طلبت هيئة المحامين بالجزائر من وزارة العدل إلغاء نظام التقاضي عن بعد بالوسائل الرقمية المعتمد منذ عام ونصف العام بسبب الأزمة الصحية، بحجة أنه «لا يحقق محاكمة عادلة» للمتهمين. في غضون ذلك، عبّر ناشطون بالحراك عن استياء بالغ من حبس أستاذ جامعي متقاعد بسبب منشورات له على حسابه بـ«فيسبوك».
وقال إبراهيم طايري رئيس «الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين» الذي ينتسب إليه أكثر من 26 ألفا من أصحاب «الجبة السوداء»، في بيان أمس، إن «المحاكمات المرئية تمس بحقوق المحبوسين وبحقوق الإنسان، ويترتب عنها إجحاف كبير بشأن حقوق الموقوفين». وأكد طايري أن «المحاكمة عن بعد تحرم المحبوس من المثول أمام القاضي والتفاعل معه، كما ينص على ذلك قانون الإجراءات الجزائية»، مبرزاً أن العمل بتقنية المحاكمة المرئية «كثيراً ما تميز برداءة الصورة والانقطاع المستمر للبث، إذ تسمع كلمة ولا تسمع باقي إفادة المتهم». وأوضح «نقيب المحامين» أن الأسباب «التي يتحجج بها من يريدون لهذا الوضع الشاذ أن يستمر، هي جائحة كورونا. وحسب رأيهم، قد ينقل المحبوس عند استخراجه (من السجن لاقتياده إلى مقر المحكمة) الوباء إلى المؤسسة العقابية بعد المحاكمة، لكن هذه المبررات واهية». يشار إلى أن اعتماد «المحاكمة بالفيديو» يتم فقط في مادة الجنح، لهذا يرفض طايري «الكيل بمكيالين»، على أساس أن المتابعين بتهم جنائية يتم إحضارهم إلى مقار المحاكمة. وتساءل على سبيل الاستنكار: «هل في هذه الحالة لا وجود لكورونا؟».
وأبرز طايري أنه في «محكمة سيدي امحمد»، وهي أشهر المحاكم في البلاد وتقع بالعاصمة، تجري محاكمة المتهمين في مادة الجنح. وغالبيتهم، حسب مصادر قضائية، من نشطاء الحراك الشعبي وهم بالمئات، تتابعهم السلطات بـ«المسّ بالنظام العام» و«المس بالوحدة الوطنية»، و«تهديد المصلحة الوطنية»، وهي تهم يعتبرها المحامون سياسية بذريعة أنها ذات صلة بمواقف النشطاء من النظام.
كما أشار رئيس «اتحاد المحامين» إلى قاضي التحقيق و«قاضي المثول الفوري»، الذي يحضر المتهم إلى المحكمة ويتم إيداعه الحبس الاحتياطي منها مباشرة، وذلك في وقت تكون فيه المحكمة، حسب طايري، مكتظة عن آخرها، وقال متهكماً إن «جائحة كورونا لا وجود لها في هذه الحالة!». وأضاف: «وعون مؤسسة إعادة التربية (حارس السجن) عندما يدخل للمحبس، لا وجود لكورونا في هذه الحالة؟!». وتابع: «يمكن استخراج المحبوسين من أجل إجراء محاكمة عادلة لهم، مع احترام البروتوكول الصحي، وذلك بإجبار المحبوس على ارتداء الكمامة». وطالب النقيب بأن «ينتهي هذا الوضع غير الطبيعي والاستثنائي، لأنه أثّر كثيراً على قواعد المحاكمة العادلة بالنسبة للموقوفين، وقد انعكس بطبيعة الحال على نوعية الأحكام». ولم يقتصر «التقاضي عن بعد»، الذي يتم انطلاقاً من السجون، على نشطاء الحراك والحقوقيين وبعض الصحافيين، بل شمل أيضاً مسؤولين كباراً جرى اتهامهم في قضايا فساد ذات صلة بفترة تسيير البلاد في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ومن أشهرهم رئيسا الوزراء السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، ومدير الشرطة السابق اللواء عبد الغني هامل.
وفي سياق ذي صلة، نقل نشطاء بالحراك خبر إيداع الكاتب والمترجم المعروف مسعود جناح الحبس الاحتياطي، أول من أمس، من طرف محكمة بشرق البلاد، وذلك بتهمة «نشر أخبار كاذبة». ولا تعرف بالتحديد الوقائع التي تستند إليها التهمة، غير أن الأستاذ الجامعي السبعيني المتقاعد عُرف بحدة انتقاده للسلطة في المنصات الرقمية. وكتب الروائي والصحافي عبد العزيز غرمول أنه «يرفض رفضاً قاطعاً حبس الأستاذ مسعود بأي تهمة كانت.. أطلقوا سراح الرجل، وحاولوا الاستفادة من علمه ومعرفته».
ويوجد في السجن 228 ناشطاً سياسياً، بحسب «اللجنة الوطنية للدفاع عن معتقلي الحراك».
الجزائر: مطالبات بوقف «التقاضي عن بعد» بحجة أنه «يلغي المحاكمة العادلة»
حبس أستاذ جامعي متقاعد يثير حفيظة نشطاء الحراك
الجزائر: مطالبات بوقف «التقاضي عن بعد» بحجة أنه «يلغي المحاكمة العادلة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة