الوضع في تكريت لم يتغير رغم القصف الأميركي.. والقوات العراقية ليست في عجلة

المدينة خالية تقريبًا من المدنيين.. ونصف ميل يفصل الجيش عن «داعش»

عنصر أمن عراقي يراقب من وراء جدار إسمنتي اشتباكات مع مسلحي «داعش» في تكريت أول من أمس (أ.ف.ب)
عنصر أمن عراقي يراقب من وراء جدار إسمنتي اشتباكات مع مسلحي «داعش» في تكريت أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

الوضع في تكريت لم يتغير رغم القصف الأميركي.. والقوات العراقية ليست في عجلة

عنصر أمن عراقي يراقب من وراء جدار إسمنتي اشتباكات مع مسلحي «داعش» في تكريت أول من أمس (أ.ف.ب)
عنصر أمن عراقي يراقب من وراء جدار إسمنتي اشتباكات مع مسلحي «داعش» في تكريت أول من أمس (أ.ف.ب)

هنا في مقر القوات البرية العراقية، وبعد 3 أيام من بدء الهجمات الجوية الأميركية، التي يصفها بعض الشهود هنا أحيانا بـ«القصف الشامل»، لم يبد على الجيش العراقي أول من أمس أي عجلة في استخدام كامل طاقته. وبدا أنه يتحرك ببطء شديد استنادا إلى وعود بسحب الجماعات المسلحة الشيعية من ميدان المعركة.
هبطت الطائرة العراقية «سي 130»، التي تحمل متطوعين جددا يبلغ عددهم 150، وعددا كبيرا من ضباط الشرطة المركزية، وبعض الجنود القادمين من إجازة، وصحافيين أميركيين اثنين، هنا في وقت متأخر من صباح السبت. ورغم أن القصف الليلي المكثف قد خفت حدته، فإنه في غضون نصف ساعة، تم سماع دوي هائل لانفجارات هزت نوافذ مبنى مركز قيادة عمليات صلاح الدين جراء تساقط قذائف من طائرة مجهولة، رسمت ابتسامات الرضا على أفراد الجيش المجتمعين.
ما كان ينقص هذه الصورة هو الشعور بحالة الطوارئ. ويعتقد أن عدد مسلحي تنظيم داعش، في مدينة تكريت، يصل إلى نحو 400، كما قال أحد القادة العسكريين هنا. مع ذلك تمكن المتطرفون حتى هذه اللحظة من الصمود لنحو 4 أسابيع في مواجهة هجوم قامت بها القوات العراقية، التي يبلغ قوامها 30 ألفا، إضافة إلى المتطوعين.
وبعد رفض أي مساعدة أميركية في البداية، طلب الجيش العراقي رسميا تلك المساعدة، وبدأت قوات التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، عمليات القصف الأربعاء الماضي، وسمع دوي الانفجارات في المدينة بمعدل مرتين كل دقيقة خلال فترة الليل. وحتى هذه اللحظة على الأقل، لم تسفر تلك الهجمات عن أي تقدم للقوات العراقية على الأرض.
وقال اللواء رياض جلال توفيق، قائد القوات البرية في الجيش العراقي: «هناك خطة ونحن نتحرك بموجبها. إنها معركة تدور رحاها حاليا. نحن لسنا في عجلة من أمرنا».
وفي مقر قيادة عمليات صلاح الدين، تأتي قوات الشرطة والجماعات المسلحة التي تعرف بـ«لجان الحشد الشعبي»، وتذهب بشكل منتظم. وتبين أن خط المواجهة يقع على بعد نحو نصف ميل فقط، على الجانب الآخر من جامعة تكريت التي تهدمت وحيث مقر قيادة العمليات. وتم تحذير الزائرين، الذين يخرجون من المقر ويتوجهون نحو خط المواجهة، وإخبارهم بضرورة الاختباء والركض عبر جانب من الحرم الجامعي خوفا من قناصة تنظيم داعش. ويتكون خط المواجهة نفسه، الذي يسيطر عليه اللواء 66 في الجيش العراقي، من سلسلة من القاعات الدراسية المحصنة في مبنى كلية الهندسة. وفي الطابق الأرضي، كانت النوافذ، والأبواب مغلقة بأكوام من حشوات الفراش، والمقاعد، والمكاتب. وكانت القوات العراقية النظامية تختبئ وراء البندقيات، وأجولة الرمال، في الطوابق العلوية، في حين كان مسلحو «كتائب الإمام علي»، الذين يرتدون ملابس سوداء، يقفون على السطح، ويستخدمون قطعة مدفعية صغيرة تسمى «إس بي جي 9».
ويبعد خط المواجهة عبر الجهة الجنوبية من الجامعة بمقدار 3 أميال عن مركز المدينة، حيث يتمركز المتمردون. وفي الوقت الذي قال فيه مسؤولون عراقيون إن المتطرفين يتمركزون في القصر، الذي كان مملوكا لصدام حسين في الماضي، وهو مبنى شديد التحصين، كان من الواضح أنهم كانوا منتشرين أيضا في حي القادسية بالقرب من الجامعة.
وقال العميد عباس خضير، المتحدث باسم قيادة عمليات صلاح الدين: «لم يتغير أي شيء على الأرض. لم تتغير كل مواقع خطوط دفاعنا، رغم انسحاب قوات العمليات الخاصة». ووافقه في الرأي جنود على خط المواجهة، وأكدوا عدم تغير أي شيء على أرض الواقع منذ بداية القصف الجوي الأميركي. وأطلق قناصة النار على رفيقين لهم في الجيش الجمعة الماضي مما أسفر عن مقتلهما، على حد قول الجندي أنور عبود. وأضاف أن الاختلاف الكبير الذي حدث هو أنه عندما يرصدون مقاتلين تابعين لـ«داعش» على الجهة الأخرى، بات في مقدورهم إبلاغ قادتهم، وسرعان ما تعقب ذلك ضربات جوية من التحالف.
مع ذلك، قال الجنود إنهم في البداية كانوا يبلغون رفقاءهم في «كتائب الإمام علي»، الذين يقفون على سطح المبنى، وكان هؤلاء المقاتلون يحاولون استخدام السلاح «إس بي جي 9» ضد العدو. وعندما لم يكن يفلح هذا، على حد قول الجندي سعد مجيد، كان القادة يبلغون الأميركيين بتلك المعلومات، وفي غضون نصف ساعة، كانت القذائف تصيب المبنى الذي تم رصد العدو فيه. وأوضح قائلا: «كان هذا يحدث سريعا».
وعلى السطح، وبعد قصف عنيف لمبنى، يعتقد أنه موقع لتنظيم داعش، بقذائف «إس بي جي 9»، قال علي عبد الرازق، أحد أفراد «الحشد الشعبي»، إنهم كانوا يضطلعون بدور مهم في القتال البري. وأضاف: «إنهم يحتاجون إلينا هنا». ورغم الإصرار الأميركي على انسحاب الجماعات الشيعية المسلحة، التي تقودها إيران، من خط المواجهة في تكريت شرطا للقيام بتلك الضربات الجوية، فإنه من المعلوم أنها ستقود أي عملية برية نهائية لإخلاء المنطقة من المتمردين.
كذلك كان مقاتلون من جماعة تسمى «النجباء»، يرتدون ملابس سوداء أيضا، موجودين في المنطقة المجاورة لمركز قيادة العمليات هنا، ويحافظون على مواقع بين مبنى مقر القيادة، ومواقع اللواء 66 على خط المواجهة.
وتعهد أفراد الجماعات المسلحة بالاستمرار في القتال في مدينة تكريت، بل وقالوا إنهم قد يستهدفون طائرات أميركية أثناء قيامها بالقصف الجوي. مع ذلك، قلل الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، قائد عمليات صلاح الدين، من أهمية هذه التهديدات.
وقال غسان نور الدين، قائد رفيع المستوى في الجيش العراقي، إن هناك قتالا على الأرض في قلب مدينة تكريت، لكنه لم يصل إلى حد الحسم حتى هذه اللحظة. وأوضح قائلا: «لا يمكننا الحديث عما حدث اليوم إلى أن نحصل على تقارير الليلة، لكن ما يحدث هو أننا نسيطر على منطقة، وبعد نصف ساعة يستعيدون السيطرة عليها، ثم بعد نصف ساعة نستعيدها، وهكذا دواليك». وقال نور الدين إن الموقف العسكري على الأرض أصبح «في غاية التعقيد» بسبب انسحاب أفراد الجماعات المسلحة. وأضاف قائلا: «نحن نشعر بالإحباط لأن خسارة لجان الحشد الشعبي أجبرتنا على تغيير كل خططنا»، في إشارة إلى الجماعات المسلحة التي تلقى كثير من أفرادها تدريبات في إيران.
وقال مسؤولون عراقيون إنه لم يتبق أي مدنيين في وسط مدينة تكريت، وحتى الحرم الجامعي الشاسع، بدا خاليا إلا من المسلحين، لذا لا يوجد أي عائق يمنع القصف الجوي المكثف على مواقع تنظيم داعش. وبدأت محاولات العراق لاستعادة تكريت في 2 مارس (آذار) الحالي، بتوقعات متفائلة بسقوط المدينة في أيدي الحكومة العراقية في غضون بضعة أيام. وتكررت تلك التوقعات منذ ذلك الحين عدة مرات. فرغم توقع حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، يوم الجمعة الماضي قرب سقوط مدينة تكريت، فإن مسؤولا عراقيا هنا قال: «في العراق كلمة (قريبا) تعني أسبوعين لا يومين».
* خدمة «نيويورك تايمز»



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.