الليرة التركية تترنح بآفاق متشائمة

تواصل الليرة التركية مسار التهاوي مع أفق صعب (رويترز)
تواصل الليرة التركية مسار التهاوي مع أفق صعب (رويترز)
TT

الليرة التركية تترنح بآفاق متشائمة

تواصل الليرة التركية مسار التهاوي مع أفق صعب (رويترز)
تواصل الليرة التركية مسار التهاوي مع أفق صعب (رويترز)

هوت الليرة التركية إلى مستوى قياسي منخفض جديد أمام الدولار الأميركي، ولا يرى محللون فرصة تذكر لتعافيها بالنظر إلى ما وصفوه توقعات بخفض «غير رشيد» لأسعار الفائدة في وقت لاحق هذا الأسبوع.
ولامست العملة التركية، وهي الأسوأ أداء بين عملات الأسواق الناشئة هذا العام، أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 9.35 مقابل الدولار قبل أن تغلق عند 9.34 يوم الاثنين.
وخسرت الليرة 20 في المائة من قيمتها هذا العام، وجاء نصف هذا الهبوط منذ مطلع الشهر الماضي عندما بدأ البنك المركزي إعطاء إشارات تيسيرية رغم ارتفاع التضخم إلى حوالي 20 في المائة.
ودأب الرئيس رجب طيب إردوغان على مطالبة البنك المركزي بتيسير السياسة النقدية ويعتبر محللون أن تدخله أدى إلى تآكل مصداقية السياسة النقدية في السنوات القليلة الماضية.
ودفع خفض مفاجئ للفائدة بمقدار 100 نقطة أساس الشهر الماضي الليرة إلى هبوط حاد. وانقسم خبراء اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم بشأن حجم خفض الفائدة المتوقع في اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم الخميس، إذ توقع بعضهم خفضاً قدره 50 نقطة أساس بينما توقع آخرون خفضاً بمقدار 100 نقطة أساس.
والأسبوع الماضي، قالت الجريدة الرسمية إن الرئيس التركي عزل ثلاثة أعضاء في لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي وعين عضوين جديدين مكانهما، مما هوى بالليرة إلى مستويات قياسية جديدة.
وأضافت الجريدة أن المعزولين هم نائبا محافظ البنك سميح تومان وأوغور نامق إلى جانب عضو لجنة السياسة النقدية عبد الله يافاش. وعين إردوغان طه جاكماق نائباً لمحافظ البنك المركزي ويوسف تونا عضوا بلجنة السياسة النقدية.
وبعد هذا الإعلان، هبطت الليرة التركية إلى مستوى قياسي منخفض جديد بفعل مخاوف متعلقة بالسياسة النقدية. وأعلنت الرئاسة التركية مساء الأربعاء الماضي أن إردوغان التقى محافظ البنك المركزي شهاب كافجي أوغلو، ونشرت صورة لهما وهما يقفان جنباً إلى جنب.
وخفض البنك المركزي الشهر الماضي سعر الفائدة الرئيسي إلى 18 في المائة من 19 في المائة رغم ارتفاع التضخم السنوي إلى حوالي 20 في المائة، في خطوة اعتبرها محللون دليلاً جديداً على تدخل سياسي من إردوغان الذي يصف نفسه بأنه عدو لأسعار الفائدة.
وقال كافجي أوغلو الأسبوع الماضي إن خفض سعر الفائدة لم يكن مفاجأة ولا علاقة تذكر له ببيع الليرة لاحقا. وتعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي اجتماعها القادم في 21 أكتوبر (تشرين الأول).
وكانت ثلاثة مصادر مطلعة قالت سابقاً إن إردوغان يفقد الثقة في كافجي أوغلو بعد أقل من سبعة أشهر من عزل سلفه، وإنه لم يكن هناك اتصال يذكر بين الاثنين في الأسابيع القليلة الماضية.
وأجرى إردوغان سلسلة تغييرات في لجنة السياسة النقدية في السنوات القليلة الماضية. فأقال ثلاثة محافظين في العامين ونصف الماضيين بسبب اختلافات متعلقة بالسياسة، مما أثر على الليرة وأضر بشدة بمصداقية السياسة النقدية والقدرة على التنبؤ بها.
وعين إردوغان كافجي أوغلو في مارس (آذار) بعد الإطاحة بناجي إقبال، وهو من متشددي السياسة النقدية ورفع معدلات الفائدة إلى 19 في المائة. وصعد إردوغان ضغوطه من أجل خفض سعر الفائدة في يونيو (حزيران) عندما قال علناً إنه تحدث إلى كافجي أوغلو بشأن ضرورة خفض معدل الفائدة بعد أغسطس (آب).



فوز ترمب يعيد رسم خريطة الأسواق

شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

فوز ترمب يعيد رسم خريطة الأسواق

شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

ارتفعت مؤشرات «وول ستريت» الرئيسية إلى مستويات قياسية جديدة يوم الأربعاء، بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2024، بعد 4 سنوات من خروجه من البيت الأبيض.

مع هذا الفوز، تتوقع الأسواق الاقتصادية الأميركية موجة من التعديلات الكبرى، تشمل تخفيضات ضريبية، وتخفيف القيود التنظيمية، وتطبيق سياسات قد تعيد هيكلة المشهد الاقتصادي الأميركي.

في الوقت نفسه، يترقب المستثمرون تأثير السياسات المحتملة لترمب على الأسواق، من بينها احتمالات زيادة التعريفات الجمركية التي قد تؤدي إلى تفاقم التضخم والعجز. ونتيجة لذلك، شهدت أسواق الأسهم قفزات ملحوظة، مع ارتفاع العوائد على السندات الأميركية، وصعود «بتكوين» إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، كما عزّز الدولار من موقعه في الأسواق العالمية.

قفزات ملحوظة للأسواق الأميركية

مع بداية يوم التداول، شهدت أسواق الأسهم الأميركية قفزات قوية، حيث سجّل مؤشر «داو جونز» الصناعي زيادة قدرها 1190 نقطة، ما يعادل 2.82 في المائة ليصل إلى 43412.81 نقطة.

كما سجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعاً بنسبة 1.62 في المائة، بينما ارتفع مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 1.69 المائة.

وأوضح المحلل الأول في شركة «تريد نيشن»، ديفيد موريسون، أن الأسواق شعرت «بارتياح» نتيجة للنتيجة السريعة والواضحة للاقتراع، وهو ما ساهم في تعزيز الثقة بشكل كبير.

كما حقّق مؤشر «راسل 2000» للأسهم الصغيرة أكبر المكاسب بين المؤشرات الرئيسية، حيث ارتفع بنسبة 4.1 في المائة ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 3 سنوات.

ويتوقع المستثمرون أن تستفيد الشركات المحلية من بيئة تنظيمية وضريبية أكثر تساهلاً، بالإضافة إلى أن هذه الشركات ستكون أقل تأثراً بالتعريفات الجمركية التي قد يتم فرضها على الواردات الأجنبية.

كما انخفض مؤشر الخوف، الذي يقيس تقلبات السوق، بما يقارب 5 نقاط، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ سبتمبر (أيلول). وقبل النتائج، كان المستثمرون يستعدون لعدة أيام من عدم اليقين بشأن من سيفوز في الانتخابات.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «سي إف آر إيه»، سام ستوفال: «مع احتمال زيادة التحفيز وتخفيف القيود أو اللوائح على الصناعات، قد نرى السوق تحقق انتعاشاً قوياً بين الآن ونهاية العام».

وشهدت الأسهم المرتبطة بسياسات ترمب القوية خلال ولايته الثانية مكاسب كبيرة، حيث ارتفعت أسهم مجموعة «ترمب ميديا» بنسبة 16 في المائة.

متداول يرتدي قبعة ترمب في قاعة بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

الذهب يتراجع والدولار يقوي من موقفه

على الرغم من المكاسب التي حقّقتها أسواق الأسهم والعملات المشفرة، فإن الذهب الذي يعدّ ملاذاً آمناً للمستثمرين في أوقات عدم اليقين شهد انخفاضاً حاداً.

فقد انخفض سعر الذهب بنسبة تزيد عن 3 في المائة ليصل إلى أدنى مستوى له في 3 أسابيع، في وقت توجه فيه المستثمرون نحو الدولار الأميركي الذي شهد ارتفاعاً هو الأكبر له في يوم واحد منذ يونيو (حزيران) 2016.

ويرى كثير من المستثمرين أن السياسات الاقتصادية لترمب قد تساهم في تحفيز الاقتصاد الأميركي، ما يؤدي إلى تعزيز قوة الدولار.

كما أن احتمالات فرض زيادة في التعريفات الجمركية وارتفاع التضخم قد يؤديان إلى رفع عوائد السندات الأميركية، وهو ما يضغط على الذهب.

المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب يلوح بيده في فعالية بيتكوين 2024 في ناشفيل 27 يوليو 2024 (رويترز)

قطاعا البنوك والمالية في الصدارة

ارتفعت معظم قطاعات مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، حيث قادت المالية المكاسب بزيادة قدرها 5.1 في المائة لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، في ظل ارتفاع العوائد وتوقعات بفوائد أقل من اللوائح.

كما سجّلت أسهم البنوك الكبرى مكاسب ملحوظة. وارتفعت أسهم «جيه بي مورغان تشيس» بنسبة 8.3 في المائة، في حين زادت أسهم القطاع المالي في «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 5.1 في المائة، وهي الزيادة الأكبر بين 11 قطاعاً ضمن المؤشر.

ويعزى هذا الارتفاع إلى التفاؤل بنمو اقتصادي أقوى، ما سيساهم في زيادة الطلب على القروض والتمويل، وكذلك تخفيف اللوائح التي تفرضها الحكومة على القطاع المالي.

«تسلا» وصعود العملات المشفرة

ومن بين الشركات التي استفادت بشكل خاص من فوز ترمب، برزت أسهم «تسلا»، التي ارتفعت بنسبة 15.1 في المائة، ما يعكس الثقة المتزايدة في الشركة تحت قيادة ترمب.

ويرتبط هذا الصعود أيضاً بدعم الرئيس التنفيذي إيلون ماسك لترمب في الحملة الانتخابية الأخيرة.

في المقابل، انخفضت أسهم منافس تسلا «ريفيان» بنسبة 7.3 في المائة، في حين كانت أسهم «تسلا» تواصل تقدمها نحو آفاق جديدة.

ومن المتوقع أن تحقق «تسلا» مكاسب كبيرة تحت إدارة ترمب بسبب حجمها، مع توقعات بأن الإعانات الموجهة للطاقة البديلة والسيارات الكهربائية قد تكون مهددة.

وبينما سيكون هذا الأمر سلبياً بشكل عام للصناعة كلها، فإنه قد يعطي «تسلا» ميزة بفضل حصتها في السوق.

في المقابل، هبطت أسهم الشركات المنافسة في قطاع السيارات الكهربائية بشكل حادّ يوم الأربعاء.

وفي قطاع العملات المشفرة، أعلن ترمب عزمه جعل الولايات المتحدة «عاصمة العملات المشفرة في العالم»، ما عزّز من قيمتها في الأسواق.

وسجّلت عملة «بتكوين» أعلى مستوى لها على الإطلاق، متجاوزة حاجز 75000 دولار، كما شهدت العملات المشفرة الأخرى مثل «دوجكوين» مكاسب ملحوظة.

وارتفعت أسهم شركات مثل «كوينباس» بنسبة 19.4 في المائة.

التضخم والفائدة

بينما يترقب المستثمرون ما سيسفر عنه قرار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، حيث من المتوقع أن يتم تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، فإن سياسات ترمب قد تؤدي إلى ضغط إضافي على التضخم، خاصة في ظل احتمالات رفع التعريفات الجمركية.

وتشير التوقعات إلى أن هذه السياسات قد ترفع العوائد على السندات الأميركية، حيث ارتفعت عوائد السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.47 في المائة، من 4.29 في المائة، في أواخر يوم الثلاثاء، وهو تحرك كبير لسوق السندات. كما أنها ارتفعت بشكل ملحوظ منذ أغسطس (آب)، عندما كانت دون 4 في المائة.