تساؤلات حول وسائل ترويج المحتوى الإعلامي بعد هزة انقطاع خدمات «فيسبوك»

تساؤلات حول وسائل ترويج المحتوى الإعلامي بعد هزة انقطاع خدمات «فيسبوك»
TT

تساؤلات حول وسائل ترويج المحتوى الإعلامي بعد هزة انقطاع خدمات «فيسبوك»

تساؤلات حول وسائل ترويج المحتوى الإعلامي بعد هزة انقطاع خدمات «فيسبوك»

تسبب انقطاع خدمات (فيسبوك) لأكثر من 5 ساعات الأسبوع الماضي، في إثارة تساؤلات بشأن وسائل ترويج المحتوى الإعلامي، في ظل اعتماد كثير من وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية على (فيسبوك) في الترويج لمحتوها، واستخدام «واتساب» في التواصل ونقل المعلومات والبيانات الصحافية بين المسؤولين ووسائل الإعلام.
وجاء انقطاع خدمات (فيسبوك) ليجدد مرة أخرى مطالب «البحث عن وسائل بديلة للترويج للمحتوى الإعلامي»، حسب بعض المراقبين. ورأى صحافيون ومتخصصون أن انقطاع خدمات (فيسبوك) يؤثر بالتأكيد على المواد الصحافية التي تستخدم التطبيق كمنصة للترويج لها، وأنه يجب أن تكون اليد العليا للمؤسسات الإعلامية التي تملك المحتوى الذي تنشره لا لمواقع التواصل الاجتماعي.
تحت عنوان «عندما توقف (فيسبوك)... ارتفع الإقبال على المواقع الإخبارية»، نشر موقع «معهد نيمان لاب» المتخصص في التقارير المعنية بصناعة الصحافة والإعلام، تقريراً للكاتبة ورئيسة تحرير الموقع لورا هازارد أوين، جاء فيه: «في مطلع أغسطس (آب) 2018 انقطعت خدمات (فيسبوك) لمدة 45 دقيقة، وهو انقطاع بسيط، مقارنةً بما حدث الأسبوع الماضي، حين توقفت خدمات (فيسبوك) و(إنستغرام) و(واتساب) في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري لأكثر من خمس ساعات». وأردفت: «قبل ثلاث سنوات تسبب انقطاع (فيسبوك) 45 دقيقة، في توجيه الجمهور للبحث عن الأخبار في مواقع بديلة، فما الذي حدث هذه المرة؟».
وشاركت أوين في تقريرها البيانات الواردة من موقع «تشارت بيت» التي أشارت إلى «ارتفاع زيارات تطبيق (تويتر) بنسبة 72% إبان فترة انقطاع خدمات (فيسبوك)، وارتفاع الزيارات المباشرة للمواقع الإلكترونية بنسبة 38%، مقارنةً بالفترة ذاتها من الأسبوع السابق للانقطاع». وكان جوش شوارتز، مدير الإنتاج في «تشارت بيت» –وهو موقع متخصص في قياس مستوى الزيارات للمواقع الإلكترونية- قد كتب تقريراً نشره «نيمان لاب» في أكتوبر عام 2018 حول انقطاع الدقائق الـ45 لـ(فيسبوك)، قال فيه يومذاك إن «الجمهور توجه مباشرة للمواقع الإلكترونية ولمحركات البحث للحصول على المعلومات في أثناء فترة انقطاع (فيسبوك)»... ويشار إلى أن خدمات (فيسبوك) قد انقطعت مرة ثانية الجمعة الماضي لمدة ساعتين، في ثاني انقطاع للتطبيق خلال أسبوع، بررته (فيسبوك) بأنه «عطل في تغيير ضبط الإعدادات».
توفيق الحبيب، مدير تحرير الصحيفة الإلكترونية التونسية «ليدرز» يرى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الصحف الإلكترونية كانت في طليعة المتضررين من الشلل الذي أحدثه انقطاع خدمات (فيسبوك)، لاعتماد الكثير منها على (فيسبوك) بوصفه مصدراً للخبر نصاً وصورة، وأيضاً بوصفه امتداداً لمنشوراتها. إذ إنه وسيلة لتحفيز المتصفح على الولوج مباشرةً إلى المقال الكامل بالصحيفة الإلكترونية، حيث يُعد (فيسبوك) المروّج الأساسي لمحتوى هذه الصحف، ومصدر قرائها وعنصر انتشارها». ويضيف الحبيب أن «هذا الشلل أدخل الجميع في حالة ترقب وارتباك، خصوصاً أن (فيسبوك) يملك الكثير من الخدمات مثل (إنستغرام) و(واتساب) والتي توقفت بدورها».
أما سامية عايش، الصحافية الفلسطينية والمدرِّبة في مجال الإعلام الرقمي، فقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «انقطاع خدمات (فيسبوك) يؤثر بالتأكيد على المواد الصحافية التي تستخدم التطبيق كمنصة للترويج لها ونشرها بين القراء، فجزء كبير من الزيارات تأتي عبر (فيسبوك)، خصوصاً في المنطقة العربية... ولأجل ذلك، يجب أن تعي المؤسسات الإخبارية أهمية تحاشي الاعتماد بشكل كامل على منصات لا تملكها في الترويج لها».
ومن ثم تابعت عايش: «أياً كان السبب في زيادة الزيارات المباشرة إلى المواقع الإخبارية، فإن انقطاع خدمات (فيسبوك) أكد أن البحث عن مصادر بديلة للترويج للمحتوى الإعلامي، أصبح ضرورة، وليس خياراً حالياً أمام المؤسسات الصحافية». وأضافت أن «اليد العليا يجب أن تكون للمؤسسات الإعلامية التي تملك المحتوى الذي تنشره». ثم تقول إن «الأمر قد يكون صعباً، خصوصاً أن القراء بشكل عام يجدون من الأسهل التعرف عن آخر الأخبار من خلال صفحة واحدة هي (فيسبوك)»، لكنها تعرب عن اعتقادها بأن «درس تجربة المستخدم في قراءة الأخبار، إضافة إلى الجودة العالية للمحتوى عبر المنصات نفسها وليس عبر منصات التواصل، قد يغيّر من هذا السلوك».
من جانبه، يرى توفيق الحبيب أن «انقطاع (فيسبوك) يُعد فرصة لمراجعة آليات ترويج المحتوى الإعلامي باعتماد قنوات بديلة، والتوجه مباشرة لكل قارئ وفق اهتماماته». ويشير إلى أن «كل أزمة تحمل في الوقت نفسه فرصة جديدة. وانقطاع (فيسبوك) ينبّه إلى ضرورة رصد رغبات القارئ وشبكاته المفضلة وأوقات ارتياده لها، من أجل صياغة محتويات وفق الرغبات وإرسالها إليه، إذ إن عهد انتظار زيارة القارئ قد انتهى، ولا بد من التوجه إليه مباشرة». ثم يضيف أن «الحلول البديلة محدودة جداً، إذ إنه مهما كان المحتوى الذي تقدّمه المواقع الإلكترونية جذاباً، فإن هذا لن يكون بديلاً ترويجياً لـ(فيسبوك) وخدماته». ويلفت إلى أنه «من الأفضل توخي خطة مساندة تعتمد على تجديد المواقع الإلكترونية، واستخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى مثل (سيغنال) و(تليغرام) و(يوتيوب) وغيرها... ولكن الأهم من كل هذا هو بناء قاعدة مشتركين موحّدة، حسب شبكاتهم الاجتماعية المفضلة، وإرسال المحتوى إليهم مباشرةً، تبعاً للمجالات التي يحددونها بأنفسهم، ووفق الوتيرة اليومية التي يختارونها، تفادياً للإزعاج».
الجدير بالذكر أن انقطاع خدمات (فيسبوك) تسبب في توجه كثرة من مستخدمي «السوشيال ميديا» إلى «تويتر». حتى إن «تويتر» كتب تغريدة قال فيها «مرحباً بالجميع تقريباً»، في إشارة إلى أن جميع مستخدمي «السوشيال ميديا» أصبحوا على منصة «تويتر».
ولكن في تقرير لها، أشارت مجلة «إم آي تي تكنولوجي ريفيو» إلى أن «(فيسبوك) يُعد بالنسبة لكثير من دول العالم بمثابة الإنترنت، حيث يستخدم (فيسبوك) وتطبيقاته نحو 3.5 مليار مستخدم حول العالم». وتوضح المجلة أن «الهند تضم أكبر عدد من مستخدمي (فيسبوك)، بنحو 340 مليون مستخدم، مقارنةً بالولايات المتحدة حيث لها 200 مليون مستخدم». وحسب المراقبين فإن «الأمر لا يتعلق فقط باستخدام (فيسبوك) وخدماته للترويج للمحتوى الإعلامي؛ بل في استخدامه كوسيلة لنقل المعلومات والبيانات الصحافية، إذ يعتمد كثير من المؤسسات الرسمية على (واتساب) لتوصيل بياناتها الرسمية للصحافيين».
ختاماً، ترى سامية عايش أن «انقطاع خدمات (واتساب) سيؤثر سلباً على التطبيق نفسه، وليس على العمل الصحافي. وعلى الرغم من انتشار استخدام تطبيق (واتساب)، فإننا لاحظنا أخيراً تسجيل ملايين الحسابات الجديدة في تطبيقات منافسة أخرى مثل (تليغرام)... وبالتالي، فالعمل الصحافي لن يقف بانتظار تطبيق توقف أو حدث فيه أي نوع من الانقطاع؛ بل سيستمر؛ لكن باستخدام تطبيقات أخرى منافسة تؤدي الغرض نفسه».


مقالات ذات صلة

«SRMG Labs» تتألق في جوائز «كليو» العالمية

يوميات الشرق شهد حفل توزيع جوائز «كليو» تكريم مبادرة «صوت الأرض» بـ7 جوائز مرموقة play-circle

«SRMG Labs» تتألق في جوائز «كليو» العالمية

حققت «SRMG Labs»، وكالة الخدمات الإبداعية والإعلانية التابعة للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، إنجازاً قياسياً بفوزها بجوائز «كليو» العالمية المرموقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تناول اللقاء تطورات المشهد الإعلامي المتغير وسبل تنويع المحتوى الإبداعي التنافسي لتلبية تطلعات المتابعين (تصوير: سعد الدوسري)

«الأبحاث والإعلام» ووزير الإعلام الباكستاني يبحثان آفاق التعاون الإعلامي

استقبلت المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG) في مقرّها بالرياض، وزير الإعلام الباكستاني عطا الله تارار، لبحث فرص التعاون في المجال الإعلامي وتطوير المحتوى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق فوز أيمن الغبيوي عن مسار «التقرير الصحافي» بجائزة «المنتدى السعودي للإعلام» (إندبندنت عربية)

«إندبندنت عربية» تحصد ثامن جوائزها في عامها السابع

فازت «إندبندنت عربية»، الجمعة، بجائزة «التقرير الصحافي» في «المنتدى السعودي للإعلام» 2025، عن تقرير «مترو الرياض... رحلة فلسفية للتو بدأت فصولها».

الولايات المتحدة​ صورة ملتقطة في 20 فبراير 2025 تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدّث خلال فعالية شهر تاريخ السود في البيت الأبيض بالعاصمة الأميركية واشنطن (د.ب.أ) play-circle

ترمب عن وكالة «أسوشييتد برس»: «منظمة يسارية راديكالية»

اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب وكالة «أسوشييتد برس» بأنها «منظمة يسارية راديكالية»، في أحدث انتقاداته حيالها على خلفية عدم التزامها بتغيير اسم «خليج المكسيك».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق 
إحدى جلسات المنتدى السعودي للإعلام (المنتدى)

«المنتدى السعودي» يبحث دور الإعلام في تشكيل الهويات الثقافية

شهدت أعمال اليوم الثاني من «المنتدى السعودي للإعلام» في نسخته الرابعة بالرياض، أمس، جلسات نقاش وورش عمل أثرتها مشاركة إعلاميين وأكاديميين وخبراء ومتخصصين

عمر البدوي (الرياض)

الإعلام السوري الجديد في مواجهة «عش الدبابير»

مديرية العلاقات العامة في وزارة الإعلام ...واستقبال الصحفيين والإعلاميين السوريين والأجانب (وزارة الإعلام السورية)
مديرية العلاقات العامة في وزارة الإعلام ...واستقبال الصحفيين والإعلاميين السوريين والأجانب (وزارة الإعلام السورية)
TT

الإعلام السوري الجديد في مواجهة «عش الدبابير»

مديرية العلاقات العامة في وزارة الإعلام ...واستقبال الصحفيين والإعلاميين السوريين والأجانب (وزارة الإعلام السورية)
مديرية العلاقات العامة في وزارة الإعلام ...واستقبال الصحفيين والإعلاميين السوريين والأجانب (وزارة الإعلام السورية)

بعد سقوط نظام الأسد، وجد الإعلاميون الذين عملوا في ظله أنفسهم فجأة معلقين في الفراغ. وبينما استدرك بعض العاملين في القطاع الخاص التغييرات الحاصلة بعد زوال الرقابة، تعطّل الإعلام الحكومي في انتظار القرارات الجديدة، باستثناء وكالة الأنباء السورية «سانا»؛ إذ إن «سانا» غيّرت خطابها على الفور، وواصلت دورها في نقل البيانات الرسمية، لكنها لم تعد تحتكرها ولا أول من يبثها. واليوم بعد مرور أسابيع معدودات على سقوط النظام لا يزال الإعلام السوري الجديد يتخبّط وهو يحاول الانتقال من إعلام «ثوري» رافق إدارة العمليات العسكرية، إلى إعلام «دولة» ينطق باسم السوريين جميعاً.

وزير الإعلام السوري محمد يعقوب العمر (وزارة الإعلام السورية)

«عش الدبابير»

في لقاء سابق لوزير الإعلام السوري محمد يعقوب العمر مع عدد من الإعلاميين السوريين العاملين في مؤسسات إعلامية عربية، حضرته «الشرق الأوسط»، شكا الوزير من «حجم الفساد الذي خلفه نظام الأسد في قطاع الإعلام الحكومي». ووصف مؤسساته «المتهالكة» بـ«عش الدبابير»، قائلاً: «ورثنا من النظام البائد مؤسسات إعلامية أمنية مبنية على الطائفية»، ويبدو أن من المستحيل إصلاحها، وهذا عدا أن بنيتها التحتية متهالكة، وأحدث التجهيزات تعود إلى عشرين سنة. كذلك يرى وزير الإعلام أن الأفضل بناء مؤسسات جديدة، لكن ذلك غير ممكن حالياً في ظل وضع اقتصادي منهك.

الأعداد الضخمة للعاملين في المؤسسات الإعلامية الحكومية تمثّل واحدة من أعقد المشكلات التي تواجه وزارة الإعلام السورية؛ إذ تُقدّر أعداد العاملين في المؤسسات التابعة للوزارة بأكثر من 13 ألف موظف، معظمهم بلا مهمات وظيفية حقيقية. معظم هؤلاء وفد إلى الإعلام في نهاية الثمانينات والتسعينات، عندما «تحوّلت الصحف الحكومية إلى دوائر لامتصاص البطالة في سوريا»، وفق دراسة أعدها «المركز السوري للإعلام وحرية التعبير». وأضافت الدراسة أن مئات الموظفين في الإعلام الحكومي لا تربطهم أي صلة بمهنة الإعلام.

إداري في وزارة الإعلام، لم يكشف عن اسمه لأنه من ضمن الذين منحوا إجازة ثلاثة أشهر ريثما يُبت في وضعه، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه في نهاية التسعينات «جرى تعيين مئات الموظفات من الساحل السوري في الإذاعة والتلفزيون»، ولفت إلى أن مكاتب البث الإذاعية والتلفزيونية في الساحل - أي معقل عائلة الأسد - فيها أكثر من مائتي موظف، في حين لا يتجاوز عددهم في مكاتب المحافظات الأخرى؛ كالسويداء وحماة عشرة موظفين.

وذكر الموظف أيضاً أن وسائل الإعلام الرسمية «كانت تُدار من قبل الأجهزة الأمنية»، و«تتدخل حتى في تعيين عامل البوفيه»، غير أن هذا الواقع لا يعني استبعاد عناصر نزيهة وخبيرة تشكّلت في الإعلام الحكومي، وهي قادرة على تشغيله بوضعه الراهن، وليس من المستحسن الاستغناء عن مؤسسات هي ملك الدولة.

ندوة حوارية عقدتها أخيراً وزارة الإعلام في دمشق (وزارة الإعلام السورية)

المؤسسات الحالية

يتبع لوزارة الإعلام السورية عدد من المؤسسات أبرزها: الوكالة السورية للأنباء (سانا)، ومؤسسة الوحدة للصحافة والنشر التي كانت تصدر صحفاً ورقية تغطي كل المناطق السورية، قبل أن تكتفي بالإصدار الرقمي منذ عام 2020، وهي «الثورة» و«تشرين» التي أصبح اسمها «الحرّية» في دمشق، و«العروبة» في حمص، و«الفداء» في حماة، و«الجماهير» في حلب، و«الوحدة» في الساحل، و«الفرات» في دير الزور.

أيضاً، يتبع وزارة الإعلام: الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، التي تضم «إذاعة دمشق»، و«إذاعة صوت الشباب»، و«القناة الإخبارية السورية»، و«القناة الفضائية السورية»، و«قناة دراما»، و«القناة التربوية». وللهيئة العامة العديد من مكاتب البث الإذاعي والتلفزيوني في المنطقة الوسطى ومناطق الساحل والمنطقة الشمالية والمنطقة الجنوبية. ووفق أرقام وزارة الإعلام، هناك نحو ثمانية آلاف موظف في الإذاعة والتلفزيون، بينما لا تتجاوز الحاجة الفعلية ربع هذا العدد. ثم إنه يوجد في صحيفة «الثورة» وحدها أكثر من 180 محرّراً صحافياً، الفعليون منهم أربعون محرّراً، وقد تم الاحتفاظ بهم، في حين مُنح الباقون إجازة مأجورة لثلاثة أشهر، ريثما يُبت في وضعهم. وقد شمل هذا الإجراء جميع المؤسسات الإعلامية التابعة لوزارة الإعلام.

ترتيب البيت الداخلي

التوجّه في المرحلة المقبلة، حسب وزير الإعلام، «سيكون نحو الاعتماد على الإعلاميين الذين انشقوا عن النظام في بداية الثورة لقيادة النشاط الإعلامي»؛ ما قد يعني استبعاد آلاف العاملين في المؤسسات الإعلامية الحكومية التي احتكرت العملية الإعلامية في سوريا لأكثر من أربعة عقود.

وفي لقاء معنا، قالت الإعلامية السورية، نسرين طرابلسي، التي عادت إلى دمشق أخيراً بعد مسيرة عمل طويلة في وسائل إعلام عربية، إن «ملامح الإعلام السوري الجديد لا تزال غير واضحة».

ولفتت نسرين إلى أنها خلال لقاءات مع مسؤولين في الإعلام السوري الجديد، دعت إلى الاستفادة من خبرات الإعلاميين السوريين الذي عملوا في مؤسسات عالمية مرموقة في بلاد اللجوء، وهؤلاء يعدون بالمئات، ومعظمهم على استعداد للمشاركة في بناء إعلام بلدهم بعد التحرير. وأردفت أنها حملت معها إلى دمشق عدداً من سيَرهم الذاتية، لكن بدا لها أن المسؤولين الجدد «لا يحتاجون لنا الآن، وربما يكون لنا دور في المراحل المقبلة»، واستطردت أنه من الواضح «أنهم منخرطون في إعادة ترتيب البيت الداخلي، والتحضير لإطلاق إعلام حديث، وتغيير لغة الخطاب الرسمي».

الإعلام الحكومي شبه معطل... والخاص قلق... والثوري في مهبّ الفوضى

غياب الثقة

من جهة أخرى، لا يبدو واقع الإعلام السوري التابع للقطاع الخاص أقل قلقاً؛ كون معظم الوسائل التي مُنحت تراخيص للعمل في سوريا، تعود ملكيتها لجهات أو لرجال أعمال متربطين بالنظام السابق. ثم إن بعضها تعرّض لأعمال تخريب إثر سقوط النظام، مثل إذاعة «نينار» المملوكة لابن خال الرئيس السابق رامي مخلوف، قبل أن تستولي عليها أسماء الأسد، ومؤسسة «كيو ميديا» التي تعود ملكيتها لرجل الأعمال سامر الفوز.

في المقابل، واصلت الصدور إلكترونياً صحيفة «الوطن» التي تعود ملكيتها للإعلامي وضاح عبد ربه، الذي كان مقرباً من النظام السابق. وتعبيراً عن غياب الثقة بتوجّهات الصحيفة، عيّنت الإدارة الجديدة موظفاً من قبلها لمراقبة سير العمل في الصحيفة.

هذه الطريقة اتُّبعت مع غالبية المؤسسات والشركات الخاصة، للتأكد من الملكية ومصادر التمويل قبل البت في وضعها. وهو أيضاً ما جرى مع إذاعة «شام إف إم» التي واصلت عملها، وبعد التأكد من ملكية رامي مخلوف لحصة منها، وضعت الإدارة الجديدة يدها على حصة مخلوف، ما أدى إلى توقفها عن البث لانصراف العاملين منها طوعاً. وجرى أيضاً إغلاق قناة «سما» التلفزيونية من قبل مالكها رجل الأعمال محمد حمشو، المحسوب على النظام السابق، ليجد العاملون فيها أنفسهم عاطلين عن العمل، ومن دون تعويضات.