حكومة ميقاتي تنأى بنفسها عن التدخل في الملفات القضائية

من الاجتماع الاخير بين الرئيس عون ووزير العدل هنري خوري (دالاتي ونهرا)
من الاجتماع الاخير بين الرئيس عون ووزير العدل هنري خوري (دالاتي ونهرا)
TT

حكومة ميقاتي تنأى بنفسها عن التدخل في الملفات القضائية

من الاجتماع الاخير بين الرئيس عون ووزير العدل هنري خوري (دالاتي ونهرا)
من الاجتماع الاخير بين الرئيس عون ووزير العدل هنري خوري (دالاتي ونهرا)

تخوض حكومة الرئيس نجيب ميقاتي أكثر من امتحان في آن واحد بعد أقل من 25 يوما على نيلها ثقة البرلمان، ما يهددها بـ«فقدان المعنى الوجودي»، على حد تعبير مسؤول لبناني رفيع.
وتعتبر حادثة الطيونة التي ذهب ضحيتها 7 أشخاص وعشرات الجرحى «امتحانا عسيرا» لحكومة ميقاتي التي كانت قبلها في وضع المرتبك، لتصبح بعدها مهددة بشكل جدي بفقدان «ميثاقيتها» إذا غادرها الوزراء الشيعة الذين لم يقبلوا قبل الحادثة بتسوية تذهب بموضوع التحقيق بجريمة تفجير المرفأ إلى مجلس القضاء الأعلى للنظر بأداء قاضي التحقيق طارق البيطار الذي يتهمونه باستهدافهم و«تسييس التحقيق»، فيما زادت الأمور تعقيدا مع الاشتباكات والدماء التي سالت خلال احتجاج «الثنائي الشيعي» على البيطار.
فبعد إعلان الرئيس نبيه بري عن مهلة الـ45 يوما التي وضعها للحكومة كمعيار للنجاح أو الفشل، وشكواه العلنية من بطء تحركها و«التلهي بالتعيينات»، أتت قضية التحقيق في تفجير مرفأ بيروت وتهديد الوزراء الشيعة بالانسحاب من الحكومة إذا لم يتم كف يد قاضي التحقيق طارق البيطار، في وقت تسجل فيه الليرة اللبنانية انتكاسة كبيرة أمام الدولار الأميركي متنازلة عن تحسن كبير أصابها في أعقاب تأليف الحكومة.
ويعتبر مصدر وزاري لبناني أن ما حصل في قضية البيطار «ترك ندبة في جسد حكومة ميقاتي»، مشيرا إلى أن الوزراء الذين يفترض أن يكونوا من فريق عمله لم يتأخروا كثيرا في تسديد ضربة كبيرة له بتهديدهم بالانسحاب من حكومة لم تكد تعبر الشهر الأول من عمرها، وهذا يرسم مسارا مقلقا لعمل الحكومة المستقبلي.
وأكد مصدر حكومي لبناني لـ«الشرق الأوسط» أن موقف ميقاتي لم يتغير منذ اليوم الأول، لأنه ببساطة لا يمكن للحكومة التدخل في عمل القضاء، وأن ميقاتي لا يمكن أن يسجل على نفسه سابقة من هذا النوع.
وفيما بدا أنه استمرار لهذا النهج، اجتمع ميقاتي أمس مع وزير العدل القاضي هنري خوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات في مكتبه، حيث بحث المجتمعون في ملف الأحداث الأمنية التي حصلت في الطيونة، وضرورة الإسراع في التحقيقات لكشف الملابسات الكاملة لما حصل وإحالة المتسببين بهذه الأحداث على القضاء المختص. وكان رئيس الجمهورية ميشال عون اجتمع أول من أمس مع وزير العدل هنري خوري، في خطوة وضعت في إطار البحث عن مخارج لأزمة التحقيق في انفجار المرفأ.
وشدد ميقاتي خلال اجتماع أمس على أن «الملف الكامل لما حصل هو في عهدة الأجهزة الأمنية بإشراف القضاء المختص»، مؤكدا أن «الحكومة حريصة على عدم التدخل في أي ملف يخص القضاء، وأن على السلطة القضائية أن تتخذ بنفسها ما تراه مناسبا من إجراءات». ويجتمع مجلس القضاء الأعلى بعد غد الثلاثاء مع القاضي البيطار للاستماع إلى رأيه حول مسار التحقيق في قضية انفجار المرفأ.
وكانت تسريبات تحدثت عن إمكانية قيام المجلس بإحالة الموضوع إلى الغرفة الثانية في محكمة التمييز، فيما يطالب «الثنائي الشيعي» وآخرون بإحالة ملف الوزراء إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
ودخل التحقيق في تعقيدات إضافية على ضوء الانقسامات السياسية على إجراءات القاضي البيطار، حيث يتهمه «حزب الله» و«حركة أمل» بتسييس التحقيقات و«الاستنسابية» في الاستدعاءات، بينما يدعم حزب «القوات» إلى جانب «التيار الوطني الحر» وأفرقاء آخرين إجراءاته. ورفض نادي قضاة لبنان الدعوات لرد بيطار ودافع عن القضاء ودعا إلى الكف عن العبث «في آخر حصن في فكرة الدولة».
وكان ميقاتي ألمح في مقابلة مع «رويترز» أول من أمس إلى «قلق بشأن البيطار»، قائلا إن «خللا دستوريا» ربما وقع، في رأي يتفق مع وجهة نظر ترى أنه تجاوز صلاحياته بملاحقة مسؤولين كبار، ويرى هؤلاء أن مرجعية ملاحقة الوزراء السابقين الأربعة (بينهم ثلاثة نواب) استدعاهم البيطار للتحقيق تعود إلى «المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء».
وكان تحقيق البيطار يواجه صعوبات بالفعل، حيث رفض سياسيون كبار الحضور للاستجواب، ما دفعه لإصدار مذكرات توقيف تم تجاهلها. ونقلت «رويترز» عن مصدر قضائي أن بيطار ليست لديه أي نية للاستقالة حتى مع إلقاء خصومه «مسؤولية إراقة الدماء» على عاتقه.



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».