مؤشرات أولية: الإقبال على الانتخابات العراقية هو الأضعف منذ 2003

من أعمال الفرز (أ.ف.ب)
من أعمال الفرز (أ.ف.ب)
TT

مؤشرات أولية: الإقبال على الانتخابات العراقية هو الأضعف منذ 2003

من أعمال الفرز (أ.ف.ب)
من أعمال الفرز (أ.ف.ب)

ذكر مسؤولون أن الانتخابات البرلمانية التي أجراها العراق اليوم الأحد شهدت أقل نسبة مشاركة على الإطلاق، فيما يشير إلى تضاؤل الثقة في القادة السياسيين والنظام الديمقراطي الذي أتى به الغزو الأميركي في 2003.
ومن المتوقع أن تكتسح الانتخابات النخبة الحاكمة، التي يهيمن عليها الشيعة، وتملك أقوى أحزاب فيها أجنحة مسلحة. كما أن هناك توقعات بحصول كتلة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر على أكبر عدد من مقاعد البرلمان. ويعارض الصدر كل أشكال التدخل الأجنبي وتمثل الجماعات الموالية لإيران أكبر منافس له.
ويقول مسؤولون عراقيون ودبلوماسيون أجانب ومحللون إن مثل هذه النتيجة لن تغير بشكل كبير موازين القوة في العراق أو المنطقة بوجه عام، لكنها قد تعني للعراقيين أن الصدر سيزيد من سطوته في الحكومة المقبلة.
وفي مدينة الصدر ببغداد شهد مركز اقتراع في مدرسة للبنات تدفقا بطيئا لكنه مطرد في عدد الناخبين.
وقال المتطوع في الانتخابات حميد ماجد (24 عاما) إنه صوت لمعلمته القديمة في المدرسة المرشحة عن التيار الصدري.
وأضاف «قامت بالتدريس لكثيرين منا في المنطقة لذلك فإن جميع الشبان يصوتون لها. إنه الوقت المناسب للتيار الصدري. الناس تؤيدهم».
وقال مسؤولان بمفوضية الانتخابات لرويترز إن إقبال الناخبين المؤهلين على مستوى البلاد بلغ 19 في المائة بحلول منتصف النهار. وفي الانتخابات السابقة عام 2018 بلغت نسبة المشاركة 44.5 في المائة.
وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها في السادسة مساء (15:00 بتوقيت غرينيتش).
وهذه فيما يبدو أقل نسبة مشاركة في أي انتخابات منذ 2003 وفقا لإحصاءات مفوضية الانتخابات في مراكز الاقتراع التي زارتها «رويترز» في جميع أنحاء البلاد.
وتأتي هذه الانتخابات قبل موعدها المقرر بعدة أشهر وتجرى وفقا لقانون جديد تم سنه لمساعدة المرشحين المستقلين. كما أنها جاءت نتيجة احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة قبل عامين.
وقالت فيولا فون كرامون رئيسة بعثة مراقبة الانتخابات التابعة للاتحاد الأوروبي إن المشاركة المنخفضة نسبيا تعني الكثير.
وأضافت للصحافيين «هذه إشارة واضحة بالطبع، ويمكن للمرء أن يأمل فقط أن يسمعها السياسيون والنخبة السياسية في العراق».
لكن بعض العراقيين أبدوا حرصا على المشاركة في الانتخابات البرلمانية، وهي الخامسة في البلاد منذ 2003، ويأملون في أن تأتي بالتغيير.
وقال أبو عبد الله في مدينة كركوك شمال البلاد إنه جاء قبل فتح مراكز الاقتراع بساعة استعدادا للإدلاء بصوته.
وأضاف «أتيت منذ الصباح الباكر لأكون أول ناخب يشارك في حدث آمل أنه سيأتي بالتغيير... نتوقع أن يتحسن الوضع بشكل كبير».
وتفيد مفوضية الانتخابات في البلاد بأن ما لا يقل عن 167 حزبا وأكثر من 3200 مرشح يتنافسون على مقاعد البرلمان وعددها 329، وعادة ما تعقب الانتخابات العراقية مفاوضات مطولة تستمر شهورا بشأن الرئيس ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء.
ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ليس مرشحا في الانتخابات لكن المفاوضات بعد التصويت قد تسفر عن توليه المنصب لفترة ثانية.
والكاظمي، الذي يعتبر على نطاق واسع مقربا من الغرب، لا يحظى بدعم حزب بعينه.
وللأكراد حزبان رئيسيان يحكمان إقليم كردستان العراق المتمتع بالحكم الذاتي، ويخوض السنة هذه الانتخابات بكتلتين رئيسيتين.
وقال الكاظمي للصحافيين بعد الإدلاء بصوته إنه يدعو شعب العراق للتصويت من أجل البلاد ومستقبلها.
ودعت حكومة الكاظمي لإجراء تلك الانتخابات قبل عدة أشهر من موعدها استجابة لمطالب محتجين في مظاهرات مناهضة للمؤسسات القائمة في 2019 أطاحت بالحكومة السابقة.
وطالب المحتجون بتوفير الوظائف والخدمات الأساسية والإطاحة بالنخبة الحاكمة التي يعتبرها أغلب العراقيين فاسدة وتبقي البلاد في دوامة البؤس. وتعرضت تلك الاحتجاجات لقمع وحشي على أيدي قوات الأمن وجماعات مسلحة مما أسفر عن مقتل نحو 600 على مدى عدة أشهر.
والعراق أكثر أمنا مما كان عليه قبل سنوات، وتراجعت أعمال العنف الطائفية منذ هزيمة «تنظيم داعش» المتشدد في عام 2017 بمساعدة تحالف عسكري دولي.
لكن الفساد المستشري وسوء الإدارة يحرمان كثيرا من الناس في الدولة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 40 مليون نسمة من الوظائف والرعاية الصحية والتعليم والكهرباء.
وقال محمد حسن وهو من سكان البصرة «لم لا أصوت؟ لأنه ليس لدي ثقة في الناس. من ننتخبهم، ماذا فعلوا؟».
وتابع قائلا «ذات الشيء... أنظر للقمامة والوسخ. أين المشروعات؟ مشروعات الحكومة السابقة أين هي؟».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.