«النواب» المغربي يناقش برنامج حكومة أخنوش

المعارضة قالت إنه «يفتقد أرقاماً ومؤشرات واضحة»

رئيس الحكومة عزيز أخنوش يتوسط عبد اللطيف وهبي ونزار بركة (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة عزيز أخنوش يتوسط عبد اللطيف وهبي ونزار بركة (أ.ف.ب)
TT

«النواب» المغربي يناقش برنامج حكومة أخنوش

رئيس الحكومة عزيز أخنوش يتوسط عبد اللطيف وهبي ونزار بركة (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة عزيز أخنوش يتوسط عبد اللطيف وهبي ونزار بركة (أ.ف.ب)

قال النائب محمد غياث، رئيس الفريق النيابي لـ«حزب التجمع الوطني للأحرار» المغربي، متزعم الائتلاف الحكومي، أمس، خلال مناقشة البرنامج الحكومي، الذي قدمه رئيس الحكومة عزيز أخنوش أمام البرلمان بغرفتيه الاثنين الماضي، إن المرحلة التي يعيشها المغرب تعدّ «تاريخية»، مشيراً إلى أن حكومة أخنوش تحظى «بدعم شعبي كبير وأغلبية برلمانية منسجمة، ومسنودة بكفاءات مشهود لها بالنزاهة والجدية»، إضافة إلى «العطف الملكي»، عادّاً أن كل هذه «عناوين لنجاح محقق» للحكومة، «بما يفتح مرحلة جديدة». وأضاف غياث أن انتخابات 8 سبتمبر (أيلول) الماضي تشكل «لحظة فارقة» في تاريخ المغرب، الذي أبان عن «نضج كبير في تجربته الديمقراطية»، وأفرز «نخباً جديدة، انبثق عنها تحالف، تتميز مكوناته بالانسجام».
من جهته؛ قال أحمد التويزي، رئيس فريق «الأصالة والمعاصرة» (أغلبية)، إن المغاربة عبروا عن ثقتهم بالأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية، بفضل برامجها الانتخابية «الجادة التي اتسمت بالصدقية والواقعية»، عادّاً أن تشكيل تحالف حكومي جديد «يشكل بديلاً سياسياً ديمقراطياً»، أفرزته صناديق الاقتراع لقيادة المرحلة في إطار التداول على السلطة.
بدوره؛ دعا نور الدين مضيان، رئيس الفريق النيابي لـ«حزب الاستقلال» (أغلبية)، إلى تحقيق انفراج حقوقي بالعفو عن معتقلي الحركات الاجتماعية. وتوقف عند موضوع محاربة الفساد، بالدعوة إلى تخليق الحياة العامة، ومحاربة الفساد والرشوة، واقتصاد الريع والامتيازات والإثراء غير المشروع، كما دعا لاستكمال ورشات إصلاح منظومة العدالة، وتدعيم استقلالية القضاء، وحث الحكومة على جعل المائة يوم الأولى فرصة لاسترجاع الثقة. من جانبها؛ عدّت فرق المعارضة بمجلس النواب أن البرنامج الحكومي يفتقد مرجعية تؤطره، وأرقاماً ومؤشرات واضحة. وأكدت أن البرنامج الحكومي بمثابة «تصريح نوايا لا يكشف عن آليات التنفيذ، ولا عن البرمجة الزمنية ضمن الولاية الممتدة لخمس سنوات».
في سياق ذلك، رأى الفريق الاشتراكي أن «مشروع البرنامج الحكومي لم يستجب للانتظارات المأمولة، ولم يرقَ إلى مستوى لحظة التناوب الجديد»، لافتاً إلى أن هذا البرنامج، و«إن اهتم بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية؛ فإنه لا يرقى إلى مستوى اللحظة التاريخية الموسومة بإطلاق تفعيل النموذج التنموي»، داعياً إلى التعجيل «بإخراج هيئة المناصفة، ومكافحة كل أشكال التمييز، والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي إلى حيز الوجود، والعمل على تقوية مهام المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، وتجديد السياسات العامة والعمومية المتعلقة بالمنظومة الحقوقية، وإعداد خطة وطنية جديدة للديمقراطية وحقوق الإنسان بالروح التشاركية السابقة نفسها، وليس فقط الاكتفاء بتحيينها».
وسجل الفريق «الحركي» (الحركة الشعبية) أن البرنامج الحكومي «يفتقر إلى الإبداع والابتكار، ويقتصر على بعض الأولويات، وهي أولويات، حسبه، ليست بالجديدة كالصحة والتعليم والتغطية والحماية الاجتماعية». بدوره؛ سجل فريق «التقدم والاشتراكية» بإيجاب أن البرنامج الحكومي «ظل وفياً للتوجهات الملكية ولمخرجات النموذج التنموي الجديد». وركز الفريق في مداخلته على قطاع الصحة، الذي بات يتصدر الأولويات بعد تفشي وباء «كوفيد19» في العديد من الدول؛ ومنها المغرب، مشيراً إلى أن «المملكة نجحت بفضل تبصر وحرص الملك محمد السادس على ربح رهان السيادة فيما يتعلق باللقاحات ووسائل الوقاية من الوباء». وبعد أن أشار إلى المكانة التي أولاها البرنامج الحكومي لقضية التعليم، جدد فريق «التقدم والاشتراكية» التأكيد على «ضرورة العودة إلى المبادئ المؤسسة لنظام التعليم، وهي التعميم والتوحيد والتجويد والإنصاف، ودمقرطة الولوج إلى المدرسة العمومية، التي يتعين إعادة الاعتبار لها».
أما المجموعة النيابية لـ«حزب العدالة والتنمية»؛ فقد سجلت أن البرنامج الحكومي «طغى عليه الإنشاء، وغابت عنه المؤشرات والأهداف الاقتصادية والاجتماعية، المقرر تحقيقها خلال عمر الولاية الحكومية»، مبرزاً أن هذا البرنامج لم يتحدث عن نسب النمو الاقتصادي، وعجز الميزانية، وحجم الاستثمارات العمومية، ونسبة البطالة، ونسبة التضخم.
وأثار عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لـ«حزب العدالة والتنمية»، ما وصفها بـ«الاختلالات» التي عرفتها العملية الانتخابية الأخيرة، مشيراً إلى أنها كرست «انتكاسة ديمقراطية، واستدعت ممارسات قديمة تصوراً وتنظيماً وممارسة». وقال بوانو لرئيس الحكومة أخنوش: «لقد أسهمتم في إفساد معاني التمثيلية الديمقراطية، بدعمكم خارج منطق التوافقات السياسية لتعديلات قانونية تراجعية، وتم إفساد العملية الانتخابية بممارسات غير مشرفة، اشتكت منها العديد من الأحزاب، بما فيها تلك التي تشارككم اليوم التدبير الحكومي».
كما انتقد بوانو طريقة تشكيل الحكومة، واتهم حزب «الأحرار» بالهيمنة «بشكل غير مسبوق في تاريخ تشكيل الحكومات»، وذلك بجمعه في آن «بين رئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان»، واستئثاره بأكبر عدد من الوزارات وأهمها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.