«وصفة سحرية» تمكّن الصدريين من حصد العدد الأكبر من المقاعد النيابية

أنصار التيار الصدري يحتفلون بفوزهم في الانتخابات بساحة التحرير في بغداد ليلة الاثنين (أ.ب)
أنصار التيار الصدري يحتفلون بفوزهم في الانتخابات بساحة التحرير في بغداد ليلة الاثنين (أ.ب)
TT

«وصفة سحرية» تمكّن الصدريين من حصد العدد الأكبر من المقاعد النيابية

أنصار التيار الصدري يحتفلون بفوزهم في الانتخابات بساحة التحرير في بغداد ليلة الاثنين (أ.ب)
أنصار التيار الصدري يحتفلون بفوزهم في الانتخابات بساحة التحرير في بغداد ليلة الاثنين (أ.ب)

تشير إحصاءات افرزتها نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية إلى أن إجمالي عدد الأصوات التي حصلت عليها «الكتلة الصدرية» الفائزة بأكبر عدد من المقاعد النيابية (نحو 73 مقعداً) يزيد قليلاً على 600 ألف صوت في بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد التي تصدر فيها الصدريون القوائم الفائزة. وإجمالي الأصوات هذا لا يمثل إلا نحو 1.5 في المائة من تعداد نفوس البلاد الذي يزيد على الـ40 مليون نسمة. غير أن حصول الصدريين على عدد كبير من المقاعد رفع من نسبة تمثلهم النيابي إلى نحو 22 في المائة، باعتبار أن مجموع مقاعد البرلمان يبلغ 329 مقعداً.
غير أن تسليط الضوء على الفرق بين نسبتي التمثيل السكاني والبرلماني لا يعني القدح بعمل الصدريين أو بفوزهم المستحَق، ولا يتقاطع أو يتعارض مع شروط اللعبة الديمقراطية التي تلزم جميع الأطراف باحترام قواعدها، علماً بأن الصدريين غالباً ما حصلوا، وفي جميع الدورات الانتخابية التي خاضوها منذ عام 2005، على مقاعد نيابية هي أكثر بالحقيقة من حجمهم السكاني؛ ففي انتخابات عام 2010، حصد الصدريون 30 مقعداً ضمن «الائتلاف العراقي الموحد» برصيد أصوات لا يتجاوز 600 ألف صوت أيضاً، فيما حصل شريكهم حينذاك، تيار «الإصلاح»، بزعامة إبراهيم الجعفري، على مقعدين فقط رغم أن رصيده كان يتجاوز 250 ألف صوت. وحصل أمر مماثل في انتخابات عام 2014. التي دخلها الصدريون («كتلة الأحرار») بطريقة منفردة، وحققوا فيها 34 مقعداً. وفي الانتخابات قبل الأخيرة (2018) تمكن الصدريون عبر «تحالف سائرون» من انتزاع صدارة القوائم الفائزة برصيد 54 مقعداً.
ويرى غالبية المراقبين والمطلعين على كواليس التيار الصدري أن ثمة «وصفة سحرية» يستند إليها هذا التيار وينفرد بها عن غالبية الأحزاب والأطراف السياسية تؤهله غالباً إلى إحراز نجاحات متواصلة خلال الدورات الانتخابية الخمس، وهذه الوصفة تتمثل في «الالتزام الصارم والطاعة شبه العمياء» التي يظهرها أتباع الصدر لتوجيهات زعيمهم وأوامره قبل الانتخابات وبعدها.
وهذا الالتزام والطاعة يستندان إلى موقع «شديد التمركز» بالنسبة للصدر داخل تياره، إلى جانب الكاريزما والنفوذ الشخصي للصدر على أتباعه، الموروث والمستند إلى تاريخ أسرته الدينية التي تعرضت للقتل والترويع في حقبة نظام الرئيس الراحل صدام حسين.
ومن أمثلة الطاعة التي يقدمها أتباع الصدر للتعليمات التي صدرت لهم بشأن الانتخابات الأخيرة، ما حدث في الدائرة الانتخابية الثانية في بغداد وأدى إلى فوز 3 مرشحين صدريين (حسن كريم، حاكم إلزاملي، مها الدروي). هذا «الهاتريك» الذي حققه الصدريون ولم يحققه غيرهم في دائرة انتخابية واحدة جاء نتيجة الالتزام الشديد باتباع طرق التصويت.
ويقول مصدر صدري لـ«الشرق الأوسط» إن «الماكينة الانتخابية للتيار حددت بالضبط المراكز والأماكن التي يصوت بها كل ناخب لمرشحه». ويضيف: «طلبنا منهم التصويت للزاملي في مراكز محددة وكذلك لبقية المرشحين، وكان التزام الناخبين كما توقعنا وتمكنا من ضمان الفوز لمرشحينا الثلاثة».
ومن مظاهر الاختلاف الشاسع بين جمهور التيار الصدري وجماهير بقية الكتل، تشير بعض الإحصاءات الانتخابية إلى حصول تحالف «الفتح» الحشدي على نسب تصويت 600 ألف ناخب للقائمة، وهي نسبة مماثلة أو قريبة جداً من نسب تصويت ناخبي التيار الصدري، غير أن تحالف «الفتح» لم يحصل إلا على 17 مقعداً. وحصل أمر مماثل في محافظة ذي قار التي كان مركزها مدينة الناصرية معقل الحراك الاحتجاجي عام 2019؛ فقد حصلت حركة «امتداد» المنبثقة عن الحراك على نحو 140 ألف صوت منحها 5 مقاعد برلمان فقط، فيما حصلت الكتلة الصدرية على نحو 60 ألف صوت، لكنها حصدت 8 مقاعد برلمانية، وذلك ناجم عن «الطاعة الشديدة» وحسن التنظيم للحملات الدعائية، إلى جانب الخبرة الطويلة التي يتمتع بها التيار في العملية الانتخابية، في مقابل الخبرة المتواضعة لجماعات الحراك التي تنخرط في السباق الانتخابي للمرة الأولى.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.