المصير المجهول لستيف بروس في نيوكاسل ليس في صالح الفريق

الضغط الذي يعيشه المدير الفني للفريق في الوقت الحالي سينتقل حتماً إلى اللاعبين

TT

المصير المجهول لستيف بروس في نيوكاسل ليس في صالح الفريق

الناس أنانيون بطبيعتهم، وسواء كنت لاعب كرة قدم أو تعمل في أي شركة، فإن الموظفين يفكرون دائماً في كيفية تأثير أي قرار على حياتهم المهنية. كما أن البشر بطبيعتهم يحبون الاستقرار ولا يحبون التغيير. وعندما يأتي التغيير، يبحث كل شخص عن مصلحته ومن الممكن أن يصبح أنانياً. وعندما يكون المدير الفني تحت الضغط -كما هو الحال مع ستيف بروس في نيوكاسل- فإن ذلك ينتقل إلى اللاعبين. وينتقل هذا القلق إلى غرفة خلع الملابس وملعب التدريب، وهو ما يجعل اللاعبين يشعرون بأعباء إضافية. وسيتعامل كل شخص مع هذا الأمر بشكل مختلف عن غيره، لأن كل لاعب لديه ما يفوز به أو يخسره في حال رحيل المدير الفني.
وعلاوة على ذلك، فإن شعور اللاعب حيال احتمال رحيل مديره الفني يعتمد على العلاقة التي تربطه به، لأن غرفة خلع الملابس تتكون من لاعبين علاقتهم جيدة للغاية بالمدير الفني، وآخرين علاقتهم به ليست جيدة، وبعض اللاعبين الذين يشاركون في المباريات بشكل أساسي، وبعض اللاعبين الذين لا يشاركون، ولاعبين آخرين يرى المدير الفني أنهم غير مناسبين تماماً لطريقة اللعب وبالتالي يتجاهلهم تماماً. لكن أي شخص يحكم على الناس من خلال طريقة معاملتهم له، فإذا كان المدير الفني يعاملك بطريقة جيدة، فستكون علاقتك به جيدة، والعكس بالعكس. ولا يقتصر هذا الأمر على كرة القدم وحدها، ففي أي مجال آخر من مجالات الحياة، فإن علاقة الشخص بمديره تتوقف على مدى نجاح هذا المدير في التعامل مع العاملين بشكل جيد ومدى قدرته على مساعدتهم على تقديم أفضل ما لديهم في العمل في ظل أجواء من الحب والاحترام المتبادل.
أما بالنسبة إلى أولئك الذين يكونون خارج الفريق ولا يستمتعون على الأرجح بمكان العمل، فإنهم يدخلون في معركة نفسية قوية، نظرا لأنهم يعلمون أنهم لن يشاركوا بغضّ النظر عمّا يقدمونه وما يفعلونه. وغالباً ما يكون تفكيرهم في هذه الحالة منصبّاً على أن الرحيل إلى مكان آخر هو الخيار الأفضل، على الرغم من أنه إذا كان أداء الفريق سيئاً فربما يكون من الأفضل لهم انتظار رحيل المدير الفني. وقد يشعر اللاعب بالمرارة، أو على العكس تماماً يمكن أن يكون سعيداً جداً، لأنه لا يشارك في فريق يقدم مستويات سيئة. وسيستمتع البعض بمشاهدة الفريق وهو يعاني لأنه لا يمكن إلقاء اللوم عليهم في هذه الإخفاقات، بينما بالنسبة لآخرين سيكون ذلك بمثابة ضربة أخرى لهم، لأنهم حتى غير قادرين على المشاركة في فريق يلعب بشكل سيئ ويعاني، وهو الأمر الذي قد يؤثر كثيراً على ثقتهم بأنفسهم.
لقد كنت في غرفة خلع الملابس حين تمت إقالة المدير الفني، وكان نصف الفريق سعيداً للغاية، في حين كان النصف الآخر محطماً تماماً. لقد كانت لحظة كاشفة للغاية، لأنها أظهرت أن الكثير من اللاعبات لم يكنّ سعيدات أو مستمتعات بما يحدث، وكنّ يُردن مديراً فنياً جديداً. وعلى الجانب الآخر، كانت لاعبات أخريات مستاءات لأن المدير الفني الذي تعاقد معهن والذي كان يعمل معهن عن كثب وحاول خلق ثقافة إيجابية في غرفة خلع الملابس لم يحصل على الوقت الكافي الذي كان يستحقه.
هذه هي الطبيعة القاسية والوحشية لكرة القدم، واللاعبون معتادون على عمليات الرحيل والتعاقدات الجديدة، وكل التغيرات التي تصاحب ذلك. إنه عمل وسينتهي الأمر بأن يفقد الجميع وظائفه في مرحلة ما، وخير مثال على ذلك أن هذا الأمر قد حدث حتى مع مديرين فنيين عظماء مثل السير أليكس فيرغسون وجوزيه مورينيو. وهناك مقولة شهيرة في عالم التدريب وهي أن المدير الفني لا يصبح مديراً فنياً حقيقياً إلا عندما تتم إقالته من منصبه! لكن الشيء المهم هو أن يكون لديك قادة أقوياء داخل غرفة خلع الملابس، لضمان تقليل التوترات خلال الأوقات السيئة إلى الحد الأدنى بين أولئك الذين يلعبون باستمرار وأولئك الذين لا يلعبون، والمساعدة في توحيد صفوف الفريق عند إقالة المدير الفني.
وهناك طريقة تفكير أخرى عندما يتعلق الأمر بعدم معرفة هوية المدير الفني القادم، حيث تطفو الطبيعة الأنانية على السطح ويكون هناك جدال بين اللاعبين بشأن اختيار المدير الفني الأفضل لقيادة الفريق. وستكثر الشائعات حول المرشحين المحتملين، وهو ما يجعل اللاعبين ينظرون إلى الإيجابيات والسلبيات. وتجب الإشارة إلى أنه لا يكون أي شخص في مأمن عند وصول مدير فني جديد، لأنه حتى لو كان اللاعب مفضلاً للغاية للمدير الفني السابق، فإن المدير الفني الجديد قد يرى الأمور من منظور مختلف تماماً.
وعندما يفكر اللاعب في الأسماء المطروحة لتولي هذا المنصب الشاغر (أو الذي سيصبح شاغراً قريباً)، فإنه يفكر على الفور في كيفية تأثير ذلك على مسيرته الكروية. وقد يجلب المدير الفني الجديد معه لاعبين جدداً ومساعدين جدداً، وهو ما يجعل هذه الفترة مقلقة للغاية وغير مستقرة تماماً للفريق. وقد يكون أحد اللاعبين قد عمل مع هذا المدير الفني من قبل ولم يكن مقتنعاً بقدراته وباعه لنادٍ آخر، ويعتقد أن هذا الأمر سيحدث مرة أخرى وأن المدير الفني الجديد لن يحبه، وبالتالي يكون هناك الكثير من الاحتمالات غير المعروفة. وإذا كان أحد اللاعبين يجيد اللعب الخططي والتكتيكي والمدير الفني الجديد يعتمد مثلاً على الكرات الطويلة، فقد يعتقد هذا اللاعب أن المدير الفني لن يعتمد عليه.
في الحقيقة، يجب أن يتوقع لاعبو نيوكاسل حدوث تغيير كبير في قائمة اللاعبين والعاملين في النادي خلال الأسابيع وفترات الانتقالات القادمة. وسيخوض خليفة بروس حرباً لا مفر منها لتكوين فريق قادر على نقل النادي إلى مراكز أفضل في الدوري الإنجليزي الممتاز في عصره الجديد. من المؤكد أن جميع المديرين الفنيين في أعلى المستويات يتعرضون لضغوط هائلة ومستمرة، لكن من المؤكد أن انتقال ملكية نيوكاسل يونايتد إلى ملاك جدد سيضع مزيداً من الضغوط على المدير الفني الجديد.
قد تهدئ التصريحات التي أدلت بها مديرة نيوكاسل الجديدة أماندا ستيفيلي، من مشاعر بروس، كما قد تقلل من حالة التوتر في غرفة خلع الملابس، لكنها في نفس الوقت لم تحسم الأمور بشأن مستقبل بروس. ستيفلي أكدت أن بروس سيقود الفريق في مباراته ضد توتنهام في الدوري الإنجليزي اليوم. كما أكدت أيضاً أنْ لا قرار حول مصير المدرب في الوقت الحالي بقولها: «عشنا أسبوعاً راجعنا فيه أعمال النادي والتعرف على الأشخاص الذين يعملون هنا، ومن الضروري أن نتحلى بالصبر وكيفية مقاربة الأمور».
وأضافت: «التغييرات لا تحصل بين ليلة وضحاها ويتعين علينا أن نتبع خطة واستراتيجية بطريقة مدروسة». وتابعت: «التقينا بروس واللاعبين الاثنين ومنحناهم الوقت الكافي هذا الأسبوع للتحضير لمباراة في غاية الأهمية الأحد». وأوضحت: «إذا قمنا بأي تغيير (للجهاز الفني) سيكون بروس أوّل العارفين، لكن الآن نريد أن نتمنى له حظاً سعيداً لمباراته الألف كمدرب، وسنكون خلف الفريق لمؤازرته الأحد».
ويحتل نيوكاسل المركز قبل الأخير في الدوري الإنجليزي ولم يحقق أي فوز حتى الآن منذ مطلع الموسم الحالي في 7 مباريات حتى الآن. وسواء كانت الضغوط قد رُفعت من على كاهل اللاعبين أو كانوا يشعرون بالقلق من المدير الفني الجديد، فمن المهم أن نتذكر أنه لكي تنمو وتتطور -في أي مجال من مجالات الحياة– فلا بد من التغيير. قد لا نحبّ ذلك، لكن التكيف مع التغيير هو السبيل الوحيد للمضي قدماً!


مقالات ذات صلة

الدوري الإنجليزي: العين على ديربي مانشستر... وليفربول لمواصلة التحليق

رياضة عالمية صلاح لقيادة ليفربول إلى فوز جديد في الدوري الإنجليزي (أ.ب)

الدوري الإنجليزي: العين على ديربي مانشستر... وليفربول لمواصلة التحليق

تتجه الأنظار الأحد، إلى استاد الاتحاد، حيث يتواجه مانشستر سيتي حامل اللقب، مع ضيفه وغريمه مانشستر يونايتد في ديربي المدينة، بينما يسعى ليفربول المتصدر إلى مواصل

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية المدرب الإيطالي يهنئ لاعبيه عقب إحدى الانتصارات (إ.ب.أ)

كيف أنهى ماريسكا كوابيس تشيلسي في لمح البصر؟

في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، كان الإيطالي إنزو ماريسكا يلعب محور ارتكاز مع إشبيلية، عندما حل فريق برشلونة الرائع بقيادة المدير الفني جوسيب غوارديولا ضيفاً

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية  فيرنانديز دعا إلى إصلاح الأخطاء الفنية في فريقه (إ.ب.أ)

فيرنانديز: علينا إصلاح أخطائنا قبل التفكير في مان سيتي

قال البرتغالي برونو فيرنانديز قائد فريق مانشستر يونايتد إن فريقه يجب أن يعمل على إصلاح أخطائه بدلاً من التفكير في الأداء السيئ لمنافسه في المباراة المقبلة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية استبدل بوستيكوغلو المهاجم فيرنر ودفع بالجناح ديان كولوسيفسكي (إ.ب.أ)

مدرب توتنهام يهاجم فيرنر: لم تكن مثالياً أمام رينجرز

وجه أنجي بوستيكوغلو، مدرب توتنهام هوتسبير، انتقادات لاذعة لمهاجمه تيمو فيرنر بعدما استبدله بين الشوطين خلال التعادل 1-1 مع رينجرز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوندوغان نجم السيتي خلال مواجهة اليوفي بدوري أبطال أوروبا (أ.ف.ب)

غوندوغان: على الجميع تقديم أفضل أداء لتبديل حظوظنا

اعترف الألماني إلكاي غوندوغان، لاعب وسط مانشستر سيتي الإنجليزي، بأن فريقه "لم يعد جيدا بشكل كاف"، في الوقت الذي فشل فيه في إيجاد حل لتبديل حظوظه بالموسم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».