القوى الخاسرة في الانتخابات العراقية تبدأ النزول إلى الشارع

اتهمت أطرافاً خارجية بتغيير النتائج

صورة كبيرة لمقتدى الصدر تطل على شارع في مدينة الصدر ببغداد أمس (أ.ف.ب)
صورة كبيرة لمقتدى الصدر تطل على شارع في مدينة الصدر ببغداد أمس (أ.ف.ب)
TT
20

القوى الخاسرة في الانتخابات العراقية تبدأ النزول إلى الشارع

صورة كبيرة لمقتدى الصدر تطل على شارع في مدينة الصدر ببغداد أمس (أ.ف.ب)
صورة كبيرة لمقتدى الصدر تطل على شارع في مدينة الصدر ببغداد أمس (أ.ف.ب)

بعد ساعات من إعلان ما يسمى «الإطار التنسيقي» الذي يضم القوى الشيعية الرئيسية، باستثناء التيار الصدري، رفض نتائج الانتخابات البرلمانية بعد ظهور النتائج النهائية القابلة للطعن، أعلنت ما تسمى «تنسيقية المقاومة العراقية» إنها سوف تنظم مظاهرات جماهيرية. وقال بيان للتنسيقية أمس (الأحد)، أن «الهدف من المظاهرات هو مطالبة الحكومة بإلغاء نتائج الانتخابات».
من جهته، قال عضو الهيئة العامة لتيار الحكمة فهد الجبوري، في تصريح له، إن «الكتل المنضوية ضمن (الإطار التنسيقي) الذي تَشكّل بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات ناقشت خلال اجتماع لها جملة من القضايا التي تخص الشأن الانتخابي ومسألة الطعن بالنتائج الأولية التي أعلنتها مفوضية الانتخابات». وأضاف: «لدينا الأدلة الكافية التي ستقدَّم إلى الجهات المعنية التي تثبت وقوف جهات خارجية بتواطؤ أطراف داخلية لتسقيط وإقصاء أطراف شيعية مهمة لها ثقلها السياسي والجماهيري في البلاد فضلاً عن وجود تسجيلات تكشف تلك المخططات بانتظار ما ستقرره الجهات العليا المعنية بالبت بالطعون الرسمية المقدمة إليها».
وتابع الجبوري: «ننتظر ما ستقرره المفوضية إزاء الطعون وبخلافه سنسلك الطرق القانونية الرسمية في ذلك»، لافتاً إلى أن «جمهور الكتل والقوائم المنضوية ضمن الإطار التنسيقي ستخرج  الأسبوع القادم بمظاهرات كبيرة للمطالبة بحقوقها، إذ صودرت استحقاقاتها الانتخابية من خلال مصادرة أصواتها وإقصاء من يمثلها انتخابياً».
وعن تطرق بيانات الإطار التنسيقي  لتهديد السلم الأهلي أو الوفاق المجتمعي ، قال: «ما أشرنا إليه حقوق ناخبينا وتجنب سخطهم وحفظ حقوقهم وعدم زعزعة الناخب برموزه السياسية وربما تسفر عن احتجاجات سلمية من قواعدنا الشعبية».
وفي السياق ذاته، هددت «تنسيقية الفصائل المسلحة» باللجوء إلى القتال في حال تم المساس بالمتظاهرين الرافضين لنتائج الانتخابات. وقالت التنسيقية في بيان لها إن «المقاومة العراقية كانت وستبقى سدّاً منيعاً بوجه كل المشاريع الخبيثة التي تستهدف أبناء شعبنا الأبيّ، وتؤكد أن من حق العراقيين الخروج احتجاجاً على كل من ظلمهم، ورفض الإذعان إلى مطالبهم، وصادر حقهم». وأضاف البيان: «نحذر تحذيراً شديداً من أي محاولة اعتداء أو مساس بكرامة أبناء شعبنا في الدفاع عن حقوقهم وحفظ حشدهم المقدس فضلاً عن إخراج القوات الأجنبية من بلدهم».
كان «الإطار التنسيقي» قد أصدر بياناً مساء أول من أمس ذكر فيه: «كنا نأمل من مفوضية الانتخابات تصحيح المخالفات الكبيرة التي ارتكبتها في أثناء وبعد عدّ الأصوات وإعلان النتائج». وأضاف: «وبعد إصرارها على نتائج مطعون بصحتها نعلن رفضنا الكامل لهذه النتائج». وحمّل الإطار التنسيقي «المفوضية المسؤولية الكاملة عن فشل الاستحقاق الانتخابي وسوء إدارته مما سينعكس سلباً على المسار الديمقراطي والوفاق المجتمعي».
وكانت مفوضية الانتخابات قد أكدت ثقتها بإجراءاتها الخاصة بالعدّ والفرز اليدوي في المحطات التي أعلنت نتائجها الأولية فيما تواصل تطبيق ذات الإجراءات في بقية المحطات واستبعدت أن تغير الطعون النتائج.
إلى ذلك، رأى الباحث العراقي فرهاد علاء الدين، رئيس المجلس الاستشاري العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الانتخابات شهدت هذه المرة مفاجآت». وأضاف علاء الدين أنه «بعد هذا التفاوت في أرقام الفائزين والخاسرين فإن القوى السياسية انقسمت ما بعد الانتخابات إلى مرحِّب ورافض لنتائج الانتخابات»، مبيناً أنه «بعيداً عن لغة التشكيك والملابسات التي شابت يوم الانتخابات، هناك واقع جديد لا يمكن إنكاره من القوى السياسية ألا وهو أن هذه القوى بحاجة إلى مراجعة جدية ودراسة مستفيضة لأسباب عزوف ناخبيهم عن المشاركة أولاً والامتناع عن التصويت لهم ثانياً». وأوضح أن «أصوات ناخبي هذه القوى السياسية تراجعت بشكل كبير مقارنةً بانتخابات 2018». وأكد علاء الدين أن «نتائج الانتخابات أفرزت في الواقع تغيراً صادماً لبعض القوى التقليدية الشيعية التي تسيّدت المشهد السياسي قرابة عقدين من الزمن» مشيراً إلى أن «عدد أقطاب القوى الشيعية انتهى إلى قطبين رئيسيين، التيار الصدري ودولة القانون، وتراجعت القوى الأخرى مثل تحالف الفتح وتيار الحكمة وتحالف النصر. بالإضافة إلى دخول الشباب المنتفض والجمهور المتظاهر للساحة السياسية ومجلس النواب بنواب جدد عبر حركة (امتداد وإشراقة كانون) والمستقلين».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.