«شبح الانقسام» يهدد حكومة «الوحدة» الليبية

الدبيبة يتجاهل مطالب ممثلي برقة... ونائبه يرفض تنفيذ قراراته

رئيس حكومة الوحدة خلال استقباله سفيرة بريطانيا في طرابلس أمس (مكتب رئيس حكومة الوحدة)
رئيس حكومة الوحدة خلال استقباله سفيرة بريطانيا في طرابلس أمس (مكتب رئيس حكومة الوحدة)
TT

«شبح الانقسام» يهدد حكومة «الوحدة» الليبية

رئيس حكومة الوحدة خلال استقباله سفيرة بريطانيا في طرابلس أمس (مكتب رئيس حكومة الوحدة)
رئيس حكومة الوحدة خلال استقباله سفيرة بريطانيا في طرابلس أمس (مكتب رئيس حكومة الوحدة)

في مؤشر على تزايد الانقسامات داخل حكومة «الوحدة» الوطنية الليبية، زاد عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة، من حدة صراعه مع ممثلي إقليم برقة داخل حكومته، بعدما ضرب بعرض الحائط تحذيرات نائبه حسين القطراني بـ«عدم تغيير مجلس إدارة شركة الاتصالات الحكومية»، فيما نفى مجلس النواب الليبي ما وصفه بـ«وثيقة مزورة» تم تداولها أمس إعلامياً بشأن اختيار عبد الحفيظ غوقة لرئاسة حكومة مؤقتة جديدة، في إطار «المناكفات المحتدمة بين الأفرقاء السياسيين»، حسب مراقبين.
وطلب القطراني من الدبيبة، في رسالة رسمية، عدم إحداث أي تغييرات في المراكز الإدارية بالشركة، بصفتها إحدى المؤسسات السيادية الخدمية الحساسة، إلى حين الفصل في مطالب إقليم برقة، لكن الدبيبة تجاهل هذه التحذيرات، وقرر مساء أول من أمس «إعادة تشكيل مجلس إدارة القابضة للاتصالات وتقنية المعلومات»، بعد أن ترأس في طرابلس اجتماع الجمعية العمومية للشركة، إثر إعلان تشكيل مجلس إدارتها الجديد، برئاسة محمد بن عياد خلفًا لفيصل قرقاب.
وعقب إعلان الدبيبة، أصدر القطراني تعليمات مشددة للوزراء والوكلاء ورؤساء دواوين الوزراء الممثلين لإقليم برقة في الحكومة، خلال اجتماع موسع معهم بمقره في بنغازي، بـ«عدم تنفيذ أي قرارات أو تعليمات صادرة عن الدبيبة إلا بعد الرجوع إليه». وعد الحاضرون، في بيان وزعه القطراني عقب الاجتماع، أن «أغلب الوزارات والمؤسسات والهيئات والمصالح العامة الموجودة في إقليم برقة لا تتمتع بأي صلاحيات، وأن المؤسسات كافة لم يتم توحيدها بالصورة الصحيحة، وعلى الشكل المطلوب».
وأبلغ القطراني كذلك الدبيبة، أمس، في رسالة رسمية «تمسكه بشدة بصفته نائباً أول له»، معترضاً على مخاطبته مباشرة من وزير الدولة المختص بشؤون رئيس الحكومة ومجلس وزرائها.
وكان ممثلو إقليم برقة في الحكومة قد طالبوا رئيسها الدبيبة بـ«معاملتهم بصفتهم شركاء في الوطن، وإعطاء الإقليم حقه، وتنفيذ بنود الاتفاق السياسي كافة».وينذر تصاعد الخلافات بين الدبيبة وممثلي الإقليم بانهيار الحكومة، حسب مراقبين، كما يثير شكوكاً حول مدى قدرتها على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة قبل نهاية العام الحالي.
إلى ذلك، أعلنت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة، أن «المؤتمر الوزاري الدولي المعني بمبادرة استقرار ليبيا سيعقد بالعاصمة طرابلس الخميس المقبل، بدلاً من مدينة سرت، دون تفسير لسبب النقل»، موضحة أن «المبادرة ستتركز على مسارين: أولهما أمني عسكري، والآخر سيكون اقتصادياً. وهي تهدف إلى دعم مسار العدالة الانتقالية، والمصالحة الوطنية، وانتهاج خطاب ديني وإعلامي يدعو للتسامح، ونبذ الإرهاب والتطرف والعنف والجهوية، وأن تكون ليبيا ساحة للمنافسة الاقتصادية الإيجابية».
وتستهدف المبادرة كذلك تقديم الدعم التقني لتنفيذ وقف إطلاق النار، ودعم مخرجات اللجنة العسكرية «5+5»، والخطوات الإيجابية لتوحيد الجيش الليبي تحت قيادة واحدة، وحشد الدعم لمفوضية الانتخابات لتمكينها من إجراء انتخابات حرة نزيهة شفافة.
وطبقاً للمنقوش، فإن المبادرة ستؤكد أيضاً على «ضرورة إجراء الانتخابات، ودعم مسار العملية السياسية، وانسحاب جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب الذين لا يشكل وجودهم تهديداً لليبيا فقط، بل للمنطقة بأسرها»، على حد تعبيرها.
ومن جانبه، عد وزير الخارجية الألمانية، هايكو ماس، خلال لقائه المنقوش أمس، أن «ليبيا تقف عند منعطف حاسم». وقال إنه بعد مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا، فإن الخطوات المطلوبة لمزيد من الاستقرار في البلاد هي «تنظيم انتخابات حرة نزيهة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وانسحاب المقاتلين الأجانب».
وبدورها، قالت روزماري ديكارلو، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، التي بدأت أمس زيارة إلى ليبيا إنها «ستناقش مع السلطات الليبية والأطراف الفاعلة دعم المنظمة الدولية للعملية السياسية»، مشيرة إلى أنها «تعتزم حضور المؤتمر الدولي لدعم استقرار ليبيا».
وفي غضون ذلك، جدد محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، لدى اجتماعه مع أعيان وحكماء الجبل الأخضر ببلدية الأبرق، التزامه التام بمخرجات حوار جنيف التي بدأت بالوقف التام لإطلاق النار، وتوحيد المؤسسات، خاصة المؤسسة العسكرية، واستكمال مشروع المصالحة الوطنية، ودعم جهود اللجنة العسكرية المشتركة.
ومن جهته، أكد موسى الكوني، نائب المنفي، بحضور وفد دبلوماسي غربي «ضرورة نقل معركة مكافحة الهجرة غير المشروعة من البحر إلى الجنوب، لمواجهة المهربين وتجار البشر والعصابات الإجرامية العابرة للحدود». وقال إن «ليبيا لا يجب أن تتحمل أعباء هذا الملف بمفردها، بصفتها دولة عبور، وليست المقصد»، مؤكداً على «أهمية التعاون الدولي المشترك في هذا الشأن».
وفي سياق غير متصل، أعلن مجلس النواب عن تشكيل لجنة للتحقيق فيما وصفه بـ«تجاوزات صنع الله رئيس المؤسسة الليبية للنفط»، بافتتاحه مكتب مبيعات في لندن خارج الهيكل الإداري للمؤسسة، وعدم التزامه بتوصية غلقه. وأكدت المؤسسة اختفاء اثنين من موظفيها في ظروف غامضة أمس بطرابلس.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).