ترتيبات لاجتماع روسي ـ أميركي ـ إسرائيلي حول سوريا

توقعات بأن يركز على الوجود الإيراني

TT

ترتيبات لاجتماع روسي ـ أميركي ـ إسرائيلي حول سوريا

أعلن السفير الإسرائيلي لدى روسيا، ألكسندر بن تسفي، عن اتفاق تم التوصل إليه لعقد لقاء جديد لرؤساء مجلس الأمن في روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة لمناقشة الملف السوري وإيران.
وقال السفير في حديث لوكالة أنباء «نوفوستي» إن الاتفاق تم من حيث المبدأ، موضحاً أنه «حتى الآن لا يوجد سوى فكرة، لم يتم تحديد الموعد أو المكان بعد. من جانبنا، نحن على استعداد لاستضافة الوفود، لكن هذا لم يتقرر بعد». ولفت إلى هذا الموضوع سيكون مطروحاً خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت إلى روسيا الأسبوع المقبل.
وأضاف: «آمل بأن يأتي رئيس وزرائنا ويكون قادراً في النهاية على اتخاذ القرار. في هذه المرحلة لا يوجد سوى اتفاق وفهم مشترك بأن هذا (الاجتماع) سوف يتم، ولكن، لم يتم الاتفاق متى بالضبط». وزاد أن أجندة اللقاء المرتقب ستشمل «سوريا وإيران وقضايا أخرى في منطقة الشرق الأوسط».
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، أعلن في وقت سابق، أن إسرائيل وروسيا والولايات المتحدة تدرس إمكانية استئناف المشاورات الثلاثية على مستوى رؤساء مجالس الأمن، مرجحاً أن يعقد الاجتماع خلال أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
وأكدت روسيا من جانبها، في وقت سابق، وجود مشاورات بين الأطراف الثلاثة لتنظيم لقاء المسؤوليين الأمنيين، وأشار نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إلى أن اللقاء بين سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف ونظيريه الأميركي والإسرائيلي قيد الدراسة.
وقال ريابكوف بعد انتهاء جولة محادثات مع دبلوماسيين أميركيين الأسبوع الماضي: «أود القول إنه بشكل مبدئي تناقش هذه المواضيع على مختلف المستويات، وليس من الضروري، حسبما أفهم، الحديث عن لقاء رؤساء أجهزة الأمن لبلداننا بالذات. لكن العمل جارٍ، وكل الأمور قيد الدراسة».
وفي حال تم التوصل إلى اتفاق نهائي على موعد الاجتماع واجندته، ستكون هذه جولة المشاورات الثلاثية الثانية على نفس المستوى.
وكانت الأطراف الثلاثة عقدت في يونيو (حزيران) 2019 لقاء في القدس، جمع سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف ومستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي آنذاك جون بولتون، ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي آنذاك مئير بن شبات.
وناقشت الأطراف الوضع في سوريا في إطار ثلاثي لأول مرة آنذاك لكنها فشلت في تقريب وجهات النظر، خصوصاً حيال ملف الوجود الإيراني في سوريا الذي شكل نقطة خلافية أساسية.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية في حينها أن بين أبرز أهداف اللقاء «البحث عن سبل خطوات عملية مشتركة لتسوية الأزمة في سوريا وفي منطقة الشرق الأوسط بأسرها».
وزادت أن موسكو تعطي أهمية كبيرة لتحقيق هذا الهدف وأنها ترى «إمكاناً لاستخدام صيغ عمل جديدة من شأنها أن تسهم، من دون أن تستبدل الصيغ الحالية وصيغة أستانة في المقام الأول، في المضي قدماً على طريق السلام والاستقرار في سوريا في ظل ضمان سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها، وكذلك في القضاء النهائي على الإرهاب الدولي على التراب السوري، وعودة اللاجئين وإعادة إعمار البلاد اجتماعياً واقتصادياً في أسرع وقت ممكن».
وبالفعل فقد اتفقت الأطراف في ذلك اللقاء على تفعيل الآلية الثلاثية للحوار على مستوى رؤساء مجالس الأمن القومي، لكن الخلاف بشأن الوجود الإيراني عرقل عقد لقاءات أخرى.
وفي مقابل تشديد الولايات المتحدة على «اهتمام واشنطن في أن تسهم اللقاءات على مستوى مجالس الأمن القومي في الولايات المتحدة وإسرائيل وروسيا في بلورة نهج مشترك «أكثر فعالية» إزاء إيران، شدد نائب سكرتير مجلس الأمن الروسي، ألكسندر فينيديكتوف، على ضرورة أن تراعي الخطوات المشتركة بين الأطراف الثلاثة «مصالح جميع الجهات الفاعلة، بما فيها إيران»، مضيفاً: «كل محاولات اللجوء إلى تكتيك الإنذارات محكوم عليها بالفشل سابقاً... وإذا أراد أحد ما دق إسفين بيننا وبين شركائنا في المنطقة بواسطة هذه الأساليب، فإن حساباته خاطئة».
ورغم هذا التباين الواسع، فقد أعادت جولات الحوار الروسي - الأميركي التي عقدت أخيراً علىى المستوى الدبلوماسي طرح موضوع توسيع قنوات الاتصال ونقلها إلى مستويات مختلفة. وعقد رئيسا مجلسي الأمن الروسي والأميركي جولة حوار أخيراً، ركزت على ملفات الاستقرار الاستراتيجي وأفغانستان، وتطرقا إلى ملفات أخرى بينها سوريا، وبدا أنهما اتفقا خلال المحادثات على عقد جولة جديدة من الحوار الثلاثي بمشاركة إسرائيل.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.