السبسي وهولاند وعباس يقودون مسيرة تونس ضد الإرهاب

20 ألف متظاهر للتنديد بهجوم {باردو} وسط إجراءات أمنية مكثفة

الباجي قائد السبسي وفرنسوا هولاند يمزحان بعد زلة لسان الرئيس التونسي خلال الكلمة الختامية للمسيرة التضامنية (رويترز)
الباجي قائد السبسي وفرنسوا هولاند يمزحان بعد زلة لسان الرئيس التونسي خلال الكلمة الختامية للمسيرة التضامنية (رويترز)
TT

السبسي وهولاند وعباس يقودون مسيرة تونس ضد الإرهاب

الباجي قائد السبسي وفرنسوا هولاند يمزحان بعد زلة لسان الرئيس التونسي خلال الكلمة الختامية للمسيرة التضامنية (رويترز)
الباجي قائد السبسي وفرنسوا هولاند يمزحان بعد زلة لسان الرئيس التونسي خلال الكلمة الختامية للمسيرة التضامنية (رويترز)

قال الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إن تونس لن تخضع للإرهابيين، وإن التونسيين سيقفون صفا واحدا في مواجهة هذه الآفة. وأشار في اختتام مسيرة دولية مناهضة للإرهاب احتضنتها بلاده يوم أمس تحت شعار «كلنا صف واحد ضد الإرهاب»، إلى أن تونس لن تكون وحدها في مواجهة مخاطر آفة الإرهاب.
وفي ظل إجراءات أمنية مشددة لتأمين المسيرة وضمان حماية هذا التعاطف الدولي مع تونس، شهدت المسيرة مشاركة عدد من الرؤساء وقادة الدول، من بينهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس البولوني برونيسلاف كوموروفسي والرئيس الغابوني عمر بنغو.
وقطعت المسيرة الدولية المنددة بالإرهاب مسافة قدرت بنحو 3 كيلومترات من ساحة باب سعدون إلى ساحة باردو، وشهدت مشاركة عدة رؤساء حكومات ورؤساء برلمانات دولية إلى جانب وفود من عدة منظمات عالمية.
وأبدت الوفود المشاركة دعمها لتونس في مواجهة الإرهاب بعد الهجوم الدموي الذي تعرض له متحف باردو يوم 18 من الشهر الجاري وأسفر عن مقتل 21 سائحا أجنبيا وعون أمن تونسي وجرح 47 آخرين.
ورجحت مصادر أمنية تونسية أن يكون عدد المشاركين في المسيرة التضامنية في حدود 20 ألفا. وكانت المسيرة الدولية قد اتجهت إلى متحف باردو حيث جرى تدشين نصب تذكاري تخليدا لذكرى وفاة الضحايا إلى جانب إلقاء كلمات لتأبينهم.
وإثر انتهاء المسيرة الدولية، التقى الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند الذي عبر عن تضامن فرنسا المطلق مع تونس وحرصها على إعطاء دفع جديد للعلاقات الاقتصادية بين البلدين. وينتظر أن يؤدي السبسي زيارة دولة إلى فرنسا يومي 7 و8 أبريل (نيسان) المقبل، وهي زيارة من المرجح أن تشمل عدة اتفاقيات تعاون اقتصادي وتحويل جانب من الديون التونسية إلى استثمارات.
وبشأن هذه المسيرة الدولية، قال كلود برتلو رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية في تصريح لوسائل الإعلام إن المسيرة الدولية المناهضة للإرهاب تؤكد على استعداد الديمقراطيات في العالم لمواجهة مشتركة للإرهاب والعنف، على حد تعبيره.
فيما أشار خوزي مانويل غارسيا وزير الخارجية الإسبانية، إلى أن الإرهاب ظاهرة دولية، وقد أصاب تونس مثلما أصاب في السابق دولا أخرى من بينها إسبانيا وفرنسا.
وفي السياق ذاته، أكد علي العريض رئيس الحكومة التونسية الأسبق أن تونس اليوم ليست وحدها ضد الإرهاب، بل العالم كله ضده.
ولم تخل تحضيرات هذه المسيرة من المزايدات بين الأحزاب السياسية التونسية؛ إذ دعت حركة النهضة إلى المشاركة بقوة في هذه المسيرة الدولية المساندة لتونس في مواجهة الإرهاب، فيما رفضت الجبهة الشعبية التي يقودها حمة الهمامي المشاركة. وفي المقابل، عبّرت عدة منظمات حقوقية وهياكل نقابية تونسية عن دعمها لهذه المسيرة.
وخلافا لهذا الموقف، صرح زياد الأخضر، القيادي في الجبهة الشعبية (تحالف يساري)، بأن حزبه يرفض المشاركة في مسيرة «يستوي فيها الضحية مع الجلاد»، على حد تعبيره. وقال إن الجبهة الشعبية كانت دوما ضد الإرهاب وضد الاغتيالات السياسية، وأشار إلى أن المشاركة في هذه المسيرة ستكون مختلفة، وهي على شكل إعلان تضامن مع تونس ضد الإرهاب.
وعدل حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (يساري) موقفه بالمقارنة مع الجبهة الشعبية، وقال إن حزبه سيشارك رمزيا في المسيرة، وأشار إلى رفض الوحدة مع حركة النهضة في المسيرة نفسها ودعاها إلى «توضيح مواقفها بخصوص بعض النقاط الخاصة بالإرهاب».
ومن جهته، اتهم سمير الطيب، رئيس حزب المسار التونسي، في حوار إذاعي، حركة النهضة بوجود إرهابيين في صفوفها وهم «مورطون في جمعيات لتسفير التونسيين للقتال في سوريا». كما دعا النهضة إلى مراجعة سياستها والتحول إلى حزب سياسي مدني فقط.
أما الحزب الجمهوري، الذي يتزعمه أحمد نجيب الشابي، فدعا أنصاره إلى المشاركة القوية وقال: «نريدها مليونية من أجل توجيه رسالة إلى فرق الموت أن الشعب التونسي موحد ضد القوى الظلامية».
وعلى الوتيرة نفسها، قال عبد الفتاح مورو، نائب رئيس حركة النهضة، إن شعار المسيرة وحده يحفز التونسيين على الحضور بكثافة. وبشأن الاتهامات الموجهة إلى بعض الأحزاب السياسية التونسية والاحتجاجات التي أبداها البعض الآخر تجاه مشاركة حركة النهضة في مسيرة الأحد، قال مورو إن بعض الأطراف السياسية تستغل دائما مثل هذه الأحداث للمطارحة والمزايدة السياسية. وأضاف: «إنهم لم يفهموا بعد واقع البلاد.. وبمثل تصرفاتهم واحتجاجاتهم وانتقاداتهم تلك سيخلقون أجواء مناسبة وتربة خصبة للإرهاب والإرهابيين».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.