انقلابيو اليمن يدفعون بـ480 «مهمشاً» إلى جبهات القتال خلال أسبوع واحد

TT

انقلابيو اليمن يدفعون بـ480 «مهمشاً» إلى جبهات القتال خلال أسبوع واحد

كشفت مصادر يمنية مطّلعة في صنعاء عن قيام الميليشيات الحوثية خلال أسبوع بإرسال نحو 480 شخصاً من المهمشين من ذوي البشرة السوداء إلى القتال في جبهات مأرب وتعز وغيرها بالتزامن مع تنفيذ حملات استقطاب وتجنيد واسعة في أوساط المنتمين إلى هذه الفئة الأشد فقراً في كلٍّ من صنعاء العاصمة ومدينتي إب وذمار.
وتحدثت المصادر عن قيام مشرفين وقادة حوثيين باستقطاب أكثر من 200 مهمش جلّهم من صغار السن في مناطق وأحياء متفرقة في العاصمة صنعاء.
وفي السياق نفسه، لاحظ شهود عيان في صنعاء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» قيام الميليشيات منتصف الأسبوع الماضي بنقل دُفع عدة من المهمشين على متن حافلات كبيرة من وإلى جامع الصالح الواقع بنطاق مديرية السبعين وسط صنعاء.
وأكدت المصادر أن نقل الجماعة لمن استدرجتهم من المنتمين لهذه الفئة إلى ذلك المكان الذي خصصته لغسل أدمغة الأطفال والمراهقين كان بهدف تلقينهم أفكار الجماعة على مدار يومين، أعقبه مباشرة إخضاعهم لتدريب قتالي مستعجل قبل أن يتم الدفع بهم أواخر الأسبوع إلى جبهات مأرب وتعز.
وإلى جانب من تم تجنيدهم في صنعاء، فقد زجت الميليشيات على مدى سبعة أيام ماضية، حسب المصادر، بنحو 160 مهمشاً من محافظة ذمار، و120 من إب إلى الجبهات.
وفي محافظة ذمار (100 كم جنوب صنعاء) دفعت الجماعة خلال تلك الفترة بتعزيزات جديدة إلى 3 جبهات هي مأرب وتعز والجوف، وذلك عقب الضربات القاسية التي تلقتها وسقط على أثرها مئات القتلى والأسرى والجرحى في صفوفها.
وأوضح مصدر محلي في ذمار لـ«الشرق الأوسط» أن معظم المقاتلين الذين زجت بهم الجماعة مؤخراً إلى جبهاتها هم من الأطفال وأن أغلبهم لم يتجاوز 16 سنة. وقال المصدر، الذي طلب عدم نشر هويته لدواعٍ أمنية: «إن القيادي في الميليشيات المدعو محمد البخيتي المنتحل صفة محافظ ذمار يواصل لليوم الثالث على التوالي عقد اللقاءات الموسعة لاستقطاب المهمشين من ذوي البشرة السوداء».
وسبق للجماعة أن دفعت في 29 من سبتمبر (أيلول) الماضي بـ40 مقاتلاً من ذات الفئة بذمار إلى جبهات مأرب، بالتوازي مع استقبال الميليشيات طيلة الأسابيع القليلة المنصرمة جثث قتلاها وجرحاها من أبناء تلك الفئة المغرر بهم بعد أن قدموا من جبهات في مأرب.
وكان القيادي في الميليشيات سلطان جحاف، قد اعترف مطلع أغسطس (آب) الماضي، بتجنيد جماعته للمهمشين وإرسالهم إلى محارق الموت. وقال في تغريدة عبر «تويتر» إن الجماعة جندت 70% من شريحة المهمشين وأرسلتهم إلى مختلف الجبهات القتالية.
وفي تعليقه على الاعترافات، قال نعمان الحذيفي رئيس الاتحاد الوطني للمهمشين، إن القيادي الحوثي جحاف اعترف أمام الملأ بأنهم جندوا 70% من المهمشين وساقوهم إلى الجبهات القتالية.
وجدد رئيس فئة المهمشين التعبير عن حزنه العميق جراء مشاهدته لأبناء جلدته وهم بين قتيل أو جريح أو أسير في صحراء مأرب بعد أن ألحقتهم الجماعة للقتال في صفوفها.
ويأتي استمرار الانقلابيين، وكلاء طهران في اليمن، في استهداف ذوي البشرة السوداء وكل فئات المجتمع اليمني وتحويلهم إلى محارق بجبهاتهم متزامناً مع صدور تحذيرات محلية وأخرى دولية من أن فئة المهمشين في اليمن لا يزالون يواجهون خطراً كبيراً بفعل التجنيد الإجباري للأطفال والشبان الذي تطلقهم عليهم الجماعة «أحفاد بلال».
وذكرت «رابطة معونة لحقوق الإنسان» أن الحرب التي أشعلتها الميليشيات منذ انقلابها قوضت فرص التعايش السلمي وصادرت الحقوق والحريات وشرّدت وهجّرت ملايين اليمنيين وأسهمت بشكل مباشر في تزايد تدهور أوضاع الأقليات العرقية في اليمن.
وأوضح نعمان الحذيفي في كلمة له ألقاها أخيراً بالنيابة عن الرابطة، أمام الدورة الـ48 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، أن فئة المهمشين البالغ تعدادهم 12% من سكان اليمن لا يزالون يعيشون في ظل أوضاع معيشية وتعليمية وصحية بالغة الخطورة؛ بسبب التمييز العنصري الذي يُمارس عليهم اجتماعياً وسياسياً، وحرمانهم من التمتع بأبسط حقوق الإنسان.
وأكد أن أوضاع ذوي البشرة السوداء تفاقمت أكثر خلال الحرب حيث تواجه هذه الأقلية خطراً حقيقياً بسبب قيام الميليشيات بحشد الكثير من أطفال وشباب هذه الفئة للمعسكرات والدفع بهم لجبهات القتال تحت مسمي «أحفاد بلال» كمصطلح عنصري يضاف لمجموعات المصطلحات العنصرية التي تطلق عليهم، حيث قُتل وجُرح كثير منهم بحرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل. وفق تعبيره.
وحثت الرابطة مجلس حقوق الإنسان على التدخل العاجل لإيقاف الإبادة الجماعية التي ترتكبها جماعة الحوثي بحق المهمشين انطلاقاً من الالتزامات الأممية ذات الصلة بحماية الأقليات.
وطالب الحذيفي مجلس حقوق الإنسان بدفع المنظمات الأممية لضمان وصول الدعم الدولي للأقليات المهمشة في مجال المساعدات الإغاثية الطارئة المقدمة لليمن.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».