القاهرة تؤكد رفضها المساس بأمن الملاحة في الخليج العربي

رئيس الوزراء المصري ونظيره اليمني في القاهرة مساء الأحد (الحكومة المصرية)
رئيس الوزراء المصري ونظيره اليمني في القاهرة مساء الأحد (الحكومة المصرية)
TT

القاهرة تؤكد رفضها المساس بأمن الملاحة في الخليج العربي

رئيس الوزراء المصري ونظيره اليمني في القاهرة مساء الأحد (الحكومة المصرية)
رئيس الوزراء المصري ونظيره اليمني في القاهرة مساء الأحد (الحكومة المصرية)

أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، لنظيره اليمني معين عبد الملك، رفض بلاده «محاولات المساس بحرية وأمن الملاحة في الخليج العربي ومضيق باب المندب»، مشدداً على إيمان القاهرة بأن «الحل السياسي هو السبيل الأمثل للأزمة اليمنية، ورفض محاولات فرض الأمر الواقع بالقوة».
واستقبل رئيس الوزراء المصري، نظيره اليمني، مساء أول من أمس، في القاهرة، وشدد مدبولي خلال اللقاء على «ضرورة عدم المساس بالشريان الملاحي الحيوي (مضيق باب المندب) الذي يؤثر على الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين»، مؤكداً حرص مصر على «تنسيق الجهود بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن في عملية تأمين الملاحة عبر مضيق باب المندب».
وعقدت جلسة مباحثات بين مدبولي وعبد الملك، بمقر الحكومة المصرية، لبحث سُبل تعزيز علاقات التعاون بين البلدين، بحضور وزراء البترول والثروة المعدنية، والتخطيط والتنمية الاقتصادية، والتعاون الدولي، والصحة والسكان، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصريين، وضم الوفد اليمني كلا من وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والاتصالات وتقنية المعلومات، والنفط والمعادن، والنقل، والصحة العامة والسكان، فضلاً عن عدد من مسؤولي البلدين.
ولفت مدبولي إلى أن مصر «رحبت بتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة تنفيذاً لاتفاق (الرياض) برعاية المملكة العربية السعودية الشقيقة، كما أنها ملتزمة بدعم الحكومة اليمنية للقيام بواجباتها الوطنية تجاه الشعب اليمني الشقيق، ودعمها للجهود السعودية لتنفيذ كي بنود (اتفاق الرياض) كخطوة هامة في إطار التسوية السياسية الشاملة، فضلاً عن ترحيبها بالمبادرة السعودية الأخيرة لحل الأزمة اليمنية، التي تم الإعلان عنها في مارس (آذار) 2021».
وأشاد مدبولي بعمق ومتانة العلاقات التاريخية التي تربط مصر واليمن، مؤكداً في هذا الصدد على ثوابت الموقف المصري تجاه القضية اليمنية، الذي يرتكز على دعم الحكومة الشرعية، ودعم وحدة الدولة اليمنية واستقلالها وسلامة أراضيها.
كما نوّه بدعم مصر للجهود الرامية للتوصل لحل سياسي شامل للأزمة اليمنية بما يضمن وحدة وسيادة واستقلال اليمن، ويلبي طموحات الشعب اليمني وينهي معاناته الإنسانية، وفقاً للمرجعيات الأساسية للأزمة، التي تتمثل في المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني عام 2013، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وخاصة القرار 2216. هذا بالإضافة إلى دعمها لجهود المبعوث الأممي لليمن من أجل التوصل لحل سياسي شامل.
وعلى نحو خاص، تطرق رئيس الوزراء المصري لخطورة تداعيات الخزان النفطي العائم (صافر)، الذي يشهد تسريبات نفطية على مدار الأعوام الستة الماضية بشكل يهدد البيئة والملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، مشدداً على «ضرورة حشد الجهود لمواجهة تلك الكارثة البيئية، واستعداد مصر لتقديم كل سبل الدعم الفني اللازم في هذا الشأن».
وأشار مدبولي إلى مواصلة مصر «تقديم كل أنواع الدعم الممكن للحكومة اليمنية، بما في ذلك الدعم الفني، والتدريب، وإعداد الكوادر اليمنية في مختلف المجالات، فضلاً عن دعمها للمواطنين اليمنيين الأشقاء على الصعيد الإنساني، هذا بالإضافة إلى تقديم معاملة متساوية لليمنيين في مصر أسوة بأشقائهم المصريين في الخدمات التعليمية والعلاجية».
بدوره أشاد رئيس الوزراء اليمني بـ«علاقات التعاون والأخوة التي تربط مصر واليمن، مؤكداً أن «اليمنيين يدينون لمصر بمفهوم الدولة الحديثة، والدعم الذي قدمه دوماً الأشقاء في مصر إلى اليمن وشعبه»، بحسب بيان الحكومة المصرية. وأكد عبد الملك أن «الحكومة اليمنية تؤدي دورها وسط ظروف داخلية وإقليمية بالغة الصعوبة، وتعمل جاهدة على تلبية تطلعات اليمنيين في الحياة الكريمة، بعيداً عن التدخلات الأجنبية، من أجل الحفاظ على القرار اليمني، ووحدة وسيادة الدولة اليمنية».
وتطرق رئيس الوزراء اليمني إلى «ملفات التعاون المقترحة مع مصر في مجالات البترول والغاز والكهرباء والاتصالات، لا سيما الاستفادة من تجربة مصر الناجحة في تطوير قطاع البريد، بالإضافة إلى مجالات الصحة والنقل البحري والجوي والتعليم».
واستعرض الوزراء اليمنيون، موضوعات التعاون المقترحة مع مصر، التي تمثلت بالأساس في «الاستفادة من خبرات مصر في مجال التدريب وبناء القدرات، وكذا استغلال الموارد اليمنية في قطاعات البترول والغاز، في ضوء النجاحات التي حققها قطاع البترول المصري، التي يرغب الجانب اليمني في الاستفادة منها».
وأكد الوزراء اليمنيون على «أهمية تفعيل اللجنة المشتركة في مجال النقل، ودعوة الشركات المصرية للمساهمة في إعادة هيكلة وتطوير الموانئ اليمنية، فضلاً عن تطلع اليمن للاستفادة من التجربة المصرية الفريدة والرائدة في تطوير الريف المصري (حياة كريمة)».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.