المغرب: أخنوش يقدم برنامج حكومته أمام البرلمان

وعد بـ«تحصين الاختيار الديمقراطي»

TT

المغرب: أخنوش يقدم برنامج حكومته أمام البرلمان

قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية، مساء أمس، خلال تقديم برنامج حكومته أمام البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إن المغرب «حقق نجاحاً كبيراً، وربح رهان التمرين الديمقراطي»، بإجرائه الانتخابات في 8 من سبتمبر (أيلول)، معتبراً أن على عاتق «الجميع حكومة ونواباً ومستشارين ومنتخبين مسؤولية النجاح في تحقيق أهدافه».
وأوضح أخنوش أن من أولويات حكومته «تحصين الاختيار الديمقراطي، وتعزيز آلياته»، مبرزاً أن المغرب قطع «أشواطاً مهمة في تعزيز الديمقراطية والإصلاحات السياسية»، وبات يتمتع اليوم «بمشروعية سياسية وتاريخية وثقافية مستمدة من الملكية المغربية ذات التاريخ العريق والوطنية الدائمة، والنفس الإصلاحي العميق والمبادرات الجريئة».
كما أشار إلى مواصلة الحكومة تكريس المبادرات، التي سبق أن اتخذها المغرب، سواء تعلق الأمر بالمصادقة على دستور 2011، أو إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، أو التغييرات التي عرفتها مدونة (قانون) الأسرة، وإقرار المفهوم الجديد للسلطة، والجهوية المتقدمة.
وأضاف أخنوش أن حكومته ستعمل على استثمار هذه المبادرات لتعزيز «بناء دولة الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية والمجالية».
ورداً على الانتقادات التي وجهت لهيكلة الحكومة التي خلت من قطاعات مثل حقوق الإنسان، قال أخنوش إن الحكومة تعتبر الديمقراطية، وسيادة القانون وحقوق الإنسان والحريات «قضايا أفقية رئيسية ومشتركة بين عدد من القطاعات، ويحتاج النقاش فيها إلى روح جديدة وتناسق والتقائية ناجعة».
أما بخصوص محاور البرنامج الحكومي، فقد أوضح أخنوش أنه للخروج من الأزمة الحالية بنجاح، فإن البرنامج الحكومي يقوم على خمسة مبادئ، أولها تحصين الاختيار الديموقراطي، وتعزيز آلياته، وثانيها مأسسة العدالة الاجتماعية، وثالثها وضع الرأسمال البشري في صلب تفعيل النموذج التنموي، وجعل كرامة المواطن أساس السياسات العمومية، وأخيراً توسيع قاعدة الطبقة الوسطى، وتعزيز قدرتها على الشرائية والادخارية.
في سياق ذلك، أكد أخنوش أن حكومته ستعمل على توطيد خيار الجهوية كخيار دستوري وديمقراطي، وكبديل تنموي لتعثر السياسات العمومية المركزية، والممركزة في القضاء على التفاوتات المجالية، مشدداً على أنها ستحرص على تعزيز الاستثمارات، والولوج إلى الخدمات العمومية الأساسية، وبالتالي انعكاس ذلك على التوزيع العادل للثروة بين الجهات.
كما سجل أخنوش أن حكومته ستعمل على نقل اختصاصات واسعة من الدولة إلى الجهة، من خلال إبرام برامج تعاقدية بين الدولة والجهات، وفق مقاربة ترتكز على النتائج، وعلى نحو يضمن استقلالية التدبير المالي والإداري للجهة، ويجعل من هذه الأخيرة قطباً تنموياً حقيقياً للتنمية البشرية، والارتقاء الاجتماعي.
في السياق ذاته، قال أخنوش إن الحكومة ستعمل أيضاً «على مواصلة دعم مسار التنمية في الأقاليم الجنوبية (الصحراء)، والوفاء بكل الالتزامات المعلنة سابقاً، وتسريع تنفيذ مختلف المخططات والبرامج التنموية المسطرة، في إطار وحدتنا الترابية والوطنية، المسندة باختياراتنا للجهوية المتقدمة».
وبشأن تفعيل مضامين النموذج التنموي الجديد، أعلن أخنوش أن حكومته تتعهد بإيلاء الأهمية اللازمة للميثاق الوطني، مبرزاً أن هذا النموذج «يروم وضع خطة يؤطرها ميثاق وطني، ويجعلها لحظة توافقية لانخراط جميع الفاعلين في مجال التنمية حول طموح جديد للبلاد، ومرجعية مشتركة تقود وتُوجه عمل جميع القوى الحية بكل مشاربها».
في غضون ذلك، أكد أخنوش أن الحكومة «تلتزم بإنجاز الأوراش الاستراتيجية الكبرى، وأجرأة النموذج التنموي الجديد بكفاءة عالية، وستعمل على مأسسة آليات تتبع وتقييم أداء السياسات العمومية والإصلاحات، كما يوصي بذلك النموذج التنموي، فضلاً عن التتبع الدقيق لتقدم الأوراش، ودعم تنفيذها وتجاوز العراقيل المحتملة»، مشدداً على أن الحكومة ستعمل جاهدة على تعزيز الصورة المشرفة للمملكة، خصوصاً لدى المؤسسات والهيئات والمنظمات الدولية، الساهرة على احترام الحريات وحقوق الإنسان، والحكامة الجيدة، والديمقراطية التشاركية والشفافية، ومحاربة الفساد، وتحسين ترتيب المملكة في مختلف مؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية.
وخلص أخنوش إلى القول بأن الحكومة ستعمل على الاستثمار الأفضل للإجماع الوطني حول الوحدة الترابية، وعلى الإشارات القوية الصادرة عن نسبة التصويت الكبيرة في الأقاليم الجنوبية (الصحراء) خلال الانتخابات الأخيرة، وعلى الحضور القوي للمغرب داخل مختلف المحافل والتكتلات، والقوى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الدولية، كما تلتزم بالتجند وراء الملك للتصدي للتحديات الخارجية، والدفاع عن المصالح العليا للوطن، ودعم الدبلوماسية البرلمانية، وتعزيز قدرات الدبلوماسية الموازية والدبلوماسية الاقتصادية والثقافية «نصرة لقضيتنا الترابية، وتقوية للدور الذي تضطلع به بلادنا على الصعيد القاري والدولي».



مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».