أميركا تواكب أعمال اللجنة الدستورية السورية في جنيف

واشنطن وبروكسل ترحبان بانعقاد الجولة السادسة

TT

أميركا تواكب أعمال اللجنة الدستورية السورية في جنيف

أعلنت واشنطن وبروكسل «الترحيب» باستئناف عمل اللجنة الدستورية بمشاركة ممثلي الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني وتسهيل من المبعوث الأممي غير بيدرسن.
وقال نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن بلاده ترحب ببدء الجولة السادسة من المحادثات بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيف. وأضاف برايس: «من الضروري أن يتواصل النظام السوري وقادة المعارضة بشكل بنّاء في جنيف» بما يتسق مع قرار مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا.
وأفادت السفارة الأميركية على حسابها في «تويتر» أمس، بأن نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى إيثان غولدريتش، أعاد خلال لقائه بيدرسن في جنيف التأكيد على دعم الولايات المتحدة القوي لعمل بيدرسن لدفع الحل السياسي للصراع بقيادة سورية على النحو الوارد في قرار مجلس الأمن رقم 2254، كما التقى غولدريتش مع هادي البحرة، الرئيس المشارك للجنة الدستورية في جنيف، وأبلغه «دعم الولايات المتحدة لمفاوضات اللجنة الدستورية السورية الحالية لدفع العملية السياسية التي يقودها السوريون على النحو الوارد في قرار مجلس الأمن رقم 2254».
ورحب الاتحاد الأوروبي، أول من أمس (الاثنين)، ببدء الجولة السادسة من محادثات اللجنة الدستورية السورية بين الحكومة والمعارضة في جنيف. ووصف بيتر ستانو، المتحدث باسم الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والشؤون الأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، انطلاق أعمال اللجنة بـ«المشجع»، مجدداً دعم الاتحاد الأوروبي الكامل لجهود المبعوث الأممي إلى سوريا من أجل «إحراز تقدم في جميع عناصر قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة رقم 2254».
وجدد التأكيد على أن «أي حل مستدام للصراع في سوريا يتطلب انتقالاً سياسياً حقيقياً يتماشى مع هذا القرار»، منوهاً بالأهمية الخاصة التي يوليها الاتحاد الأوروبي «لإحراز تقدم ذي مغزى في مسألة المحتجزين». وأضاف: «يعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء تصاعد العنف في سوريا في الآونة الأخيرة»، معلناً الانضمام إلى المبعوث الخاص للأمم المتحدة في دعوة «جميع الأطراف إلى الالتزام بمبدأ حماية المدنيين والقانون الإنساني الدولي، وتجنب التصعيد واستعادة الهدوء».
وأعلن البحرة البدء بالعملية الأساسية التي شُكّلت اللجنة من أجلها، بعد الاتفاق على كامل آليات النقاش وآليات العمل.
وفي إحاطة قدمها عقب انتهاء اجتماعات اللجنة الدستورية لليوم الأول من الجولة السادسة، المنعقدة في جنيف، أضاف البحرة أنه تم عقد أول جلسة حول صياغة الدستور وفق الصياغات الدستورية المقترحة، وأضاف أن مرحلة النقاشات المفتوحة انتهت، و«تم البدء بالعملية الأساسية التي شُكلت من أجلها اللجنة الدستورية».
وحسب بيان نشرته هيئة التفاوض السورية، أعرب البحرة عن أمله في أن تتم الجلسات بنفس الأجواء وبنفس الآليات المعتمدة، «من أجل الخروج بنتائج بأسرع وقت ممكن».
وقال البحرة إنه لم تبقَ في الوقت الحالي أي عوائق تعيق تقدم عمل اللجنة الدستورية إلى الأمام ومناقشة مضمون الدستور السوري. وأضاف أن «مبدأ السيادة كان أحد المبادئ الأساسية في الدستور، سواء سيادة الدولة، أو الشعب، هو صاحب السيادة في الدولة السورية».
وكان رئيسا وفدي النظام السوري والمعارضة في إطار المفاوضات حول الدستور، قد التقيا (الأحد) في جنيف برعاية موفد الأمم المتحدة قبل بدء أعمال الجولة السادسة. وقال بيدرسن للصحافيين فيما كان الاجتماع مستمراً: «للمرة الأولى، اجتمعتُ مع رئيس (الوفد) الذي عيّنته الحكومة وذلك الذي عيّنته المعارضة لإجراء محادثات أساسية وصريحة حول كيفية تحركنا من أجل (تحقيق) الإصلاح الدستوري».
ويترأس أحمد كزبري وفد دمشق، وهادي البحرة وفد المعارضة.
وتُستأنف المفاوضات حول الدستور بين الطرفين برعاية أممية اعتباراً من الاثنين ومن المقرر أن تستمر طوال الأسبوع المقبل.
ويشارك فيها 15 شخصاً يمثلون النظام و15 يمثلون المعارضة و15 من المجتمع المدني. وترفع بعدها هذه اللجنة المصغرة تقريراً إلى لجنة موسعة تضم 150 عضواً هم خمسون عضواً عن كل من طرف الأطراف الثلاثة.
وبدأت هذه المفاوضات قبل عامين لكنها لم تُحرز أي تقدم، حسبما أقر بيدرسن أمام مجلس الأمن الدولي نهاية سبتمبر (أيلول).
وأكد بيدرسن (الأحد) أن رئيسي الوفدين «متوافقان على بدء عملية بلورة إصلاح دستوري في سوريا»، مضيفاً أن «مدنيين لا يزالون يُقتلون ويصابون كل يوم» رغم أن البلاد تشهد «هدوءاً نسبياً» منذ مارس (آذار).



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.