروقات لتأمين الخدمات المختلفة (من كهرباء واتصالات وإنترنت ومياه)، وارتفاع أسعار اشتراكات المولدات الكهربائية وانهيار المؤسسات الضامنة.
وفيما شدّد الأسمر على ضرورة وقف الإيقاع الجنوبي لسعر صرف الدولار سأل: «كيف ينخفض الدولار ويرتفع بحدود سبعة آلاف ليرة قبل تأليف الحكومة وبعدها؟ ومن يتحكم بسعر الصرف؟»،
ودعا الأسمر إلى «إقرار فوري للبطاقة التمويلية وبطاقة استشفائية وبطاقة للمحروقات، وطالب بتفعيل النقل العام والنقل الخاص، ورفع الحد الأدنى للأجور ووضع سياسة استشفائية سريعة قائمة على دعم المستشفيات الحكومية، ودعم المدرسة والجامعة الرسمية»، وأكد: «كل هذا يفرض وجود حكومة فاعلة تكون كخلية النحل تنتج وتفعل العمل اليومي للوزراء لوضع الأسس للبدء بالحلول».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».