تصريحات لماكرون عن الاستعمار في الجزائر تفجّر أزمة بين تركيا وفرنسا

استئناف محاكمة كافالا واعتقال طلاب في جامعة «بوغازيتشي»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
TT

تصريحات لماكرون عن الاستعمار في الجزائر تفجّر أزمة بين تركيا وفرنسا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

اندلعت أزمة جديدة بين تركيا وفرنسا على خلفية تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن «الاحتلال العثماني» للجزائر وهو ما أثار ردود فعل غاضبة في الجزائر أيضا. ووصف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، تصريحات الرئيس الفرنسي ضد بلاده والجزائر بأنها «شعبوية وغير مجدية»، قائلا إن «التاريخ التركي خال من الاستعمار». وأضاف جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي مشترك، ليل الخميس- الجمعة، أنه «من الخطأ إقحام تركيا في هذه النقاشات، رأينا وما زلنا نرى أن مثل هذه الأساليب الرخيصة غير مجدية أبداً في الانتخابات أيضاً سواء في فرنسا أو في بلدان أخرى.. ونعتقد أنه سيكون من المفيد لماكرون اتخاذ خطوات لكسب ثقة شعبه بدلاً من اللجوء إلى مثل هذه الأساليب الشعبوية».
كان ماكرون طعن في وجود أمة جزائرية قبل دخول الاستعمار الفرنسي إلى البلاد عام 1830، وتساءل مستنكرا: «هل كان هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟». وقال ماكرون، في تصريحات لصحيفة «لوموند» الفرنسية الأسبوع الماضي: «كان هناك استعمار قبل الاستعمار الفرنسي للجزائر، في إشارة لفترة التواجد العثماني (1514 -1830)، مضيفا: «أنا مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماما الدور الذي لعبته في الجزائر، والهيمنة التي مارستها، وأن الفرنسيين هم المستعمرون الوحيدون، وهو أمر يصدقه الجزائريون»، وهو ما أثار سخرية مغردين جزائريين وصفوا ماكرون بـ«الجاهل» بالتاريخ. وقرر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، السبت الماضي، استدعاء سفير بلاده في باريس، للتشاور بعد التصريحات، التي اتهم فيها ماكرون النخبة الحاكمة في الجزائر بـ«تغذية الضغينة تجاه فرنسا».
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، إن تركيا لاعب دولي مهم جدا ونرتبط معها بـ«علاقات تاريخية عميقة»، واصفا تصريحات ماكرون، بـ«الخطأ الجسيم».
وأضاف لعمامرة، على هامش الاجتماع الوزاري الثالث بين إيطاليا وأفريقيا في روما، أول من أمس، أن الجزائر وتركيا تمتلكان علاقات تاريخية عميقة وروابط معنوية قوية، وتسعيان إلى تعزيز علاقاتهما المشتركة، ومهما كان سبب المشكلة بين فرنسا والجزائر، لا أعتقد أنها ستؤثر على علاقاتنا مع الدول الشقيقة مثل تركيا. ولفت إلى أن الجزائر وفرنسا تمتلكان تاريخا طويلا وصعبا ومعقدا، وأن بلاده نجحت في التعامل مع هذا الوضع في كل وقت.
وشهدت العلاقات التركية الفرنسية توترا متكررا في السنوات الأخيرة على خلفية العديد من الملفات منها دعم فرنسا لأكراد سوريا ولليونان في خلافها مع تركيا على موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط وتوقيع صفقات سلاح معها اعتبرتها أنقرة موجهة إليها. والأسبوع الماضي، استنكرت تركيا توقيع اتفاق عسكري بين فرنسا واليونان تحصل بمقتضاه الأخيرة على سفن حربية إضافة إلى التعاون في الدفاع المشترك ضد التهديدات في شرق المتوسط، معتبرة أن الاتفاق موجه إليها. وأجرت اليونان، أول من أمس، تمرينا عسكريا في جزيرة «قويون» المحاذية لسواحل ولاية إزمير التركية غرب تركيا. وتساءل وزير الدفاع التركي خلوصي أكار خلال مشاركته في فعالية بكلية الدفاع الوطني في إسطنبول أمس: «أليس من الاستفزاز أن تجري اليونان تمرينات عسكرية في جزيرة قويون (تبعد حوالي 7.5 كلم عن سواحل تركيا ببحر إيجة)؟»، مضيفا: على العالم كله، لا سيما دول الاتحاد الأوروبي أن ترى أن الطرف الذي يزيد التوتر بالمنطقة عبر هذه الاستفزازات هو اليونان.
في شأن آخر، عبر رجل الأعمال التركي الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، المعتقل منذ عام 2017، عن أمله في أن يرى العدالة تتحقق قريباً في بلاده. ونقل الصحافي النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، أوتكو أوزر، عن كافالا عقب زيارته في محبسه، قبل جلسة استماع عقدت في إطار محاكمته بتهمة التورط في محاولة الانقلاب والتجسس، أمس، أنه لم ير وجه المدعي العام ولو مرة واحدة منذ أن زج به في السجن. وأضاف كافالا (63 عاما): «تمت تبرئتي واتُخذ قرار بإخلاء سبيلي. لكنني ما زلت في السجن… أنتظر اليوم الذي أرى فيه العدالة تتحقق».
واعتقل كافالا للمرة الأولى في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 على خلفية احتجاجات اجتاحت مختلف أنحاء البلاد انطلقت من متنزه جيزي في إسطنبول عام 2013، وبرأته المحكمة من تلك القضية العام الماضي، لكن السلطات أعادت اعتقاله على الفور بموجب اتهامات متعلقة بمحاولة الانقلاب. ودعا الاتحاد الأوروبي السلطات التركية إلى إطلاق سراح كافالا، بعد قرار تمديد اعتقاله. كما أصدرت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية عددا من القرارات بإطلاق سراحه لم تنفذها الحكومة التركية.
في الوقت ذاته، اعتقلت السلطات التركية 34 شخصا بسبب الاحتجاجات الطلابية، ومزاعم الانتماء إلى حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن، التي تتهمها السلطات بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة. وقالت شعبة مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية الأمن في إسطنبول، إنها توصلت لعناوين 28 مشتبهاً لم يتم القبض عليهم في عمليات استهدفت «أتباع تنظيم غولن الإرهابي» (حركة الخدمة)، وتم اعتقال 20 منهم ويجري البحث عن الآخرين. كما أعلن مكتب والي إسطنبول، أن قوات الأمن ألقت القبض على 14 طالباً من جامعة «بوغازيتشي» (البسفور)، بسبب احتجاجهم ضد رئيس الجامعة المعين، محمد ناجي إنجي، مشيرا إلى أن 8 أشخاص ممن تم ضبطهم ليسوا من طلاب الجامعة. ويواصل أساتذة وطلاب وعمال جامعة بوغازيتشي بإسطنبول احتجاجاتهم على قرار إردوغان، الصادر في أغسطس (آب) الماضي، والخاص بتعيين البروفيسور، محمد ناجي إنجي، رئيسا للجامعة، خلفاً لرئيسها السابق، مليح بولو الذي تمت إقالته بعد موجة احتجاجات استمرت لأشهر.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».