الضربات تشل حركة القوات الحوثية.. ومعارك ضارية في شبوة والضالع ولحج وعدن

«أنصار الله» ينقلون على دفعات أسلحة متوسطة وذخائر إلى أسطح منازل في صنعاء > قيادي جنوبي: لا يوجد مؤيدون للحوثيين في الجنوب

يمنيون يرفعون صورة الملك سلمان بن عبد العزيز في مظاهرة تأييد لعملية {عاصفة الحزم} في مدينة تعز أمس (رويترز)
يمنيون يرفعون صورة الملك سلمان بن عبد العزيز في مظاهرة تأييد لعملية {عاصفة الحزم} في مدينة تعز أمس (رويترز)
TT

الضربات تشل حركة القوات الحوثية.. ومعارك ضارية في شبوة والضالع ولحج وعدن

يمنيون يرفعون صورة الملك سلمان بن عبد العزيز في مظاهرة تأييد لعملية {عاصفة الحزم} في مدينة تعز أمس (رويترز)
يمنيون يرفعون صورة الملك سلمان بن عبد العزيز في مظاهرة تأييد لعملية {عاصفة الحزم} في مدينة تعز أمس (رويترز)

استمرت في اليمن، أمس، ولليوم الرابع على التوالي عمليات القصف الجوية التي تنفذها طائرات قوات التحالف على المعسكرات والقواعد العسكرية ومقار الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية الجنوبية، في الوقت الذي تواصل فيه قوات الحوثيين وصالح السيطرة على مدينة عدن، بكل الطرق.
وفي أحدث التطورات الميدانية في صنعاء، فقد استهدف طيران قوات التحالف في عملية «عاصفة الحزم» المزيد من المواقع العسكرية في صنعاء والحديدة وصعدة وشبوة والضالع. وأكدت مصادر محلية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن الضربات أوقعت خسائر كبيرة في صفوف الحوثيين وقواعد ومنصات الصواريخ ومخازن الأسلحة، وأيضا، طرق إمدادات نقل العتاد العسكري من وإلى صنعاء وبعض المحافظات. وذكرت المصادر أن الضربات، خلال الساعات الـ24 المنصرمة، تركزت على الدفاعات الجوية ومخازن تخزين السلاح في الحديدة وصعدة والطرقات الاستراتيجية أو الرئيسية التي ينقل من خلالها الحوثيون السلاح من وإلى صنعاء.
وكشفت مصادر قبلية في شمال صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين ينقلون، على دفعات صغيرة، أسلحة متوسطة وذخائر بكميات كبيرة إلى منازل في صنعاء وأطرافها وقرى ومناطق مجاورة لها، وبالتحديد المناطق التي سيطروا عليها، خلال الأشهر الماضية، وقاموا بتصفية كل الشخصيات والسكان الذي يخالفونهم الرأي بها، وحصرها على المؤيدين للجماعة فقط. ورجحت المصادر أن تكون هذه الخطوة التي يقوم بها الحوثيون هي بمثابة استعداد لحرب شوارع في حالة تمت عملية إنزال جوية أو قامت قوات التحالف بعملية برية لتصفية صنعاء من الوجود الحوثي.
وكان من أبرز الجبهات الساخنة، أمس، في اليمن محافظة شبوة، حيث جرت اشتباكات عنيفة بين قوات موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، ومعظمها من القوات الخاصة (الحرس الجمهوري سابقا) وميليشيا الحوثيين، من جهة، ومسلحين ينتمون لقبائل شبوة، هبوا لاسترجاع مديرية بيحان من قبضة القوات المهاجمة.
وأكد شهود عيان، لـ«الشرق الأوسط»، أن المواجهات كانت عنيفة، حيث حاصر المسلحون القبليون القوات المهاجمة من عدة اتجاهات، وقاموا بتنفيذ ضربات موجعة بحقهم، أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 50 مسلحا من جماعة الحوثي وصالح، وإصابة وأسر عشرات آخرين، بعد أن تداعت قبائل مأرب إلى جانب قبائل شبوة، وهي قبائل متجاورة في محافظتين شمالية وجنوبية وجميع تلك القبائل مؤيدة للشرعية الدستورية في اليمن. وحسب مصادر قبلية فقد تمكن طيران التحالف في عملية «عاصفة الحزم» من قطع الإمدادات عن القوات المهاجمة في بيحان، وذلك بضرب تلك الإمدادات العسكرية التي كانت في طريقها إليهم في منطقة حبان بمحافظة شبوة.
وفي عدن جنوب اليمن، قال مصدر في المقاومة الشعبية، لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم تطهير ميناء عدن من فلول القوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح وزعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي وتأمين الملاحة البحرية، وإن المعركة مستمرة مع من تبقى من تلك الفلول في مطار عدن الدولي الذي ما زال مغلقا أمام الملاحة الجوية منذ تمت السيطرة عليه من قبل بقايا القوات العسكرية التابعة للواء 56 الذي كان مرابطا في معسكر بدر الملاصق لمطار، وهذه القوة مسنودة بقناصة تمركزوا حول مدرج المطار وتمكنوا من قتل اثنين من أفراد المقاومة الشعبية، مساء أول من أمس، كما أصيب برصاصها مواطن صباح أمس.
وفي منطقة دار سعد القريبة من محافظة لحج شمالا، قال قائد ميداني لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومة الشعبية تمكنت من تدمير دبابة والاستيلاء على أخرى في سوق كراع، كما تم تدمير دبابتين وثلاث مصفحات وأسر جنود وضباط في الجيش والأمن، وذلك إثر عمليات تمشيط لجيوب تمت محاصرتها وتشديد الخناق حولها في مشارف دار سعد والبريقة والشيخ عثمان. ودعا القائد الميداني العسكريين والأمنيين الجنوبيين إلى العودة إلى مواقعهم أو التوجه للمواضع التي تم تحريرها وهي بحاجة ماسة لسائقي دبابات وخبرات عسكرية للتعامل مع الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها.
وفي محافظة لحج المتاخمة لعدن من ناحية الشمال، أفاد مصدر محلي، لـ«الشرق الأوسط»، بأن المقاومة مستعرة في جبهتي الصبيحة غربا وصبر والحوطة شمالا، وفي هذه المواجهات تكبدت قوات الرئيس الأسبق وزعيم جماعة الحوثي خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، فضلا عن أسر جنود وضباط. وأضاف المصدر أن ميليشيا الحوثي لجأت إلى تدمير منازل المقاومين وترويع السكان المدنيين بقصد التأثير على عزيمة المقاتلين. وأكد المصدر أن عاصمة المحافظة لحج وجوارها تكاد تكون شبه محررة إلا من بعض الجيوب المتمركزة في الخط العام الذي تسيطر عليه ليس كليا، وتحديدا من بستان الحسيني شمال الحوطة إلى كرش وتعز غربا. وقال مسافرون على الطريق الرئيسي إن جماعات القوات الموالية للحوثي وصالح أقامت نقاط تفتيش على الطريق ذاته الذي يربط عدن ولحج الجنوبيتين بمحافظتي تعز وإب الشماليتين.
أما في جبهة محافظة الضالع شمال عدن، فقد قال مصدر في المقاومة الشعبية، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه المقاومة تكبدت، أمس الأحد، ثمانية قتلى في منطقة سناح القريبة من مجمع المحافظة (15 كيلومترا شمالا من مدينة الضالع). وأكد المصدر أن مقتل هؤلاء جاء إثر كمين نصبه المقاومون لهذه القوات القادمة من الشمال كتعزيز لقوات اللواء 33 مدرع والميليشيا الحوثية اللتين تخوضان منذ الثلاثاء الماضي مواجهات مسلحة مع المقاومين المدافعين عن المدينة.
يذكر أن أجواء مدينة الضالع قد شهدت طلعات جوية من «عاصفة الحزم» مساء وفجر أمس الأحد دون أن تقوم بالضرب على أهداف عسكرية للقوات التابعة للواء 33 مدرع، والذي شوهدت مضاداته الأرضية وهي تطلق نيرانها في سماء المدينة مع سماع أصوات الطيران المحلقة على مسافة عالية من نيران أسلحة الدفاع الجوي.
وتؤكد مصادر يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الضربات الجوية لقوات التحالف أثرت كثيرا على الحوثيين وحليفهم صالح. وقال فؤاد راشد، أمين سر المجلس الأعلى للحراك الثوري السلمي لتحرير واستقلال الجنوب، إن «حركة القوات العسكرية للحوثي وعفاش (صالح) شلت تماما ودمرت الفاعلية العسكرية بصورة كبيرة وأفقدتها القدرة على الرد، غير أن ما يأسف له الجنوبيون أن (عاصفة الحزم) تذهب بعيدا في ضرباتها الجنوبية، بينما معسكر ضبعان المعروف بالضالع الذي لا يزال يقصف منازل المواطنين بمدن الضالع بعيد عن أهداف طيران التحالف». ويؤكد راشد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «ونتيجة لهذه الضربات الجوية تخلخلت تماما ميليشيات الحوثي إلى جانب إضعاف وتشتيت القوات العسكرية الموالية لعفاش، سواء التي حاولت التقدم للجنوب أو المتمركزة بداخل مدن الجنوب أو الواقعة في مناطق الشمال، وعلى المدى ستضعف قوة الجيش اليمني وقوة الحوثي، ونشعر بأن فرص الجنوبيين اليوم كبيرة لتحقيق تطلعاتهم المشروعة». وعفاش هو لقب أسرة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وقد شاع استخدامه، مؤخرا، في وسائل الإعلام كافة.
وينفي القيادي اليمني الجنوبي فؤاد راشد ما يشيعه الحوثيون عن وجود تأييد لهم في الجنوب ووجود جنوبيين يشاركون معهم في القتال، ويقول إن هذا الكلام «غير صحيح إطلاقا.. فأبناء الجنوب الآن يقاتلونهم في محافظات لحج وأبين والضالع والعاصمة عدن، وما أقدموا عليه من محاولة لاجتياح الجنوب، سواء عن غطرسة واستقواء أو بدفع من مجرم الحرب علي عبد الله صالح، يفقدهم أي تعاطف جنوبي على المدى الطويل، كما خسروا أي إيجابيات تحسب لهم خلال الفترة السابقة من مواقف إيجابية تجاه الجنوب كقضية سياسية بامتياز، وهم وحدهم من زرع الآن في مخيلة الجنوبيين صورة الحوثي المتوحش والغازي، وأصبحت اليوم في الجنوب صورة الحوثي دلالة على التجبر والغزاة، وأي عاقل يتابع الأحداث الجارية في الجنوب ووقائع الاقتتال في شوارع العاصمة عدن لا يمكن له أن يصدق أن جنوبيا يمكن أن يكون مناصرا لحوثي قادم إلى أرضه يقتل المواطن الجنوبي بحجة أن الجنوبيين (دواعش وقاعدة)».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.