كيف تمضي أجمل يومين في باريس وتجعل برج إيفل يغفو بغرفتك؟

نم داخل قصر فرنسي وكل في مطعم صيني

كيف تمضي أجمل يومين في باريس وتجعل برج إيفل يغفو بغرفتك؟
TT

كيف تمضي أجمل يومين في باريس وتجعل برج إيفل يغفو بغرفتك؟

كيف تمضي أجمل يومين في باريس وتجعل برج إيفل يغفو بغرفتك؟

يسمنوها «مدينة النور»، وأنا أسميها «المدينة التي لا يمل منها»، ففي كل مرة تزورها تستكشف شيئا جديدا، تمشي في شارع الشانزلزيه للمرة المائة وتشعر كأنها المرة الأولى، يوجد في تلك المدينة العتيقة الجديدة سحر فريد، ونوع من الألفة.
هذه المرة كانت رحلتي إلى باريس خاطفة وكانت بداعي التأمل والراحة و.. التسوق، لأن زيارة باريس لا تكتمل من دون أن تعرج على المحلات الأنيقة، وصادفت زيارتي «أسبوع باريس للموضة»، فكان هناك رونق إضافي للمدينة.. طوابير طويلة أمام صالات العرض والمحلات التجارية الحاملة أهم الأسماء الفرنسية والعالمية، عارضات يافعات بِطلاّت بعضها غريبة أو حالمة، كاميرات السياح والمصورين مسلطة عليهن، كانت الزحمة في باريس غير عادية خلال الأسبوع الأهم في روزنامة الأزياء والاقتصاد في البلاد.
وصلت إلى قصر وفندق «شانغري لا» الباريسي، وكانت معالم الموضة ورونقها واضحة من المدخل، الذي أحاطت به زحمة نابضة، العاملون بلباسهم الآسيوي الرسمي يستقبلونك بالترحاب، فتشعر فعلا أنك تدخل القصر الذي بني عام 1896 وكان يملكه الأمير رولان بونابارت، وبعد 114 عاما، تاريخيا، تحول اليوم القصر إلى عنوان للإقامة والأكل وتلاقي أهالي باريس في الصالونات التي لا تزال تحمل في طياتها رقي القصور في أجواء مفعمة بالأناقة. لفتني نادل كان يرتدي رابطة عنق (بابيون) يكسوها الترتر من تصميم «لانفين»، وبدا سعيدا بهندامه الذي صمم خصيصا لحفل كان يستضيفه الفندق لدار «لانفين» العالمية، وأول ما شدني عند دخولي البهو الرئيسي، رائحة عطر مميز يدخل فيه العنبر، سألت عن سره فأجابت موظفة الاستقبال بابتسامة عريضة إنه عطر «شانغري لا» الآسيوي الخاص بنا، وأتت بزجاجة صغيرة وقالت: «إنها متوفرة للبيع». تتفرع من البهو صالونات منفصلة، وأماكن للتسامر، والأرضية من الرخام الذي لا يزال يحافظ على شكله كما كان من قبل، وسلالم يزينها الحديد الأسود المحفوف بالذهب، فالقصر مدرج على لائحة المعالم التاريخية في فرنسا عام 2009، وعندما اشترت الشركة الصينية المالكة لـ«شانغري لا»، ومقرها شنغهاي، مبنى القصر عام 2010 حولته إلى فندق ليكون أول فندق تملكه في أوروبا، ونجحت في المحافظة على معالم القصر الفرنسية مع إضافة لمسة صينية آسيوية إن كان من خلال بعض الديكورات أو حتى الطعام بما فيه الفطور الصيني.

* الجناح الإمبريالي الرائع
يتميز الفندق بأجنحته وغرفه الواسعة المطلة على برج إيفل، فهذا المعلم السياحي المميز ينام حرفيا معك في غرفتك، لأنه يقع على مقربة من المبنى، وتراه يبسط شكله الذي لم يلق استحسان صاحب القصر الأمير رولان بونابارت، فطلب من المهندسين أن يجهزوا له مكانا للمعيشة لا يطل على هذا البرج الذي وصفه بالقبح، وهكذا حصل، أبدع المهندسون طابقا هو اليوم «الجناح الإمبريالي» في الطابق الثاني، وهو لا يطل على البرج من أي زاوية، ويطل الجناح على شارع «لينا» ويعتبر الجناح الوحيد في الفندق المدرج على لائحة المعالم التاريخية الفرنسية لديكوراته وأسقفه المزخرفة ومساحته التي تمتد على مدى 3770 قدما مربعة. وهنا يبقى الخيار صعبا أمام النزلاء الباحثين عن روعة الإقامة، وغالبا ما يكون هناك تردد من قبلهم فيما إذا كان «الجناح الإمبريالي» أفضل من الإقامة في جناح «شانغري لا» الذي يحظى بأجمل إطلالة على مدينة النور ليلا ونهارا.
جناح «شانغري لا» أغلى بقليل، ويتميز بإطلالته المميزة على برج إيفل وباقي معالم باريس مثل «الساكري كور»، وأجمل ما فيه الشرفة الواسعة بأثاثها العصري، والديكورات الداخلية التي نجح بتحقيقها عبقري الديكور بيار إيف روشون المسؤول عن تجميل عدد من أهم فنادق باريس مثل فندقي «برينس دو غال» و«فور سيزونز جورج الخامس».
وإذا كنت لا تعاني من فوبيا برج إيفل مثل الأمير بونابارت، ولا تملك 20 ألف يورو لقاء ليلة في جناح «شانغري لا»، فأنصحك بالإقامة في جناح دوبليكس يمتد على طابقين، يمزج بين المواصفات الكلاسيكية التي تجدها في القصور، وفي الوقت نفسه عصري.. في الطابق الأعلى تجد غرفتي الطعام والمكتب، وفي الطابق السفلي غرفتي النوم والمعيشة مع شرفة صغيرة تطل على البرج الأشهر.

* من إسطبل إلى بركة سباحة
في المركز الصحي في الطابق السفلي، تطالعك بركة سباحة تعتبر كبيرة الحجم نسبة لموقع الفندق في وسط المدينة، هذه البركة تحتل مكان الإسطبل الذي كان يحوي أحصنة الأمير بونابارت، فتجد وراءه مباشرة قوسا كبيرا على شكل مخرج كان في الماضي المدخل الذي تدخل وتخرج منه الأحصنة.
وتمت المحافظة على كثير من ملامح القصر، وبالقرب من بركة السباحة تجد المركز والنادي الصحيين، ويمتاز المركز بتقديم علاجات «كاريتا» المشهورة بأقنعة الوجه وعلاجات الجسم، وتعتبر من أهم الماركات العالمية.
من العلاجات التي يوصى بها في المركز الصحي، علاج تنظيف الوجه الـ«Facial» الخاص بـ«كاريتا»، وتستغرق مدته 60 دقيقة والنتيجة تكون واضحة مباشرة بعض الانتهاء من الجلسة.

* الأكل
لن تشعر بالجوع في الفندق لأنه يضم بعضا من أهم عناوين الأكل في العاصمة ويرتاد مطاعمه الباريسيون الذواقة والنازلون في الفندق والسياح على حد سواء. إذا كنت تحب الأكل الصيني، فأنصحك بحجز طاولة مسبقا في مطعم «شانغ بالاس» الحاصل على «نجمة ميشلان» ويقدم المأكولات الصينية الكانتونيزية ويعتبر المطعم الصيني الوحيد من الفئة الراقية في باريس.. أشهر ما يقدمه «الديم سام».
وبما أنك في باريس، فلا بد أن تتناول الأكل الفرنسي، وقد يكون مطعم «لا بوهينيا» من أفضل العناوين لأنه يمزج بين المطبخ الفرنسي ومطبخ جنوب شرقي آسيا. ويقدم المطعم الذي تزين جدرانه صور زهرة الأوركيد بألوانها الزاهية، والاسم يعني بالصينية اسم زهرة من عائلة الأوركيد، الفطور أيضا، ولا بد أن تجرب الفطور الصيني، بالإضافة إلى الفطور الفرنسي مثل الكرواسان والمربى، من دون أن ننسى العصائر الطازجة التي تقدم تلقائيا بمجرد أن تجلس على كرسيك، ويبقى عصير التوت والـ«غريب فروت» من ألذها.
وإذا كان لديك بعض الوقت، فتوجه إلى صالونات القصر Les Salons وهي عبارة عن غرف منفصلة تقام فيها الحفلات الخاصة والمعارض.. إنها تستحق الزيارة لأنها رائعة من حيث الزخرفة والأسقف العالية الأصلية والديكورات الراقية.

* أجمل الأوقات خارج الفندق
* في بعض الأحيان تتمنى لو أنك تمكث في الفندق من دون الحاجة للخروج، ولكن عندما تكون في باريس، فلا بد أن تخرج وتتمشى وتتغنى بروعة تلك المدينة التاريخية.
فإذا كانت زيارتك قصيرة، فأنصحك دائما بالتجول مشيا على قدميك في شوارع لم ترها من قبل.. لا تقلق، لن تتوه في باريس، فالشوارع واسعة وعلى شكل مربع، وتتقاطع فيما بينها، فمن الصعب أن تضل طريقك. ابدأ رحلة المشي من ساحة «لينا» القريبة من الفندق، فإذا كان موعد زيارتك يوم السبت، فعرج بطريقك نحو النهر على السوق الشعبية وسوق المأكولات والزهور المحيطة بساحة «الما»، ويمكنك تذوق ألذ المأكولات المحلية بما فيها المأكولات اللبنانية وألذ أنواع الحلوى.
وبعدها تصل إلى شارع «مونتين» Avenue Montaigne الذي تتجمهر فيه الحشود لدخول أحد محلاته الراقية مثل «شانيل» و«برادا».. ولا بد أن تزور محل «شانيل» الذي يعتبر من أكبر فروع الدار في العاصمة، ولو لم يكن غرضك الشراء، فأنصحك برؤية السيدات الأنيقات وهن ينتظرن دورهن للحصول على بائعة لتهتم بمشترياتهن.. هذا المشهد سيجعلك تتأكد من أن الأزمة المالية انتهت وولت (هذا إذا وجدت أصلا لدى هؤلاء).
وبعد أن تعصر قلبك وتتعب نظرك، وفي حال اشتريت، يمكن القول: «تتعب جيبك».. أكمل رحلة المشي باتجاه شارع الشانزلزيه، وهنا يكون أمامك خياران، إما تتجه شمالا باتجاه «قوس النصر»، أو أن تمشي بالاتجاه المعاكس لتصل إلى ساحة كونكورد وحدائق «تويلوري» الجميلة، وخذ قسطا من الراحة في محلات «أنجلينا».. سوف تنتظر في طابور، ولكن نكهة الشوكولاته الساخنة ستنسيك الانتظار، ويقدم «Angelina» كثيرا من الحلويات الفرنسية التي تشدك من خلال رائحتها.
العرب يفضلون عادة أكل حلوى «الماكارون» في محلات «لا دوري»، ولكن إذا كنت لم تجرب بعد «الماكارون» في محلات «بيير إرميه» فتوجه حالا إلى أحد فروعه، فهي موجودة اليوم في لندن أيضا، وتعتبر الحلويات التي يقدمها «إرميه» من ألذ ما يمكن أن تتذوقه على الإطلاق.
وفي حال حالفك الحظ وكان الطقس جميلا وكنت محظوظا بالحصول على كرسي في قهوة «café de flore» في شارع «سان جيرمان»، فهذه الجلسة من أجمل الجلسات الخارجية في باريس، إذا كنت قد تعبت من الجلوس في مقهى ومطعم «Le Fouquet» الشهير في شارع الشانزلزيه (يشار إلى أن هناك تسعيرة خاصة للجلوس في الخارج).
ولمحبي الـ«ستيك» الفرنسي الذين يفضلون التجديد وضجروا من «Le Relais de L’entrecote» ويودون اكتشاف عناوين جديدة وبعيدة عن الأماكن السياحية المعروفة لدى السياح العرب، إليك العناوين التالية:
Josephine «Chez Dumonet»، la Biche au Bois، Le Baratin، Les Bistronomes، Le Bistrot Paul Bert، Christophe، Frenchie، Le Pantruche، Chez Georges.
وفي طريق العودة لا بد أن تلقي التحية على برج إيفل رغم أنف الأمير رولان بونابارت الذي كان يكره تصميم البرج الذي وصفه بالقبح، فالبرج بني، ولكن الفكرة من ورائه كانت بأن يبقى لمدة قصيرة على أن يتم تفكيكه بعدها، ولكن عندما حظي بإعجاب البعض وأصبح يجذب كثيرا من الزوار، ألغيت فكرة تفكيكه ليصبح اليوم من أهم المعالم السياحية في العالم.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.