السيسي يطالب الأوروبيين بتفهم حقيقة الأوضاع في مصر

رافضاً توجيه بلاده في التعامل مع ملف حقوق الإنسان

السيسي خلال مشاركته أمس في قمة مصر ودول تجمع «فيشغراد» بالمجر (رئاسة الجمهورية)
السيسي خلال مشاركته أمس في قمة مصر ودول تجمع «فيشغراد» بالمجر (رئاسة الجمهورية)
TT

السيسي يطالب الأوروبيين بتفهم حقيقة الأوضاع في مصر

السيسي خلال مشاركته أمس في قمة مصر ودول تجمع «فيشغراد» بالمجر (رئاسة الجمهورية)
السيسي خلال مشاركته أمس في قمة مصر ودول تجمع «فيشغراد» بالمجر (رئاسة الجمهورية)

رافضاً توجيه بلاده في التعامل مع ملف حقوق الإنسان، طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، «أصدقاءه الأوروبيين»، بـ«تفهم حقيقة ما يحدث في مصر»، قائلاً: «نحن قيادة تحترم شعبها وتحبه وتسعى من أجل تقدمه».
وأضاف السيسي خلال كلمته في مؤتمر قمة تجمع «فيشغراد» مع مصر، المنعقدة في المجر: «مش محتاجين حد يقولنا معايير حقوق الإنسان عندكم فيها تجاوز... لا... أنا مسؤول عن 100 مليون نفس والحفاظ عليهم... وهذا أمر ليس باليسير... المجر فيها 10 مليون مواطن... هولندا فيها 40 مليون مواطن ومصر فيها 100 مليون».
وتسعى الحكومة المصرية إلى تكريس «مفهومها الشامل» لحقوق الإنسان، الذي يُعلي من قيمة الحقوق الصحية والاقتصادية والاجتماعية، في مواجهة انتقادات دولية تركز على قضايا الحريات، وتشير إلى «انتهاكات بالسجون».
وقال السيسي، خلال مشاركته أمس في العاصمة المجرية بودابست بقمة مصر ودول تجمع فيشغراد، الذي يضم المجر وبولندا والتشيك وسلوفاكيا، إن «65 في المائة من شعب مصر شباب وعنده أمل وعاوز يعيش... وعاوز أقول للأصدقاء في فيشغراد: أشكركم على الموقف الداعم للدولة المصرية». وأكد السيسي أن الدولة المصرية أطلقت مبادرة «حياة كريمة» من أجل «تحسين الحياة لـ60 مليون مواطن في الريف المصري، بكل ما تعنيه هذه الكلمة وما تحمله». وأضاف: «الرقم المخصص لمبادرة (حياة كريمة) يقارب 700 مليار جنيه حتى نغير حياة المواطنين في التعليم والصحة وشبكات الصرف الصحي والطرق... كل شيء». وأوضح أن الدولة المصرية لا تسمح بالهجرة غير الشرعية للحفاظ على حياة اللاجئين، متابعاً: «لا نقبل من منظور أخلاقي أو إنساني أن نتركهم في الطريق لأوروبا ويلقوا مصيرهم في البحر... لن نسمح لهؤلاء الناس بالمجهول أو الضياع». وأكد السيسي أن «مصر دولة تسعى بإصرار وعزيمة قوية من أجل التقدم والتحضر في كل المجالات... وما بذل في مصر خلال آخر سبع سنوات خير دليل على ذلك حتى نوفر حياة كريمة للمواطنين».
ووفق بيان للرئاسة المصرية، فإن القمة تناولت ظاهرة الهجرة غير المشروعة، التي تؤرق دول أوروبا، وأكد السيسي أن مواجهة تلك الظاهرة «بفاعلية تتطلب في المقام الأول معالجة جذورها ومسبباتها قبل أعراضها، وفي مقدمتها تسوية الصراعات الإقليمية، والتصدي بحزم ووضوح لمحاولات بعض الدول استغلال هذه الصراعات لاستعادة الدولة الوطنية ومؤسساتها مقاليد الأمور في هذه الدول، ما يتطلب موقفاً قوياً من مختلف الدول والكيانات، ومن بينها الاتحاد الأوروبي». ولفت إلى نجاح الجهود المصرية أكثر من غيرها في وقف الهجرة غير المشروعة عبر الحدود البحرية بشكل تام منذ عام 2016. وفيما يتعلق بالفكر المتطرف، أوضح السيسي أنه «ينبع بالأساس من ترجمة لفهم خاطئ لصحيح الدين وقيمه السمحاء التي تقوم على التنوع وتقبل الآخر والسعي للبناء والخير للجميع». ونقل البيان المصري، عن زعماء دول تجمع «فيشغراد»، «تثمينهم لجهود السيسي في قيادة مصر في إطار من السياسات المتوازنة والثابتة والشديدة الاعتدال، والتي انعكست في نجاحات كبيرة تمثلت في دحر الإرهاب في مصر ووقف موجات الهجرة غير الشرعية، وهي أمور تهتم بها أوروبا كثيراً»، مؤكدين أنهم سوف يبذلون جهودهم داخل الاتحاد الأوروبي لتوضيح ما تقوم به مصر بقيادة السيسي في هذا السياق لمزيد من الإيضاح لصورة الأوضاع في مصر ودعمها في مسلكها في التعامل مع كل القضايا ذات الصلة، وكذلك الجهود التنموية الكبيرة التي تبذل حالياً داخل مصر لرفع مستوى معيشة المواطنين والارتقاء بالخدمات وجميع مناحي الحياة. وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي، إن القمة تناولت تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، وكذلك خطر الإرهاب في أفريقيا وما ينتج عنه من تهديد لمقدرات الدول وأمن شعوبها.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.