البرهان يطالب بحل الحكومة السودانية للخروج من الأزمة السياسية

يرفض الشراكة مع المدنيين «بشكلها الحالي»

البرهان يطالب بحل الحكومة السودانية للخروج من الأزمة السياسية
TT

البرهان يطالب بحل الحكومة السودانية للخروج من الأزمة السياسية

البرهان يطالب بحل الحكومة السودانية للخروج من الأزمة السياسية

شن رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، حملة تصعيدية جديدة ضد المكون المدني في الشراكة السياسية الحاكمة للفترة الانتقالية، رفض خلالها استمرار الشراكة مع المدنيين بشكلها «القديم»، واشترط إقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة، للخروج من الأزمة السياسية والتشريعية التي تعيشها البلاد.
وبعد أيام قليلة من الهدوء النسبي في التوتر بين العسكريين والمدنيين، عادت اللهجة والتصعيد مجدداً، بتجاهل واضح من قبل المكون العسكري، لمحاولات رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك إخراج البلاد من حالة الانغلاق التي ظلت تعيشها منذ المحاولة، وذلك إثر التوتر بين شريكي الحكم الذي أعقب المحاولة الانقلابية الفاشلة في الشهر الماضي، ونتج عنه «تجميد غير معلن» لآليات الشراكة بين المدنيين والعسكريين.
وذكر تلفزيون «الشرق» أن البرهان قال في خطاب لعسكريين بمنطقة «الخرطوم بحري العسكرية» أمس، إن أي حلول للوضع السياسي الراهن في البلاد، لن تمر إلّا عبر «حل الحكومة الحالية»، مضيفاً: «ليست هناك حلول للوضع الراهن إلّا بحل الحكومه الحالية، وتوسعة قاعدة الأحزاب السياسية في الحكومة الانتقالية».
وأوضح البرهان أن المدنيين ظلوا يتواصلون مع المكون العسكري في مجلس السيادة، منذ اندلاع الأزمة من أجل استمرار الشراكة بشكلها «الحالي»، بيد أن المكون العسكري «رفض كل المحاولات لاستمرار الشراكة بشكلها السابق»، واشترط توسيع قاعدة الأحزاب لتشمل الجميع عدا حزب «المؤتمر الوطني» الذي حكم البلاد لثلاثين عاماً برئاسة عمر البشير.
وطالب البرهان بتسريع تكوين المحكمة الدستورية، وتعيين رئيس قضاء مستقل، وتشكيل مجلس تشريعي يمثل كل الشعب باسثتناء «المؤتمر الوطني»، وهي المطالب نفسها التي درج الشركاء المدنيون على المطالبة بها، متهمين المكون العسكري في مجلس السيادة بتعطيلها. وكان عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان قد ذكر ضمن تداعيات الأزمة أن الطرفين فشلا في التوافق على «رئيس قضاء» بسبب تعنت العسكريين في مجلس السيادة.
لكن إعلام مجلس السيادة الانتقالي، خفف من لهجة البرهان الحادة، وقال في نشرة درج على توزيعها للصحافيين عبر وسائط التواصل الاجتماعي، إن البرهان جدد تأكيد حرصه على أهمية التوافق الوطني وتوسيع قاعدة المشاركة، بإشراك القوى الثورية والوطنية كافة، مستثنياً من ذلك حزب «المؤتمر الوطني» المحلول.
وجدد البرهان التأكيد على حماية الجيش للفترة الانتقالية وصولاً إلى انتخابات حرة ونزيهة، وندد بما سماه «محاولات إقصاء القوات المسلحة من المشهد الانتقالي»، قائلاً إن «بعض القوى السياسية تحاول أن تشغل الرأي العام بافتعال مشاكل مع القوات المسلحة والدعم السريع، والتشكيك في وطنيتها، والزج بها في معضلات تعيق الانتقال السياسي، وقد تسببت فيها هذه القوى برفضها الحوار ومشاركة الآخر». وشدد البرهان على أن قيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية «ليست مكاناً للمزايدة السياسية ولن تخضع للمحاصصات الجارية حالياً». وتابع: «من يقرر بشأنها هو من يختاره الشعب عن طريق الانتخابات»، وذلك في إشارة إلى المطالبات بإعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية.
ويعيش السودان أزمة سياسية وحالة من التوتر بين شركاء المرحلة الانتقالية المدنيين والعسكريين، غداة إفشال محاولة انقلابية نظمها ضباط في القوات المسلحة في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، علقت بسببها الاجتماعات واللقاءات في مجلسي السيادة، واللقاء المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء الذي يمثل برلماناً مؤقتاً.
وتبادل الطرفان خلال الفترة التي قاربت الثلاثة أسابيع الاتهامات والحملات الإعلامية والحملات المضادة بين المكونين المدني والعسكري، بلغت حد الاتهام بأن المكون العسكري يسعى لتدبير «انقلاب أبيض» ينحي بموجبه «تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير» الشريك في الحكم الانتقالي، بحسب الوثيقة الدستورية، وتكوين تحالف جديد يحمل الاسم ذاته، تحت دعاوى «الإقصاء والسيطرة على المشهد السياسي».
ومنذ اندلاع الأزمة، حاول رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مراراً وتكراراً، عقد اجتماعات مع البرهان منفردين ومع لجنة وزارية، قبل أن يجتمع أول من أمس، منفرداً مع المكون العسكري بكامله، لحل الأزمة دون جدوى. وقال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن الطرفين تحدثا في اجتماع أول من أمس، دون ردود، قائلاً: «يبدو أن هذا هو رد البرهان على مقترحات رئيس الوزراء».
ولا تعطي الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية والموقعة من قبل العسكريين والمدنيين في أغسطس (آب) 2019، البرهان ومجلس السيادة أي سلطة دستورية بحل الحكومة، وتقصر دوره على اعتماد تعيين رئيس الوزراء الذي تختاره «قوى الحرية والتغيير»، والوزراء الذين يعينهم رئيس الوزراء بترشيحات من الحرية والتغيير أيضاً.
ووفقاً للوثيقة الدستورية، فإن مجلس السيادة بمجموع أعضائه، يمثل رأس الدولة وسيادتها ووحدتها، ويمثل القائد العام للقوات المسلحة، وقوات الدعم السريع والقوات النظامية الأخرى، ويتكون بتوافق بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، ولم تعطِ الوثيقة أي سلطة لرئيس مجلس السيادة منفرداً عدا التوقيع نيابة عن المجلس، ويكون عسكرياً في الفترة الأولى من المرحلة الانتقالية، ومدنياً في الفترة الثانية منها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».