الفطير «الشرقي»... منافس «المشلتت»

لذيذ... حلواً أو مالحاً

TT

الفطير «الشرقي»... منافس «المشلتت»

في حركات شبه دائرية يتطاير قرص العجين بين يدي «الفطاطري» حتى يستقر أمامه وقد اتسعت أطرافه لوضع مزيج مما تيسر من الخلطات الشهية من اللحوم والدجاج، أو السكر والعسل، حسب رغبة الزبون، قبل أن يُدخل إلى الفرن، لتخرج الفطيرة جاهزة للتناول.
فالفطير الشرقي، بمذاقه الحلو أو الحادق، يعد أحد المخبوزات والمعجنات التي تلقى رواجاً في جميع الأوساط المصرية، ما جعله منافساً قوياً لـ«الفطير المشلتت».
يتكون الفطير الشرقي من عجينة يُستخدم في إعدادها الدقيق والماء والملح، ويقدم بحشوات داخلية متنوعة ما بين اللحوم أو الأجبان الممزوجة بالخضراوات، بما يناسب مختلف الأذواق. ومن أنواعه الشهيرة؛ فطيرة اللحم المفروم، والدجاج، والسجق، والسوسيس، والبسطرمة، كما يمكن استبدال اللحوم بالمأكولات البحرية أو التونة، وكذلك المشروم.
وفي الغالب يقدم الفطير الشرقي في أحجام مختلفة، كما يمكن إعداده منزلياً من جانب ربات البيوت بحشوات حسب رغبة أفراد الأسرة.
ويوضح الشيف خالد عبد الفتاح، عضو جمعية الطهاة المصريين، والطاهي التنفيذي بأحد فنادق مدينة الغردقة على ساحل البحر الأحمر، أن الفطير الشرقي، سواء بمذاقه الحادق أو الحلو، هو بمثابة تطور لحق بالفطير المشلتت، الذي يعد أساس الفطير بشكل عام، بل إن نشأته جاءت قبل البيتزا؛ حيث تقول عنه المراجع التاريخية «إنه كان يقدّم للآلهة في المعابد بمصر القديمة».
ويلفت إلى أن الفطير عُرف قديماً بتقديمه دون حشو، فيما يقدم معه الجبن أو «المش» أو القشدة، أو العسل أو المربى، أو يكون مرشوشاً بالسكر البودر، ثم عرف تطوراً آخراً بتقديمه بصلصة الطماطم والبيض.
ويؤكد الشيف خالد أن انتشار البيتزا ودخولها كمنافس قوي للفطير، ساعد على تطوير الفطائر التقليدية، ودفع الشيفات إلى تطوير منتجهم بإدخال الابتكارات إليه والتجريب الدائم فيه، والتي كان منها إضافة الحشوات الخاصة بالبيتزا إلى الفطير، لكن إلى الداخل وليس على الوجه الخارجي، بما جعله يجمع بين مذاق الفطائر البلدية التقليدية مع حشو البيتزا الإيطالية.
ويشير إلى أن هذا المزج عرف نجاحاً كبيراً، مدللاً على ذلك بالانتشار الكبير لمحال الفطائر خلال السنوات الماضية في مصر، كما انتشر في دول كثيرة من الوطن العربي، ولعل الوجود الكبير للجاليات المصرية فيها ساهم إلى حد كبير في هذا الرواج.
ويوضح خالد أن الفطير الشرقي أصبح في الوقت الحالي وجبة أساسية لدى الفنادق، وله أفرانه التي يطهى بداخلها، بعد أن وجد إقبالاً من السائحين الأجانب والعرب، لافتاً إلى أنه يقدمه للسائحين في مدينة الغردقة بشكل يومي، بمذاقه الحلو والحادق.
ولصنعه منزلياً، قال الشيف خالد إن الفطير الشرقي يمكن إعداده في البيت بدلاً من شرائه، مشيراً إلى أن العجينة تتكون من ماء ودقيق وقليل من السكر والملح، إلى جانب السمن، الذي يفضل استخدامه عن الزبدة، لأنها تعطي العجينة ليونة أما الزبدة فتعرضها للتيبس، ناصحاً بترك كُرات العجين بعد إعداده لفترة حتى يسهل فردها.
أما عن الإعداد والتحضير، فيوضح: «نبدأ بفرد كرات العجين جيداً، حتى يصبح رقيقاً جداً، عند ذلك نضع الحشوة بحسب الرغبة في المنتصف بكمية مناسبة، ومعها بعض من قطع الخضراوات، مثل الطماطم والفلفل الأخضر والزيتون، إلى جانب الجبن الموتزاريلا أو الجبن الرومي».
يتابع: «بعد ذلك نغلق العجينة، بطيّها من جميع الأطراف مع إحكام الغلق، ثم نضعها في صينية مدهونة بالزيت، كما ندهن وجه العجينة أيضاً، وندخلها الفرن على نار متوسطة حتى تنضج وتأخذ اللون الذهبي».
أما في حالة الرغبة في تذوق الفطير الحلو، فنستبدل الحشوات بالنوتيلا أو الكاستر أو المهلبية، وبعد النضج والخروج من الفرن تسقى بالحليب البارد ويتم رشها بالسكر الناعم والزبيب وجوز الهند والمكسرات.


مقالات ذات صلة

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)

«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)
TT

«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)

هل تناولت من قبل طاجناً من «النجراسكو» و«اللازانيا»، أو أقدمت على تجربة «الدجاج الهندي المخلي»، أو حتى «طاجن لحم النعام بالحمام»، يمكنك تذوق ذلك وأكثر، عبر مجموعة من الوصفات التي تخللتها لمسات مصرية على أكلات غربية.

في منطقة حيوية صاخبة في مدينة «6 أكتوبر» المصرية (غرب القاهرة الكبرى) يحتل مطعم «قصر الطواجن» المتخصص بشكل أساسي في تقديم طبق «الطاجن» مساحة كبيرة، وساحة أمامية لافتة، يزينها منطقة للأطفال، بينما تتميز قاعاته الداخلية بفخامة تليق بمفهوم «القصور» المرتبط باسمه.

لا شك أن التدقيق في اختيار اسم المطعم يلعب دوراً في شهرته، إلا أنه تبقى دوماً التجربة خير دليل، بحسب تعبير أحمد مختار، مدير المطعم.

ريش بورق العنب (صفحة المطعم على فيسبوك)

ألوان مختلفة من الطواجن يقدمها المطعم، فإذا لم تكن راغباً في صنف بعينه، فحتماً سيثير «المنيو» حيرتك، وإذا كنت من عشاق الطواجن بشكل عام، فعليك أن تختار ما بين طاجن «البط البلدي» بخلطة «قصر الطواجن» أو «الكوارع» أو «ريش البتلو بورق العنب»، أو «ريش الضاني»، أو «الأرز المعمر بالقشطة واللحم»، أو «طاجن لحم النعام بالحمام»، وهناك أيضاً طاجن «بصلية» و«الفريك بالحمام»، و«لسان العصفور باللحم» و«رول الضاني».

وإذا كنت من محبي الطعام الكلاسيكي، فينتظرك هناك طاجن «بهاريز زمان»، المكون من 5 مكونات بعضها عتيق في المطبخ المصري، ومنها الكوارع، النخاع، قلوب البتلو، والكلاوي، ولا مانع أن تجرب طواجن ذات أسماء من ابتكار المطعم مثل «طاجن السعادة» المكون من المخاصي والحلويات واللحم، أو طاجن «فولتارين» الذي يداوي أي ضغوط نفسية، وفق مدير المطعم.

وأحياناً يسألك طاقم الضيافة هل تريد أن تجرب أكلات عالمية في طواجن مصرية، لتزداد حيرتك أمام طاجن «الدجاج الهندي المخلي» أو«المكسيكي الحار»، أو «إسباجيتي بلونيز»، أو «النجراسكو واللازانيا»، أما في حالة إصرارك على اختيار طبق من مصر، فتتصدر الأطباق الشعبية «منيو» الطواجن، فلا يفوتك مذاق طاجن «العكاوي» بالبصل والثوم والزنجبيل والكمون والفلفل الحلو والكركم.

«ليس غريباً أن يكون في القاهرة مطعم متخصص في الطواجن»، يقول مدير المطعم لـ«الشرق الأوسط»، ويتابع: «لقد تميزت مِصر بأنواع كثيرة من الطواجن الحادقة واللذيذة والشهية، ما بين الخضراوات واللحوم والأرز والطيور والمحاشي، واختصت أيضاً بعدة طواجن من الحلويات».

وأوضح: «وتتميز الطواجن على الطريقة المصرية بطرق ومكونات ووصفات كثيرة، وجميعها مميزة وشهية ويحبها المصريون والأجانب؛ لأنها تعتمد طريقة طهي اللحم ببطء على نار خفيفة غالباً لعدة ساعات، كما يساعد الشكل المخروطي للوعاء على «حبس» النكهة كاملة بالداخل؛ فتكون مركزة وغنية، كما يعمل الطاجن على تنعيم اللحوم والخضراوات المطبوخة».

وأضاف: «طاجن الملوخية بالطشة، البامية باللحم الضأن، التورلي باللحم، الكوسا المغموسة في الصلصلة الحمراء والبصل، هي بعض من طواجن الخضراوات التي يقدمها المطعم أيضاً لرواده، (تشتهر بها مصر كذلك)، ولذلك نحرص على تقديمها في المطعم، من خلال هذه الطريقة تظل الخضراوات محتفظة بقيمتها الغذائية، وتكتسب مذاقاً شهياً ولذيذاً وخفيفاً يحرض الجميع على التهامها، حتى بالنسبة لهؤلاء الذين لا يفضلون تناول الخضراوات، وبالإضافة إلى ذلك فإن الطعام يظل محتفظاً بسخونته لوقت طويل».

يبتكر الشيفات في المطعم في تقديم طواجن بلمسات عصرية: «نحرص على التجديد لتجربة طعام مبتكرة، إن امتزاج الأصالة بالحداثة أمر رائع في عالم الطهي؛ إذا أردت أن تخوض هذه التجربة فأنصحك أن تطلب طاجن الحمام المحشي باللحم، الذي تعلوه جبن الموتزريلا، أو الرقاق بطبقات القشطة، وغير ذلك».

أما «الطاسات» والصواني فهي طرق جديدة لمواجهة الضغوط الاقتصادية؛ فهي تسمح لرواد المطعم بإحضار الأسرة أو عمل ولائم وتقديم أنواع أنيقة ومختلفة من الطعام للمدعوين، بسعر أقل، وفي الوقت نفسه تسمح بالاستمتاع برفاهية المذاق على حد قول مختار.

لا تضم قائمة الطعام الطواجن وحدها؛ إنما هي تمثل الأطباق التي فيها توليفة من النكهات التي تحتفي بثراء التقاليد الطهوية الشرقية، فبجانب الطواجن، يقدم المطعم لرواده قائمة طويلة من المشويات، وأنواعاً مختلفة من الحساء والأرز، والمحاشي والسلطات، إلى جانب أكلات محلية من محافظات مصرية مثل البط الدمياطي والحواوشي والسجق الإسكندراني.

يعد المطعم أن المحافظة على التراث الطهوي المصري من ضمن أهدافه، يقول مختار: «نحافظ على أصالة المطبخ المصري من خلال الحصول على أطيب المكونات، وأفضل خامات الأواني الفخارية الآمنة من الناحية الصحية؛ مما يضمن أن تكون كل وجبة بمثابة مغامرة تذوق طعام مفيد وخالٍ من أي أضرار محتملة».

دوماً ترتفع تجربة تناول الطعام الخاصة بنا إلى مستوى أعلى من المتعة والرقي، حين يكون العاملون في المطعم على دراية جيدة وواعية بفن الضيافة، وهذا ما يتحقق في «قصر الطواجن»؛ فهم يبدون بصفتهم جزءاً من النسيج الثقافي والاجتماعي الغني في مصر؛ عبر ابتسامتهم الدائمة، ومهارتهم، وسرعة تلبية احتياجات الزبائن.