كيف سيقود فوميو كيشيدا اليابان حتى انتخابات الشهر المقبل؟

«شهر العسل» قد يكون قصيراً

كيف سيقود فوميو كيشيدا اليابان حتى انتخابات الشهر المقبل؟
TT

كيف سيقود فوميو كيشيدا اليابان حتى انتخابات الشهر المقبل؟

كيف سيقود فوميو كيشيدا اليابان حتى انتخابات الشهر المقبل؟

خلال أيام من انتخاب فوميو كيشيدا، زعيماً جديداً للحزب الديمقراطي الحر الحاكم في اليابان، حصل الزعيم الجديد على تثبيت البرلمان، وشكل من ثم الحكومة الجديدة لليابان، التي عرفت ثلاثة رؤساء وزارة خلال أكثر بقليل من سنة واحدة. كيشيدا (64 سنة) خلف يوشيهيدي سوغا (72 سنة) الذي انسحب في سبتمبر (أيلول) الفائت وسط موجة غضب شعبي من طريقة استجابة حكومته لجائحة «كوفيد - 19»، وإصراره على المضي قدماً في تنظيم أولمبياد طوكيو 2020.
ولحسن حظ كيشيدا، لم يثبت سوغا، الذي يعد الذراع اليمنى لرئيس الوزراء الأسبق شينزو آبي لفترة طويلة، كفاءة تذكر في تولي رئاسة الحكومة. وكان سوغا قد خلف آبي في المنصب خلال سبتمبر 2019 على أثر استقالة الأخير لأسباب صحية بعدما دخل التاريخ كصاحب أطول فترة رئاسة في اليابان. وفي التنافس لخلافة آبي تغلب سوغا على منافسين هما كيشيدا، وشيغيرو إيشيبا.
شهدت شعبية الرئيس الياباني السابق يوشيهيدي سوغا، تراجعاً كبيراً، إذ بلغت أكثر بقليل من 30 في المائة، بعدما كانت تفوق 70 في المائة عند توليه المنصب. وأدى هذا الواقع إلى تزايد قلق قادة الحزب الديمقراطي الحر (المحافظ) الحاكم من احتمال تعرض حزبهم لنكسة انتخابية موجعة خلال الانتخابات العامة الوشيكة.
المعروف أن الحزب الديمقراطي الحر هيمن على سياسة اليابان غالبية فترات العقود السبعة الماضية. وبفضل هيمنته على البرلمان، غدا رئيسه مطمئناً إلى شبه حتمية توليه رئاسة الحكومة. وفي ضوء اهتزاز وضع سوغا، استشعر فوميو كيشيدا أن فرصته حانت، فأعلن ترشحه لقيادة الحزب، وساعد في تسريع عملية تقاعد سوغا.
المفارقة، أن كيشيدا، وزير الخارجية والدفاع السابق، وكما سبقت الإشارة، وجد نفسه على الجانب الآخر من المعادلة السياسية، عندما ترشح ليحل محل الزعيم ورئيس الوزراء الأسبق شينزو آبي، بعد ترك الأخير منصبه. إلا أن كيشيدا خسر معركته في حينه بسهولة أمام يوشيهيدي شوغا، الذراع اليمنى لآبي، الذي تولى المنصب الأعلى. ولكن خروج سوغا اليوم بعدما أمضى أقل من سنة في السلطة شبح العودة إلى خلافة «الباب الدوار» للقادة اليابانيين، حيث يخدم كل منهم لمدة سنة واحدة ليترك حلفاءه على غير هدى سياسياً.

ماذا يمثل كيشيدا؟
أفتاب سيث، سفير الهند السابق لدى اليابان، يرى أن «اختيار فوميو كيشيدا رئيساً جديداً لوزراء اليابان، من منظور خطاب حملته الانتخابية، يمكن للوهلة الأولى أن يمثل نقطة تحول في السياسة اليابانية بعد الحرب. إلا أنه سيحتاج إلى كسب ثقة الجمهور ليثبت أنه ليس مجرد شخص من داخل مطابخ الحزب. وإذا ما بدأت التحديات في الظهور... يمكن أن نرى تراجعاً سريعاً في معدلات تأييده، لأنه بدأ من نقطة دعم متواضعة نسبياً».
كيشيدا أعلن تشكيلة حكومته الجديدة في 4 أكتوبر (تشرين الأول)، بصفته الزعيم الجديد للحزب الديمقراطي الحر. وألزم نفسه بسياسة «أكثر حرصاً وتسامحاً»، في مؤشر إلى جاهزيته للابتعاد عن أسلوب قيادة رئيس الوزراء الأسبق اللامع شينزو آبي شينزو (2012 - 2020)، الذي يُنتقد أحياناً لقلة تسامحه مع المعارضة ولسطوته المفرطة.
والحقيقة، أنه لن يكون لدى كيشيدا الكثير من الوقت للاستمتاع بانتصاره وزعامته للبلاد، وذلك لأنه سيواجه قريباً اختباراً كبيراً هو الانتخابات العامة. ذلك أنه مع انتهاء الفترة الحالية لأعضاء مجلس النواب (الداييت) في 21 أكتوبر الحالي، سيتعين التصويت في هذه الانتخابات على مستوى البلاد بحلول 28 نوفمبر. وبالتالي، ستقرر النتيجة ما إذا كان وزير الخارجية السابق سيحكم بتفويض قوي، أم سيخاطر بفترة قصيرة مثل سلفه سوغا.
المهمة العاجلة بالنسبة لكيشيدا كانت إطلاق حكومته بمعدلات تأييد قوية وإبقائها عالية. وحسب رئيس الوزراء الجديد، في أول خطاب له بعد لحظات من تعيينه زعيماً للحزب، «نحن نحتاج إلى أن نظهر للناس أن الحزب الديمقراطي الحر قد ولد من جديد».

من هو كيشيدا؟
وُلد فوميو كيشيدا، الذي يعرف بالاعتدال والميل إلى التوافق، في العاصمة اليابانية طوكيو قبل 63 سنة لعائلة سياسية من مدينة هيروشيما (جنوب اليابان). إذ كان والده وجده نائبين في البرلمان. ولقد أمضى جزءاً من طفولته في الولايات المتحدة عندما عين والده في الولايات المتحدة عضواً في بعثة وزارة التجارة، وهناك التحق الابن بمدرسة ابتدائية في مدينة نيويورك.
بعد التخرج من جامعة واسيدا المرموقة في طوكيو، أمضى كيشيدا فترة قصيرة في العمل المصرفي. وعام 1988 تزوج، ومن ثم أنجب ثلاثة أبناء. ولاحقاً انتخب عضواً في مجلس النواب خلال عام 1993 عن الحزب الديمقراطي الحر، ممثلاً لإحدى دوائر هيروشيما.
تولى فوميو كيشيدا مناصب مختلفة في حكومتي رئيسي الوزراء شينزو آبي وياسو فوكودا من 2007 – 2008، وعين وزيراً للخارجية بين 2012 - 2017 بعدما استعاد آبي رئاسة الوزراء في أعقاب الانتخابات العامة 2012، ليغدو بذلك أطول وزير للشؤون الخارجية خدمة في التاريخ الياباني.
أيضاً شغل كيشيدا منصب مسؤول السياسة في الحزب الديمقراطي الحر قبل تولي وزارة الخارجية بين عامي 2012 و2017. وكان خلال هذه الفترة مسؤولاً عن التفاوض على الصفقات مع روسيا وكوريا الجنوبية. ولطالما أيد كيشيدا حظر الأسلحة النووية، واصفاً إياه بأنه «إنجاز حياته»، بل وساعد في إحضار الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، إلى مدينته هيروشيما في زيارة تاريخية عام 2016 بصفته أحد نوابها البرلمانيين.

العلاقة مع هيروشيما
نظراً لأن عائلة كيشيدا من هيروشيما، فإنها كانت تعود إلى هناك كل صيف. وللعلم، لقي العديد من أقارب رئيس الوزراء الجديد حتفهم في القصف الذري الأميركي عام 1945، ونشأ فوميو الفتي على سماع قصص من الناجين من القنبلة الذرية.
أما على الصعيد السياسي، ولكون كيشيدا من الجناح الأكثر تقدمية وليبرالية في الحزب الديمقراطي الحر، فإنه يرى قدوته ومثاله الأعلى في كبار الساسة اليابانيين هاياتو إيكيدا (رئيس الوزراء من 1960 إلى 1964) وكيئيتشي ميازاوا (رئيس الوزراء من 1991 إلى 1993)... وهما أيضاً من محافظة هيروشيما. وبالتالي، فالعلاقات السياسية والشخصية للرجال الثلاثة تبدو كلها مرتبطة بالمدينة ذات الماضي الفريد الذي ارتبط بالنكبة الذرية. وهو ما قد يفسر ميل أبرز ساسة هيروشيما إلى رفض النهج الأكثر تعصباً وتشدداً ومحافظة لكبار الشخصيات الأخرى في الحزب.
استقال فوميو كيشيدا من حكومة آبي عام 2017 من أجل ترؤس مجلس أبحاث السياسة التابع للحزب الديمقراطي الحر. ووفق عارفيه، فإنه مستمع جيد ويتمتع بمزايا التواضع واللياقة والحماس للعمل الجماعي (ما يفسر شغفه برياضة البيسبول). غير أن منتقديه يرونه لطيفاً أكثر مما ينبغي وقليل الحزم ويفتقر إلى «الكاريزما». ويرى هؤلاء أن تردد كيشيدا قد يتركه عرضة لتأثير زعماء أجنحة الحزب، لا سيما أفراد جماعة آبي القومية المتشددة. وقد يؤدي هذا الأمر إلى الدفع لتغيير دستور اليابان كي يسمح بسياسة دفاع أكثر عدوانية، ومن ثم تأخير المزيد من الإصلاحات للمساواة بين الجنسين، التي من شأنها أن تتعارض مع غالبية الرأي العام.

مكانته السياسية
من ناحية ثانية، يعرف كثيرون أن كيشيدا سياسي ليبرالي معتدل، ومن المتوقع أن يقود حزبه المحافظ إلى اليسار قليلاً. ولكن اعتداله وسع قاعدة مؤيديه - يساراً ويميناً - خلال تصويت قيادة الحزب على منصب الزعامة، وبالتالي رئاسة الحكومة. إذ تغلب كيشيدا على المرشح البارز تارو كونو، الذي تصدر التصويت في الجولة الأولى. وكونو هو ابن يوهاي كونو زعيم الحزب الأسبق - وأحد زعيمين فقط للحزب لم يتوليا رئاسة الحكومة، أما الثاني فهو ساداكازو تانيغاكي - . وما يذكر أن تارو كونو هو الوزير المحبوب والصريح المسؤول عن إطلاق لقاح فيروس «كوفيد – 19» في اليابان.
ولكن، في الجولة الثانية من التصويت، ألقى أنصار الوزيرة والمرشحة اليمينية ساناي تاكايتشي، بدعمٍ من آبي وراء الكواليس، بثقلهم وراء كيشيدا فضمنوا انتخابه. وهذا ما تشدد عليه شيلا سميث، خبيرة الشؤون اليابانية في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، لافتة إلى شعبية كونو التي قد لا تناسب آبي. وبالفعل، وفق البروفسور كويتشي ناكانو، من جامعة صوفيا في طوكيو، فإن آبي، الذي استقال العام الماضي، حريص على الاحتفاظ بنفوذه السياسي.

ماذا عن الانتخابات المقبلة؟
قد يعني انتقاد طريقة تعامل حكومة سوغا مع «كوفيد – 19» أن الحزب الديمقراطي الحر قد يفقد مقاعد في مجلس النواب في هذه الانتخابات. ونشير هنا إلى أنها، بطريقتها الخاصة، تتمتع اليابان بنظام سياسي مستقر نسبياً. ومن بين رؤساء الوزراء الثلاثين الذين خدموا في مناصبهم منذ تبنت اليابان دستورها بعد الحرب العالمية الثانية عام 1947، كان 23 (حوالي 80 في المائة) رئيساً من أعضاء هذا الحزب (المكون أصلاً من الحزبين الديمقراطي والحر). وفي المقابل، يضم النظام السياسي في اليابان، أحزاباً أصغر، مع تغيير عدد منافسي الحزب الكبير بإعادة تغيير انتماءاتهم السياسية باستمرار. ومن خلال مقارنة تقريبية، من بين 14 رئيساً للولايات المتحدة خدموا خلال الفترة نفسها، تنقسم الهوية الحزبية للرؤساء الأميركيين بين الحزبين الديمقراطي أو الجمهوري بنسبة 50 - 50 في المائة.
وكانت الفترتان الوحيدتان خلال السنوات الـ70 الماضية اللتان فقد فيهما الحزب الديمقراطي الحر السيطرة على رئاسة الحكومة، قد أعقبتا صدمات اقتصادية كبيرة. إذ جاءت الخسارة الأولى بعد انفجار فقاعة الأصول اليابانية عام 1991، مؤذنة بنهاية حقبة النمو الاقتصادي المرتفع في اليابان. وجاءت الثانية إثر الأزمة المالية العالمية عام 2008.
السياسات والتحديات
أما على صعيد التحديات التي تواجه اليابان، وبالتالي حكومة كيشيدا، فأبرزها: وجود أكبر عدد من السكان المعمرين في العالم، والتراجع السريع للمواليد، والدين العام الهائل، والكوارث الطبيعية المدمرة بشكل متزايد، التي يغذيها تغير المناخ. وكل هذه تحديات عميقة الجذور فشل الحزب الحاكم في معالجتها.
وفي هذا السياق ذاته، قال تسونيو واتانابي، الزميل البارز في «مؤسسة ساساكاوا للسلام» في طوكيو لصحيفة «جابان تايمز»، إن «سكان اليابان يشيخون ويتقلصون. لقد كافحت البلاد لعقود من انخفاض الأجور والأسعار والدين الحكومي الهائل. ومن المتوقع أن يلتزم كيشيدا في الغالب بسياسات شينزو آبي الاقتصادية. فديون اليابان المتراكمة آخذة في الازدياد، والفجوة بين الأغنياء والفقراء آخذة في الاتساع». وأردف: «لا أعتقد أنه حتى العبقري يمكنه معالجة ذلك. تهدف سياسة كيشيدا الاقتصادية، التي تعكس نهج (هاياتو) إيكيدا المميز المتمثل في مضاعفة الدخل في الستينيات، إلى تعزيز مصالح الطبقة الوسطى في اليابان، وتعويض التفاوت المتزايد في الثروة والدخل الذي أفسد البلاد على مدار السنوات الثلاثين الماضية».
وبطموح ظاهر، ألزم كيشيدا نفسه بتعزيز «شكل جديد من الرأسمالية» يشمل كلاً من النمو وإعادة التوزيع، مع التركيز على تعزيز المساواة وتحسين الرفاهية الاجتماعية، مع تنشيط الديمقراطية في الداخل والخارج من خلال تعزيز «الثقة والتراحم»، والتعاون الوثيق مع شركاء الأمان الرئيسيين، مثل الولايات المتحدة. وخلال حملته القيادية، تعهد كيشيدا بإنفاق عشرات التريليونات من الين لتحفيز الاقتصاد وإعطاء الأولوية لذوي الدخل المنخفض والمناطق الإقليمية المتعثرة وصناعة السياحة. ومن شأن هذا أن يأخذ اليابان إلى أبعد من سياسات آبي الاقتصادية الليبرالية الجديدة التي يطلق عليها «آبي نوميكس»، والتي أدت إلى تفاقم عدم المساواة في الدخل في المجتمع.

لماذا يواصل رؤساء الوزراء اليابانيون تقديم استقالاتهم؟
> النظريات حول كثرة استقالات شاغلي رئاسة الحكومة في اليابان لا حصر لها، ولكن معظمها يعتمد على الصور النمطية المتكررة والمبسطة حول مفهوم الشرف، وحفظ ماء الوجه، والاحترام.
الأستاذ الهندي راغو راجان، وهو من راصدي النظام السياسي الياباني، يقول إن «الثقافة السياسية اليابانية تتأثر إلى حد كبير بالمساءلة الشعبية الوجودية، حيث يشعر كبار السياسيين غالباً بأنهم مضطرون إلى الاستقالة إذا انقلب الرأي العام ضدهم. وتقوم وسائل الإعلام المحلية في اليابان بإجراء استطلاعات الرأي بانتظام بين القراء، مما قد يساهم في زيادة الوعي بمدى شعبية حزب سياسي أو شخصية».
ويعزو البعض ذلك إلى حقيقة أن الاستقرار المطلق يكمن في الإمبراطور، بينما إقالة أو استقالة رئيس الوزراء ليست أكثر صدمة من تغيير مدرب فريق البيسبول. في حين يشير آخرون إلى نظام التعليم بعد الحرب، إذ يتقاضى رؤساء الوزراء رواتب منخفضة نسبياً، ولديهم سلطة قليلة حتى داخل مجلس الوزراء، ثم إن مددهم محدودة. ومهما كان الأمر، يمكن لليابان أن تتعامل مع شخص يمكنه البقاء لعام واحد، بمعنى أنها ترحب بجميع المتقدمين.
وبغض النظر عن الدافع الشخصي وراء قرارات هؤلاء الرجال (كبار السياسيين اليابانيين هم دائماً من الرجال)، فقد كان تأثير ذلك هو تأسيس نوع جذري مباشر من الديمقراطية. وكلما تكرر هذا السلوك وبات متوقعاً، افترض الناخبون والسياسيون، على حد سواء، أن هذه هي الطريقة التي يعمل بها النظام الياباني.

لا تغيرات مرتقبة في السياسة الخارجية
> بصفته عضواً في مجموعة الضغط القومية «نيبون كايجي»، قال فوميو كيشيدا إنه «سيفكر» في زيارة ضريح ياسوكوني المثير للجدل والمخصص لقتلى اليابان في الحرب، رغم أن هذا قد يثير غضب الصين وكوريا الجنوبية المجاورتين. ولكن كوزير خارجية سابق، قد يكون من الأسهل على كيشيدا إدارة حقيبته الدولية. ويتوقع معظم المحللين أنه سيحافظ على علاقة قوية مع الولايات المتحدة، وسيواصل البناء على تحالفات مع أستراليا والهند لتأسيس «حصن» بمواجهة الصين.
ووفق براهما تشيلاني، عالم الجغرافيا الاستراتيجية الهندي، «في الشؤون الخارجية، من غير المرجح أن يتغير شيء يذكر. ومن المرجح أن يواصل كيشيدا الترويج الياباني للغواصات الرباعية - المجموعة الأمنية المكونة من اليابان والولايات المتحدة وأستراليا والهند - وقد يتبنى اقتراح كونو لتطوير غواصات تعمل بالطاقة النووية، وهو ما يواجه ضغوطاً عسكرية متزايدة من الصين وكوريا الشمالية». ويضيف: «قد تسعى اليابان أيضاً إلى الانضمام إلى تحالف (العيون الخمس) لتبادل المعلومات، وهو اقتراح آخر من اقتراحات كونو. وسيواصل كيشيدا تعزيز قوات الدفاع الذاتي اليابانية - بما في ذلك تطوير صواريخ بعيدة المدى - لردع الغارات الصينية في بحر الصين الشرقي. كما أنه يدعم طلب تايوان للانضمام إلى (الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ) - وهي اتفاقية تجارية رئيسية تسعى الصين أيضاً للانضمام إليها. ومع ذلك، يعتبر كيشيدا الحفاظ على علاقات مستقرة مع بكين أولوية، حيث تظل الصين أكبر شريك تجاري لليابان».
وحقاً، للتأكيد على مؤهلاته الإصلاحية، جلب كيشيدا سياسيين جدداً أصغر سناً إلى الحكومة. لم يكن لدى 13 من أعضاء الهيئة المكونة من 20 شخصاً خبرة سابقة كوزراء في مجلس الوزراء، والعديد منهم خدم ثلاث فترات فقط كممثلين للحزب الديمقراطي الحر في البرلمان. وهذا خروج ملحوظ عن الاتفاقية التي تم فيها انتخاب المعينين عادة ما لا يقل عن خمس مرات. كمرشح لمنصب رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي، قام كيشيدا بتكريس أوراق اعتماده التقدمية، داعياً إلى فرض قيود صارمة على فترة ولاية مسؤولي الحزب، ولمح إلى استعداده لمعالجة قضية الفساد المالي التي قوضت ثقة الجمهور في إدارتي سوغا وآبي.



فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.