«حماس»: نسعى لإعادة تشكيل القيادة الفلسطينية

في ختام اجتماعات مكتبها السياسي في القاهرة

أطفال يشاركون في مسيرة أول من أمس بمخيم البريج في قطاع غزة بعدما أتموا حفظ القرآن الكريم (د.ب.أ)
أطفال يشاركون في مسيرة أول من أمس بمخيم البريج في قطاع غزة بعدما أتموا حفظ القرآن الكريم (د.ب.أ)
TT

«حماس»: نسعى لإعادة تشكيل القيادة الفلسطينية

أطفال يشاركون في مسيرة أول من أمس بمخيم البريج في قطاع غزة بعدما أتموا حفظ القرآن الكريم (د.ب.أ)
أطفال يشاركون في مسيرة أول من أمس بمخيم البريج في قطاع غزة بعدما أتموا حفظ القرآن الكريم (د.ب.أ)

قالت حركة «حماس»، في ختام اجتماعات لمكتبها السياسي العام في القاهرة، إنها تسعى إلى إعادة تشكيل قيادة الشعب الفلسطيني.
وجاء في بيان أصدرته «حماس» وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن قيادة الحركة «اعتمدت رؤية خاصة بإنجاز المصالحة، تقوم على السعي لإعادة تشكيل قيادة الشعب الفلسطيني وفق الأسس الديمقراطية والوطنية لتشكيل قيادة مركزية واحدة متمثلة بإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، تضم الجميع لتكون منطلقاً لتحقيق أهداف شعبنا وتطلعاته كافة».
وأكدت «حماس» التي التقى أعضاء مكتبها السياسي في الداخل والخارج للمرة الأولى وجهاً لوجه منذ انتخابهم في نهاية يوليو (تموز) الماضي، الاستعداد للانخراط في عملية جادة لإعادة ترتيب القيادة الفلسطينية عبر بوابة الانتخابات، أو التوافق على تشكيل قيادة مؤقتة لفترة زمنية محددة ومتفق عليها تمهيداً للوصول للانتخابات.
وشرحت «حماس» رؤيتها بالقول إنه يجب «التوافق على استراتيجية وطنية نستلهم فيها مواطن القوة لشعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج، وصياغة برنامج سياسي وطني متوافق عليه بين كل مكونات شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات، وتشكل هذه الاستراتيجية منطلق العمل السياسي والجهادي والميداني؛ كون شعبنا ما زال في مرحلة التحرر الوطني لاستعادة حقوقنا الوطنية كاملة بعودة اللاجئين وتحرير الأرض وإقامة دولتنا كاملة السيادة على كامل التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس».
وتدعو رؤية «حماس» إلى «الاتفاق على رؤية للمقاومة الشاملة وإدارتها لمواجهة المشروع الصهيوني بكل الوسائل والأدوات ضمن الرؤية الاستراتيجية الوطنية للمواجهة الشاملة مع الاحتلال الصهيوني ومخططاته، ووقف تمدده في المنطقة، وكبح جرائمه وسياساته العنصرية والتصفوية».
ودعوة «حماس» إلى إعادة تشكيل منظمة التحرير ليست جديدة، لكنها استخدمت هذه المرة لغة أكثر وضوحاً، باختيارها مصطلح إعادة تشكيل القيادة الفلسطينية في هجوم ضمني ورفض للقيادة الحالية التي يرأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي كان قد أوقف الانتخابات التشريعية والرئاسية التي كان يفترض أن تجري في الأراضي الفلسطينية في شهري مايو (أيار) ويوليو الماضيين، بسبب منع إسرائيل إجراءها في القدس، بعد أن سُجلت 36 قائمة، وهو ما أثار غضباً وخلافات وهجوماً حاداً من «حماس» أضر كثيراً بفرص المصالحة.
وموقف «حماس» يشدد على تمسكها بمصالحة تبدأ بمنظمة التحرير، وهو أمر ترفضه السلطة الفلسطينية، ما يجعل التقدم في هذا المجال محل شك كبير. لكن الحركة نجحت بعد مباحثات أجرتها مع المسؤولين المصريين في دفع ملفات أخرى للأمام، بينها إعمار قطاع غزة وتبادل الأسرى. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «حماس» تلقت وعوداً مصرية بإطلاق عملية إعمار قطاع غزة في وقت قريب للغاية بغض النظر عن مدى تقدم الملفات الأخرى.
وأكد رئيس اللجنة الحكومية لإعمار غزة، ناجي سرحان، أن الوفد الحكومي الذي سافر إلى جانب وفد «حماس» إلى القاهرة، اتفق مع المسؤولين المصريين على «جملة من القضايا المهمة والخاصة بعملية إعادة الإعمار وتسريعها».
وقال سرحان إن «الوفد الحكومي عقد سلسلة لقاءات مع المسؤولين المصريين تم الاتفاق خلالها على تشغيل أكبر قدر من شركات المقاولات المحلية، وإدخال جميع المواد اللازمة للإعمار من معبر رفح البري، وذلك لضمان تشغيل المصانع المحلية من الباطون والأسفلت وخلافه وتقديم تسهيلات لتنقل المقاولين ورجال الأعمال عبر معبر رفح». وأشار إلى «البدء بالتحضير لإنشاء المدينة السكنية الأولى ضمن المنحة المصرية في المنطقة الأميركية غرب حي العطاطرة في بيت لاهيا، وذلك بعد انتهاء المخططات والتصاميم اللازمة لها».
كما أكد سرحان أنه طالب المسؤولين المصريين بأن يتم البدء بعملية إعمار الأبراج السكنية أو على الأقل التي أسهمت الطواقم المصرية بإزالة ركامها.
ويدور الحديث حتى الآن عن دفع عمليات محددة في إعمار غزة، ويعتقد أن العملية الحقيقية ستنطلق بعد إنجاز صفقة تبادل أسرى، بحسب ما يشترط الطرف الإسرائيلي.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».