إسرائيل تحرر أموال السلطة الفلسطينية المحتجزة لديها منذ 3 أشهر

تسهيلات جديدة قدمتها لغزة أتاحت لأكثر من 15 ألفا مغادرة القطاع منذ بداية السنة

محتج فلسطيني يركض بعيدا عن غاز مسيل للدموع أطلقه جنود إسرائيليون خلال مظاهرة في {يوم الأرض} بقرية النبي صالح بالضفة الغربية أمس (رويترز)
محتج فلسطيني يركض بعيدا عن غاز مسيل للدموع أطلقه جنود إسرائيليون خلال مظاهرة في {يوم الأرض} بقرية النبي صالح بالضفة الغربية أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تحرر أموال السلطة الفلسطينية المحتجزة لديها منذ 3 أشهر

محتج فلسطيني يركض بعيدا عن غاز مسيل للدموع أطلقه جنود إسرائيليون خلال مظاهرة في {يوم الأرض} بقرية النبي صالح بالضفة الغربية أمس (رويترز)
محتج فلسطيني يركض بعيدا عن غاز مسيل للدموع أطلقه جنود إسرائيليون خلال مظاهرة في {يوم الأرض} بقرية النبي صالح بالضفة الغربية أمس (رويترز)

بعدما صادق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الجمعة، على تحويل أموال الضرائب المستحقة للفلسطينيين والتي احتجزتها إسرائيل طوال 3 أشهر، بسبب انضمام السلطة الفلسطينية إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، تقرر أن تلتقي طواقم إسرائيلية وفلسطينية اليوم لبحث التفاصيل الفنية المتعلقة بالقرار.
وتبين أن إسرائيل تنوي خصم مبالغ من هذه الأموال، بدعوى «تغطية تكاليف الخدمات التي قدمتها إسرائيل إلى السلطة خلال هذه الفترة»، لكنّ الفلسطينيين يعترضون على ذلك ويقولون إن هذه محاولة إسرائيلية جديدة لإحداث البلبلة في حسابات السلطة من جهة، ولإرضاء اليمين المتطرف، الذي يعارض القرار الجديد ويعتبره رضوخا من نتنياهو أمام الضغوط الدولية، من جهة ثانية. إلا أن ناطقا بلسان ديوان نتنياهو قال إنه تقررت إعادة الأموال لأسباب إنسانية ومن خلال نظرة شاملة للمصالح الإسرائيلية، ولا علاقة لهذا القرار بتقليص المبلغ. وأضاف مكتب نتنياهو قائلا: «في الوضع المتدهور للشرق الأوسط نحن مطالبون بالعمل بمسؤولية وبوعي إلى جانب محاربتنا بإصرار للجهات المتطرفة».
وكشفت مصادر سياسية في القدس، أمس، أن نتنياهو كان قد أخذ القرار الجديد، بناء على توصيات الدوائر والأجهزة الأمنية (الجيش والمخابرات)، التي تبناها وزير الدفاع، موشيه يعلون، أيضا. فقد رأت هذه الأجهزة أن الاستمرار في احتجاز أموال الضرائب والجمارك سيساهم في تصعيد الغضب الشعبي وبالتالي الانفجار الشعبي في الضفة.
ولقي القرار الإسرائيلي الجديد ترحيبا أميركيا ودوليا. أما في الجانب الفلسطيني فقد أكد منسق الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، حسين الشيخ، النبأ وقال إن الأموال ستُستخدم لصرف ما تبقى من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية، الذين قبضوا حتى الآن رواتب جزئية.
ورحب الناطق بلسان الخارجية الأميركية بالقرار الإسرائيلي الذي يأتي في مرحلة مفصلية بين فوز نتنياهو في الانتخابات البرلمانية في 17 مارس (آذار) الحالي وتكليفه بتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة، من جهة، وقبل أيام من استحقاق الأول من أبريل (نيسان)، من جهة أخرى. وينوي الفلسطينيون أن يقدموا في هذا اليوم أولى الشكاوى على المسؤولين الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وفي هذا السياق، ذكر دبلوماسي فلسطيني أمس أن وزير الخارجية رياض المالكي سيشارك الأربعاء في لاهاي في هولندا في مراسم قبول انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحق المتهمين بارتكاب جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية. وقال هذا الدبلوماسي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن مراسم دبلوماسية ستتم في الأول من أبريل في لاهاي وسيتسلم الجانب الفلسطيني كتابا رسميا يؤكد قبول فلسطين الانضمام إليها، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
ويبلغ مجموع العوائد الضريبية الفلسطينية المحتجزة 300 مليون دولار في الشهر على أن يتم اقتطاع كلفة الخدمات الإسرائيلية المقدمة للسلطة الفلسطينية من مياه وكهرباء وعلاجات طبية من هذا المبلغ. وتعاني السلطة الفلسطينية من أزمة مالية حادة بعد تجميد إسرائيل في يناير (كانون الثاني) تحويل الضرائب التي تجمعها شهريا لحساب السلطة الفلسطينية، وفقا لاتفاقيات أوسلو. وجمدت إسرائيل في حينه تحويل ضرائب بقيمة 106 ملايين يورو (127 مليون دولار) جمعتها لحساب السلطة الفلسطينية ردا على طلب الفلسطينيين الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهي خطوة تجيز للفلسطينيين مقاضاة إسرائيل أمام هذه الهيئة ذات الصلاحية للنظر في قضايا جرائم الحرب.
وتعتبر هذه الأموال موردا حيويا للسلطة الفلسطينية لأنها تشكل أكثر من ثلثي مدخولها وتسدد رواتب أكثر من 180 ألف موظف.
يذكر أن هذه ليست هي المرة الأولى التي تلجأ فيها إسرائيل إلى هذه الوسيلة للضغط على الفلسطينيين، فقد جمدت تحويل هذه الأموال عام 2012 حين نال الفلسطينيون صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة. كما فعلت ذلك في أبريل الماضي إثر إعلان المصالحة بين حركة فتح بقيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة.
وفي سياق متصل، قدمت إسرائيل تسهيلات واسعة لقطاع غزة، إذ إنها سمحت بإخراج كميات كبيرة من المنتج الزراعي من قطاع غزة لبيعها في إسرائيل والضفة الغربية. وقال مسؤول الإدارة المدنية في الجيش الإسرائيلي، فارس عطيلة، إن إسرائيل تقوم بهذه التسهيلات منذ عدة شهور، بشكل تدريجي، وقررت في الأسبوع الماضي توسيعها أكثر. وبموجب الترتيبات الجديدة، زاد عدد المواطنين الغزيين الذين يغادرون القطاع إلى العمل أو التجارة أو العلاج الطبي في إسرائيل، ليصل إلى 15 ألفا منذ بداية السنة (67 ألفا في سنة 2014). ومن ضمن هؤلاء عدة مئات من الطلبة الذين يغادرون للدراسة في الخارج، والذين كان يرغبون في مغادرة القطاع عن طريق معبر رفح.
وقال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، إن إسرائيل وافقت على مد خط مباشر لتزويد محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة بالغاز. وأضاف هنية أن قطر ستمول كلفة هذا المشروع البالغة 25 مليون دولار. وأشار هنية إلى وجود مقترحين بشأن ذلك، وهما أن يتم تمديده مباشر من شركة الغاز الموجودة قبالة شواطئ غزة إلى المحطة مباشرة، أو أن يكون الخط من إسرائيل ويمر بمصر ومن ثم إلى المحطة بغزة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».