«الجونة» السينمائي يتجاوز أزمة الحريق ويعد بدورة استثنائية

المؤتمر الصحافي الخاص بمهرجان الجونة المقرر افتتاحه غدا (الشرق الأوسط)
المؤتمر الصحافي الخاص بمهرجان الجونة المقرر افتتاحه غدا (الشرق الأوسط)
TT

«الجونة» السينمائي يتجاوز أزمة الحريق ويعد بدورة استثنائية

المؤتمر الصحافي الخاص بمهرجان الجونة المقرر افتتاحه غدا (الشرق الأوسط)
المؤتمر الصحافي الخاص بمهرجان الجونة المقرر افتتاحه غدا (الشرق الأوسط)

رغم الحريق الذي شبّ بمسرح بلازا الذي يقام به حفل افتتاح الدورة الخامسة لمهرجان الجونة السينمائي (14 - 22 أكتوبر/تشرين الأول 2021) والذي وصفه سميح ساويرس، مؤسس مدينة الجونة، بأنه لم يكن بسيطاً، فقد تجاوز المهرجان الأمر بسرعة ووعد بدورة استثنائية بمناسبة مرور خمس سنوات على إطلاقه، وقال سميح، خلال المؤتمر الصحافي: لم أشهد حريقاً كبيراً مثله، إلا أنه بمجرد السيطرة عليه بدأنا على الفور إصلاح ما أفسده، ورفع المخلفات، ولن تشعروا ليلة الافتتاح أنه كان هناك حريق، مؤكداً أنه من حسن الحظ أنه وقع بمكان محدود ولم يصل إلى المسرح، حيث المقاعد وأجهزة الإضاءة، مشيداً بكل الجهات التي تعاونت لإطفاء الحريق، من رجال الحماية المدنية، والعمال الذين تعرضوا لبعض الاختناق ونقلوا للمستشفى لتصديهم لإطفاء الحريق بأنفسهم قبل وصول رجال الإطفاء.


وكان المهرجان قد ذكر، في بيان أصدره، أنه تم فتح تحقيق مفصل للوقوف على أسباب الحريق، مع الاشتباه في وجود ماس كهربائي.
وعُقد، عصر اليوم، مؤتمر صحافي بمدينة الجونة، قبل ساعات من انطلاق الدورة الخامسة التي يحتفي بها المهرجان بشكل خاص في حفل الافتتاح الذي يقام مساء الغد، وقال مؤسس المهرجان رجل الأعمال نجيب ساويرس إن الدورة الأولى للمهرجان تعد من أجمل سنوات حياتي، لأنها كانت بداية قوية وضعت المهرجان في مكانة مهمة، مشيداً بفريق العمل، وبمديره انتشال التميمي، الذي رشحته الفنانة بشرى، ووصفه ساويرس بأنه رجل قليل الكلام، لكن لديه خبرة تنظيمية عميقة وعاشق للسينما، ورأى نجيب أن التأسيس الجيد للمهرجان هو سبب نجاحه، وأن السنوات المقبلة ستشهد مزيداً من النجاح، قائلاً: نحرص على التجديد والتطوير في كل دورة، ولهذا يلقى المهرجان إقبالاً من السينمائيين في كل أنحاء العالم للمشاركة بأفلامهم، حين يجدوا مهرجاناً بهذا القدر من التنظيم الدقيق، ويعرض أحدث الأفلام، منتقداً من يقولون إنه مهرجان الفساتين.

وأشارت الفنانة بشرى، المؤسس المشارك ورئيس العمليات بالمهرجان، إلى استمرار نشاط منصة الجونة على مدى العام، وليس فترة انعقاد المهرجان فقط لأنها منصة جادة تضم ندوات وورش عمل مهمة، كما أشادت بما حققه منطلق الجونة السينمائي من دعم لمشروعات الأفلام ومن فعاليات ومؤتمرات تثري المهرجان، فيما أكد المخرج أمير رمسيس، المدير الفني للمهرجان، أن هذه الدورة تشهد عرض أهم الأفلام التي أنتجتها السينما العالمية وحازت جوائز عالمية، وأضاف أنه من المقرر أن يعرض هذا العام فيلم الرسوم المتحركة BELLE الذي حاربنا كثيراً للحصول عليه، مشيراً إلى اتجاه المهرجان لعدم عرض فيلم افتتاح في هذه الدورة وخلال دوراته المقبلة، واعتبار أول فيلم يقام له عرض افتتاحي على السجادة الحمراء بمثابة فيلم الافتتاح. ونفى سميح ساويرس أن يكون مهرجان الجونة قد دفع أموالاً لاستقطاب الفنانين قائلاً: «لم ندفع هذا العام لأي فنان من أجل الحضور، والمبدأ مستقبلاً أننا لن ندفع لأي نجم يحضر، والفنانون هم الذين سيطلبون منا الحضور».
وشهد المؤتمر تصالحاً بين مدير المهرجان انتشال التميمي والنجمة يسرا، عضو اللجنة الاستشارية الدولية للمهرجان، التي انتقدت تصريحات لانتشال التميمي حول تكريمات المهرجان، أشار خلالها إلى عدم إمكانية تكريم يسرا رغم أنها أحق بالتكريم، لكن وجودها ضمن اللجنة الاستشارية للمهرجان يحول دون ذلك، وقال التميمي: «أنا أكثر واحد يعرف يسرا وهي من أهم الفنانات ومؤثرة جداً على أكثر من جيل، ولذا أعتذر عن أي إزعاج سببته لها».
وتعقد دورة المهرجان هذا العام في ظل استمرار الإجراءات الاحترازية التي اتبعها العام الماضي ضد وباء كورونا، كما يوفّر المهرجان اللقاح لضيوفه الذين لم يحصلوا عليه بالتنسيق مع وزارة الصحة.
ويعرض الجونة السينمائي، خلال دورته الخامسة التي تنطلق غداً، 52 فيلماً روائياً طويلاً تمثل 36 دولة، و15 فيلماً وثائقياً، و23 فيلماً قصيراً من 22 دولة، ويقيم مسابقة جديدة لأول مرة تختص بأفلام البيئة، تتنافس عليها خمسة أفلام، كما يتنافس على جائزة الجمهور (سينما من أجل الإنسانية) 12 فيلماً، ويمنح جائزة الإنجاز الإبداعي هذا العام للفنان أحمد السقا والممثل الفلسطيني محمد بكري.



لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
TT

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس، قررت محكمة القضاء الإداري بمصر الثلاثاء تأجيل نظر الطعن على قرار إعادة التمثال لجلسة 21 يناير (كانون الثاني) الحالي، للاطلاع على تقرير المفوضين.

وتباينت الآراء حول إعادة التمثال إلى موقعه، فبينما رأى معارضو الفكرة أن «ديليسبس يعدّ رمزاً للاستعمار، ولا يجوز وضع تمثاله في مدخل القناة»، رأى آخرون أنه «قدّم خدمات لمصر وساهم في إنشاء القناة التي تدر مليارات الدولارات على البلاد حتى الآن».

وكان محافظ بورسعيد قد أعلن أثناء الاحتفال بالعيد القومي للمحافظة، قبل أيام عدة، بأنه طلب من رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه في مدخل القناة بناءً على مطالبات أهالي المحافظة، وأن رئيس الوزراء وعده بدراسة الأمر.

ويعود جدل إعادة التمثال إلى مدخل قناة السويس بمحافظة بورسعيد لعام 2020 حين تم نقل التمثال إلى متحف قناة السويس بمدينة الإسماعيلية (إحدى مدن القناة)، حينها بارك الكثير من الكتاب هذه الخطوة، رافضين وجود تمثال ديليسبس بمدخل قناة السويس، معتبرين أن «المقاول الفرنسي»، بحسب وصف بعضهم، «سارق لفكرة القناة وإحدى أذرع التدخل الأجنبي في شؤون مصر».

قاعدة تمثال ديليسبس ببورسعيد (محافظة بورسعيد)

ويعدّ فرديناند ديليسبس (1805 - 1894) من السياسيين الفرنسيين الذين عاشوا في مصر خلال القرن الـ19، وحصل على امتياز حفر قناة السويس من سعيد باشا حاكم مصر من الأسرة العلوية عام 1854 لمدة 99 عاماً، وتقرب من الخديو إسماعيل، حتى تم افتتاح القناة التي استغرق حفرها نحو 10 أعوام، وتم افتتاحها عام 1869.

وفي عام 1899، أي بعد مرور 5 سنوات على رحيل ديليسبس تقرر نصب تمثال له في مدخل القناة بمحافظة بورسعيد، وهذا التمثال الذي صممه الفنان الفرنسي إمانويل فرميم، مجوف من الداخل ومصنوع من الحديد والبرونز، بارتفاع 7.5 متر، وتم إدراجه عام 2017 ضمن الآثار الإسلامية والقبطية.

ويصل الأمر بالبعض إلى وصف ديليسبس بـ«الخائن الذي سهَّل دخول الإنجليز إلى مصر بعد أن وعد عرابي أن القناة منطقة محايدة ولن يسمح بدخول قوات عسكرية منها»، بحسب ما يؤكد المؤرخ المصري محمد الشافعي.

ويوضح الشافعي (صاحب كتاب «ديليسبس الأسطورة الكاذبة») وأحد قادة الحملة التي ترفض عودة التمثال إلى مكانه، لـ«الشرق الأوسط» أن «ديليسبس استعبد المصريين، وتسبب في مقتل نحو 120 ألف مصري في أعمال السخرة وحفر القناة، كما تسبب في إغراق مصر بالديون في عصري سعيد باشا والخديو إسماعيل، وأنه مدان بالسرقة والنصب على صاحب المشروع الأصلي».

وتعد قناة السويس أحد مصادر الدخل الرئيسية لمصر، وبلغت إيراداتها في العام المالي (2022- 2023) 9.4 مليار دولار، لكنها فقدت ما يقرب من 50 إلى 60 في المائة من دخلها خلال الشهور الماضية بسبب «حرب غزة» وهجمات الحوثيين باليمن على سفن في البحر الأحمر، وقدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخسائر بأكثر من 6 مليارات دولار. وفق تصريح له في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

في المقابل، يقول الكاتب المصري علي سعدة، إن تمثال ديليسبس يمثل أثراً وجزءاً من تاريخ بورسعيد، رافضاً ما وصفه في مقال بجريدة «الدستور» المصرية بـ«المغالطات التاريخية» التي تروّجها جبهة الرفض، كما نشر سعدة خطاباً مفتوحاً موجهاً لمحافظ بورسعيد، كتبه مسؤول سابق بمكتب المحافظ جاء فيه «باسم الأغلبية المطلقة الواعية من أهل بورسعيد نود أن نشكركم على القرار الحكيم والشجاع بعودة تمثال ديليسبس إلى قاعدته».

واجتمع عدد من الرافضين لإعادة التمثال بنقابة الصحافيين المصرية مؤخراً، وأكدوا رفضهم عودته، كما طالبوا فرنسا بإزالة تمثال شامبليون الذي يظهر أمام إحدى الجامعات الفرنسية وهو يضع قدمه على أثر مصري قديم.

«المهندس النمساوي الإيطالي نيجريلي هو صاحب المشروع الأصلي لحفر قناة السويس، وتمت سرقته منه، بينما ديليسبس لم يكن مهندساً، فقد درس لعام واحد في كلية الحقوق وأُلحق بالسلك الدبلوماسي بتزكية من والده وعمه وتم فصله لفشله، وابنته نيجريلي التي حصلت على تعويض بعد إثباتها سرقة مشروع والدها»، وفق الشافعي.

وكانت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية قد أصدرت بياناً أكدت فيه أن ديليسبس لا يستحق التكريم بوضع تمثاله في مدخل القناة، موضحة أن ما قام به من مخالفات ومن أعمال لم تكن في صالح مصر.

في حين كتب الدكتور أسامة الغزالي حرب مقالاً يؤكد فيه على موقفه السابق المؤيد لعودة التمثال إلى قاعدته في محافظة بورسعيد، باعتباره استكمالاً لطابع المدينة التاريخي، وممشاها السياحي بمدخل القناة.

وبحسب أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس المصرية والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، الدكتور جمال شقرة، فقد «تمت صياغة وثيقة من الجمعية حين أثير الموضوع في المرة الأولى تؤكد أن ديليسبس ليس هو صاحب المشروع، لكنه لص سرق المشروع من آل سان سيمون». بحسب تصريحاته.

وفي ختام حديثه، قال شقرة لـ«الشرق الأوسط» إن «ديليسبس خان مصر وخدع أحمد عرابي حين فتح القناة أمام القوات الإنجليزية عام 1882، ونرى بوصفنا مؤرخين أنه لا يستحق أن يوضع له تمثال في مدخل قناة السويس».