إيمانويل ماكرون يعرض «خطة فرنسا 2030»

باريس تريد استعادة «سيادتها الصناعية» ومواجهة عشرة تحديات رئيسية

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث خلال تقديم «خطة فرنسا 2030» للاستثمار بقصر الإليزيه (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث خلال تقديم «خطة فرنسا 2030» للاستثمار بقصر الإليزيه (أ.ب)
TT

إيمانويل ماكرون يعرض «خطة فرنسا 2030»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث خلال تقديم «خطة فرنسا 2030» للاستثمار بقصر الإليزيه (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث خلال تقديم «خطة فرنسا 2030» للاستثمار بقصر الإليزيه (أ.ب)

30 مليار يورو من الاستثمارات هي قيمة الخطة الخمسية التي كشف عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كلمة له قبل ظهر أمس في قصر الإليزيه بحضور العشرات من رؤساء ومديري الشركات والكثير من الطلاب في إطار ما سماها «خطة فرنسا 2030». ووفق الكلمة الرئاسية، فإن الخطة المذكورة يُفترض بها أن تعيد فرنسا إلى «استعادة طريق الاستقلالية» التي برز غيابها على أكثر من صعيد في السنوات الأخيرة. وقبل الدخول في تفاصيل الخطة التي أعلن عن الإعداد لها في شهر يوليو (تموز) الماضي، عرض ماكرون للتحديات الرئيسية التي تواجهها بلاده والمترتبة جزئياً على وباء «كوفيد - 19»، واضعاً في المقدمة التحدي المناخي الذي يدفع إلى «تغيير عادات الإنتاج والاستهلاك»، وأتبعه بالتحدي الديموغرافي متعدد الأوجه أكان لجهة زيادة أعداد السكان أو لجهة استطالة الأعمار وازدياد أعداد الهرمين أو لجهة الهجرات العشوائية من البلدان النامية باتجاه البلدان الغربية بشكل رئيسي. أما التحدي الثالث، وهو داخلي بالدرجة الأولى، فعنوانه اتساع الهوة بين البلدان الغنية والأخرى الأقل غنى كما اتساع الفروقات والتمايزات في المجتمع الواحد. بيد أن الهدف الأول لـماكرون هو تعزيز «السيادة الصناعية» لفرنسا من خلال الرهان على الأبحاث والتجديد والإنتاج وتوسيع مروحة القطاعات التي تتحلى فيها فرنسا بالريادة. وبأي حال، فإن الرئيس الفرنسي الذي يرجَّح أن يخوض الانتخابات الرئاسية الربيع القادم من أجل ولاية جديدة، يريد إطلاق خطة متوسطة الأمد تكون استكمالاً للخطة التي أعلن عنها للتغلب على الوهن الذي ضرب الاقتصاد في الأشهر العشرين الأخيرة. ويرى الرئيس الفرنسي أن الخطوة الأولى تتمثل في التركيز على الأبحاث المرتبطة بالصناعة والإنتاج بكل مناحيه بعد ما يعد تراجعاً فرنسياً في هذا المجال. وفي هذا السياق قال الرئيس الفرنسي: «يتعين منذ الآن أن نتبنى هذه الاستراتيجية التي تقودنا إلى أن نجدد وننتج ونصدر وبذلك نتمكن من توفير التمويل اللازم لنظامنا الاجتماعي»، مضيفاً أنه «يتعين علينا أن نرى في أي مجالات يمكن أن نكون رواداً»، منبهاً إلى أن هناك مجالات تأخرت فيها فرنسا عن الآخرين ويتعين تلافي هذا النقص.
بعد هذا التوصيف، طرح ماكرون عشرة أهداف رئيسية يتناول أولها الطاقة النووية التي يريد أن تستثمر فيها فرنسا ما لا يقل عن مليار يورو. وفيما أسعار الغاز والنفط تقفز من مستوى إلى آخر، شدد ماكرون على ضرورة الاستثمار المتقدم في هذا القطاع داعياً الشركات الفرنسية العاملة فيه إلى التركيز على إنتاج مفاعلات نووية صغيرة «لإنتاج الطاقة الكهربائية» وتطوير التكنولوجيات الخاصة بمعالجة النفايات النووية وزيادة أمن المنشآت. وتجدر الإشارة إلى أن الجدل حامٍ في فرنسا بين الداعين للتخلص من النووي والتركيز على الطاقة النظيفة والمتجددة «الشمسية والهوائية والمائية» والذين يتمسكون بالنووي، فيما الموقف الرسمي يقوم على الدمج بين الاثنتين. وفي هذا السياق، يريد ماكرون للصناعات الفرنسية أن تركز (التحدي الثاني) أنشطتها البحثية والعلمية والصناعية من أجل التحول إلى بلد رائد في إنتاج «الهيدروجين الأخضر» الذي يمكن أن يحل في السنوات القادمة محل الطاقة التقليدية. ولأن التحديات المناخية تفترض الحد من إفرازات ثاني أكسيد الكربون المضرة بالمناخ، فإن ماكرون يريد «الاستثمار بكثافة للمساعدة على إزالة الكربون من الصناعة خصوصاً في قطاعات الصلب والإسمنت والإنتاج الكيميائي فضلاً عن قطاع النقل بجميع أشكاله البري والبحري والجوي. ولذا، فإن الحكومة تريد أن تجتذب 8 مليارات يور للاستثمار في هذه القطاعات لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون». وفي السياق عينه، تنص «خطة فرنسا 2030» على التوصل إلى إنتاج مليوني سيارة كهربائية وهجينة فرنسية الصنع بحلول عام 2030. ولذا، فإنه دعا الشركات الفرنسية المصنِّعة للسيارات إلى أن تتحمل مسوؤلياتها بحيث لا تتحول شوارع فرنسا إلى مسرح لسيارات كهربائية منتَجة في بلدان أخرى. وفي قطاع النقل الجوي، يريد ماكرون أن تنجح فرنسا ولكن أيضاً بالتعاون مع أوروبا في إنتاج أول طائرة تجارية منخفضة انبعاثات الكربون.
لا تتوقف التحديات التي رصدها ماكرون عند هذه الحدود. فثمة تحديان رئيسيان يريد لبلاده أن تواجههما من غير تأخير: الأول، الاستثمار في الفضاء حيث التنافس على أشده بين القوى الكبرى، ولكن أيضاً بين الشركات العملاقة الخاصة. ويريد ماكرون لفرنسا أن تسهم في «المغامرة الفضائية». والتحدي الثاني عنوانه المساهمة في اكتشاف أعماق البحار، ما سيمكّن باريس من جهة، في تعميق وتوسيع معارفها العلمية في ملف المحيطات ومن جهة أخرى التوصل إلى حيازة المعادن النادرة الضرورية في الصناعات الرائدة.
ثمة نقص تعاني منه الصناعات الفرنسية «كما الصناعات العالمية الأخرى» وعنوانه عدم توافر المكونات الإلكترونية الضرورية المنتجة بشكل رئيسي في الصين والهند... ولذا، فإن ماكرون، من باب استعادة السيادة الصناعية، يريد استثمار 6 مليارات يورو لزيادة القدرات الإنتاجية الفرنسية ولتوفير المخزون الضروري ولكن أيضاً لتأهيل الطلاب في المعاهد العلمية والفنيين الذين سيعملون في هذا القطاع الواعد مع التركيز على الحاجة إلى التعاون على المستوى الأوروبي. وفي سياق خطط التجديد والتطوير، يرى الرئيس الفرنسي أن على بلاده مواجهة تحدي الرقمنة والمكننة للقطاع الزراعي وخفض استخدام المبيدات والأدوية الزراعية من أجل توفير إنتاج زراعي ذي قيمة. كذلك يريد ماكرون أن تنتج المختبرات الفرنسية 20 دواءً طبيعياً لمحاربة السرطان والأمراض المزمنة والأخرى الطارئة، فيما التحدي الأخير عنوانه ثقافي وأليته دعم الإنتاج الثقافي الفرنسي خصوصاً السينمائي والتلفزيوني في وجه جبابرة القطاع من الأميركيين مثل «نتفليكس» أو «أمازون» أو «ديزني» أو غيرها. ويرى الرئيس الفرنسي أن هذه المعركة «حضارية ومعركة قيم»، إذ يتعين على الضالعين في هذا القطاع أن يحضّروا فرنسا لتكون جاهزة لهذه المنافسة الحادة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».