مغازلة إيرانية جديدة للقاهرة أملاً بـ«التقدم بالعلاقات»

مصدر مصري: خبراء ومتخصصون من الجانبين تواصلوا قبل شهرين

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي (أ.ف.ب)
TT

مغازلة إيرانية جديدة للقاهرة أملاً بـ«التقدم بالعلاقات»

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي (أ.ف.ب)

بعد نحو شهر تقريباً على لقاءٍ جمع وزيري خارجية البلدين مع آخرين على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، عادت قضية العلاقات بين مصر وإيران إلى الواجهة مجدداً، أمس، بعد إعلان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، عن أمله في «التقدم بالعلاقات إلى الأمام لمصلحة المنطقة»، وفق قوله. ونوه زاده، في تصريحات أمس، نقلتها وكالة أنباء فارس، إلى أن «العلاقات بين البلدين (راهناً) على مستوى رعاية المصالح»، مشيراً إلى «محادثات قصيرة في بغداد بين وزيري الخارجية الايراني والمصري على هامش مؤتمر الجوار العراقي (استضافته بغداد في أغسطس (آب) الماضي)».
وفيما لم تعلق الخارجية المصرية على الإفادات الواردة من نظيرتها الإيرانية، قال مصدر مصري مطلع على ملف العلاقات مع طهران، إن «القاهرة تتلقى بشكل شبه مستمر، وبصورة غير معلنة، رسائل من طهران بشأن الرغبة في استئناف العلاقات».
وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «كانت هناك اتصالات (بدون وسيط) أجريت خلال الشهرين الماضيين، لكن لا يمكن وصفها بالسياسية لأنها أجريت على مستوى خبراء ومتخصصين مصريين وإيرانيين، لكنها كانت استكشافية، وتزامنت مع المفاوضات بين القاهرة وأنقرة».
وخلص المصدر إلى أن «هناك رغبة في تحريك ملف العلاقات، خصوصاً في ظل إتمام المصالحة مع قطر، والمضي في مسار الاستكشاف لإمكانية ذلك مع تركيا».
وكان وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان التقى في نيويورك، الشهر الماضي، مع مسؤولين من دول عربية عدة من بينها مصر، وقال حينها إن «تعزيز العلاقات مع الجيران يأتي على رأس أولويات الحكومة الجديدة»، وكان ذلك بعد نحو شهر من لقاء على هامش قمة «دول الجوار العراقي».
وتأتي تصريحات خطيب زادة، بعد يومين فقط، من إعلان المدير العام للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية الإيرانية، مير مسعود حسينيان، أن بلاده «تعمل على تحسين العلاقات مع مصر»، وأن «حل المشاكل بين إيران والسعودية قد يكون له تأثير على هذه القضية»، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إسنا)، لكنه وصف الجهود الدبلوماسية لحل المشاكل بين إيران ومصر بأنها «بطيئة».
وتدعو القاهرة، طهران، دائماً للتوقف عن التدخل في الشأن الداخلي للدول العربية، وتركز على وجه الخصوص على «أمن الخليج». واعتبر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في تصريحات بمحافل مختلفة، أن «الابتعاد عن سياسات الهيمنة أو التأثير بالوكالة من قبل إيران، سياسات ضرورية على طهران أن تتخذها، حتى تكون هناك مجالات للاتصالات أو إقامة علاقات».
وذهب أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، إلى أن «توقيت ومستوى التصريح الإيراني، يستهدفان نطاقين؛ أولهما دول الخليج العربي، وثانيهما مصر، بمعنى أن الانخراط في المشهد مع السعودية يمكنه أن يفتح الأبواب الموصدة في عدد من الدول العربية، وبالتالي يفتح باب الصفقة الشاملة للمصالحة».
وقال فهمي لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن القول إنه لا يوجد جوهر خلاف حقيقي بين القاهرة وطهران، لكن الموقف الراهن من قبل مصر يأتي في إطار توازناتها الإقليمية وضرورة التزام إيران بعدم التدخل في شؤون الدول العربية». وأضاف: «الإشارة الإيرانية مهمة يمكن أن يلتقطها الجانب العراقي، للعب دور لتقريب وجهات النظر بين القاهرة وطهران».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.