فصائل وأحزاب سودانية تدعو إلى ميثاق جديد لـ«التغيير»

TT

فصائل وأحزاب سودانية تدعو إلى ميثاق جديد لـ«التغيير»

دعت فصائل مسلحة وأحزاب سياسية على خلاف مع الكتلة الأكبر لقوى الحرية والتغيير، التحالف الحاكم في السودان، إلى العودة لمنصة التأسيس بالتوقيع على ميثاق جديد لوحدة قوى «التغيير»، وتتهم هذه المجموعة بالتحالف مع المكون «العسكري» لتكوين مرجعية سياسية جديدة للحكومة، بديلاً للكتلة الأكبر التي تشكل الحكومة الانتقالية الحالية، وذلك على أثر الخلافات الحادة بين شركاء الحكم المدنيين والعسكريين.
ومن أبرز الفصائل في المجموعة، حركتا «العدل والمساواة» و«جيش تحرير السودان» اللتان تشاركان في السلطة الانتقالية وحكم الولايات بموجب اتفاقية «جوبا» للسلام، بجانب أحزاب أخرى كانت قد وقعت على ميثاق إعلان الحرية والتغيير في مطلع يناير (كانون الثاني) 2019 لإسقاط نظام الرئيس المعزول عمر البشير. وتزامن المؤتمر الصحافي الذي عقدته المجموعة بقاعة «الصداقة» أمس، مع تصريحات رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، التي دعا فيها إلى توسيع قاعدة المشاركة في الحكومة الانتقالية بضم كل الأحزاب عدا حزب المؤتمر الوطني «المنحل».
وقال رئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، في المؤتمر الصحافي، إن الشراكة مع العسكريين حدها قيام الانتخابات لتعود بعدها للقيام بواجباتها الدستورية. وأضاف إبراهيم، الذي يشغل منصب وزير المالية في الحكومة الانتقالية: «نحن مع الوثيقة الدستورية ومتمسكون بإقامة الانتخابات». وأكد على الشراكة القائمة الآن بين المدنيين والعسكريين لضمان استقرار السودان في الفترة الانتقالية، مضيفاً: «نحن ضد أي محاولة لاختطاف الثورة وأيلولة أمر البلاد لفئة قليلة تختطف قرار البلاد والشعب». وأشار إلى أن قوى الثورة في أمسّ الحاجة إلى وفاق وطني لتوسعة قاعدة الحكومة وتطبيق الوثيقة الدستورية التي تعطي الحقوق لكل الشعب السوداني.
وقال رئيس حركة «العدل والمساواة»: «نريد أن تكون مؤسسات الدولة ملكاً للشعب السوداني وليست مؤسسات موازية، حتى لا نكرر الأخطاء القبيحة لنظام الإنقاذ المعزول». واعتبر إبراهيم أن فصل العاملين في الدولة لانتماءاتهم السياسية «جريمة»، في إشارة إلى قرارات اللجنة الخاصة بتفكيك وتصفية نظام البشير الذي أغرق مؤسسات الخدمة المدنية بمنسوبيه إبان فترة حكمه التي استمرت 30 عاماً.
وقال إن كل المؤسسات الأساسية في الدولة «مغيبة»، داعياً إلى تكوين المجلس التشريعي الانتقالي، والمحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء والنيابة العامة. وأضاف: «نحن لسنا ضد قوى الحرية والتغيير، لكن نريدها أن تسير في مسارها الصحيح، ونعمل على الضغط لوحدة قوى الثورة لفتح المجال لمشاركة كل الشعب السوداني في تحقيق الانتقال الديمقراطي في البلاد».
واتهم عدد من قادة المجموعة، الأحزاب في قوى الحرية والتغيير باختطاف الثورة وتمكين نفسها في السلطة، وإقصاء بقية القوى التي شاركت في اقتلاع نظام المعزول. وأعلنت المجموعة التوقيع على ميثاق وحدة قوى الحرية والتغيير في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، خلال مظاهرة مليونية تعمل على تنظيمها.
ووقعت فصائل ومجموعات سياسية، في مطلع الشهر الحالي، ادعت أنها تمثل قوى الحرية والتغيير، على ميثاق التوافق الوطني لوحدة القوى السياسية، فيما ينفي المجلس المركزي الذي يمثل القيادة السياسية العليا لتحالف «قوى التغيير» الحاكم، وجود أي صلة لهذه المجموعات، التي رفضت في وقت سابق الانضمام إلى الإعلان السياسي لوحدة قوى «التغيير» الذي يضم 40 فصيلاً سياسياً.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.