2320 غارة جوية للتحالف ضد «داعش» تضعف التنظيم في العراق.. بانتظار حل سياسي

برلماني من إقليم كردستان: الحرب ستكون طويلة على الرغم من تراجع قوته

2320 غارة جوية للتحالف ضد «داعش» تضعف التنظيم في العراق.. بانتظار حل سياسي
TT

2320 غارة جوية للتحالف ضد «داعش» تضعف التنظيم في العراق.. بانتظار حل سياسي

2320 غارة جوية للتحالف ضد «داعش» تضعف التنظيم في العراق.. بانتظار حل سياسي

يشكل الأكراد واحدة من أكبر الأقليات المتعددة في العراق، ويعرف عنهم تمرسهم القتالي وخبرتهم الكبيرة في ساحات المعارك. أما قوات البيشمركة، فأسست في الأصل كقوة قبلية برئاسة الشيخ محمود بذنجي عام 1919 الذي كان يطمح إلى تأسيس مملكة كردستان بشمال العراق، غير أن بريطانيا التي كانت تسيطر حينذاك على العراق كقوة انتداب سرعان ما تصدت لمحاولة التمرد الانفصالي الكردي.
واليوم، مع أن البيشمركة – التي يعني اسمها باللغة الكردية «أولئك الذين يواجهون الموت» – نجحت في الصمود طوال العقود الماضية، فإنها تبدو للبعض منقسمة بشكل كبير بين الحزبين السياسيين المحليين الكبيرين: الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، ولو أن الحزبين يدينان بالولاء لحكومة إقليم كردستان - العراق. ولكن، في الفترة الأخيرة، مع ظهور خطر «داعش» وبالذات بعد احتلاله مدينة الموصل واجتياحه مناطق واسعة في شمال العراق وغربه، فرضت قوات البيشمركة نفسها سدا حصينا وقف في وجه زحف هذا التنظيم الإرهابي المتطرف.
ويذكر أنه منذ ظهور تنظيم داعش، في شهر يونيو (حزيران) الماضي، لقي آلاف من عناصر البيشمركة حتفهم، إذ أوردت وكالة الأنباء «روداو» الكردية، أن نحو ألف عنصر قتلوا في الحرب ضد «داعش»، في حين أصيب نحو 4.596 آخرين وهم يتلقون العلاج داخل البلاد أو خارجها.
آري هرسين، النائب الكردي الذي عاش في هولندا ودرس الفلسفة، والذي يرأس الآن لجنة الدفاع في برلمان كردستان - العراق، مثله مثل كثيرين من الساسة في الإقليم، غالبا ما يُشاهد في جبهة القتال. وهو في هذا السياق يحرص على القول: «إن القوة العسكرية الكردية لا تقتصر على قوات البيشمركة فحسب، بل تمتد أيضا لتشمل ثقافة الحرب المتأصلة حتى في الطبقة السياسية بحيث يشارك رجال السياسة الأكراد أنفسهم في المعارك الدائرة على الجبهات».
وفق كلام هرسين، فإن مقاتلي «داعش» كانوا «في الأساس من العراقيين المسلمين السنة الذين يشكلون في الغالب امتدادا لتنظيم القاعدة في العراق الذي كان يقوده سابقا أبو مصعب الزرقاوي. واليوم مع أن (داعش) مزيج من العراقيين ومن مواطنين من الدول العربية، وكذلك من مهاجرين غير عرب، ما زال العقل المدبر وراء هذه القوة، يتألف أساسا من قياديين سابقين من القاعدة بجانب ضباط مهمين من أعضاء سابقين في حزب البعث العراقي».
ويضيف النائب الكردي أنه «في هذه البلاد التي تفككت أوصالها نتيجة احتدام المشاعر الطائفية، من غير المستغرب على الإطلاق أن يشعر السنة في البلاد أنهم مستبعدون عن الساحة السياسية»، ويتابع: «إن القبائل والعشائر السنية في الموصل والأنبار التي تتعاطف مع (داعش)، لا تفعل ذلك بسبب حبها بالضرورة للمنظمة بل بدافع الانتقام» من التهميش والظلم.
مع هذا، منذ بدء الضربات الجوية لقوات التحالف ضد «داعش»، ضعفت قوة التنظيم الإرهابي وانحسرت رقعة سيطرته في الأراضي العراقية بصورة ملحوظة. وخلال «منتدى السليمانية» الذي نظمته الجامعة الأميركية في العراق، خلال الشهر، أعلن نائب المبعوث الرئاسي للولايات المتحدة بريت ماكغورك أن «داعش» فقد نحو 25 في المائة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق.
ونقلا عن وزارة الدفاع الأميركية، أن قوات سلاح الجو الأميركي نفذت 2320 غارة جوية ضد مواقع «داعش» منذ 8 أغسطس (آب) الماضي، قدرت كلفتها بنحو 1.83 مليار دولار أميركي، وجرى خلال الغارات ضرب آلاف الأهداف بما في ذلك الدبابات والبنى التحتية للنفط ومواقع القتال.
ومن جهة ثانية، شهد هذا الأسبوع تطورا مهما آخر، إذ توسعت رقعة الغارات الأميركية لتصل إلى مدينة تكريت، عاصمة محافظة صلاح الدين، حيث استؤنفت المعارك بعد توقف لنحو أسبوعين من أجل استعادة المدينة السنية من قبضة تنظيم «داعش». فلقد وافق الرئيس الأميركي باراك أوباما على المساندة الجوية في محيط تكريت، شرط أن تنسحب من المعارك الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران بقيادة الحرس الثوري الإيراني»، وأن تشرف حكومة العراق على كل القوات المشاركة في الهجوم. وحول هذا الموضوع يرى النائب هرسين أنه لن يكون من السهل السيطرة على تكريت، بسبب أسلوب «حرب العصابات» القتالي الذي يعتمده عناصر «داعش» ضد القوات العراقية المشتركة التي كانت تتألف بغالبيتها من قوات «الحشد الشعبي» العراقية – ذات الغالبية الشيعية – التي يفترض أنها سحبت من المعركة. مع ذلك، يقول هرسين: «من الممكن أن تنتهي معركة تكريت بشكل أسرع إذا ما شاركت الولايات المتحدة بطريقة فعالة من خلال لجوئها ليس فقط إلى طائرات (إف 16) و(إف 15)، بل استخدام هليكوبترات الآباتشي الحربية التي تعد أكثر فعالية في هذا النوع من القتال».
أضف إلى أن الأوضاع في تكريت، مسقط رأس الرئيس العراقي السابق صدام حسين، تعتمد أيضا على قدرة حكومة حيدر العبادي على إقناع «الحرس الثوري الإيراني» بمغادرة أرض المعركة، إذ أبلغت مصادر عليمة «الشرق الأوسط»، أنه حتى يوم الخميس الماضي كان قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» في «الحرس»، موجودا في منطقة تكريت، في حين أوردت مصادر صحافية أخرى أنه أخلى المدينة.
وبعد تكريت يتوقع أن يشهد العراق معركة طاحنة أخرى في الموصل لرفع سيطرة تنظيم «داعش» عن ثاني كبرى مدن العراق. وحول هذه المعركة يتوقع هرسين أن «تكون الجحيم بحد ذاته، بما أن جزءا كبيرا من السكان يؤيدون «داعش»، حسب ادعائه. وهو يرى أن دعم البيشمركة للقوات الحكومية العراقية في الموصل، سيفرض إعادة النظر في السياسات القائمة وتخصيص ميزانية جديدة لإقليم كردستان – العراق من قبل حكومة بغداد، تشمل الإنفاق على عمليات الدفاع الحالية.
ولكن، وبغض النظر عن مدى انخراط الأكراد في المعارك، يبدو أن وضع «داعش» الميداني بدأ يتراجع بشكل مهم في العراق. وحسب شرح هرسين، الذي شارك في المعارك الأولى ضد التنظيم المتطرف في منطقة سد الموصل خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، فإن قدرات «داعش» العسكرية قد تضاءلت منذ ذلك الحين، «ولقد لاحظنا في الآونة الأخيرة أن الذخيرة لديهم باتت أقل، وأن خططهم الهجومية أصبحت أضعف، واستعمالهم للهواوين أقل دقة. وهذا ما يجعلنا نتساءل حول ما إذا كان الخبراء العسكريون في التنظيم قد فروا أم قتلوا».
ويعتقد النائب الكردي، ويشاطره الرأي مراقبون عراقيون آخرون، أن قوة التنظيم الفعلية أضعف بكثير مما تحاول إظهاره، على الرغم من رسائل التحدي التي يحاول التنظيم ترويجها عن نفسه، ومنها: مشاهد قطع الرؤوس، وصور مجموعات من مسلحيه وهي تجوب شوارع المدن التي تسيطر عليها مستعرضة الأسرى، وآخرهم 18 كرديا من قوات البيشمركة نفذ الإعدام بـ3 منهم.
ويضيف هرسين قائلا: «عندما شاركت في المعارك الأولية حول سد الموصل في شهر سبتمبر الماضي، ظننت أن (داعش) تنظيم ذكي جدا: وأنهم شديدو الحيلة في اعتماد أساليب قتال جديدة. ولكن، اليوم يبدو أنهم استنفدوا كل الحيل، ولم يعد بين أيدي التنظيم الإرهابي أي تعويذات سحرية. من المؤكد أن (داعش) كان حذقا للغاية في الطريقة التي سوق بها نفسه باستخدام وسائل الإعلام الاجتماعية لبث الذعر عبر نشر أشرطة فيديو لعمليات الإعدام البشعة وقطع الرؤوس. إلا أنه من المؤكد أيضا أن التنظيم الإرهابي حاول إظهار أنه أقوى مما هو عليه فعليا».
مع كل ما سبق، وما يقال عن تراجع قوة «داعش» يوما بعد يوم، يستدرك النائب الكردي ليقول إن التنظيم قد يتمكن من البقاء على قيد الحياة وسط الفوضى العارمة في العراق، حيث تغيب الحكومة الموحدة بالمعنى الحقيقي للكلمة، وحيث تطغى الانقسامات الدينية والعرقية العميقة بين السنة والشيعة وبين العرب والأكراد. ويوضح: «لا وجود اليوم لجيش عراقي تتجسد فيه ملامح (المؤسسة العسكرية الوطنية) على غرار الجيش الإسرائيلي أو الجيش الإيراني، لأن العراق ليس بلدا موحدا ولا الحكومة فيه موحدة، والسبب الأول هو المشكلة السياسية بين المكونات الوطنية الثلاثة؛ أي الشيعة، والسنة، والأكراد، وانعدام التنسيق بين هذه الفصائل، وبالتالي، فالمواطنون العراقيون لا يشعرون بالولاء للمؤسسة العسكرية». وأمام هذا الواقع المتداخل والمعقد بين موال ومعارض، يتوقع كثيرون أن يخوض الأكراد حربا طويلة ضد تنظيم داعش الذي، على الرغم من تدهور قوته تدريجيا، ما زال هناك من يتعاطف مع منطلقاته وشعاراته في بعض المناطق العراقية.



«المراجعات»... فكرة غائبة يراهن عليها شباب «الإخوان»

جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
TT

«المراجعات»... فكرة غائبة يراهن عليها شباب «الإخوان»

جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)

بين الحين والآخر، تتجدد فكرة «مراجعات الإخوان»، الجماعة التي تصنفها السلطات المصرية «إرهابية»، فتثير ضجيجاً على الساحة السياسية في مصر؛ لكن دون أي أثر يُذكر على الأرض. وقال خبراء في الحركات الأصولية، عن إثارة فكرة «المراجعة»، خصوصاً من شباب الجماعة خلال الفترة الماضية، إنها «تعكس حالة الحيرة لدى شباب (الإخوان) وشعورهم بالإحباط، وهي (فكرة غائبة) عن قيادات الجماعة، ومُجرد محاولات فردية لم تسفر عن نتائج».
ففكرة «مراجعات إخوان مصر» تُثار حولها تساؤلات عديدة، تتعلق بتوقيتات خروجها للمشهد السياسي، وملامحها حال البدء فيها... وهل الجماعة تفكر بجدية في هذا الأمر؟ وما هو رد الشارع المصري حال طرحها؟
خبراء الحركات الأصولية أكدوا أن «الجماعة ليست لديها نية للمراجعات». وقال الخبراء لـ«الشرق الأوسط»: «لم تعرف (الإخوان) عبر تاريخها (مراجعات) يُمكن التعويل عليها، سواء على مستوى الأفكار، أو السلوك السياسي التنظيمي، أو على مستوى الأهداف»، لافتين إلى أن «الجماعة تتبنى دائماً فكرة وجود (محنة) للبقاء، وجميع قيادات الخارج مُستفيدين من الوضع الحالي للجماعة». في المقابل لا يزال شباب «الإخوان» يتوعدون بـ«مواصلة إطلاق الرسائل والمبادرات في محاولة لإنهاء مُعاناتهم».

مبادرات شبابية
مبادرات أو رسائل شباب «الإخوان»، مجرد محاولات فردية لـ«المراجعة أو المصالحة»، عبارة عن تسريبات، تتنوع بين مطالب الإفراج عنهم من السجون، ونقد تصرفات قيادات الخارج... المبادرات تعددت خلال الأشهر الماضية، وكان من بينها، مبادرة أو رسالة اعترف فيها الشباب «بشعورهم بالصدمة من تخلي قادة جماعتهم، وتركهم فريسة للمصاعب التي يواجهونها هم وأسرهم - على حد قولهم -، بسبب دفاعهم عن أفكار الجماعة، التي ثبت أنها بعيدة عن الواقع»... وقبلها رسالة أخرى من عناصر الجماعة، تردد أنها «خرجت من أحد السجون المصرية - بحسب من أطلقها -»، أُعلن فيها عن «رغبة هذه العناصر في مراجعة أفكارهم، التي اعتنقوها خلال انضمامهم للجماعة». وأعربوا عن «استعدادهم التام للتخلي عنها، وعن العنف، وعن الولاء للجماعة وقياداتها».
وعقب «تسريبات المراجعات»، كان رد الجماعة قاسياً ونهائياً على لسان بعض قيادات الخارج، من بينهم إبراهيم منير، نائب المرشد العام للجماعة، الذي قال إن «الجماعة لم تطلب من هؤلاء الشباب الانضمام لصفوفها، ولم تزج بهم في السجون، ومن أراد أن يتبرأ (أي عبر المراجعات) فليفعل».
يشار إلى أنه كانت هناك محاولات لـ«المراجعات» عام 2017 بواسطة 5 من شباب الجماعة المنشقين، وما زال بعضهم داخل السجون، بسبب اتهامات تتعلق بـ«تورطهم في عمليات عنف».
من جهته، أكد أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن «(المراجعات) أو (فضيلة المراجعات) فكرة غائبة في تاريخ (الإخوان)، وربما لم تعرف الجماعة عبر تاريخها (مراجعات) يُمكن التعويل عليها، سواء على مستوى الأفكار، أو على مستوى السلوك السياسي التنظيمي، أو على مستوى أهداف الجماعة ومشروعها»، مضيفاً: «وحتى الآن ما خرج من (مراجعات) لم تتجاوز ربما محاكمة السلوك السياسي للجماعة، أو السلوك الإداري أو التنظيمي؛ لكن لم تطل (المراجعات) حتى الآن جملة الأفكار الرئيسية للجماعة، ومقولتها الرئيسية، وأهدافها، وأدبياتها الأساسية، وإن كانت هناك محاولات من بعض شباب الجماعة للحديث عن هذه المقولات الرئيسية».

محاولات فردية
وقال أحمد بان إن «الحديث عن (مراجعة) كما يبدو، لم تنخرط فيها القيادات الكبيرة، فالجماعة ليس بها مُفكرون، أو عناصر قادرة على أن تمارس هذا الشكل من أشكال (المراجعة)، كما أن الجماعة لم تتفاعل مع أي محاولات بحثية بهذا الصدد، وعلى كثرة ما أنفقته من أموال، لم تخصص أموالاً للبحث في جملة أفكارها أو مشروعها، أو الانخراط في حالة من حالات (المراجعة)... وبالتالي لا يمكننا الحديث عن تقييم لـ(مراجعة) على غرار ما جرى في تجربة (الجماعة الإسلامية)»، مضيفاً أن «(مراجعة) بها الحجم، وبهذا الشكل، مرهونة بأكثر من عامل؛ منها تبني الدولة المصرية لها، وتبني قيادات الجماعة لها أيضاً»، لافتاً إلى أنه «ما لم تتبنَ قيادات مُهمة في الجماعة هذه (المراجعات)، لن تنجح في تسويقها لدى القواعد في الجماعة، خصوصاً أن دور السلطة أو القيادة في جماعة (الإخوان) مهم جداً... وبالتالي الدولة المصرية لو كانت جادة في التعاطي مع فكرة (المراجعة) باعتبارها إحدى وسائل مناهضة مشروع الجماعة السياسي، أو مشروع جماعات الإسلام السياسي، عليها أن تشجع مثل هذه المحاولات، وأن تهيئ لها ربما عوامل النجاح، سواء عبر التبني، أو على مستوى تجهيز قيادات من الأزهر، للتعاطي مع هذه المحاولات وتعميقها».
وأكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن «الجماعة لم تصل لأي شيء في موضوع (المراجعات)، ولا توجد أي نية من جانبها لعمل أي (مراجعات)»، مضيفاً: «هناك محاولات فردية لـ(المراجعات) من بعض شباب الجماعة الناقم على القيادات، تتسرب من وقت لآخر، آخرها تلك التي تردد أنها خرجت من داخل أحد السجون جنوب القاهرة - على حد قوله -، ومن أطلقها صادر بحقهم أحكام بالسجن من 10 إلى 15 سنة، ولهم مواقف مضادة من الجماعة، ويريدون إجراء (مراجعات)، ولهم تحفظات على أداء الجماعة، خصوصاً في السنوات التي أعقبت عزل محمد مرسي عن السلطة عام 2013... وتطرقوا في انتقاداتهم للجوانب الفكرية للجماعة، لكن هذه المحاولات لم تكن في ثقل (مراجعات الجماعة الإسلامية)... وعملياً، كانت عبارة عن قناعات فردية، وليس فيها أي توجه بمشروع جدي».
وأكد زغلول، أن «هؤلاء الشباب فكروا في (المراجعات أو المصالحات)، وذلك لطول فترة سجنهم، وتخلي الجماعة عنهم، وانخداعهم في أفكار الجماعة»، مضيفاً: «بشكل عام ليست هناك نية من الجماعة لـ(المراجعات)، بسبب (من وجهة نظر القيادات) (عدم وجود بوادر من الدولة المصرية نحو ذلك، خصوصاً أن السلطات في مصر لا ترحب بفكرة المراجعات)، بالإضافة إلى أن الشعب المصري لن يوافق على أي (مراجعات)، خصوصاً بعد (مظاهرات سبتمبر/ أيلول الماضي) المحدودة؛ حيث شعرت قيادات الجماعة في الخارج، بثقل مواصلة المشوار، وعدم المصالحة».
وفي يناير (كانون الثاني) عام 2015، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، على أن «المصالحة مع من مارسوا العنف (في إشارة ضمنية لجماعة الإخوان)، قرار الشعب المصري، وليس قراره شخصياً».
وأوضح زغلول في هذا الصدد، أن «الجماعة تتبنى دائماً فكرة وجود (أزمة أو محنة) لبقائها، وجميع القيادات مستفيدة من الوضع الحالي للجماعة، وتعيش في (رغد) بالخارج، وتتمتع بالدعم المالي على حساب أسر السجناء في مصر، وهو ما كشفت عنه تسريبات أخيرة، طالت قيادات هاربة بالخارج، متهمة بالتورط في فساد مالي».

جس نبض
وعن ظهور فكرة «المراجعات» على السطح من وقت لآخر من شباب الجماعة. أكد الخبير الأصولي أحمد بان، أن «إثارة فكرة (المراجعة) من آن لآخر، تعكس حالة الحيرة لدى الشباب، وشعورهم بالإحباط من هذا (المسار المغلق وفشل الجماعة)، وإحساسهم بالألم، نتيجة أعمارهم التي قدموها للجماعة، التي لم تصل بهم؛ إلا إلى مزيد من المعاناة»، موضحاً أن «(المراجعة أو المصالحة) فكرة طبيعية وإنسانية، وفكرة يقبلها العقل والنقل؛ لكن تخشاها قيادات (الإخوان)، لأنها سوف تفضح ضحالة عقولهم وقدراتهم ومستواهم، وستكشف الفكرة أمام قطاعات أوسع».
برلمانياً، قال النائب أحمد سعد، عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، إن «الحديث عن تصالح مع (الإخوان) يُطلق من حين لآخر؛ لكن دون أثر على الأرض، لأنه لا تصالح مع كل من خرج عن القانون، وتورط في أعمال إرهابية - على حد قوله -».
وحال وجود «مراجعات» فما هي بنودها؟ أكد زغلول: «ستكون عبارة عن (مراجعات) سياسية، و(مراجعة) للأفكار، ففي (المراجعات) السياسية أول خطوة هي الاعتراف بالنظام المصري الحالي، والاعتراف بالخلط بين الدعوة والسياسة، والاعتراف بعمل أزمات خلال فترة حكم محمد مرسي... أما الجانب الفكري، فيكون بالاعتراف بأن الجماعة لديها أفكار عنف وتكفير، وأنه من خلال هذه الأفكار، تم اختراق التنظيم... وعلى الجماعة أن تعلن أنها سوف تبتعد عن هذه الأفكار».
وعن فكرة قبول «المراجعات» من قبل المصريين، قال أحمد بان: «أعتقد أنه يجب أن نفصل بين من تورط في ارتكاب جريمة من الجماعة، ومن لم يتورط في جريمة، وكان ربما جزءاً فقط من الجماعة أو مؤمناً فكرياً بها، فيجب الفصل بين مستويات العضوية، ومستويات الانخراط في العنف».
بينما أوضح زغلول: «قد يقبل الشعب المصري حال تهيئة الرأي العام لذلك، وأمامنا تجربة (الجماعة الإسلامية)، التي استمرت في عنفها ما يقرب من 20 عاماً، وتسببت في قتل الرئيس الأسبق أنور السادات، وتم عمل (مراجعات) لها، وبالمقارنة مع (الإخوان)، فعنفها لم يتعدَ 6 سنوات منذ عام 2013. لكن (المراجعات) مشروطة بتهيئة الرأي العام المصري لذلك، وحينها سيكون قبولها أيسر».
يُشار إلى أنه في نهاية السبعينات، وحتى منتصف تسعينات القرن الماضي، اُتهمت «الجماعة الإسلامية» بالتورط في عمليات إرهابية، واستهدفت بشكل أساسي قوات الشرطة والأقباط والأجانب. وقال مراقبون إن «(مجلس شورى الجماعة) أعلن منتصف يوليو (تموز) عام 1997 إطلاق ما سمى بمبادرة (وقف العنف أو مراجعات تصحيح المفاهيم)، التي أسفرت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية وقتها، على إعلان الجماعة (نبذ العنف)... في المقابل تم الإفراج عن معظم المسجونين من كوادر وأعضاء (الجماعة الإسلامية)».
وذكر زغلول، أنه «من خلال التسريبات خلال الفترة الماضية، ألمحت بعض قيادات بـ(الإخوان) أنه ليس هناك مانع من قبل النظام المصري - على حد قولهم، في عمل (مراجعات)، بشرط اعتراف (الإخوان) بالنظام المصري الحالي، وحل الجماعة نهائياً».
لكن النائب سعد قال: «لا مجال لأي مصالحة مع (مرتكبي جرائم عنف ضد الدولة المصرية ومؤسساتها) - على حد قوله -، ولن يرضى الشعب بمصالحة مع الجماعة».