تدهور الأوضاع الإنسانية في مخيمات شمال غربي سوريا

مليونا نازح يواجهون نقص المساعدات على أبواب الشتاء

TT

تدهور الأوضاع الإنسانية في مخيمات شمال غربي سوريا

مع اقتراب فصل الشتاء، وقلة فرص العمل، ونقص المساعدات، يتدهور الوضع الإنساني في مخيمات النازحين شمال إدلب (شمال غربي سوريا) وتتفاقم حالة الفقر والبطالة، وسط انتشار الأمراض وعلى رأسها وباء كورونا، وتراجع أداء المؤسسات الإنسانية والتعليمية، ما يهدد حياة أكثر من مليوني نازح يعيشون في مئات المخيمات شمال إدلب بالقرب من الحدود التركية.
«منذ ما يقرب العامين، نزحت ولجأت إلى مخيم مشهد روحين شمال إدلب، ولم أحصل على سلة غذائية واحدة طيلة تلك الفترة، وأعتمد في إدارة مصاريف حياة ومعيشة أسرتي، منذ ذلك الحين، على ما كان بحوزتي من نقود سابقاً، والتي شارفت على النفاد، وكذلك مئات العائلات على الحال ذاتها»، بهذه الكلمات بدأ أبو مصطفى (56 عاماً) النازح من مدينة معرة النعمان شرق إدلب، حديثه عن ظروف حياته ومعيشته في المخيم، وحرمانه من الحصول على مساعدات إنسانية من المنظمات.
ويضيف: «يؤوي مخيم مشهد روحين أكثر من 600 أسرة نازحة معظمها من معرة النعمان والقرى المحيطة بها، وليس لديها المال، لسد حاجتها الغذائية والمعيشية، فيضطر بها الحال لتدفع بأطفال دون العاشرة إلى العمل في مهن شاقة، منها جمع النايلون والبلاستيك المستعمل والحديد وأشياء أخرى (خردة)، من مدن سرمدا والدانا ومجمعات القمامة، وبيعها، لتوفير متطلبات حياتها، من خلال ثمنها الزهيد.
أم محمود (43 عاماً)، نازحة من ريف حماة الشمالي في مخيم الأرامل شمال إدلب، قالت: «فقدت زوجي بقصف سابق من قبل قوات النظام، ولجأت وأسرتي (6 أطفال دون العاشرة)، منذ عام ونصف العام إلى مخيم (بابسقا) للنازحين، وبسبب عدم كفالتي وأسرتي من قبل المنظمات الإنسانية والخيرية، لجأت إلى العمل في جني ثمار نبتة الشفلح أثناء موسمها في فصل الصيف، وبيعها، وفي فصل الشتاء، أعمل في تكسير ثمار الجوز، بينما يبقى أطفالي في الخيمة بمفردهم لساعات، وبالرغم من مناشدتي كثيراً من الجمعيات والمنظمات، لم ألقَ أي استجابة من أي جهة».
من جهته، قال بكار حميدي (ناشط معارض): «وفق آخر إحصائية للمخيمات غير المكفولة من قبل المنظمات الإنسانية العاملة في شمال وغرب سوريا، هناك ما يقارب 243 مخيماً بالقرب من الحدود التركية شمال سوريا، تؤوي أكثر من 400 ألف نسمة، بلا كفالة أو أدنى مساعدة من قبل أي جهة إنسانية».
ويضيف: «هناك 4 مخيمات قريبة من مدينة سلقين شمال إدلب (مخيم عائدون وصامدون وقادمون ومخيم الوادي)، وتؤوي هذه المخيمات الأربعة أكثر من أربعة آلاف نازح من مختلف المناطق في سوريا، ولا يحصل النازحون فيها على أي مساعدة من أي منظمة أو جهة إنسانية، وحتى يتمكن هؤلاء النازحون من العيش وتأمين مستلزماتهم الحياتية من ماء وغذاء وألبسة ومواد تدفئة، يعملون في جني الزيتون والتين خلال المواسم، وآخرون يعملون أعمالاً حرة (حفريات وأعمال بناء)، بأجور زهيدة».
ووسط هذه الظروف، انقطعت المياه عن مخيم النور منذ عشرة أيام بسبب انتهاء عقد المتعهد القديم وعدم اعتماد المتعهد الجديد. وقال محمد الأسمر أحد أبناء ريف حماة النازحين في شمال غربي إدلب، إن أحوال وظروف النازحين تزداد سوءاً مع بداية كل فصل شتاء من كل عام، ومع اقتراب فصل الشتاء لهذا العام، بات جل اهتمام النازحين في هذه الآونة هو تأمين مواد التدفئة استقبالاً لفصل الشتاء المعروف ببرده القارس في المناطق الشمالية بمحافظة إدلب.
ويضيف: «كثير من النازحين ممن لا تمكنهم أوضاعهم المعيشية والمادية من شراء وسائل ومواد تدفئة سليمة، كالحطب الذي وصل سعره الآن إلى نحو 120 دولاراً أميركياً والمازوت الذي تتراوح أسعاره بين النصف وأكثر من الدولار الأميركي، يضطرون أمام ذلك إلى استخدام الفحم الحجري (بقايا النفط)، سيئ الصيت في التدفئة، ضمن خيام سقفها غالباً ما يكون من البلاستيك الممزق، وينبعث الدخان السام من الخيام، ما يتسبب في أمراض تنفسية للأطفال والشيوخ وأصحاب الأمراض المزمنة».
من جهته، يقول الطبيب حسام الأحمد الذي يعمل في ريف إدلب: «يعاني عدد كبير من النازحين ممن يعيشون في مخيمات الشمال السوري، نقصاً واضحاً في كمية الطعام التي يحصل عليها كل نازح في هذه المخيمات من قبل المنظمات العاملة في المنطقة، لا سيما الأطفال والكبار في السن، الأمر الذي قد يؤدي لانتشار (التقزم والتشوهات الخلقية) في صفوف أطفال المخيمات، فضلاً عن تضاعف حالات الإصابة بـ(سوء التغذية) بين الأطفال النازحين، وظهور أعراض مرضية وتشوهات (صغر حجم الجمجمة وفقر الدم وتقوس في العمود الفقري ونحالة الجسم وعدم استجابته للعلاج بشكل سريع)، نتيجة نوعية الغذاء غير المتكامل الذي يحصل عليه الأطفال في المخيمات».
ويعيش في شمال غربي سوريا (محافظة إدلب وأجزاء من محافظات اللاذقية وحماة وحلب) ضمن مناطق تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية المسلحة، نحو 4703846 نسمة، بينهم 1674918 نازحاً ومهجراً قسرياً من مناطق مختلفة في سوريا ضمن أكثر من 1320 مخيماً، بينما يعيش في مناطق العمليات التركية وفصائل المعارضة الموالية لأنقرة أكثر من 600 ألف نازح في أكثر 400 مخيم، أغلب خيامها أسقفها من النايلون.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.