«التسويات» في ريف درعا الشرقي تصل إلى أطراف السويداء

أعادت النظام إلى 45 قرية خلال 43 يوماً

مركز التسويات في مدينة الحراك شرق درعا (درعا 24)
مركز التسويات في مدينة الحراك شرق درعا (درعا 24)
TT
20

«التسويات» في ريف درعا الشرقي تصل إلى أطراف السويداء

مركز التسويات في مدينة الحراك شرق درعا (درعا 24)
مركز التسويات في مدينة الحراك شرق درعا (درعا 24)

دخلت قوات من النظام برفقة الشرطة العسكرية الروسية واللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في درعا أمس (الثلاثاء)، إلى مدينة الحراك شرق درعا قرب السويداء ذات الغالبية الدرزية، بعد اتفاق مع وجهاء وأعيان المدينة قضى بانضمام مدينة الحراك والحريك وبلدات الصورة وعلما بريف درعا الشرقي إلى المدن والبلدات التي وافقت على اتفاق التسوية الجديد في محافظة درعا.
بذلك، تكون قوات النظام قد دخلت أكثر من 45 قرية وبلدة ومدينة في المحافظة خلال 43 يوماً، بحيث لم يبقَ سوى 17 بلدة وقرية للسيطرة على كامل درعا وفق الاتفاقيات الأخيرة.
وقدمت اللجنة الأمنية في الحراك، قوائم اسمية لأسماء المطلوبين من المدينة شملت أسماء متوفين ومغادرين من أبناء المدينة ووصل عدد المطلوبين لتسليم السلاح وإجراء التسوية 104 أشخاص. وأنشأت الشرطة العسكرية الروسية مركزاً في مشفى مدينة الحراك لإجراء التسويات وتسليم السلاح الخفيف والمتوسط للمطلوبين والراغبين من أبناء مدينة الحراك وعلما والصورة، وللفارين والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية.
وقالت مصادر محلية من مدينة الحراك إن ضباط من اللجنة الأمنية التابعة للنظام التي حضرت إلى مدينة الحراك ومنهم اللواء حسام لوقا رئيس اللجنة، والعميد لؤي العلي، واجتمعوا مع وجهاء في المدينة بعد افتتاح مركز التسوية، وطالبوا بأكثر من 300 قطعة سلاح خفيف يجب تسليمها من المدينة، ولوّحوا بالخيار العسكري إذا رفض الأهالي مطالب اللجنة. وأوضح أحد وجهاء المدينة للجنة أن المدينة لن تسلم 300 قطعة سلاح، لعدم وجودها، وهو رقم مخالف لعدد المطلوبين الذي قدمته اللجنة الأمنية المؤلف من 104 أشخاص، وأبلغ اللجنة أن أهالي المدينة ستقوم بجمع الأموال وشراء السلاح وتسليمه أو تسليم مبالغ مالية مساوية لعدد قطع السلاح المطلوبة من المدينة، لتجنب المدينة التصعيد والعمليات العسكرية التي هددت بها اللجنة الأمنية.
وبدأت في مدينة الحراك حملة لجمع المبالغ المالية لشراء السلاح أو تقديمه بديلاً للسلاح المطلوب، كما جرى في معظم المدن والبلدات بمحافظة درعا التي وافقت على الانضمام إلى اتفاق التسوية الجديد.
وتطالب اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري المناطق التي توافق على تطبيق اتفاق التسوية الجديد بتسليم السلاح الموجود، وتستخدم سياسة التهديد باقتحام القرى وقصفها في حال عدم تسليم السلاح المطلوب، وهذا ما دفع المناطق إلى اتباع أسلوب الاتفاق مع اللجنة والشرطة الروسية على جمع عدد معين من السلاح، وشراء السلاح غير الموجود أو الذي تعنت بتسليمه، ودفع مبالغ مالية مساوية لثمن السلاح المطلوب للجنة، بعد صعوبة شراء كامل كمية السلاح المطلوب، بهدف تجنب المنطقة الحرب، وذلك حصل في معظم المدن والبلدات الكبيرة في ريف درعا الغربي والشرقي التي وافقت على اتفاق التسوية الأخير.
وقال ناشطون من السويداء إنه مؤخراً نشطت حركة تجارة السلاح خصوصاً الخفيف والمتوسط من محافظة السويداء إلى محافظة درعا، مع بدء طرح التسويات الجديدة في مناطق درعا.
وقبل يومين دخلت مناطق الغرايا الغربية والشرقية وخربة غزالة ضمن مناطق ريف درعا الشرقي التي وافقت على تطبيق الخريطة الروسية واتفاق التسوية الجديد، ويتم التحضير لانتقال تطبيق التسوية بعد مدينة الحراك والحريك والصورة وعلما، إلى بلدات بصر الحرير وناحتة والمليحة الغربية والشرقية، المحاذية لمحافظة لسويداء. وأقدمت قوات عسكرية تابعة للنظام السوري تضم دبابات وأسلحة ثقيلة اقتحمت بلدة ناحتة في الريف الشرقي من محافظة درعا ظهر يوم الاثنين. في خطوة غير مسبوقة، وأقدمت هذه القوات على اقتحام منزلين لمطلوبين لأجهزة الأمنية من أبناء البلدة الرافضين للتسوية، وقامت بحرقها ومصادرة بعض ممتلكاتها، بعد مغادرة المطلوبين للبلدة قبل وصول هذه القوات.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس: «بعد الانتهاء من مناطق درعا البلد وريف درعا الغربي والشمالي والأوسط، وانتقال (التسويات) إلى مناطق الحدود مع الأردن في ريف درعا الشرقي، تمهيداً لطي ملف درعا بشكل كامل، دخلت قوات النظام، وفقاً للاتفاقيات الأخيرة، مع وجهاء وأعيان درعا برعاية روسية، درعا البلد وطفس وتل شهاب والعجمي ونهج واليادودة والمزيريب ومساكن جلين وزيزون وتسيل بريف درعا الغربي، وقرى وبلدات جلين وجملة والشجرة ومعريه وعابدين وكويا وبيت أره ونافعة والشبرق والمسريتية وعين ذكر وسحم الجولان ومناطق أُخرى في حوض اليرموك بريف درعا الغربي وداعل بريف درعا الأوسط، وإنخل ونوى وجاسم والصنمين بريف درعا الشمالي، وآخرها نصيب وناحتة وأم المياذن والنعيمة والمسيفرة والطيبة وصيدا والكرك الشرقي والحراك والسهوة والغارية الشرقية والغربية وخربة غزالة ونامر والمساقيات والجيزة وعلما والصورة بريف درعا الشرقي».
وأضاف: «بذلك يفصل قوات النظام عن السيطرة الكاملة على محافظة درعا نحو 17 منطقة وقرية وبلدة في الريف الشرقي وهي: مليحة الغربية والشرقية - بصرى الشام - معربة - طيسة - مليحة العطش - غصم - ونحو 10 قرى تابعة لمنطقة اللجاة؛ حيث سيتم دخول هذه المناطق خلال الأيام القليلة المقبلة لتعلن بعدها قوات النظام السيطرة الكاملة على درعا بضمانات الروس».
في السويداء المجاورة، قال سامر، أحد سكان ريف السويداء الشرقي المحاذي لقرية الساقية، لـ«الشرق الأوسط» إن «انفجاراً هز القرى الشرقية من السويداء في قرية الساقية، وبعد وصول الأهالي إلى مكان الحادثة تبيّن أن جسماً من مخلفات الحرب ضد (داعش)، انفجر بمجموعة أطفال كانوا يلعبون بالقرب منه؛ ما أسفر عن مقتل 3 أطفال وجرح 3 آخرين، نُقلوا إلى المشفى الوطني في السويداء للعلاج»، مشيراً إلى أن هذه المنطقة «تشهد بشكل مستمر حالات انفجار لمخلفات الحرب، منها ما تنفجر بشكل تلقائي دون أن يقترب منها أحد، وأخرى نتيجة العبث والجهل بها من الأطفال أو حتى المسنين، حيث وقع في المنطقة منذ بداية العام الحالي 2021 نحو 10 انفجارات ناجمة عن الأجسام الغريبة من مخلفات الحرب، أغلب ضحاياها من الأطفال».



خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
TT
20

خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)

برغم فشل غالبية مشاريع خدمة التوصيل في العاصمة اليمنية صنعاء بسبب غلاء المعيشة، فإن الطلب عليها لم يتوقف، ويستمر مئات الشباب في تقديمها خصوصاً في شهر رمضان، وتشهد الشوارع المزدحمة قبيل مغرب كل يوم سباقاً مع الوقت يخوضه الشباب العاملون في هذه الخدمة، معرضين حياتهم للخطر.

وغالباً ما تتسبب الدراجات النارية بالكثير من الحوادث المرورية في شوارع صنعاء، ويرفع العاملون في خدمة التوصيل منسوب هذه الحوادث نتيجة رغبتهم في توصيل أكبر عدد من الطلبات لزيادة مداخيلهم، والاستجابة لإلحاح زبائنهم المطالبين بسرعة وصول الوجبات من المطاعم ومستلزمات الوجبات المنزلية من الأسواق.

ويذكر عمار سعيد، وهو عامل توصيل على دراجة هوائية، أن عمله في هذه المهنة يتطلب هدوء أعصاب وتركيزاً شديداً وقدرة على الصبر والتحمل.

ويبين سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية زبائنه يطلبون وصول الطعام بأقصى سرعة، ويستعجلونه خلال تنقلاته بإلحاح شديد وتذمر، ما قد يفقده التركيز أثناء قيادة دراجته، وكثيراً ما يكون مضطراً لتوصيل أكثر من طلب في الوقت نفسه في اتجاهات مختلفة.

عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)
عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)

وكانت خدمة التوصيل في العاصمة صنعاء ومدن أخرى قد شهدت ازدهاراً كبيراً منذ 5 أعوام بسبب حائجة كورونا (كوفيد 19) وما تسببت به من عزوف عن الاختلاط والخروج من المنازل، وهو ما دفع بعدد من المستثمرين إلى إنشاء شركات توصيل تستخدم تطبيقات على الهواتف المحمولة.

ويكشف مقيمون في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنه، وبرغم إيقاف العديد من شركات التوصيل نشاطها وتسريح العاملين فيها خلال الأعوام الماضية، فإن الخدمة ذاتها لم تتوقف، بل تشهد تزايداً نسبياً من خلال طلب العائلات والأفراد لها من شبان يتعاملون معهم باستمرار، إلى جانب توظيف المطاعم الكبيرة لعمال توصيل.

ثراء غير متوقع

يستغرب الكثير من المتابعين للوضع في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ظهور وانتشار خدمة التوصيل، في حين يعاني غالبية السكان من أوضاع معيشية صعبة ومعقدة، ولا يملكون القدرة على شراء الطعام من المطاعم، ناهيك عن دفع المزيد من الأموال مقابل خدمة توصيله.

المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)
المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)

وبحسب هؤلاء، فإن العاصمة صنعاء تشهد اتساع رقعة البطالة وإغلاق العديد من الشركات التجارية وهروب أصحاب الأموال والاستثمارات، ولم يتبقَّ فيها إلا من لا يستطيع المغادرة لعدم مقدرته على ذلك، أو من لا يخشى على نفسه وممتلكاته من ممارسات الجماعة الحوثية.

إلا أن الباحث الاقتصادي اليمني عادل شمسان يشير إلى أن الإقبال على طلب خدمة التوصيل يأتي بسبب نشوء فئة واسعة تمكنت من الإثراء مستفيدة من الانقلاب والحرب، وهي الفئة التي تسيطر مظاهر ثرائها على المشهد في صنعاء من خلال ظهور أنواع جديدة من السيارات الفارهة والقصور الكبيرة وزيادة النشاط العمراني، مقابل اتساع دائرة الفقر والفاقة.

ويوضح شمسان لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الفئة الجديدة نشأت من خلال أعمال النهب المنظم، أو العشوائي، لموارد المؤسسات العامة وأعمال الجباية والإتاوات المفروضة على غالبية السكان، وابتزاز الشركات التجارية ورجال الأعمال والمستثمرين، وتكوين طبقة من المستثمرين الطفيليين الذين سعوا للإثراء من خلال الأموال المنهوبة أو بالشراكة الإجبارية مع أصحاب رؤوس الأموال.

شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)
شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)

ويرى مراقبون للشأن اليمني في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية أن هناك فئة أخرى تمكنت من الإثراء من خلال العمل أو النشاط في تقديم المساعدات الإغاثية، سواء مع المنظمات الدولية والأممية أو المحلية، وهو النشاط الذي يشهد فساداً واسعاً بحسب العديد من التقارير.

أطعمة جديدة

يعدّ انتشار خدمة التوصيل في صنعاء أمراً لافتاً، كون الأوضاع المعيشية فيها لا تؤهل لذلك، إلى جانب أن المطاعم الشعبية منتشرة في كل الشوارع والأحياء وبالقرب من جميع المساكن تقريباً، في حين يفضل غالبية السكان إعداد الطعام في المنازل.

تقول لبنى عقلان، وهي طبيبة أسنان، إنها وحتى سنوات قليلة مضت، لم تكن تطلب هذه الخدمة كما هي عليها الآن، وكانت تكتفي بالاتصال الهاتفي إلى الكافتيريا الموجودة في نفس البناية التي تقع فيها عيادتها لطلب الطعام، فيقوم أحد العاملين بإيصاله خلال دقائق معدودة.

انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)
انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)

لكن الأعوام الأخيرة شهدت، بحسب حديث عقلان لـ«الشرق الأوسط»، افتتاح مطاعم تقدم وجبات جديدة ومميزة، وهو ما يغري بطلب إيصالها بسبب ازدحام أوقات العمل وعدم القدرة على التنقل إليها والعودة بسرعة.

أما عصام شرف، وهو اسم مستعار لمعلم فيزياء في إحدى كبريات مدارس العاصمة صنعاء، فيلفت إلى أن طلبات توصيل الطعام تعدّ رفاهية لا يحصل عليها سوى من يملكون القدرة على ذلك، وقد حظي بها بسبب عملها في تقديم الدروس الخصوصية.

الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)
الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)

ووفق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإن الطلاب الذين يقدم لهم الدروس الخصوصية، وغالبيتهم من عائلات ثرية، يطلبون الطعام لهم وله خلال جلسات الدراسة، فيحصل على وجبات لم يكن يفكر حتى بها بسبب أسعارها المرتفعة، وأحياناً يأخذ ما تبقى منها لعائلته في المنزل.

وتساعد مشاريع إعداد الطعام بالمنازل في استمرار خدمة التوصيل، حيث يعتمد أصحاب هذه المشاريع، وأغلبهم من النساء، على شبان يعملون على دراجات نارية أو هوائية في توصيل الطعام إلى الزبائن.