وائل شوقي يحط بالحروب الصليبية للمعلوف في «المتحف العربي للفن الحديث»

فنان خارج عن المألوف ألهمته مدينة مكة الإبداع

مشهد عن الحروب الصليبية
مشهد عن الحروب الصليبية
TT

وائل شوقي يحط بالحروب الصليبية للمعلوف في «المتحف العربي للفن الحديث»

مشهد عن الحروب الصليبية
مشهد عن الحروب الصليبية

التشكيلي والمخرج المصري وائل شوقي نسيج وحده، نتاجه لا يشبه غيره، وأعماله ذات الدقة الباهرة تتجاوز الآني لترمي إلى بقاء طويل ومرجعي. من نيويورك إلى مصر ولندن ومرسيليا والشارقة وصولا إلى الدوحة، حيث يعرض حاليا أفلامه البديعة ورسومه وعشرات الدمى التي شكلت شخصيات شرائطه في «المتحف العربي للفن الحديث» حتى 16 من أغسطس (آب) المقبل تحت عنوان «الحروب الصليبية وحكايات أخرى»، يراكم وائل شوقي ما يشبه أرشيفا قد يستحق متحفا خاصا به، إن استمر على هذا المنوال.
معرضه في الدوحة يستكمل ما كان قد بدأه منذ أعوام، ويتمحور حول أفلام فريدة في أسلوبها، يحاول أن يجعل من كل منها تحفة فنية، إن لجهة موضوعها التاريخي، أو سندها الأدبي، أو أبطالها من الدمى التي صنعت بعناية شديدة أو حتى طريقة التصوير والتحريك وزاوية التقاط الكاميرا لمشهدياتها. 3 أفلام تدور حول الحروب الصليبية، أبطالها دمى تحرك بالخيطان، وآخر حول بلدة «العربة المدفونة» التي يتحدر منها الفنان، بانتظار استكمال فيلم آخر يتم إنتاجه حاليا.
استلهم وائل شوقي سيناريو أفلامه من كتاب أمين معلوف الشهير «الحروب الصليبية كما رآها العرب»، وبالتالي فهي وجهة نظر عربية لحروب أسست لنزاعات لا تزال ذيولها باقية إلى اليوم. «العلاقة ما بين الشرق والغرب كلها مبنية على الفكر الاستعماري الذي بدأ في تلك الفترة».. يقول شوقي لـ«الشرق الأوسط». «بغداد كان فيها شبكة صرف صحي، وبنك له فرع في الصين، في الفترة التي أتحدث عنها، بينما كانت أوروبا لا تزال في عصور الظلام». يرفض الفنان فكرة أن أعماله تحمل إدانة للفكر الاستعماري الغربي، ويعتبر أن «ما يحصل عادة، أن بلادا قوية تذهب إلى بلاد أضعف وتسرق خيراتها». هذه في رأيه «نزعات وأطماع إنسانية. لا، بل هي حكاية البشر حين يمتلكون السطوة». ويستدرك: «ما أقوله ليس بروباغندا، وإنما لأنني مؤمن أيضا أنه لو كان للعرب أو لأي أحد غيرهم القدرة يومها لفعلوا الشيء نفسه».
الفيلم الأول من مجموعة «الحروب الصليبية» الذي يحمل عنوان «ملف عرض الرعب» مدته تتجاوز نصف ساعة، يروي الأحداث التي تبدأ من إعلان بابا روما الحرب على المسلمين عام 1095 ولغاية سقوط القدس عام 1099، وما بينهما من أحداث دموية جسام. لا بشر في الأفلام وإنما هي دمى خشبية، لابل أكثر من 110 من الدمى، استعارها الفنان من مجموعة «لوبي» الإيطالية، يعود عمرها إلى 200 سنة، تحرك بمهارة لتشكل مشاهد الحروب والمعارك. لقطات مؤثرة للغاية، سقوط القدس، دك الصليبين لها، ملامح الوجوه، الجثث المتساقطة، الطفل التائه في غبار المعركة، تكاد لا تصدق أن كل هذا العالم مركب من مجرد دمى نابضة إلى هذا الحد، ووجوهها قادرة على التعبير وإثارة شجنك وسخطك.
يشرح شوقي أن إنجاز هذه الأفلام صعب في القاهرة بسبب عدم توافر الإمكانيات، «ثم إنني أفضل أن يكون الإنتاج والتصوير في إيطاليا كما هي حال الفيلم الأول، أو فرنسا كما الفيلم الثاني، وبدعم وإنتاج ألماني كما الفيلم الثالث؛ لأنها هي القوى التي كانت وراء تلك الحملات الصليبية». ويضيف شوقي: «أصحاب الحروب الصليبية يشاركون في الأعمال، وهذه إضافة مهمة، وهم ممولون رئيسيون».
الفيلم الثاني «الطريق إلى القاهرة» لا يقل براعة عن الأول، لكنه أطول منه ويصل إلى ساعتين، الدمى تتكلم الفصحى أيضا ويغطي 46 سنة من الحكم الصليبي في المنطقة. لعله أكثر الأفلام إيلاما للعرب، الدمى ذات الوجوه شبه المهشمة هي التي تؤدي الأدوار هذه المرة، حكام مسلمون متنازعون، متواطئون بعضهم ضد بعض، بينهم من يعقد اتفاقات سرية مع الصليبيين لحماية سلطانهم، ولا يخلو الأمر من خيانات صليبية بينية أيضا. يقول شوقي: «أردت أن تكون ملامح الدمى أقرب إلى الملامح العربية وهي من السيراميك هذه المرة، صنعت في فرنسا من قبل صناع أيقونات عادة ما توضع أعمالهم في الكنائس. التحدي كان في ابتكار ملامح جديدة تناسب الفيلم، وهو ما عملت عليه وأعتقد أننا نجحنا».
لا يتعب وائل شوقي من البحث عن جديد، في فيلمه الثالث الأخير عن الصليبيين، المعنون «أسرار كربلاء» يكشف عما حدث في تلك الفترة بين السنة والشيعة، وينتهي بالخلاف بين الكاثوليك والبروتستانت. مدة الفيلم نحو ساعتين ونصف، ويغطي المرحلة بين عامي 1146 و1204، أي الأحداث ما بين الحملتين الثانية والرابعة، وتتضمن الفترة التي جاء خلالها الفرنسيون إلى فينيسيا واتفقوا مع حكامها لمهاجمة القسطنطينية. من وحي المرحلة يقول شوقي: «قررت أن أستخدم مادة لها علاقة بفينيسيا؛ لذلك اخترت الزجاج، وتحديدا زجاج جزيرة مورانو الشهير، هناك صنعت دمى الفيلم الثالث بملامحها الحيوانية التي تحيل إلى كتب التراث الإسلامي مثل (كليلة ودمنة)، ولما للزجاج من معان روحانية لها صلة بالهشاشة البشرية».
في معرضه القائم في «المتحف العربي للفن الحديث» تشاهد رسوما، إلى جانب الدمى التي لعبت دور البطولة في الأفلام، وهي بحد ذاتها منحوتات فنية تستحق التوقف عندها. ثمة ما تجده مربكا في مثل هذه المعارض، فلا الوقت يتسع لرؤية أفلام تحتاج إلى أكثر من 6 ساعات لمتابعتها، ولا الانتباه يسعف للإحاطة بهذا العالم الضخم الذي يزج بك إليه الفنان، وحين نسأله عن جدوى تصوير أفلام بهذا الطول فيما زوار المعارض لا وقت لديهم لكل ذلك، يجيب: «يحتاج الزائر إلى أن يأتي إلى المعرض ليومين أو 3 أيام. هذا ليس عملا للاستهلاك السريع وإنما للتمعن والتفكر؛ فكل فيلم استغرق سنة ونصفا أو سنتين لإنجازه، والأفلام الثلاثة احتاجت إلى 4 سنوات».
أما كيف تمكن من تصوير هذه المشاهد المؤثرة بالاستغناء عن العنصر الإنساني في التمثيل فيقول: «الفضل لكل أولئك الفنانين الذي عملوا معي، فهناك مهندسو ديكور وموسيقيون وملحنون ومغنون، ومصورون. وفي موقع التصوير نكون نحو 70 إلى 80 شخصا، وأي من هؤلاء الفنيين أو التقنيين لا يتكلم العربية، والفيلم يدور بالعربية الفصحى، ولكن الجميع يلعب بشكل رائع، ويصححون الحركات، ويدركون بحدسهم المعاني. أنا الوحيد الذي أعرف العربية، لكن الجميع يذهب في النهاية إلى انسجام رائع». ويضيف شوقي شارحا: «الأمر صعب بالتأكيد، لكنه يحتاج إلى وضع نظام عمل محكم، يسير وفقه الجميع. نجري، في البداية، بعض البروفات، لنتفق على المبادئ العامة، كيف تحرك العيون؟ ما هي اللغة السينمائية التي نعتمدها؟ ما هي أولوياتنا؟ ومن ثم ننطلق. المهم أن أعرف ماذا أستطيع أن أخرج من كل شخص يعمل معي، وليس هناك إنسان من دون مهارات».
يرفض شوقي اعتبار عمله الضخم هذا آتيا من وحي الثورات العربية. «بالتأكيد، الأفلام حول الحروب الصليبية ليست ردة فعل على ما يحدث الآن».. يقول: «بدأت عام 2010 وقبل اندلاع الثورات فعليا. لست مهتما بالبناء على نشرات الأخبار، وإنما رؤية التاريخ الذي لا أعتبره موضوعيا، وإنما مجرد قراءة أو وجهة نظر. ولكن إذا راجعنا ما كان يحدث في الماضي، وقارناه بما نراه اليوم، فلا بد أن نعثر على تشابه كبير، لكن ليس هذا ما أنا بصدد البحث عنه أو تحريه».
الفيلم الرابع في المعرض لا علاقة له بالحروب الصليبية، وهو مصور وفق رؤية مختلفة تماما، لكن الغرائبية تبقى سمة لأعمال شوقي. بالأبيض والأسود، وعلى مدار 30 دقيقة بإمكانك أن تتفرج على «العربة المدفونة» الذي يحمل اسم قرية، في صعيد مصر، عاش أهلها على الأساطير، وهم يبحثون عن الذهب. يقول وائل شوقي: «أنا عشت هذه التفاصيل، واستعنت بنصوص من كتاب قصصي لمحمد مستجاب. الممثلون هذه المرة أطفال، يتحدثون الفصحى، يلبسون ملابس الكبار، فنجد الصبية وقد نبتت لهم شوارب، وارتدوا القفطان، ومثلهم الفتيات في زي نساء، والأصوات الصادرة عنهم هي لبالغين، مما يعطي الفيلم نكهة مثيرة للغرابة».
لا تزال مجموعة أجزاء «العربة المدفونة» غير مكتملة، ووائل شوقي المليء بالحيوية وهو يشرح مشروعه المتنامي، يشعرك بأن الدرب أمامه لا يزال طويلا ومليئا بالأفكار.
لكن من أين يستوحي وائل شوقي إبداعاته المتدفقة؟ وما هو مصدر إلهامه؟ لا يتوانى الفنان عن القول: «ذاكرتي ممتلئة بالذكريات، منذ كنت طفلا صغيرا في مدينة مكة. نشأت هناك، وأشعر أن أعمالي الفنية تخرج من تلك المرحلة من ذاك المكان الذي يمتزج فيه حس التقاليد بالحداثة. كان هذا في بداية السبعينات، ولا يزال ذلك التاريخ جزءا مهما من مخيلتي وشعوري بالتاريخ».



نصبان جنائزيان من مقبرة الشاخورة

النصبان الجنائزيان
النصبان الجنائزيان
TT

نصبان جنائزيان من مقبرة الشاخورة

النصبان الجنائزيان
النصبان الجنائزيان

يحتل الفن الجنائزي حيزاً واسعاً من ميراث أقاليم شبه الجزيرة العربية، وتتميّز جزيرة البحرين في هذا الميدان بنتاج نحتي تصويري يعود إلى القرون الميلادية الأولى، لا نجد ما يماثله في الحواضر المجاورة لها. خرج هذا النتاج من الظلمة إلى النور خلال العقود الأخيرة، وتمثّل في مجموعة كبيرة من شواهد القبور المزينة بنقوش تصويرية آدمية، عُثر عليها في سلسلة من المدافن الأثرية، أبرزها مقبرة الشاخورة. تعكس الشواهد التي خرجت من هذه المقبرة التعدّدية في الأساليب الفنية التي طبعت هذا النتاج البحريني المميّز، وتتجلّى هذه الخصوصية في نصبين ظهرا جنباً إلى جنب في معرض أقيم منذ سنوات في متحف البحرين الوطني تحت عنوان «تايلوس رحلة ما بعد الحياة».

افتتح هذا المعرض في مطلع مايو (أيار) 2012، وضمّ ما يقرب من 400 قطعة أثرية مصدرها مقابر أثرية أقيمت في مستوطنات متعددة تقع اليوم في مملكة البحرين. حوى هذا المعرض مجموعات عدة، منها مجموعة من الأواني الفخارية والحجرية والزجاجية والرخامية، ومجموعة الحلى والمصوغات المشغولة بالذهب والفضة والأحجار المتنوعة، ومجموعة من المنحوتات الجنائزية، منها قطع تمثل شواهد قبور، وقطع على شكل منحوتات ثلاثية الأبعاد من الحجم الصغير. كما يشير العنوان الجامع الذي اختير لهذا المعرض، تعود هذه القطع إلى الحقبة التي عُرفت بها البحرين باسم تايلوس، وهو الاسم الذي أطلقه المستكشفون الإغريق على البحرين، كما أنه الاسم الذي اعتُمد للتعريف بحقبة طويلة تمتد من القرن الثاني قبل الميلاد إلى القرن الثالث بعد الميلاد. ويجمع بين هذه القطع أنها خرجت كلها من المقابر، أي أنها تحمل وظائفية جنائزية، وتُمثل «رحلة ما بعد الحياة»، أي رحلة إلى ما وراء الحياة الأرضية التي تقود بانقضائها إلى حياة أخرى، يصعب تحديد معالمها في غياب النصوص الأدبية الخاصة بها.

حسب قدامى كتّاب الإغريق، أطلق المصريون القدماء على مقابرهم اسم «مساكن الأبدية»، وتردّد هذا الاسم في صيغ مختلفة عبر أنحاء العالم القديم على مر العصور، كما يُجمع أهل العلم. من هذه المساكن الأثرية في البحرين، خرجت شواهد قبور نُحتت على شكل أنصاب آدمية من الحجم المتوسط، تطوّر شكلها بشكل كبير خلال القرون الميلادية الأولى. اختار منظّمو معرض «رحلة ما بعد الحياة» مجموعة من هذه الأنصاب تختزل هذه الجمالية المتعدّدة الفروع، منها نصبان يتشابهان بشكل كبير من حيث التكوين الخارجي، غير أنهما يختلفان من حيث الأسلوب، ويظهر هذا الاختلاف بشكل جلي في صياغة ملامح الوجه. خرج هذان النصبان من مقبرة الشاخورة، نسبة إلى قرية تقع شمال العاصمة المنامة، تجاورها قريتان تحوي كل منهما كذلك مقبرة أثرية خرجت منها شواهد قبور آدمية الطابع، هما قرية الحجر وقرية أبو صيبع.

يتميّز نصبا الشاخورة بانتصابهما بشكل مستقل، على عكس التقليد السائد الذي تبرز فيه القامة الآدمية بشكل ناتئ فوق مساحة مستطيلة مسطّحة. يبدو هذان النصبان للوهلة الأولى أشبه بمنحوتتين من الطراز الثلاثي الأبعاد، غير أن سماكتهما المحدودة تُسقط هذه الفرضية. يبلغ طول النصب الأكبر حجماً 45 سنتيمتراً، وعرضه 18 سنتيمتراً، ولا تتجاوز سماكته 9 سنتيمترات. يمثل هذا النصب رجلاً ملتحياً يقف بثبات، رافعاً يده اليمنى نحو الأعلى، وفاتحاً راحة هذه اليد عند طرف صدره. يثني هذا الرجل ذراعه اليسرى في اتجاه وسط الصدر، مطبقاً يده على شريط عريض ينسدل من أعلى الكتف إلى حدود الخصر. يتألف اللباس من قطعة واحدة، تتمثل بثوب فضفاض، يزيّنه شريط رفيع ينسدل من أعلى الكتف اليمنى، مع حزام معقود حول الخصر تتدلّى منه كتلتان عنقوديتان عند وسط الحوض. يقتصر الجزء الأسفل من النصب على أعلى الساقين، ويمثل الطرف الأسفل من الثوب، وهو على شكل مساحة مسطّحة يزيّنها شريطان عموديان رفيعان ومتوازيان.

يُمثل النصب الآخر رجلاً يقف في وضعية مماثلة، وهو من حجم مشابه، إذا يبلغ ارتفاعه 36 سنتيمتراً، وعرضه 15 سنتيمتراً، وسماكته 10 سنتيمترات. تتميّز يدا هذا الرجل بحجمهما الكبير، وتبدو راحة يده اليمنى المبسوطة بأصابعها الخمس وكأنها بحجم رأسه. يتبع اللباس الزي نفسه، غير أنه مجرّد من الشرائط العمودية الرفيعة، والحزام المعقود حول خصره بسيط للغاية، وتتدلّى من وسط عقدته كتلتان منمنمتان خاليتان من أي زخرفة. يتشابه النصبان في التكوين الواحد، وهو التكوين الذي يتكرّر في شواهد القبور البحرينية الخاصة بالرجال والفتيان، على اختلاف أعمارهم ومهامهم الاجتماعية. وهذا التكوين معروف في نواحٍ عديدة من العالم الفراتي، كما هو معروف في نواحٍ عدة من البادية السورية وغور الأردن، ويُعرف بالطراز الفرثي، نسبة إلى الإمبراطورية التي نشأت في إيران القديمة، وأبرز عناصره اللباس المؤلف من قطعة واحدة مع زنار معقود حول الوسط، وراحة اليد اليمنى المبسوطة عند أعلى الصدر.

يخلو هذا التكوين الجامع من أي أثر يوناني، حيث تغلب عليه بشكل كامل وضعية السكون والثبات، بعيداً من أي حركة حية منفلتة، ويظهر هذا السكون في ثبات الوجه المنتصب فوق كتلة الكتفين المستقيمتين، والتصاق الذراعين بالصدر بشكل كامل. من جهة أخرى، تعكس صياغة الملامح الخاصة بكلّ من الوجهين. رأس النصب الأول بيضاوي، وتجنح صياغة ملامحه إلى المحاكاة الواقعية، كما يشهد الأسلوب المتبع في تجسيم العينين والأنف والفم. أما رأس النصب الثاني فدائري، وتتبع صياغة ملامحه النسق التحويري التجريدي الذي يسقط الشبه الفردي ويُبرز الشبه الجامع، ويتجلّى ذلك في اتساع العينين اللوزيتين، وتقلّص شفتي الثغر، وبروز كتلة الأنف المستقيم.

أُنجز هذان النصبان بين القرن الثاني والقرن الثالث للميلاد، ويمثّلان فرعين من مدرسة محليّة واحدة برزت في البحرين وازدهرت فيها، والغريب أن أعمال التنقيب المتواصلة لم تكشف بعد عن نحت موازٍ في نواحٍ خليجية مجاورة لهذه الجزيرة، شكّلت امتداداً لها في تلك الحقبة.