أميركا تتسلم «الذراع المالية» للنظام الفنزويلي

مادورو اعتبر أليكس صعب «مخطوفاً» بالتواطؤ مع حكومة الرأس الأخضر

دعوات في البرلمان الفنزويلي السبت لإطلاق سراح أليكس صعب (أ.ف.ب)
دعوات في البرلمان الفنزويلي السبت لإطلاق سراح أليكس صعب (أ.ف.ب)
TT

أميركا تتسلم «الذراع المالية» للنظام الفنزويلي

دعوات في البرلمان الفنزويلي السبت لإطلاق سراح أليكس صعب (أ.ف.ب)
دعوات في البرلمان الفنزويلي السبت لإطلاق سراح أليكس صعب (أ.ف.ب)

تسلمت الولايات المتحدة، أمس، أليكس صعب رجل الأعمال الكولومبي المقرب من الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، بعد أن أصدر الادعاء الأميركي تهماً بحقه بإدارة شبكة من الشركات تعمل لصالح حكومة فنزويلا للتهرب من العقوبات الأميركية.
وأكدت وزارة العدل الأميركية، عبر تصريحات متحدث لها مع صحيفة «وول ستريت جورنال»، أن الولايات المتحدة تسلمت صعب، ومن المقرر أن يمثل أمام محكمة في المنطقة الجنوبية لفلوريدا اليوم الاثنين. وصدرت لائحة اتهام بحق صعب في عام 2019، إذ كان من بين الأهداف الرئيسية للمحققين الأميركيين خلال إدارة دونالد ترمب.
في المقابل، أعلنت الحكومة الفنزويلية، صباح أمس، أنها قررت تعليق المفاوضات الجارية في المكسيك مع ممثلي المعارضة، والتي كان من المقرر أن تبدأ جولتها التالية اليوم الاثنين في العاصمة المكسيكية. وجاء ذلك رداً على تسليم سلطات الرأس الأخضر صعب إلى الولايات المتحدة. ويُعتبر صعب الذراع المالية لنظام نيكولاس مادورو ومهندس العلاقات بين فنزويلا وطهران، ليدل على أهمية الرجل في الشبكة التي يستخدمها النظام الفنزويلي للالتفاف على العقوبات المفروضة عليه من الولايات المتحدة منذ سنوات، وعلى الضرر المتوقع من محاكمته أمام القضاء الأميركي بتهمة غسل الأموال لحساب نظام مادورو.
وكان رئيس الوفد الحكومي المفاوض، خورجي رودريغيز، أعلن أمس أن الوفد لن يسافر إلى العاصمة المكسيكية للمشاركة في الجولة الثانية التي ترعاها النرويج، ويحضرها بصفة مراقبين ممثلون عن الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي. وقال رودريغيز إن «تسليم صعب إلى السلطات الأميركية هو اعتداء غير مقبول وانتهاك لأحكام القانون الدولي، ويتناقض مع الروح البناءة التي من المفترض أن تسود في المفاوضات السياسية».
وفي أول تعليق لها على قرار التسليم، قالت الحكومة الفنزويلية إنها ستلجأ إلى كل الوسائل المتاحة لديها من أجل إنصاف صعب، واتهمت حكومة الرئيس الكولومبي إيفان دوكي والولايات المتحدة والقيادات «اليمينية المتطرفة» في فنزويلا، مثل خوان غوايدو وليوبولدو لوبيز، بالعمل على إفشال المفاوضات الجارية في المكسيك. وكانت أوساط المعارضة في فنزويلا قد أعربت عن ارتياحها لقرار تسليم صعب وإحالته إلى المحاكمة في الولايات المتحدة.
وتخشى الحكومة الفنزويلية من تداعيات تسليم صعب إلى واشنطن وحصول الولايات المتحدة على معلومات حول الشبكة التي يستخدمها النظام لتفادي العقوبات الدولية وحول مصادر تمويله. وأعلن نيكولاس مادورو أن صعب يحمل جواز سفر دبلوماسيا كممثل للحكومة، وكممثل دائم لها في طاولة الحوار السياسي مع المعارضة، وأنه «مختطف من الولايات المتحدة بالتواطؤ مع حكومة الرأس الأخضر». وأضاف مادورو: «ندين هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان ضد مواطن فنزويلي يتمتع بالحصانة الدبلوماسية ويمثل بلادنا أمام العالم».
ومن جهته صرح القيادي المعارض خوليو بورخيس، ومنسق القوى السياسية المناهضة للنظام، بقوله إن «تسليم صعب هو خطوة أساسية نحو العدالة وكشف الحقائق حول النهب والفساد وشبكة الإجرام المنظم التي تدعم نظام مادورو وتغذيه». وأضاف «وهو أيضا تنبيه إلى الذين يدعمون النظام بأن العدالة آتية عاجلاً أم آجلاً».
وكانت قد انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة تحقيقات للصحافي الفنزويلي المعروف روبرتو دنيز حول العمليات التي قام بها صعب لشراء مواد غذائية غير صالحة من أجل توزيعها على المواطنين ضمن برامج المساعدات الحكومية لمواجهة الأزمة المعيشية والتموينية الخانقة التي تعاني منها فنزويلا. وقد اضطر دنيز للجوء إلى كولومبيا بعد الملاحقات القضائية التي تعرض لها من النظام والتهديدات التي استهدفت أفراد عائلته.
وكمؤشر على التصعيد المرتقب في ملف صعب، بادرت الحكومة الفنزويلية أمس إلى اعتقال اثنين من أعضاء مجلس إدارة شركة «سيتغو» لتسويق المحروقات الفنزويلية، والتي تملكها الحكومتان الفنزويلية والأميركية، بتهمة الفساد وإساءة الأمانة.
وتجدر الإشارة إلى أن أليكس صعب، المتحدر من أصول لبنانية واسمه الأصلي علي صعب، كان اعتقل في 12 حزيران يونيو (حزيران) من العام الماضي لدى هبوط طائرته الخاصة للتزود بالوقود في الرأس الأخضر وهي في طريقها إلى طهران.
وكانت وزارة المال الأميركية أدرجت صعب على لائحتها السوداء عام 2019، إلى جانب عدد من أفراد عائلته بتهمة الضلوع في عمليات غسل الأموال والفساد، كما أنه ملاحق قضائيا أيضا في بلاده كولومبيا بتهم مماثلة، وفضائح الثراء غير المشروع والاحتيال المالي والقيام بعمليات وهمية للاستيراد والتصدير، وهو فار من العدالة الكولومبية منذ العام 2018، يضاف إلى ذلك أن السلطات المكسيكية تجري منذ عامين تحقيقات حول أنشطته التجارية.
وكدليل آخر على الدور المحوري الذي يلعبه صعب في الشبكة المالية والتجارية للنظام الفنزويلي، تعيينه عضواً دائماً في الوفد الرسمي المشارك في المفاوضات مع المعارضة، وما صدر من تصريحات أمس عن وزارة الخارجية الروسية جاء فيها أن «الإفراج عن صعب أساسي للتوصل إلى اتفاق في المفاوضات الجارية في مكسيكو».



مواقف «متطابقة» لبوتين وشي: إدانة تصرّفات إسرائيل... ولا حلّ عسكرياً للصراع

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة صحافية على هامش المنتدى الاقتصادي في سان بطرسبرغ 18 يونيو (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة صحافية على هامش المنتدى الاقتصادي في سان بطرسبرغ 18 يونيو (إ.ب.أ)
TT

مواقف «متطابقة» لبوتين وشي: إدانة تصرّفات إسرائيل... ولا حلّ عسكرياً للصراع

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة صحافية على هامش المنتدى الاقتصادي في سان بطرسبرغ 18 يونيو (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة صحافية على هامش المنتدى الاقتصادي في سان بطرسبرغ 18 يونيو (إ.ب.أ)

أكّدت موسكو وبكين تطابق مواقفهما حيال التطورات الجارية في الشرق الأوسط، ودعا الرئيسان فلاديمير بوتين وشي جينبينغ الأطراف إلى العودة إلى المسار السياسي.

وأكّد الرئيسان، خلال مكالمة هاتفية جرت بمبادرة من الجانب الروسي، على استحالة تحقيق تسوية للصراع المتفاقم عبر الوسائل العسكرية. وفيما حذّرت موسكو الولايات المتحدة مجدداً من التدخل عسكرياً بشكل مباشر، دعت الخارجية الروسية الجانب الإسرائيلي إلى وقف استهداف المنشآت النووية «فوراً»، ونبّهت إلى وجود خبراء روس في المنشآت الإيرانية، وخصوصاً في مفاعل «بوشهر».

تحرّك مشترك

وقال مساعد الرئيس الروسي لشؤون السياسة الدولية، يوري أوشاكوف، إن بوتين وشي ناقشا تطورات الوضع في الشرق الأوسط، واتفقا على تنشيط تحرك مشترك لدعم تسوية سياسية للصراع.

الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال منتدى «آسيا الوسطى» في أستانا يوم 17 يونيو (إ.ب.أ)

وأكّد الرئيسان على أنه من غير الممكن تحقيق التسوية في منطقة الشرق الأوسط باستخدام القوة العسكرية. واتفقا، وفقاً لأوشاكوف، على «توجيه الجهات المعنية في البلدين لتعزيز التواصل وتبادل المعلومات حول التصعيد بين إيران وإسرائيل». وأوضح مساعد الرئيس أنه «بالنظر لمستوى تعقيد الوضع الراهن، اتّفق الزعيمان على إصدار تعليمات للجهات والهيئات المختصة في كلا البلدين خلال الأيام القليلة القادمة للقيام بأكثر الاتصالات كثافة وتبادل المعلومات والآراء الممكنة».

كما أكّد الرئيسان على تطابق مواقفهما حيال الوضع الناشئ، وعبّرا عن «إدانة شديدة لتصرفات إسرائيل التي تنتهك بها ميثاق الأمم المتحدة». ودعم الرئيس الصيني خلال المكالمة عرض جهود الوساطة الذي قدمته موسكو، ورأى أنّ «جهود موسكو ستساهم في خفض التصعيد».

تجديد عرض الوساطة

وفي سياق مُتّصل، جدّد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف رغبة موسكو في القيام بجهد للوساطة بين طهران وتل أبيب برغم التحفظات التي أبدتها الإدارة الأميركية على العرض الروسي.

دميتري بيسكوف خلال جلسة صحافية على هامش المنتدى الاقتصادي في سان بطرسبرغ 18 يونيو (أ.ب)

وقال بيسكوف إن موسكو «تحافظ على شراكتها مع طهران، وعلاقات الثقة مع تل أبيب، وترى أن ثمة إمكانية لحل هذا النزاع سلمياً إذا توفرت الإرادة السياسية اللازمة لذلك». كما أكّد، على هامش منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، أن الرئيس الروسي «يرى أنه يمكن إيجاد حلّ للصراع المعقد بين إيران وإسرائيل، ولديه القدرة على التوسط في الصراع بين إسرائيل وإيران». وأوضح أنه «حتى في ظل الصراع المعقد القائم بين إسرائيل وإيران، يرى بوتين أن بإمكان الأطراف التوصل إلى تسوية للعديد من التفاصيل والمسائل الدقيقة المتعلقة بالأزمة. هذا الأمر يتطلب وقتاً، ويتطلب جهداً، ويحتاج إلى إرادة سياسية حسنة، لكن يجب على الأطراف الجلوس إلى طاولة الحوار والتحدث. وهو يعتقد أنه يمكن العثور على مخرج من هذا الوضع».

ولفت بيسكوف إلى أن إيران لم تطلب أية مساعدات عسكرية من روسيا، لكن دعم موسكو لطهران قائم بشكل عام. وذكّر بتصريحات الرئيس الروسي، الأربعاء، حول أن «طهران لم تطلب المساعدة منا. وحتى في سياق الاتفاق (اتفاقية الشراكة الشاملة) الذي أبرمناه مع إيران، لا يوجد أي بند للمساعدة العسكرية المتبادلة في مثل هذه الحالات... لكن بشكل عام، دعمنا واضح لإيران». وأكّد بيسكوف أن «روسيا وإيران تربطهما علاقات شراكة على مختلف المستويات، وقد أكد الرئيس بوتين أمس أن الاتصالات مستمرة».

ونقلت وسائل إعلام حكومية أن موسكو في، إطار الدعم الذي تقدمه لطهران، أبدت استعداداً لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لمواجهة تداعيات القصف الإسرائيلي. وقالت وكالة أنباء «نوفوستي» إن الكرملين سوف يتحرك على هذا الصعيد إذا طلبت إيران مساعدات إنسانية عاجلة.

خطر التدخّل الأميركي

وحذّر الناطق الرئاسي الروسي مجدداً من مخاطر التدخل الأميركي المحتمل في الصراع الإيراني - الإسرائيلي، ورأى أن هذا التطور إن وقع «سيكون منعطفاً خطيراً آخر في التصعيد المتواصل».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة صحافية على هامش المنتدى الاقتصادي في سان بطرسبرغ 18 يونيو (إ.ب.أ)

وكان بوتين قال الأربعاء، في لقاء مع الصحافيين على هامش المنتدى الاقتصادي، إنه «ينبغي على جميع الأطراف البحث عن سبل لإنهاء القتال بين إسرائيل وإيران، وإن موسكو نقلت أفكارها حول كيفية تحقيق السلام إلى القوى المعنية». ورفض بوتين الفكرة الإسرائيلية لتغيير النظام الإيراني، وقال إن «المجتمع الإيراني متحد» حول قيادة بلادهم، مضيفاً «لا أريد حتى مناقشة احتمال قيام أميركا بقتل (المرشد الإيراني علي) خامنئي».

وأكّد بوتين أنه ينبغي على جميع الأطراف البحث عن سبل لإنهاء الأعمال القتالية بطريقة تضمن حقّ إيران في امتلاك قدرات نووية لأغراض سلمية، وحق إسرائيل في الأمن غير المشروط.

في غضون ذلك، وجهت الخارجية الروسية بدورها تحذيراً لواشنطن من مغبّة التّدخل العسكري المباشر في الصراع. وقالت الناطقة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا إن «مثل هذه الخطوة تُنذر بعواقب بالغة الخطورة لا يمكن التنبؤ بها».

سحب خبراء «بوشهر»

وكرّرت زاخاروفا التحذير من «كارثة نووية» تنتظر المنطقة في حال تواصل الهجمات على المنشآت النووية الإيرانية. وقالت إنه «من المستغرب أن وسائل الإعلام الغربية لا ترى أي أثر للضربات على المنشآت النووية الإيرانية». وزادت: «من الواضح أن الضربات تُشن على البنية التحتية النووية الإيرانية، وهي ذات طبيعة سلمية، لأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت ذلك. هذا أمر بالغ الخطورة. ومن المدهش حقاً أن وسائل الإعلام العالمية، التي تُولي عادةً اهتماماً متزايداً بحقوق الإنسان والقضايا البيئية وحرية التعبير، لا ترى أي أثر لها، كما هو الحال دائماً. يبدو أنهم عادوا إلى الصمت الاستراتيجي، أمام حدث قد يسفر حقاً عن كارثة عالمية».

صورة بالأقمار الاصطناعية لمفاعلات بوشهر في إيران 14 يونيو (إ.ب.أ)

ودعت زاخاروفا الجانب الإسرائيلي إلى «وقف الضربات الجوية على المنشآت النووية الإيرانية فوراً». ولفتت إلى أن موسكو «تعتبر هجمات إسرائيل على المنشآت النووية السلمية في إيران أمراً غير مقبول على الإطلاق». وأضافت: «هذه مغامرة إجرامية من جانب إسرائيل، تهدد الأمن الإقليمي والعالمي. ومحاولات تبريرها بادعاءات منع الانتشار النووي، هي ضرب من النفاق».

كما أعربت زاخاروفا عن قلق روسيا البالغ إزاء الهجمات الإسرائيلية، ولا سيما سلامة محطة «بوشهر» للطاقة النووية التي يعمل فيها متخصصون روس.

وزادت: «تدعو روسيا القيادة الإسرائيلية إلى وقف الغارات على المنشآت والمواقع النووية الخاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي تشكل جزءاً من أنشطتها التفتيشية، مع إبداء قلق خاص بشأن سلامة محطة بوشهر النووية التي يشارك فيها خبراء روس». وبات معلوماً الخميس أن موسكو سحبت جزءاً من الخبراء الروس العاملين في «بوشهر».