ميليشيات شيعية تتراجع عن مقاطعتها للعمليات ضد «داعش» في تكريت

لجان «الحشد الشعبي» تتعاون مع الأميركيين في معركة استعادة المدينة

القوات العراقية تطلق صاروخين على مواقع «داعش» في تكريت أمس (رويترز)
القوات العراقية تطلق صاروخين على مواقع «داعش» في تكريت أمس (رويترز)
TT

ميليشيات شيعية تتراجع عن مقاطعتها للعمليات ضد «داعش» في تكريت

القوات العراقية تطلق صاروخين على مواقع «داعش» في تكريت أمس (رويترز)
القوات العراقية تطلق صاروخين على مواقع «داعش» في تكريت أمس (رويترز)

بعد يوم من انسحاب عدد من الجماعات المسلحة الشيعية من الهجوم ضد تنظيم داعش احتجاجًا على الضربات الجوية الأميركية، أكد قادة عراقيون رفيعو المستوى يوم الجمعة أن المسلحين سيلتزمون بالأوامر الصادرة عن الحكومة وسيتعاونون مع الأميركيين. وبعد ما تلقى إنقاذا تمثل في رسالة دعم موجهة من آية الله علي السيستاني، الزعيم الديني الشيعي، صرح متحدث باسم حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، بأن لجان التعبئة الشعبية، وهو الاسم الذي يطلق على تلك الجماعات المسلحة، سوف تتعاون مع الأميركيين في المعركة التي تستهدف استعادة مدينة تكريت من أيدي المسلحين.
وقال رافد جبوري، المتحدث باسم العبادي: «لقد تم توضيح كل الأمور إلى لجان «الحشد الشعبي»، حيث شرح لهم القرار الخاص بطلب مساعدة التحالف الدولي. وكانت تعليمات رئيس الوزراء واضحة. ورئيس الوزراء هو القائد العام للقوات المسلحة، وعلى لجان التعبئة الشعبية العمل تحت قيادته، وإمرته، والتعاون الكامل مع القوات المسلحة العراقية». وعلى ما يبدو سرعان ما تم التقاط تلك الرسالة على الأرض في محافظة صلاح الدين. ولم يثر النبأ الوارد عن مقتل 3 من أفراد الشرطة وإصابة عدد غير محدد من أفراد الجماعات المسلحة، في نيران صديقة من مقاتلات جوية أميركية في وقت متأخر من يوم الخميس، الكثير من ردود الأفعال.
وكانت قيادة غرفة العمليات في محافظة صلاح الدين، المسؤولة عن القتال في تكريت، هي التي أوردت نبأ الإصابات المزعومة الناجمة عن تلك الضربة الجوية. ونفت جماعة عصائب أهل الحق المسلحة، التي وردت أنباء عن إصابة مواقع لها في محيط جامعة تكريت، يوم الجمعة مقتل أي من أفرادها من جرّاء أي ضربة جوية أميركية. وعندما تم الطلب من أحد مسؤولي الجماعة في المنطقة الحديث عن الواقعة، اكتفى بقوله: «هذه أمور حساسة، ولا أستطيع التعليق عليها». وقبل يوم من تلك الواقعة، كان قادة الجماعة المسلحة يجاهرون بشكواهم من استهداف الأميركيين لهم عمدًا أو دون قصد.
وكانت جماعة عصائب أهل الحق واحدة من 4 جماعات مسلحة شيعية أعلنت يوم الخميس عدم تعاونها في تنفيذ عملية تكريت بعد مشاركة الأميركيين. وتمثل تلك الجماعات أكثر من ثلث القوات العراقية، التي تحيط بتكريت، ويبلغ قوامها 30 ألفا. وفي الوقت الذي طلب فيه الجيش الأميركي انسحاب الجماعات المسلحة الشيعية، التي تضم كثير منها مستشارين إيرانيين، قبل بدء الضربات الجوية على تكريت، أقرّ قادة عسكريين أميركيين بهدوء بأن بعض تلك الجماعات المسلحة على الأقل سوف تقوم بدور مهم على الأرض في عملية تكريت.
على الجانب الآخر، هددت منظمة بدر، وهي أكبر جماعة من تلك الجماعات المسلحة، ومقربة من إيران، ولا تزال تمثل دعامة كبيرة للحكومة العراقية، يوم الخميس بالانسحاب، وهو ما قد يضعف القوات الداعمة للحكومة. مع ذلك بدا يوم الجمعة أن قيادة الجماعة المسلحة تبتعد عن هذه الحافة، حيث صرح معين الكاظمي، قائد بارز في الجماعة: «لم ننسحب من مواقعنا القريبة من تكريت. ولن ننسحب من حصار تنظيم داعش حتى لا يهربوا. سوف نطاردهم، ونقتلهم بعد وقف الأميركيين الضربات الجوية في تكريت».
مع ذلك أكد قدومي عدم أهمية الضربات الجوية الأميركية، حيث قال: «لقد كنا على بعد يوم من تحرير مدينة تكريت قبل تدخل قوات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة. ويسود حاليًا شعور بالارتباك».
وبحسب الشهود والمسؤولين العراقيين، شاركت طائرات التحالف، وكذلك قوة عراقية جوية صغيرة، في الضربات الجوية التي استمرت طوال فترة الصباح وما بعد الظهيرة يوم الجمعة. وقبل ذلك بيوم، كانت الطائرات العراقية هي الوحيدة التي تستهدف مواقع حول تكريت خلال ساعات النهار، في حين كانت الطائرات الأميركية أو الطائرات الأخرى المشاركة في التحالف تقوم بعمليات القصف ليلا.
وكان القصف الجوي يوم الخميس سواء ليلا أو نهارًا مكثفا، على حد قول السكان، وصرح مسؤولون بأنه ركز على مواقع تابعة لتنظيم داعش داخل القصر شديد التحصين، الذي كان لصدام حسين في الماضي، وفي المنطقة المحيطة به.
وبدا أن هناك صلة بين تحول الجماعات المسلحة الشيعية من حالة الانزعاج إلى حالة الرضا في تكريت، وبين ملاحظات تضمنتها خطبة الجمعة، التي ألقاها متحدث باسم آية الله العظمى علي السيستاني، في كربلاء. وكان السيستاني قد أصدر فتوى دعت إلى إنشاء لجان «الحشد الشعبي» خلال الصيف الماضي عندما وقعت بغداد، والأضرحة الدينية المقدسة في العراق في كربلاء، والنجف، تحت التهديد، وكان الجيش العراقي النظامي على حافة الانهيار. وتم تفسير ما ذكره المتحدث باسم السيستاني على أنه انتقاد للجماعات المسلحة بسبب اعتراضها على طلب الحكومة العراقية الدعم من القوات الجوية الأميركية. وقال أحمد الصافي، ممثل السيستاني إنه: «على قادة الأمن في الميدان الاجتماع والحديث مع القيادة العليا للقوات المسلحة حتى يتسنى اتخاذ القرار الصائب في كل الأوقات. وللخلافات بين الأطراف المختلفة نتائج سلبية على العمليات العسكرية». ورغم أنه لم يتم تحديد الطرف الموجه إليه تلك الانتقادات، كعادة كل تصريحات آية الله، كانت الرسالة واضحة. وقال جبوري: «كانت فتوى آية الله السيستاني تمثل الجزء الأساسي من التفويض الذي تم منحه لجان «الحشد الشعبي»». وأضاف قائلا: «لذا نحن نقول إن حصول هذه الرسالة على دعم المرجعية الشيعية أمر مهم للغاية». مع ذلك لا يبدو أن كل الجماعات المسلحة توافق على هذا التوجه؛ فحركة النجباء، التي على علاقة بإيران، والتي يشارك بها مقاتلون أكفاء قاتلوا نيابة عن النظام السوري، أكدت إصرارها على عدم الانسحاب من مواقعها في تكريت، مشيرة إلى احتمال مهاجمتها للطائرات الأميركية حتى إذا كانت تستهدف تنظيم داعش الذي يعد خصما لها. وقال هاشم الموسوي، متحدث باسم الحركة يوم الجمعة: «لدينا أسلحة تمكننا من القيام بذلك. ويعلم الأميركيون ذلك».

* خدمة «نيويورك تايمز»
* شارك في إعداد هذا التقرير أحد صحافيي «نيويورك تايمز» من محافظة صلاح الدين. وهيلين كوبر من واشنطن.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.