قوات النظام السوري «تعيد تموضعها» في إدلب.. والمعارضة تتخوف من الكيماوي

ترتيبات لضمان استمرار عمل الدوائر الرسمية في المدينة وتأمين رواتب الموظفين

مقاتلون من «جيش الفتح» الذي طرد القوات النظامية من مدينة إدلب يحتفلون بالنصر أمام مقر محافظ المدينة (إ.ف.ب)
مقاتلون من «جيش الفتح» الذي طرد القوات النظامية من مدينة إدلب يحتفلون بالنصر أمام مقر محافظ المدينة (إ.ف.ب)
TT

قوات النظام السوري «تعيد تموضعها» في إدلب.. والمعارضة تتخوف من الكيماوي

مقاتلون من «جيش الفتح» الذي طرد القوات النظامية من مدينة إدلب يحتفلون بالنصر أمام مقر محافظ المدينة (إ.ف.ب)
مقاتلون من «جيش الفتح» الذي طرد القوات النظامية من مدينة إدلب يحتفلون بالنصر أمام مقر محافظ المدينة (إ.ف.ب)

تعمل قوات النظام السوري على «إعادة تموضعها» في محيط مدينة إدلب في شمال غربي سوريا بعد يومين على إعلان المعارضة سيطرتها على المدينة، فيما لا يزال أهالي إدلب غير قادرين على العودة إليها وسط تخوف من استهدافها بالكيماوي من قبل النظام، وفق ما قال مصدر في تنسيقية مدينة إدلب لـ«الشرق الأوسط».
وقال مصدر أمني سوري لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعيد تموضع القوات في محيط مدينة إدلب بشكل مناسب من أجل مواجهة أفواج الإرهابيين المتدفقين عبر الحدود التركية إلى المنطقة ليكون الوضع أكثر ملاءمة لصد الهجوم».
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «قوات النظام تعزز وجودها في معسكر المسطومة جنوب إدلب»، مشيرا إلى العثور على جثامين 15 شخصا في معتقل تابع للمخابرات العسكرية في مدينة إدلب.
ونقلت صحيفة «الوطن» المحسوبة على النظام عن مصدر ميداني في إدلب، قوله إن «الجيش نفذ عملية إعادة تجميع ناجحة لقواته في جنوب المدينة وضبط خرق المجموعات الإسلامية المتشددة في جيش الفتح بقيادة جبهة النصرة، وأوقف تقدمها من الجهتين الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية».
وأشارت الصحيفة إلى «إرسال تعزيزات عسكرية للجيش لبدء عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على مناطق أخلاها سابقا بعد إجلاء السكان إلى مناطق آمنة عبر طريق أريحا - اللاذقية».
من جهته، أكّد المصدر في تنسيقية إدلب أنّ الفصائل المعارضة التي استطاعت تحرير إدلب قادرة على مواجهة أي هجوم للنظام، مشيرا في الوقت عينه إلى أنّ التخوف من استهداف النظام بالقصف الجوي والكيماوي يحول لغاية الآن دون عودة الأهالي إلى منازلهم، مطالبا بفرض الحظر الجوي ومنطقة عازلة في إدلب. وأوضح أنّ قوات النظام كانت تحاصر الأهالي وتمنعهم الخروج من إدلب، لكن وعند بدء المعركة عمدت الفصائل المعارضة إلى تأمين خروجهم إلى القرى.
ونفى المصدر أن تكون السيطرة على الأرض في إدلب لفصيل دون آخر، مؤكدا أن غرفة العمليات واحدة وتعمل تحت قيادة موحدة تجمع بشكل أساسي بين «أحرار الشام» و«جند الأقصى» و«جبهة النصرة». مع العلم أنّ إدلب كانت قد تحولت منذ فترة إلى قبلة للنازحين من مناطق عدّة، وارتفع بذلك عدد سكانها من 300 ألف إلى 750 ألفا قبل بدء معركة التحرير.
وفيما كان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن أنّ النظام عمد إلى نقل الدوائر الرسمية من مدينة إدلب إلى جسر الشغور في اليوم الأول لبدء المعركة، وهو ما أكّده مصدر محلي في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، أكّد المصدر في تنسيقية إدلب أنّ الموظفين في الإدارات الرسمية سيستمرون في القيام بعملهم كالعادة وهناك ترتيبات يتم العمل عليها لدفع رواتبهم.
وفي هذا الإطار، أشار مصدر محلي لـ«الشرق الأوسط» إلى تخوف لدى موظفي الدولة من إجبارهم على الانتقال إلى جسر الشغور للعمل، وهو ما سيعرضهم للخطر، إضافة إلى تخوف من توقف النظام عن دفع رواتبهم، علما بأنه قبل ذلك كان موظفو الدوائر الرسمية في ريف إدلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة لا يزالون يحصلون على رواتبهم.
وكانت «جبهة النصرة» وفصائل إسلامية أخرى سيطرت على المدينة بعد اشتباكات مع قوات النظام استمرت لخمسة أيام وأسفرت عن مقتل 170 عنصرا على الأقل من الطرفين، بينهم 96 مقاتلا سوريا في صفوف الكتائب الإسلامية، وفق المرصد.
وبسيطرتها على مدينة إدلب أصبحت جبهة النصرة تسيطر على معظم محافظة إدلب، باستثناء جسر الشغور وأريحا التي لا تزال، بالإضافة إلى مطار أبو الضهور العسكري وقواعد عسكرية أخرى، تحت أيدي قوات النظام.
ويوم أمس أعلن المرصد العثور «على جثامين 15 شخصا في معتقل تابع للمخابرات العسكرية في مدينة إدلب»، ونقل عن مقاتلين قولهم إن «المخابرات العسكرية أعدمتهم قبل طردها من المدينة»، فيما قال مصدر في المدينة لـ«الشرق الأوسط» إنّ النظام عمد إلى إعدام شخصيات قيادية في المعارضة كانوا محتجزين لديه في إدلب، فيما عمدت الفصائل المعارضة إلى الإفراج عن نحو 200 معتقل كانوا لا يزالون محتجزين في السجون عند دخولها المدينة.
كذلك لفت المرصد إلى أن 5 مواطنين على الأقل بينهم أطفال قتلوا ليل الأحد، وأصيب آخرون بجراح جراء قصف لقوات النظام على مناطق في مدينة إدلب أمس، وتمكنت حركة أحرار الشام الإسلامية عقب سيطرتها على مبنى المخابرات العامة (أمن الدولة) في المدينة، من تحرير 53 معتقلا على الأقل، بينهم سيدتان.
وبثت «جبهة النصرة» شريطا مصورا على حسابها في موقع «تويتر» يظهر اكتشاف المقاتلين لجثامين المعتقلين في سجن في إدلب. وتظهر في الشريط المصور 9 جثامين على الأقل في إحدى الزنزانات المظلمة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.