توافق مصري ـ جنوب سوداني على توسيع التعاون في كل المجالات

TT

توافق مصري ـ جنوب سوداني على توسيع التعاون في كل المجالات

أظهر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الجنوب سوداني سيلفا كير ميارديت، أمس، توافقاً على ضرورة دفع وتوسيع التعاون في المجالات كافة بين البلدين، مشيدين بمستوى العلاقات وتطورها خلال الفترة الماضية.
واستقبل السيسي، أمس في القاهرة، ميارديت، وعقدا مؤتمراً صحافياً، أكد خلاله الرئيس المصري، أن «هناك إرادة سياسية مشتركة للحفاظ على تلك العلاقات وتعزيزها في الفترة المقبلة، موضحاً أن المباحثات الثنائية «تناولت سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية وما شهدته العلاقات بين البلدين خلال الفترة الماضية من زخم في شتى مجالات التعاون».
وأضاف السيسي «تابعنا نتائج انعقاد الدورة الأولى للجنة العليا المشتركة بالقاهرة في شهر يوليو (تموز) 2021 وما أتاحته من فرصة للتنسيق والتشاور، إضافة إلى ما تمخضت عنه من اتفاقيات تم توقيعها بين الجانبين في مجال الري وتنمية التجارة والصناعة»، مشيراً إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على دورية انعقاد اللجنة خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى متابعة المشاورات السياسية المستمرة بين وزارتي الخارجية للبلدين».
ولفت السيسي كذلك إلى أنه «تم التوافق على زيادة معدلات التبادل التجاري بين البلدين وزيادة الاستثمارات المصرية في جنوب السودان، وتيسير نفاذ الصادرات المصرية إليها، فضلاً عن تكثيف التعاون في مجال بناء القدرات من خلال البرامج التدريبية التي تقدمها مصر في المجالات المختلفة، إلى جانب إحياء عدد من المشروعات المصرية المتواجدة في جنوب السودان وتدشين مشروعات جديدة، فضلاً عن زيادة عدد المنح التعليمية المقدمة لأبناء جنوب السودان للدراسة في الجامعات المصرية وتقديم المزيد من التسهيلات لهم، وكذلك إعادة تأهيل محطات الكهرباء المصرية في جنوب السودان». وعلى المستويين القاري والإقليمي، أكد الرئيس المصري، أنه ناقش مع ميارديت «استمرار التنسيق المشترك بما يحقق أمن واستقرار المنطقة ويحافظ على مصالح شعوب الإقليم في إطار من المسؤولية والمصلحة المشتركة». وفي شأن قضية سد النهضة، أكد السيسي أن «المباحثات تطرقت إلى مختلف الجوانب ذات الصلة لموضوعات مياه النيل والتنسيق القائم والمستمر بين البلدين في هذا الشأن، إلى جانب استعراض التطورات الجارية في قضية سد النهضة»، مجدداً التأكيد على «ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة وذلك استناداً إلى قواعد القانون الدولي ومخرجات مجلس الأمن في هذا الشأن، وهو الأمر الذي من شأنه تعزيز الاستقرار في المنطقة ككل ويفتح آفاق التعاون بين دول حوض النيل».
بدوره أعرب رئيس جنوب السودان عن تطلعه إلى أن ترسل مصر بعثات إلى جنوب السودان «لمتابعة ما تم الاتفاق عليه في القاهرة».
وركز ميارديت حديثه على إثيوبيا، وقال: «لدينا هنا في المنطقة مشكلة بين إثيوبيا وكل من مصر والسودان، فضلاً عن المشكلة مع جبهة تحرير شعب تيغراي»، وأضاف أنه (أي ميارديت) «زار في أغسطس (آب) الماضي أديس أبابا ليوم واحد، وتلقى وعداً من إثيوبيا أنه بحلول شهر أكتوبر (تشرين الأول) ستكون هناك مفاوضات عقب تشكيل الحكومة، ولكن هذا لم يحدث ولم يتم أي شيء، وفق رئيس جنوب السودان». ورأى ميارديت أن «رئيس وزراء إثيوبيا ليس في وضع لبدء المفاوضات، بسبب الحرب مع المعارضة في الوقت الحالي، وهو ليس في وضع الآن للتحرك رغم كل القدرات التي لديه». وبشكل خاص تحدث رئيس جنوب السودان عن الأوضاع في الخرطوم، وقال إن السودان «يواجه اضطرابات، ولا أحد يساعد السودان، فيما عدا مصر وجنوب السودان، مشيراً إلى استمرار «القاهرة وجوبا في التشاور بشأن مشكلة السودان والعمل عليها، لدعم عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني حتى لا تكون هناك عودة للحرب مع جماعات المعارضة».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.