كلاركسون مذيع من طراز نادر رغم إقالته من «بي بي سي»

برنامجه يدر دخلاً سنويًا يتجاوز 80 مليون دولار من بيعه لشبكات التلفزيون حول العالم

كلاركسون مذيع من طراز نادر رغم إقالته من «بي بي سي»
TT

كلاركسون مذيع من طراز نادر رغم إقالته من «بي بي سي»

كلاركسون مذيع من طراز نادر رغم إقالته من «بي بي سي»

تذكرت القول: «المغني قبل الأغنية».. أثناء انشغال الصحافة البريطانية والصحافة المتخصصة في السيارات عالميا بقضية جيريمي كلاركسون الذي اكتسب شهرة عالمية بتقديمه برنامج «توب غير» (TOP GEAR) ترس سباق السرعة العالية وتحدي الطرق الوعرة.
البرنامج يدر على «بي بي سي» دخلا سنويا يتجاوز 80 مليون دولار من بيعه لشبكات التلفزيون حول العالم.
نمت شهرة كلاركسون على طريقين متوازيين لا يلتقيان إلا في عالم يخاف قوانين الطبيعية. شخصيته التي تمتزج بالسيارة ورعونة السائقين الشبان وعبث لا تصادفه إلا بين صبيان ورش السيارات؛ وشخصية نمت وراء الكاميرات لم تظهر في البداية على الشاشة الصغيرة يلتف حولها الصغار قبل الكبار، وهي شخصية الشاب غير الناضج الأرعن (رغم أنه تجاوز منتصف الخمسينات) تنطلق الكلمات من عواطفه إلى فمه متجاوزة فلتر العقل بألفاظ شطبت من القواميس العامة قبل جيلين يعتبرها المجتمع إهانة وعنصرية. السلوك والكلمات التي غالبا ما يعاقب الكبار والمعلمون الصغار (أكثرية مشاهدي برنامج السيارات) إذا تفوهوا بها، والتي نشرت الصحافة لسنوات أن العديد من الناس اشتكوا من هذه الإهانات (ومعظمها خارج البرنامج، لكن كلاركسون كشخصية عامة تتابعه الصحافة والمعجبون)، ومنهم رئيس الوزراء الأسبق غوردون براون الذي وصفه كلاركسون مرة «بالاسكوتلندي الأعور العقل» (براون فقد البصر في إحدى عينيه). بمرور السنين بدأت الشخصية الرعناء تندمج بشخصيته على الشاشة الصغيرة، وازدادت حدة التصرفات عند مشاركة متفرجين في تصويره وكأنهم يعرفونه بشخصية الفتوة أو البلطجي قليل الذوق، فسيطرت على تصرفاته. وكان كلاركسون تلقى عشرات التحذيرات من المسؤولين في الـ«بي بي سي». فرغم أن برنامجه يدر أرباحا معتبرة، فإن الهيئة خدمة عامة ممولة مباشرة من المتفرجين (يدفع كل بيت رخصة إجبارية للبث). قبل أسبوعين أثناء التصوير في فندق في الريف الإنجليزي احتج كلاركسون، الذي وصل الفندق بعد انتهاء موعد تقديم الغداء، لعدم وجود وجبة ساخنة رغم أن منتج البرنامج المتنقل (وهو موظف في «بي بي سي») جهز بعض الساندويتشات، وبعد توجيه السباب لثلث ساعة للمنتج لكمه كلاركسون فجرح فمه.
عقب نشر الفضيحة جمع معجبو كلاركسون مليون توقيع (أوصلوا عرائضه لمبنى «بي بي سي» على ظهر دبابة قديمة اشتروها من مخزن لخردة الحرب العالمية الثانية) يطالبون بمسامحته.
التحقيق أثبت اعتداء كلاركسون بلا سبب على أحد العاملين في الهيئة (وكان اتحاد الصحافيين يلوح بضرورة أخذ الإدارة حق المعتدى عليه). وفصلت الهيئة كلاركسون فانقسم الرأي العام والمعلقون.
انقسم المعلقون ليس على خطوط اليمين المحافظ الدائم الانتقاد للـ«بي بي سي»، واليسار الذي يرى الهيئة تقود أسطوله المنشغل في معركة دائمة لتقويض الإرث الإمبراطوري والقيم الراسخة، كالأسرة التقليدية، ودور الكنيسة، والمؤسسة الملكية، ويعمل على إخضاع بريطانيا لسيادة الاتحاد الأوروبي. معلقو اليمين وجدوا في كلاركسون تحديا للرقابة الثقافية التي فرضها اليسار على روح الدعابة، وعلى قيادة الرجل للأسرة وإخضاع الحياة اليومية لأجندة الخضر، وتعليمات الاتحاد الأوروبي.
اعتبر بعض رموز اليمين إبعاد كلاركسون نجاحا للنخبة اليسارية المسيطرة على الـ«بي بي سي» (معظمهم من أبناء الأثرياء الذين اعتنقوا فلسفات اشتراكية ويسارية كنوع من الترف الفكري) في التخلص من ابن البلد الإنجليزي الذي يحمل روح الطبقات الفقيرة. أما حملة الصفح عن كلاركسون فاشتملت على يساريين ويمينيين. ورأى كثير من المحافظين في اعتداء كلاركسون على زميل باللفظ واليد تصرفا لا جنتلمانيا لا يمكن التسامح معه.
«المغني قبل الأغنية» يعني أن أداء المغني وتنويعه للنغم وتوظيف طبقات صوته كآلة موسيقية قد يجعل الأغنية العادية أوبرا عالمية أو يسقط أعظم أوبرا إلى ضوضاء سوق الماشية.. وكم من مرة تسمع مطربي الشرق اليوم ما يستطيعون مجتمعين أداء أغنية واحدة بعبقرية وموهبة كوكب الشرق السيدة أم كلثوم التي كانت تطرب الملايين بأغنيات تستمر كل منها أطول من مباراة كرة القدم في زمن كان الجمال فيه هو القاعدة والقبح هو الاستثناء. لكننا لم نجرب أن تغني كوكب الشرق هجاء قبيحا أو هراء لا يفهمه أحد لنقرر أن «المغني قبل الأغنية» قول مطلق وليس نسبيا لا ينفصل فيه الشكل عن المضمون.
فمثلا لا يعرف كثيرون من المدافعين عن كلاركسون بحجة حرية التعبير أنه قبل سنوات لجأ للقضاء (واختار محاميه تقديم الطلب لقاض معروف بكراهيته للصحافيين) ودفع آلاف الجنيهات لاستصدار حكم قضائي مسبق injunction يمنع الصحافيين من نشر أي أنباء عن فضيحة تورط فيها وشملت زوجته الحالية وزوجته السابقة، أي أنه لجأ للرقابة وتلجيم حريتها.
كاتب السطور يقف مع «بي بي سي» في القضية التي قالت الإدارة فيها إن البرنامج أهم وأبقى من مقدمه. وكم من برامج مستمرة لسبعة عقود يسكن نجومها ومقدموها الثرى ولا تزال ناجحة بالجيل الثالث والرابع من المقدمين.
البعض يقول فلنفصل بين شخصية المقدم على الشاشة وتصرفاته في الأيام العادية خارج البرنامج، لكن كلاركسون دمج الشخصيتين والتصرفين في واحدة. كان مزاجه وتصرفاته ونكاته وألفاظه تكاد تماثل ما يعرف بـ«football - hooligans» أسوأ أنواع «الألتراس» أو مشجعي كرة القدم الذين لا تكتمل متعة المباراة لديهم إلا بالشراب حتى الثمالة والدخول في معركة دامية مع مشجعي الفريق المنافس.
برنامج «توب غير» ممتع ومثير للضحك، لكن في مناقشة عامة حول البرنامج الأسبوع الماضي سألت المذيعة الحاضرين: مقدم البرنامج يعجب الناس بأدائه، لكن كم أبا هنا يرضى به زوجا لابنته؟
طرحت السؤال لأن شركات السيارات التي تمول البرنامج بسخاء للترويج لمنتجاتها هددت بسحب التمويل بسبب تصرفات وألفاظ مقدم البرنامج (واشتكى الهنود والأرجنتينيون والمكسيكيون وغيرهم من تصرفاته التي اعتبروها عنصرية عند تصوير البرنامج في بلدانهم).
وكان لي تجارب سابقة مع مقدمي برامج اعتبروا أنفسهم وأنفسهن أهم من البرنامج نفسه، بعضها أصرت على التخلص من المقدم المثير للمشكلات فازداد نجاح البرنامج وعدد المشاهدين، وفي حادثة أخرى قبل 17 عاما (كان للمدير المباشر علاقة شخصية بمقدمة تلفزيونية فاشلة أصر على فرضها على البرنامج) وفقدت المحطة مشاهديه. وعندما يعود برنامج السيارات «الترس الأعلى» بفريق آخر ستثبت التجربة ما إذا كان مقدم برنامج، رغم شهرته، قادرا على أخذ البرنامج رهينة أبدية وابتزاز مشاهديه والإدارة، أم أن البرنامج نفسه أهم؟
من تجربتي فإن المعد المحرر «executive producer» وقدرته على صياغة نص محكم خفيف الظل وقوة شخصيته في إصراره على التزام مقدمي البرنامج بالنص ستكون الفيصل في الإجابة عن السؤال.



كيف يؤطّر الإعلام المعارك ويتلاعب بسردياتها؟

دخان يتصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم «نور شمس» للاجئين قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية (إ ب أ)
دخان يتصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم «نور شمس» للاجئين قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية (إ ب أ)
TT

كيف يؤطّر الإعلام المعارك ويتلاعب بسردياتها؟

دخان يتصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم «نور شمس» للاجئين قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية (إ ب أ)
دخان يتصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم «نور شمس» للاجئين قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية (إ ب أ)

سواء في الحرب الروسية - الأوكرانية، أو الحروب المشتعلة في الشرق الأوسط راهناً، لعب الإعلام دوراً مثيراً للجدل، وسط اتهامات بتأطير مخاتل للصراعات، وصناعة سرديات وهمية.

هذا الدور ليس بجديد على الإعلام، حيث وثَّقته ورصدته دراسات دولية عدة، «فلطالما كانت لوسائل الإعلام علاقة خاصة بالحروب والصراعات، ويرجع ذلك إلى ما تكتسبه تلك الحروب من قيمة إخبارية بسبب آثارها الأمنية على الجمهور»، حسب دراسة نشرتها جامعة كولومبيا الأميركية عام 2000.

الدراسة أوضحت أن «الصراع بمثابة الأدرينالين في وسائل الإعلام. ويتم تدريب الصحافيين على البحث عن الخلافات والعثور على الحرب التي لا تقاوم. وإذا صادفت وكانت الحرب مرتبطة بهم، يزداد الحماس لتغطيتها».

لكنَّ الأمر لا يتعلق فقط بدور وسائل الإعلام في نقل ما يدور من أحداث على الأرض، بل بترويج وسائل الإعلام لروايات بعضها مضلِّل، مما «قد يؤثر في مجريات الحروب والصراعات ويربك صانع القرار والمقاتلين والجمهور والمراقبين»، حسب خبراء وإعلاميين تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، وأشاروا إلى أن «الإعلام في زمن الحروب يتخندق لصالح جهات معينة، ويحاول صناعة رموز والترويج لانتصارات وهمية».

يوشنا إكو

حقاً «تلعب وسائل الإعلام دوراً في الصراعات والحروب»، وفق الباحث الإعلامي الأميركي، رئيس ومؤسس «مركز الإعلام ومبادرات السلام» في نيويورك، يوشنا إكو، الذي قال إن «القلم أقوى من السيف، مما يعني أن السرد حول الحروب يمكن أن يحدد النتيجة».

وأشار إلى أن قوة الإعلام هي الدافع وراء الاستثمار في حرب المعلومات والدعاية»، ضارباً المثل بـ«الغزو الأميركي للعراق الذي استطاعت إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش تسويقه للرأي العام الأميركي باستخدام وسائل الإعلام».

وأضاف إكو أن «وسائل الإعلام عادةً ما تُستخدم للتلاعب بسرديات الحروب والصراعات للتأثير في الرأي العام ودفعه لتبني آراء وتوجهات معينة»، مشيراً في هذا الصدد إلى «استخدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسائل الإعلام لتأطير الحرب ضد أوكرانيا، وتصويرها على أنها عملية عسكرية وليست حرباً».

لكنَّ «الصورة ليست قاتمة تماماً، ففي أحيان أخرى تلعب وسائل الإعلام دوراً مناقضاً»، حسب إكو، الذي يشير هنا إلى دور الإعلام «في تشويه سمعة الحرب الأميركية في فيتنام مما أجبر إدارة الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون على الاعتراف بالخسارة ووقف الحرب».

وبداية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عُقدت الحلقة الدراسية الإعلامية الدولية الثلاثية للأمم المتحدة حول السلام في الشرق الأوسط بجنيف، لبحث التحديات في متابعة «حرب غزة». وأشارت المناقشات إلى «تأطير الإعلام إسرائيل على أنها بطل للرواية، حيث تكون إسرائيل هي الأخيار وفلسطين وحماس الأشرار»، ولفتت المناقشات إلى أزمة مماثلة خلال تغطية الحرب الروسية - الأوكرانية. وقالت: «من شأن العناوين الرئيسية في التغطية الإعلامية أن تترك المرء مرتبكاً بشأن الوضع الحقيقي على الأرض، فلا سياق للأحداث».

ستيفن يونغبلود

وهنا، يشير مدير ومؤسس «مركز صحافة السلام العالمية» وأستاذ الإعلام ودراسات السلام في جامعة بارك، ستيفن يونغبلود، إلى أن «الصحافيين يُدفعون في أوقات الحروب إلى أقصى حدودهم المهنية والأخلاقية». وقال: «في هذه الأوقات، من المفيد أن يتراجع الصحافي قليلاً ويأخذ نفساً عميقاً ويتمعن في كيفية تغطية الأحداث، والعواقب المترتبة على ذلك»، لافتاً في هذا الصدد إلى «صحافة السلام بوصفها وسيلة قيمة للتأمل الذاتي». وأضاف أن «الإعلام يلعب دوراً في تأطير الحروب عبر اعتماد مصطلحات معينة لوصف الأحداث وإغفال أخرى، واستخدام صور وعناوين معينة تخدم في العادة أحد طرفي الصراع».

وتحدث يونغبلود عن «التباين الصارخ في التغطية بين وسائل الإعلام الغربية والروسية بشأن الحرب في أوكرانيا»، وقال إن «هذا التباين وحرص موسكو على نشر سرديتها على الأقل في الداخل هو ما يبرر تأييد نحو 58 في المائة من الروس للحرب».

أما على صعيد «حرب غزة»، فيشير يونغبلود إلى أن «أحد الأسئلة التي كانت مطروحة للنقاش الإعلامي في وقت من الأوقات كانت تتعلق بتسمية الصراع هل هو (حرب إسرائيل وغزة) أم (حرب إسرائيل وحماس)؟». وقال: «أعتقد أن الخيار الأخير أفضل وأكثر دقة».

ويعود جزء من السرديات التي تروجها وسائل الإعلام في زمن الحروب إلى ما تفرضه السلطات عليها من قيود. وهو ما رصدته مؤسسة «مراسلون بلا حدود»، في تقرير نشرته أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أشارت فيه إلى «ممارسة إسرائيل تعتيماً إعلامياً على قطاع غزة، عبر استهداف الصحافيين وتدمير غرف الأخبار، وقطع الإنترنت والكهرباء، وحظر الصحافة الأجنبية».

خالد القضاة

الصحافي وعضو مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين، خالد القضاة، يرى أن «الدول والمنظمات التي تسعى لفرض الإرادة بقوة السلاح، عادةً ما تبدأ حروبها بالإعلام». وأوضح أن «الإعلام يُستخدم لتبرير الخطوات المقبلة عبر تقديم سرديات إما مشوَّهة وإما مجتزَأة لمنح الشرعية للحرب».

وقال: «في كثير من الأحيان تُستخدم وسائل الإعلام للتلاعب بالحقائق والشخوص وشيطنة الطرف الآخر وإبعاده عن حاضنته الشعبية»، وأشار إلى أن ذلك «يكون من خلال تبني سرديات معينة والعبث بالمصطلحات باستخدام كلمة عنف بدلاً من مقاومة، وأرض متنازع عليها بدلاً من محتلة».

وأضاف القضاة أن «تأطير الأحداث يجري أيضاً من خلال إسباغ سمات من قبيل: إرهابي، وعدو الإنسانية، على أحد طرفَي الصراع، ووسم الآخر بـ: الإصلاحي، والمدافع عن الحرية، كل ذلك يترافق مع استخدام صور وعناوين معينة تُسهم في مزيد من التأطير»، موضحاً أن «هذا التلاعب والعبث بسرديات الحروب والصراعات من شأنه إرباك الجمهور والرأي العام وربما التأثير في قرارات المعارك ونتائجها».

ولفت إلى أنه «قياساً على الحرب في غزة، يبدو واضحاً أن هذا التأطير لتغليب السردية الإسرائيلية على نظيرتها في الإعلام الغربي». في الوقت نفسه أشار القضاة إلى «إقدام الإعلام على صناعة رموز والحديث عن انتصارات وهمية وزائفة في بعض الأحيان لخدمة سردية طرف معين، وبث روح الهزيمة في الطرف الآخر».

منازل ومبانٍ مدمَّرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)

كان «مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية» قد أشار في تقرير نشره في ديسمبر (كانون الأول) 2023، إلى أن «اللغة التحريضية لتغطية وسائل الإعلام الأميركية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي تؤثر في تصور المجتمعات المختلفة بعضها لبعض ويمكن أن تكون سبباً لأعمال الكراهية». وأضاف: «هناك تحيز في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بهدف إثارة رد فعل عاطفي، بدلاً من تقديم رؤية حقيقية للأحداث».

حسن عماد مكاوي

عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، الدكتور حسن عماد مكاوي، يرى أن «توظيف الدول وأجهزة الاستخبارات لوسائل الإعلام أمر طبيعي ومتعارف عليه، لا سيما في زمن الحروب والصراعات». وقال إن «أحد أدوار الإعلام هو نقل المعلومات التي تؤثر في اتجاهات الجماهير لخدمة أهداف الأمن القومي والسياسة العليا». وأضاف أن «وسائل الإعلام تلعب هذا الدور بأشكال مختلفة في كل دول العالم، بغضّ النظر عن ملكيتها، وانضمت إليها حديثاً وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يجري توظيف شخصيات تبدو مستقلة للعب نفس الدور ونقل رسائل الدولة أو الحكومة».

وأشار مكاوي إلى أن «هذه العملية لا تخلو من ترويج الشائعات ونشر أخبار مضللة، والتركيز على أمور وصرف النظر عن أخرى وفق أهداف محددة مخططة بالأساس». وضرب مثلاً بـ«حرب غزة» التي «تشهد تعتيماً إعلامياً من جانب إسرائيل لنقل رسائل رسمية فقط تستهدف تأطير الأحداث في سياق معين».