عقدة «الفائز الأول» تربك المشهد السياسي

الحكيم: لا نريد رئيس وزراء «مكرماً»

عمار الحكيم (واع)
عمار الحكيم (واع)
TT

عقدة «الفائز الأول» تربك المشهد السياسي

عمار الحكيم (واع)
عمار الحكيم (واع)

لا أحد يريد من الكتل الشيعية الثلاث البارزة (الكتلة الصدرية والفتح ودولة القانون) التنازل عن الفوز بأعلى المقاعد وتكوين الكتلة الأكبر وتشكيل الحكومة. الكتلة الرابعة (قوى الدولة) التي يتزعمها عمار الحكيم هي وحدها التي لم تعلن المنافسة على «الفائز الأول»، لكن زعيمها الحكيم في أول لقاء متلفز له منذ سنين اكتفى بالقول: «سنفجر مفاجأة».
الحكيم الذي كان يرفض الحوارات التلفزيونية أجرى، آخر يومين قبيل الصمت الانتخابي، حوارين تلفازيين مع قناتين واسعتي الانتشار من حيث نسب المشاهدة وهما «العربية الحدث» و«الشرقية». وفضلاً عن المفاجأة التي وعد الحكيم بتفجيرها يوم غد الأحد، حيث يتوجه 25 مليون عراقي لانتخاب 329 نائباً من بين 3242 مرشحاً، فإنه قال: «لا نريد رئيس وزراء مكرماً». ومفردة «مكرم» تعني الذي لا يستطيع المشي على قدميه.
استطلاعات الرأي التي لا يعتد بها في العراق عادة بسبب عدم أهلية غالبية المؤسسات التي تُجري مثل هذه الاستطلاعات دخلت على خط التوقعات. لكن الكتل السياسية تحتاج إلى المزيد من التوقعات، في ظل الاستعداد للمباشرة بعد الانتخابات بإعادة رسم الخريطة السياسية، بدءاً أولاً من اختيار المرشح لتشكيل الحكومة المقبلة.
وفيما لا تزال الكتل الشيعية الثلاث الرئيسية التي تتنافس على لقب الفائز الأول تصر على أنها هي التي سوف تختار رئيس الوزراء القادم، فإن كلاً من العرب السنة والكرد وبرغم من صراعاتهم البينية يترقبون نتائج الانتخابات لتحديد بوصلة تحالفاتهم. فالمنصبان المتبقيان من المناصب الرئاسية الثلاثة، وهما رئاستا الجمهورية والبرلمان، ونتيجة لحدة الخلافات الداخلية (السنية - السنية) و(الكردية - الكردية) لم يعد من الممكن حسمهما داخل البيتين السني والكردي ما لم تتحدد معالم القائمة الشيعية الفائزة بأعلى الأصوات لكي تبدأ المفاوضات الخاصة بمن سيكون رئيساً للجمهورية ورئيساً للبرلمان. فإذا كان منصب رئيس الجمهورية محسوماً للكرد طوال الدورات البرلمانية الأربع الماضية ومنصب رئيس البرلمان للعرب السنة طوال تلك الدورات، فإن الأمر اختلف هذه المرة. فزعيم الكتلة السنية الأكبر ورئيس البرلمان المنحل محمد الحلبوسي، يرى بعض خصومه أن فرصته في رئاسة البرلمان لدورة ثانية تضاءلت نتيجة بروز منافس قوي له في الساحة السنية وهو زعيم تحالف «عزم» خميس الخنجر بسبب تحالفه الذي بات قوياً مع الكتل الشيعية. وفي وقت لم يعلن الخنجر نيته بأن يتسلم أي من أعضاء تحالفه رئاسة البرلمان مع أنه يضم شخصيات مهمة مثل رئيس البرلمان الأسبق سليم الجبوري ووزير الدفاع الأسبق خالد العبيدي، فإن الحلبوسي الذي يعتقد أن حزبه «تقدم» سيكون الرقم الأول في المحافظات الغربية السنية ليس فقط ليس بالإمكان منافسته، بل إنه بات يطرق باب رئاسة الجمهورية. الحلبوسي أعلن أكثر من مرة أنه لا ينبغي أن تكون رئاسة الجمهورية حكراً للأكراد، منطلقاً في ذلك من أن الغالبية من سكان العراق هم عرب (بنسبة 80 في المائة).
الكرد من جانبهم أعلنوا وعبر بيانات وتصريحات أنهم لن يتخلوا عن رئاسة الجمهورية. لكنه مثلما حدثت متغيرات في الكتلتين الشيعية والسنية لجهة بروز المزيد من الخلافات فإن الكرد الذين كانوا يتوافقون على مرشح واحد لهذا المنصب سيدخلون، حسب كل المعطيات المتوفرة، متنافسين فيما بينهم للمرة الثانية بسبب عمق الخلافات بين الحزبين الكرديين الرئيسيين في إقليم كردستان (الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني).
الرئيس العراقي برهم صالح الذي ينتمي إلى الاتحاد الوطني الكردستاني المنقسم على نفسه بين رئيسيه المشتركين (بافل طالباني وابن عمه لاهور شيخ جنكي)، أعلن في حواره الأخير مع قناة «العربية» أنه يريد ولاية ثانية.
الولايتان السنية لرئاسة البرلمان والكردية لرئاسة الجمهورية تتوقف على الدخان الأبيض لنتائج السباق الانتخابي، لكن ليس داخل مفوضية الانتخابات، بل داخل اللجنة التنسيقية الشيعية. فالكتل الشيعية الرئيسية تعلن أمام جمهورها وفي وسائل الإعلام أنها ستكون الرقم واحد. والصدريون يعلنون دائماً سواء أمام وسائل الإعلام أو في غرف الدردشة السياسية أنهم سيحصلون على ما لا يقل عن 85 مقعداً. أما ائتلاف دولة القانون وعلى لسان زعيمه نوري المالكي الذي ظهر مؤخراً في حوار مع «العربية الحدث» فيرى أن ائتلافه سيكون الأول.
تحالف الفتح بزعامة هادي العامري الذي يضم العديد من الفصائل المسلحة يتحدث هو الآخر عن 60 مقعداً أو أقل قليلاً. لكنّ التحالفين (دولة القانون والفتح) لا يتوقعان للصدريين أن يحصلوا على أكثر من 35 إلى 40 مقعداً. بعض استطلاعات الرأي تتحدث عن أرقام متباينة لكنها في الغالب لا تعطي أي كتلة أو تحالف أكثر من 30 إلى 40 مقعداً مع أن غالبيتها تضع التيار الصدري بالمرتبة الأولى.
هذه المرتبة الأولى وإن كان يترتب عليها مسار التحالفات لتكوين الكتلة الأكبر المؤهلة لتشكيل الحكومة، فضلاً عن حسم منصبي رئيسي البرلمان والجمهورية فإنه، وبرغم حساسية الأمر، تم إدخال كبار المراجع الدينيين على خط الانتخابات. فرغم إعلان المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني تأييده للمشاركة الجماهيرية فإن تصريحاً لافتاً لرجل دين مقرب من المرجعية عدّ أن ما أعلنته المرجعية يشبه فتوى الجهاد الكفائي لمحاربة «داعش»، مبيناً إن ما دعت إليه بمثابة فتوى الجهاد الانتخابي. المعارضون للكتلة الصدرية استخدموا فتوى صدرت مؤخراً من المرجع الشيعي المقيم في إيران كاظم الحائري بعدم انتخاب مَن يعارض الحشد الشعبي على أنها موجهة ضد الصدريين مثلما يتم الترويج لذلك في وسائل التواصل الاجتماعي.



هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».