«فيسبوك» قد يستضيف محتويات 6 مواقع إخبارية

1.4 مليار مستخدم مصدر مهم للناشرين الذين يسعون للوصول إلى القاعدة الجماهيرية

كريس كوكس نائب رئيس «فيسبوك» للخدمات يتحدث لعدد من الوكالات الإخبارية (نيويورك تايمز)
كريس كوكس نائب رئيس «فيسبوك» للخدمات يتحدث لعدد من الوكالات الإخبارية (نيويورك تايمز)
TT

«فيسبوك» قد يستضيف محتويات 6 مواقع إخبارية

كريس كوكس نائب رئيس «فيسبوك» للخدمات يتحدث لعدد من الوكالات الإخبارية (نيويورك تايمز)
كريس كوكس نائب رئيس «فيسبوك» للخدمات يتحدث لعدد من الوكالات الإخبارية (نيويورك تايمز)

تحول موقع التواصل الاجتماعي الشهير «فيسبوك» ذي الـ1.4 مليار مستخدم إلى مصدر حيوي لقياس حركة الناشرين الذين يسعون للوصول إلى القاعدة المجزأة من الجماهير التي تلتزم باستخدام هواتفها الذكية. خلال الشهور الأخيرة كانت هناك محادثات تجري بهدوء بين موقع «فيسبوك» وما لا يقل عن ست من الشركات الإعلامية، حول استضافة الموقع الشهير لمحتوياتهم بدلا من جعل المستخدمين ينقرون على الرابط انتقالا إلى مواقع خارجية.
تمثل مثل تلك الخطوة قفزة كبيرة لوكالات الأنباء التي اعتادت على الاحتفاظ بقرائها داخل أنظمتها البيئية الخاصة، فضلا عن جمع البيانات القيمة عنهم. حاول موقع «فيسبوك» التهدئة من مخاوفهم، وفقا للكثير من الشخصيات التي اطلعت على المحادثات، والذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم لالتزامهم باتفاقيات عدم الإفصاح. ينتوي موقع «فيسبوك» البدء في اختبار الشكل الجديد عبر الشهور القليلة المقبلة، وفقا لاثنتين من الشخصيات المطلعة على المحادثات. ويتوقع أن تكون صحيفة «نيويورك تايمز»، وموقع «ناشيونال جيوغرافيك»، وموقع «باز فيد» من أوائل الشركات المشاركة، على الرغم من إمكانية إضافة المزيد مع استمرار المحادثات. وتقترب صحيفة «التايمز» مع موقع «فيسبوك» من عقد اتفاق محكم، حسبما أفادت إحدى الشخصيات المطلعة.
ناقش موقع «فيسبوك»، في سعيه لجعل الاقتراح أكثر جاذبية للناشرين، عدة سبل يمكن للناشرين من خلالها اكتساب الأموال من الإعلانات التي ترافق عرض المحتويات على الموقع. وصرح موقع «فيسبوك» بأنه يريد من تجربة استهلاك المحتويات على الإنترنت أكثر سلاسة. ترتبط المقالات الإخبارية المشورة على «فيسبوك» حاليا بالمواقع الخاصة بالناشرين، ويجري استعراضها على المتصفح لدى كل مستخدم، وتستغرق نحو 8 ثوان في التحميل. ويعتقد موقع «فيسبوك» أن ذلك وقت طويل للغاية، خصوصا بالنسبة للأجهزة المحمولة، وأنه عندما يصل الأمر إلى اصطياد أعين القراء حيال المحتويات، فإن هناك فرقا في الأجزاء من الثانية.
بالإضافة إلى استضافة المحتويات مباشرة على موقع «فيسبوك»، تتحدث الشركة مع الناشرين حول سبل تقنية أخرى لتسريع نشر المقالات.
يقول إدوارد كيم، مدير التحليل والتوزيع لدى شركة «سيمبل ريتش»، إنه حتى مع الزيادات الهامشية في سرعة الموقع فإنها تعني زيادة كبيرة في رضاء المستخدمين وحركة المرور. لذا من المرجح، كما يقول، أن تركز خطط «فيسبوك» على تلك التحسينات البسيطة، بدلا من اكتساب الأموال من الصفقات مع الشركات الإعلامية.
وأضاف يقول «هناك الكثير من التأثيرات بالنسبة للناشرين. إن الأمر يتعلق فعلا بكيفية تنظيم (فيسبوك) لذلك، وكيف يمكنه ضمان نجاح ذلك الأمر على كلا الجانبين». ويستطرد قائلا إن تلك المسألة مسببة للمشاكل، نظرا لأن بعض الشركات الإعلامية تولي أهمية قصوى لمقاطع الفيديو، وهي من الوسائل المدرة للأرباح من خلال مبيعات الإعلانات.
تزايدت شعبية مقاطع الفيديو لدى مستخدمي «فيسبوك» والمعلنين عليه، وتتوقع الشركة في مؤتمر المطورين المنعقد يوم الأربعاء المقبل أن تطرح أدوات موسعة لرفع إعلانات الفيديو داخل التطبيقات غير المرتبطة بموقع «فيسبوك». وتريد الشركات الإعلامية تحسين خبرات المستخدمين على غرار «فيسبوك». ومع ذلك فإنهم يتحسسون طريقهم في ذلك. لدى موقع «باز فيد» سياسته المعلنة من نشر المحتويات خارج الموقع الخاص به، وتستخدم مجلة «التايمز» نموذجا للاشتراك يوفر جزءا متزايدا من أرباح الشركة. وعليها موازنة المكاسب العائدة من التواصل مع مستخدمي «فيسبوك» - وعائدات الإعلانات القادمة من خلالهم - مقابل احتمالات التخلي عن محتوياتها وفقدان النقرات التي ينقرها المستخدمون على مواقعها والتي سوف تنتقل إلى موقع «فيسبوك».
جاءت ردود فعل بعض وكالات الأنباء فاترة إثر ذلك المقترح. فقد اقترح العديد من موظفي صحيفة «الغارديان»، على سبيل المثال، بشكل غير رسمي، على زملائهم في دور نشر أخرى أنهم ينبغي عليهم التجمع معا للتفاوض حول الصفقات التي تصب في صالح الصناعة ككل، وينبغي عليهم كذلك الاحتفاظ بحقوق إعلاناتهم الخاصة، سواء استضيفت المحتويات على موقع «فيسبوك» من عدمه، حسبما أفادت إحدى الشخصيات من ذوي الدراية بالمناقشات.
وأحجم الممثلون لدى مجلة «التايمز» وموقع «باز فيد» عن التعليق يوم الاثنين. كما لم تستجب صحيفة «الغارديان» وموقع «ناشيونال جيوغرافيك» على الفور للأسئلة حول المحادثات مع «فيسبوك». كما تم التواصل مع موقع «هافينغتون بوست» وموقع «كوارتز» للأعمال والاقتصاد. غير أنهما رفضا مناقشة مشاركتهما في المحادثات. وأحجم موقع «فيسبوك» عن التعليق على محادثاته الخاصة مع الناشرين. غير أن الشركة أشارت إلى أنها وفرت مميزات لمساعدة الناشرين على أفضل الاحتكاكات في موقع «فيسبوك»، بما في ذلك الأدوات التي كشف عنها النقاب في ديسمبر (كانون الأول) والتي تتيح لهم استهداف المقالات لدى مجموعة معينة من مستخدمي «فيسبوك»، مثل الشابات الصغيرات اللاتي يعشن في مدينة نيويورك ويعشقن السفر.
تعترف الشركة بأن الخطة الجديدة، التي يدافع عنها كريس كوكس، وهو المساعد الأول لرئيس «فيسبوك» لشؤون المنتجات، من شأنها إلغاء الإعلانات المعتادة التي يرفعها الناشرون حول محتوياتهم.
وعلى الرغم من أن أفكار تقاسم العائدات لا تزال قيد التغيير المستمر، فإحداها قد تتيح للناشرين عرض إعلان واحد في شكل مألوف ضمن كل مقالة تُنشر على صفحات «فيسبوك»، وفقا لإحدى الشخصيات التي على دراية بالمناقشات.

* خدمة «نيويورك تايمز»



فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
TT

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)

قد يكون من الواجب المهني الاعتراف بأن الجميع أخطأ في قراءة مجريات المعركة الانتخابية، والمؤشرات التي كانت كلها تقود إلى أن دونالد ترمب في طريقه للعودة مرة ثانية إلى البيت الأبيض. وترافق ذلك مع حالة من الإنكار لما كانت استطلاعات الرأي تُشير إليه عن هموم الناخب الأميركي، والأخطاء التي أدّت إلى قلّة التنبُّه لـ«الأماكن المخفية»، التي كان ينبغي الالتفات إليها.

لا ثقة بالإعلام الإخباري

وبمعزل عن الدوافع التي دعت جيف بيزوس، مالك صحيفة «واشنطن بوست»، إلى القول بأن «الأميركيين لا يثقون بوسائل الإعلام الإخبارية» لتبرير الامتناع عن تأييد أي من المرشحيْن، تظل «الحقيقة المؤلمة» أن وسائل الإعلام الأميركية، خصوصاً الليبرالية منها، كانت سبباً رئيسياً، ستدفع الثمن باهظاً، جراء الدور الذي لعبته في تمويه الحقائق عن الهموم التي تقضّ مضاجع الأميركيين.

صباح يوم الأربعاء، ومع إعلان الفوز الكاسح لترمب، بدا الارتباك واضحاً على تلك المؤسسات المكتوبة منها أو المرئية. ومع بدء تقاذف المسؤوليات عن أسباب خسارة الديمقراطيين، كانت وسائل الإعلام هي الضحية.

وفي بلد يتمتع بصحافة فعّالة، كان لافتاً أن تظل الأوهام قائمة حتى يوم الانتخابات، حين أصرت عناوينها الرئيسية على أن الأميركيين يعيشون في واحد من «أقوى الاقتصادات» على الإطلاق، ومعدلات الجريمة في انخفاض، وعلى أن حكام «الولايات الحمراء» يُضخّمون مشكلة المهاجرين، وأن كبرى القضايا هي المناخ والعنصرية والإجهاض وحقوق المتحولين جنسياً.

في هذا الوقت، وفي حين كان الجمهوريون يُسجلون زيادة غير مسبوقة في أعداد الناخبين، والتصويت المبكر، ويستفيدون من التحوّلات الديموغرافية التي تشير إلى انزياح مزيد من الناخبين ذوي البشرة السمراء واللاتينيين نحو تأييد ترمب والجمهوريين، أصرّت العناوين الرئيسية على أن كامالا هاريس ستفوز بموجة من النساء في الضواحي.

جيف بيزوس مالك «واشنطن بوست» (رويترز)

عجز عن فهم أسباب التصويت لترمب

من جهة ثانية، صحيفة «وول ستريت جورنال»، مع أنها محسوبة على الجمهوريين المعتدلين، وأسهمت استطلاعاتها هي الأخرى في خلق صورة خدعت كثيرين، تساءلت عمّا إذا كان الديمقراطيون الذين يشعرون بالصدمة من خسارتهم، سيُعيدون تقييم خطابهم وبرنامجهم السياسي، وكذلك الإعلام المنحاز لهم، لمعرفة لماذا صوّت الأميركيون لترمب، ولماذا غاب ذلك عنهم؟

في أي حال، رغم رهان تلك المؤسسات على أن عودة ترمب ستتيح لها تدفقاً جديداً للاشتراكات، كما جرى عام 2016، يرى البعض أن عودته الجديدة ستكون أكثر هدوءاً مما كانت عليه في إدارته الأولى، لأن بعض القراء سئِموا أو استنفدوا من التغطية الإخبارية السائدة.

وحتى مع متابعة المشاهدين لنتائج الانتخابات، يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر، ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق. وبغضّ النظر عن زيادة عدد المشاهدين في الأمد القريب، يرى هؤلاء أن على المسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام الإخبارية وضع مهامهم طويلة الأجل قبل مخاوفهم التجارية قصيرة الأجل، أو المخاطرة «بتنفير» جماهيرهم لسنوات مقبلة.

وهنا يرى فرانك سيزنو، الأستاذ في جامعة «جورج واشنطن» ورئيس مكتب واشنطن السابق لشبكة «سي إن إن» أنه «من المرجح أن يكون عهد ترمب الثاني مختلفاً تماماً عمّا رأيناه من قبل. وسيحمل هذا عواقب وخيمة، وقيمة إخبارية، وينشّط وسائل الإعلام اليمينية، ويثير ذعر اليسار». ويضيف سيزنو «من الأهمية بمكان أن تفكر هذه القنوات في تقييماتها، وأن تفكر أيضاً بعمق في الخدمة العامة التي من المفترض أن تلعبها، حتى في سوق تنافسية للغاية يقودها القطاع الخاص».

صعود الإعلام الرقمي

في هذه الأثناء، يرى آخرون أن المستفيدين المحتملين الآخرين من دورة الأخبار عالية الكثافة بعد فوز ترمب، هم صانعو الـ«بودكاست» والإعلام الرقمي وغيرهم من المبدعين عبر الإنترنت، الذين اجتذبهم ترمب وكامالا هاريس خلال الفترة التي سبقت الانتخابات. وهو ما عُدَّ إشارة إلى أن القوة الزائدة للأصوات المؤثرة خارج وسائل الإعلام الرئيسية ستتواصل في أعقاب الانتخابات.

وفي هذا الإطار، قال كريس بالف، الذي يرأس شركة إعلامية تنتج بودكاست، لصحيفة «نيويورك تايمز» معلّقاً: «لقد بنى هؤلاء المبدعون جمهوراً كبيراً ومخلصاً حقّاً. ومن الواضح أن هذا هو الأمر الذي يتّجه إليه استهلاك وسائل الإعلام، ومن ثم، فإن هذا هو المكان الذي يحتاج المرشحون السياسيون إلى الذهاب إليه للوصول إلى هذا الجمهور».

والواقع، لم يخسر الديمقراطيون بصورة سيئة فحسب، بل أيضاً تحطّمت البنية الإعلامية التقليدية المتعاطفة مع آرائهم والمعادية لترمب، وهذا ما أدى إلى تنشيط وسائل الإعلام غير التقليدية، وبدأت في دفع الرجال من البيئتين الهسبانيكية (الأميركية اللاتينية) والفريقية (السوداء) بعيداً عنهم، خصوصاً، العمال منهم.

يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق

تهميش الإعلام التقليدي

لقد كانت الإحصاءات تشير إلى أن ما يقرب من 50 مليون شخص، قد أصغوا إلى «بودكاست» جو روغان مع ترمب، حين قدم تقييماً أكثر دقة لمواقفه ولمخاوف البلاد من المقالات والتحليلات التي حفلت بها وسائل الإعلام التقليدية، عن «سلطويته» و«فاشيته» لتدمير المناخ وحقوق الإجهاض والديمقراطية. ومع ذلك، لا تزال وسائل الإعلام، خصوصاً الليبرالية منها، تلزم الصمت في تقييم ما جرى، رغم أن توجّه الناخبين نحو الوسائل الجديدة عُدّ تهميشاً لها من قِبَل الناخبين، لمصلحة مذيعين ومؤثّرين يثقون بهم. وبالمناسبة، فإن روغان، الذي يُعد من أكبر المؤثّرين، ويتابعه ملايين الأميركيين، وصفته «سي إن إن» عام 2020 بأنه «يميل إلى الليبرالية»، وكان من أشد المؤيدين للسيناتور اليساري بيرني ساندرز، وقد خسره الديمقراطيون في الانتخابات الأخيرة عند إعلانه دعمه لترمب. وبدا أن خطاب ساندرز الذي انتقد فيه حزبه جراء ابتعاده عن الطبقة العاملة التي تخلّت عنه، أقرب إلى ترمب منه إلى نُخب حزبه، كما بدا الأخير بدوره أقرب إلى ساندرز من أغنياء حزبه الجمهوري.