أميركا تؤيد «حصر السلاح» في «يد الدولة» بالعراق

إدارة بايدن تركز على «علاقة استراتيجية طويلة الأمد»

أكدت مسؤولة أميركية موقف إدارة الرئيس بايدن الداعم للانتخابات العراقية ولحصر السلاح بيد الدولة (إ.ب.أ)
أكدت مسؤولة أميركية موقف إدارة الرئيس بايدن الداعم للانتخابات العراقية ولحصر السلاح بيد الدولة (إ.ب.أ)
TT

أميركا تؤيد «حصر السلاح» في «يد الدولة» بالعراق

أكدت مسؤولة أميركية موقف إدارة الرئيس بايدن الداعم للانتخابات العراقية ولحصر السلاح بيد الدولة (إ.ب.أ)
أكدت مسؤولة أميركية موقف إدارة الرئيس بايدن الداعم للانتخابات العراقية ولحصر السلاح بيد الدولة (إ.ب.أ)

أكدت الولايات المتحدة موقفها الداعم للانتخابات العراقية والسير بالبلاد لتحقيق تطلعات شعبها في تحقيق الديمقراطية، وكذلك توفير المتطلبات والخدمات التي طالب بها المواطنون في المظاهرات خلال الفترة الماضية، كما شددت على الوقوف مع الحكومة المنتخبة الجديدة في حصر السلاح بيد الدولة.
وأوضحت جنيفر غافيتو، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون العراق وإيران، أن حكومة الولايات المتحدة تؤيد موقف الحكومة العراقية في أن السلاح والجيش يجب أن يكونا تحت سيطرة الدولة، مضيفة أن الجهود الأميركية تتماشى إلى حد كبير مع هذا الاتجاه، مشيرة إلى أن ما رآه العالم في الانتخابات العراقية الأخيرة هو نتاج رغبة العراقيين التي عبروا عنها في مظاهراتهم بالشوارع خلال العامين الماضيين «في مساءلة حكومتهم عن تقديم الخدمات والعمل نحو ظروف تسمح لاقتصادهم بالازدهار، وتقديم مستقبل أكثر إشراقاً للشباب».
وأفادت غافيتو؛ خلال حديثها في ندوة مرئية نظمها «مجلس أتلانتك (المعهد الأطلسي للدراسات)»، أمس، بأن الولايات المتحدة تريد أن ترى العراق دولة ذات سيادة، «وهذا ليس بالضرورة ما يصب في مصلحة إيران»، متعهدة بدعم الجهود العراقية، وفي الوقت نفسه تحميل إيران المسؤولية عن نشاطاتها في المنطقة. وعن المحادثات مع إيران، قالت: «نحن نرحب بهم للعودة إلى طاولة المحادثات، ونود التفاوض ومستعدون للتفاوض والتحدث بحسن نية بمجرد أن يكونوا مستعدين، لكن أنشطتهم المزعزعة للاستقرار يجب أن تتوقف».
وأكدت المسؤولة الأميركية أن الإدارة الأميركية الحالية للرئيس جو بايدن تركز في تعاملها مع العراق على «علاقة استراتيجية طويلة الأمد»؛ لأنها تعدّ العراق نقطة مركزية للاستقرار في الشرق الأوسط، مشيرة إلى دور العراق في مبادرات إقليمية لحل النزاعات.
وقالت إن الانتخابات الأخيرة أثبتت أنها فرصة حقيقية لترسيخ استقرار العراق بصفته محفزاً على مزيد من الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة، مضيفة: «من الصعب التكهن في هذه المرحلة بالشكل الذي قد تبدو عليه هذه العملية، خصوصاً لأننا ما زلنا ننتظر ظهور النتائج النهائية في التقييم النهائي».
وأوضحت أن الولايات المتحدة في هذه المرحلة تركز على نزاهة العملية الانتخابية بدلاً من ردود الفعل السريعة على كيفية حدوث هذه العملية، وأن واشنطن تقر بأن عملية تشكيل الحكومة قد تستغرق بعض الوقت، مبدية استعداد بلادها للعمل مع الحكومة المنتهية ولايتها وكذلك الحكومة التي سيجري اختيارها بشكل ديمقراطي بعد ذلك.
وأضافت: «علينا فقط أن نكون حذرين للغاية، هذه العملية كما تعلمون مهمة، وفعلنا كل ما في وسعنا لدعم العراقيين وجهود الحكومة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية وآمنة. نهنئهم على القيام بذلك دون وقوع حوادث أمنية كبيرة، ولكن الطريقة التي تتكشف بها الأسابيع والأشهر التالية هو عمل تلك الحكومة التي أرادها الشعب. وبالتأكيد أعتقد أن الأطراف فيها ستكون في صراع لمعرفة ما هو ممكن. لا نريد أن نعوق ذلك، لكنها لحظة حرجة للغاية».
بدوره، عدّ دوغلاس سيليمان؛ السفير الأميركي السابق لدى العراق، والذي شارك في الندوة المرئية، أن «انتخابات 2021 تبدو إلى حد كبير مشابهة لانتخابات 2018؛ إذ لم يكن هناك عنف واسع النطاق، ويبدو أن العملية سارت في الغالب بشكل صحيح بناءً على الإعلانات الأولية الصادرة عن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة»، معتقداً أن «هذا يعني أن العراق ربما يتجه نحو نمط يمكنه فيه بالفعل إجراء انتخابات أفضل، أو على الأقل انتخابات أكثر دقة من الناحية الفنية من انتخابات الماضي».
وأعرب عن اعتقاده أن «عملية تشكيل الحكومة التي ستبدأ الآن ستنتهي مرة أخرى بحكومة عراقية تضم جميع الكتل السياسية الرئيسية، والغرض من ذلك هو تقسيم الغنائم بين الكتل الكبرى، وهو الشيء المحدد الذي كانت حركة الاحتجاج تقاومه»، متسائلاً: «هل ستنتج عن النظام السياسي حكومة أغلبية، وشخص يمكنه الحصول على أغلبية المقاعد في البرلمان، أم إنهم سينتجون مرة أخرى ما أعتقد أن البعض قد يسمونه حكومة وحدة وطنية؟».
وأضاف: «إذا رأى الشباب العراقي اختلافات في نتيجة الحكم والمعلومات الحكومية من هذه العملية، فأعتقد أنه من غير المرجح أن يعودوا إلى الشوارع (...) رأيت خلال الوقت الذي كنت فيه في العراق سفيراً أن هناك قلقاً متزايداً بشأن نوع من الميليشيات الشيعية، وأن بعض الميليشيات الشيعية مرتبط إلى حد كبير بإيران، في ظل وجود طلب بالحاجة إلى هوية عراقية. وهم (الشباب العراقي) يريدون أيضاً رؤية حكومتهم تلتزم بالوفاء والولاء للعراق. هذا الجيل الذي نزل إلى الشوارع لم يعش في زمن صدام حسين... جيل صغير متطلع للحياة والعمل».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم