الحكومة التونسية الجديدة تؤدي اليمين الدستورية

السعودية ترحب بتشكيلها وتعرب عن أملها في أن تحقق تطلعات الشعب

الرئيس قيس سعيد في صورة جماعية مع أعضاء الحكومة التونسية الجديدة بعد أداء اليمين الدستورية أمس (رويترز)
الرئيس قيس سعيد في صورة جماعية مع أعضاء الحكومة التونسية الجديدة بعد أداء اليمين الدستورية أمس (رويترز)
TT

الحكومة التونسية الجديدة تؤدي اليمين الدستورية

الرئيس قيس سعيد في صورة جماعية مع أعضاء الحكومة التونسية الجديدة بعد أداء اليمين الدستورية أمس (رويترز)
الرئيس قيس سعيد في صورة جماعية مع أعضاء الحكومة التونسية الجديدة بعد أداء اليمين الدستورية أمس (رويترز)

كشفت نجلاء بودن، رئيسة الحكومة التونسية المكلفة، أمس، عن تشكيلة الحكومة الجديدة، بحضور رئيس الجمهورية قيس سعيد، الذي أشرف على أداء أعضاء الحكومة لليمين الدستورية أمامه، ووعد بفتح «حوار وطني حقيقي، وليس مجرد حوار كما حدث في السنوات الماضية»، ومواصلة العمل بالتدابير الاستثنائية.
ورحبت المملكة العربية السعودية على لسان وزارة الخارجية، بتشكيل الحكومة التونسية الجديدة، وأعربت عن أملها في أن تحقق هذه الحكومة تطلعات الشعب التونسي الشقيق في كل ما يحقق له الرفاه والتقدم، كما أكدت حرصها على كل ما من شأنه تحقيق دعائم الاستقرار والتنمية في الجمهورية التونسية.
وتتكون الحكومة الجديدة، التي ستخلف حكومة هشام المشيشي المقالة منذ أكثر من شهرين، من 26 عضواً بما في ذلك رئيسة الحكومة، وتمثل حصة المرأة فيها نحو 38 في المائة، أي تسع حقائب وزارية ورئيسة للحكومة ضمن تركيبة تتكون من 24 وزارة، وكاتبة دولة وحيدة، علاوة على رئيسة الحكومة.
واحتفظت التركيبة الجديدة للحكومة بوزراء الصحة والخارجية والمالية والتربية، بينما غادر محمد الطرابلسي وزير الشؤون الاجتماعية الحكومة، رغم أنه الممثل الوحيد لاتحاد الشغل (نقابة العمال)، ما يضفي غموضاً حول العلاقة المقبلة بينه وبين حكومة بودن.
وبعد أداء اليمين الدستورية أمامه، قال سعيد في خطاب وجهه للتونسيين إن أكبر التحديات التي سيواجهها «إنقاذ الدولة التونسية من براثن المتربصين بها في الداخل والخارج، ومن براثن من يعتقدون أن المناصب غنيمة أو قسمة للأموال العمومية أو قسمة لمراكز النفوذ»، ووعد بفتح كل الملفات قائلاً: «لا مكان لمن يريد العبث بسيادة الدولة والشعب». مضيفاً: «لقد نهبوا كثيراً من أموال الشعب، وسرقوا مقدراته... لكننا سنحبط ما قد يخططون له في مقبل الأيام».
وبخصوص الحوار السياسي، الذي سيجريه مع بقية ممثلي المشهد السياسي، قال رئيس الجمهورية: «سنعمل في مقبل الأيام على إيجاد إطار لحوار وطني حقيقي»، مبرزاً أن العمل والإرادة يتجهان إلى «حوار مع الشباب بكل جهات تونس، ومع كل التونسيين ممن يقبلون بالحوار الثابت والصادق لاستكمال الثورة، واستكمال حركة التصحيح والتحرير، وسيتم وضع مواعيد محددة لكل محطّة من هذه المحطّات».
أما بخصوص الإجراءات الاستثنائيّة، فقد أوضح الرئيس: «إننا لا نريد أن نبقى في ظلّ التدابير الاستثنائية، ولكن سنبقي على العمل بهذه الإجراءات ما دام هناك خطر جاثم في المجلس النّيابي (المعلقة صلاحياته)، وفي عدد من المؤسسات الأخرى، وسنتعقب الفاسدين، وستعود أموال الشعب للشعب، وليس لمن يعمل على إسقاط الدولة التونسية»، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، اتهم الرئيس سعيد أشخاصاً لم يسمهم بحثّ فرنسا على عدم تنظيم بلاده للقمة الفرنكفونية، بهدف إفساد العلاقة مع باريس على وجه الخصوص. وقال إن هناك من دأب على التوجه إلى العواصم والحركات والأحزاب والأشخاص «لحثهم على عدم تنظيم هذه القمة في مدينة جربة بحجة أن تونس غير مستقرة»، وأضاف متسائلاً: «هل أطلقت رصاصة؟ هل سالت دماء؟ هل سجن أحد من أجل موقف عبر عنه؟ تونس وجزيرة جربة آمنة ككل شبر من هذا الوطن».
في سياق ذلك، دافع الرئيس سعيد عن الفترة الاستثنائية التي تمر بها تونس قائلاً: «يصورون الوضع على أنه انقلاب... لكن كيف يكون ذلك انقلاباً وقد استند على فصل دستوري، بعد أن استشرت رئيس الحكومة ورئيس البرلمان؟»، مشدداً على أن الخطر «لا يزال قائماً. فهل يجب أن نترك البلاد والعباد لقمة سائدة تتقاذفها السباع والضباع؟». كما عرض الرئيس سعيد خلال كلمته صوراً من الخلافات والعنف، الذي شهدته قبة البرلمان، وعبر عن استيائه من الأجواء التي كانت داخله، متسائلاً: «هل هذه هي الدّيمقراطيّة التي يريدونها؟».
من جانبها، كشفت نجلاء بودن عن جانب من الأولويات المنتظرة للحكومة الجديدة، وقالت إنها ستركز عملها على إرجاع الثقة والأمل للتونسيين، وضمان الأمن الاقتصادي والصحي، واستعادة الثقة في الدولة، مؤكدة أن ذلك لن يتحقق إلا بشعور التونسي بأنه مواطن كامل الحقوق.
وأضافت نجلاء بودن أن الحكومة الجديدة ستعمل جاهدة على استرجاع ثقة المواطن في الإدارة والعمل الحكومي، وثقة الخارج في تونس، مشددة على أن أهم الأهداف هو مكافحة الفساد «الذي يزداد يوماً بعد يوم».
كما أكدت رئيسة الحكومة أنها ستعتمد الكفاءة والخبرة كأساس لتحقيق هذه الأهداف، وتحقيق النجاعة للمؤسسات العمومية، وتجسيد مبدأ المراقبة والمحاسبة. ووعدت بالإسراع في تنشيط الدورة الاقتصادية، وفتح مجال المبادرة وتحسين ظروف عيش التونسيين، وقدرتهم الشرائية بالعمل على توفير خدمات ذات جودة، على حد تعبيرها. كما وعدت بالعمل من أجل مصلحة تونس، والاستجابة لمطالب شعبها، وانفتاحها على كل الأطراف.
وبخصوص ردود الفعل حول الحكومة الجديدة، قالت راضية العمدوني، عضو اللجنة المركزية لحزب العمال، الذي يتزعمه حمة الهمامي الرافض للتدابير الاستثنائية التي أقرها الرئيس: «حسب تقديرنا، فإن نجلاء بودن لن تكون إلا مجرد سكرتيرة، أو موظفة تنفيذ لدى الرئيس»، على حد قولها.
بدوره، قال سياسي تونسي كبير، تحفظ على ذكر اسمه، إنه بعد أكثر من شهرين من دون حكومة رسمية، فإنه من المرجح أن يواجه الوزراء الجدد عقبات لإنجاز كثير من العمل الذي تأخر إتمامه في الفترة السابقة، خصوصاً أن لدى تونس ديوناً كثيرة يجب دفعها خلال الأشهر المقبلة، وقد حذر محافظ البنك المركزي مروان العباسي الأسبوع الماضي، من أن أي طلب له بالتدخل لسد عجز الميزانية سيرفع التضخم بشكل كبير، وسيؤثر على احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، وسيضعف قيمة الدينار التونسي.
كما رحبت مصر ونقابة العمال التونسية بتشكيل الحكومة الجديدة .



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.