بايدن يمدد «الطوارئ السورية» ويتهم تركيا بتقويض قتال «داعش»

أنقرة تعلن قتل 5 مقاتلين أكراد رداً على اغتيال أحد جنودها شمال حلب

TT
20

بايدن يمدد «الطوارئ السورية» ويتهم تركيا بتقويض قتال «داعش»

جدد الرئيس الأميركي جو بايدن إعلان الحكومة الأميركية حالة الطوارئ الوطنية بشأن التعامل مع سوريا، مشيرا إلى أن الوضع الحالي في سوريا يمثل «تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة»، واتهم الرئيس الأميركي تركيا بتقويض جهود مكافحة داعش من خلال هجماتها العسكرية شمال شرقي سوريا.
وقال بايدن في بيان أصدره البيت الأبيض مساء الخميس: «الوضع في سوريا، ولا سيما الإجراءات التي تقوم بها الحكومة التركية لشن هجوم عسكري على شمال شرقي سوريا، يقوض حملة هزيمة داعش». وأضاف أن «الأزمة المستمرة لا تزال تعرض المدنيين للخطر وتهدد بشكل أكبر بتقويض السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، بينما لا تزال تشكل تهديداً غير عادي وغير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، ولهذا السبب، فإن حالة الطوارئ الوطنية المعلنة في الأمر التنفيذي 13894 المؤرخ 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، يجب أن تستمر سارية المفعول بعد 14 أكتوبر 2021».
ولم توضح إدارة بايدن خطتها لمكافحة «داعش» في شرق سوريا، خاصةً بعد تأثر مصداقية الولايات المتحدة بعد الانسحاب من أفغانستان. وتعتمد الإدارة الأميركية بشكل كبير على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وعدد صغير من الجنود الأميركيين. ولا يبدو في الأفق أي مخططات للانسحاب من سوريا أو سحب الجنود الأميركيين الباقين خوفا من اتهامات بإخفاق أميركي آخر في سوريا.
وكان الرئيس السابق دونالد ترمب قد أعلن حالة طوارئ وطنية بشأن سوريا لأول مرة في عام 2019 بهدف التعامل مع التهديدات للأمن القومي والسياسة الخارجية الأميركية وقد منح هذا الأمر التنفيذي الإدارة الأميركية سلطة منع ممتلكات الأشخاص الذين ثبتت مسؤوليتهم أو ضالعين في الاضطرابات في سوريا، كما سمح للحكومة الأميركية بفرض عقوبات - مثل منع أي عقود لديها ورفض منح التأشيرات للأشخاص الذين يعتقدون أنهم لعبوا دوراً في التسبب في اضطرابات مدنية في سوريا، كما حرمت المؤسسات المالية الأميركية من تقديم قروض أو تقديم ائتمان للشخص الخاضع للعقوبات، كما منعت دخول هؤلاء الأشخاص إلى الولايات المتحدة.
ويأتي هذا القرار في أعقاب لقاءات جرت الأسبوع الماضي بين المسؤولين الأميركيين وقادة المعارضة السورية الذين حثوا الولايات المتحدة على عدم الاعتراف بنظام بشار الأسد كحاكم شرعي للبلاد. وحث قادة المعارضة أن تتبع واشنطن سياسة اللاءات الثلاث أي «لا تطبيع» و«لا رفع للعقوبات» و«لا أموال لإعادة الإعمار» حتى يتم التوصل إلى حل سياسي. وأكد المسؤولون الأميركيون أن الولايات المتحدة لن تقوم بتطبيع أو تطوير علاقاتها مع نظام الأسد بعد الفظائع التي ارتكبها النظام ضد الشعب السوري.
وأعلن بايدن، قبل شهرين، أن الخطر الذي يهدد بلاده من سوريا وشرق أفريقيا أكبر بكثير من أفغانستان، قائلا: «هناك تهديد أكبر بكثير للولايات المتحدة قادم من سوريا... هناك تهديد أكبر قادم من شرق أفريقيا، القاعدة وداعش انتشروا هناك... الولايات المتحدة قادرة على القضاء على هذه التهديدات دون وجود عسكري على الأرض». وتدعم واشنطن «الإدارة الذاتية» العاملة في شمال وشرق سوريا، وذراعها العسكري (قسد)، الذي تشكل الوحدات الكردية أكبر مكوناته، لكن أنقرة تعتبرها تنظيما إرهابيا وامتدادا لحزب العمال الكردستاني داخل سوريا، وترفض الدعم الأميركي لها.
في سياق متصل، أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار مقتل 5 من عناصر الوحدات الكردية في عمليات فورية أطلقتها القوات التركية، ردا على مقتل أحد جنودها في هجوم صاروخي نفذته قسد على القاعدة العسكرية التركية في منطقة التويس بالقرب من مارع في ريف حلب الشمالي. وقال أكار، خلال فعالية بجامعة الدفاع الوطني في إسطنبول أمس: «أطلقنا العمليات فورا ضد (الإرهابيين) الذين تسببوا بمقتل رفيق سلاحنا البطل... القوات المسلحة التركية قضت على 5 «إرهابيين» وفق المعلومات الأولية وعثرت على جثثهم».
وأكد أكار أن العمليات مستمرة، وأن عدد قتلى الإرهابيين (عناصر الوحدات الكردية) سيزداد في الساعات القادمة، وأن دماء الجنود الأتراك لن تذهب سدى، مضيفا: «أينما وجد الإرهاب سيكون هدفنا».
وتابع أكار أن ما يسمى «قياديي التنظيم» لا يستطيعون النوم في مكان واحد لليلتين، خوفا من الاستهداف، وأن قوات الكوماندوز التركية تمكنت من تحييد 12 من عناصرهم قبل أيام، داخل مغارة تقع على قمة جبل، كان الإرهابيون يدعون استحالة الوصول إليها.
وأشار إلى أن العمليات التي أطلقتها تركيا لمكافحة الإرهاب في 24 يوليو (تموز) 2015، أسفرت عن مقتل 18 ألفا و582 إرهابيا، كما قتل 2136 منهم من الأول من يناير (كانون الأول) الماضي.
إلى ذلك، قالت إلهام أحمد، السياسية الكردية الكبيرة ورئيسة اللجنة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية وهو الذراع السياسي لقوات سوريا الديمقراطية، إن الولايات المتحدة قدمت التزاما واضحا للأكراد بذلك. وأضافت لـ«رويترز» بعد اجتماعات في واشنطن مع ممثلين للبيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين «تعهدوا بفعل كل ما يمكن لتدمير داعش والعمل على بناء البنية التحتية في شمال شرقي سوريا». وتابعت «قالوا إنهم سيبقون في سوريا ولن ينسحبوا، سيواصلون قتال داعش». وقالت «قبل ذلك لم يكونوا واضحين أثناء رئاسة ترمب، وخلال الانسحاب من أفغانستان، لكن هذه المرة أوضحوا كل شيء».
إلى ذلك، استهدف الجيش التركي وفصائل سورية موالية الطريق الدولي السريع وقرية أشورية بشمال شرقي بلدة تمر الواقعة في ريف محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، في حين وصل رتل عسكري محمل بالأسلحة والذخيرة وسيارات همر حديثة إلى قواعد الجيش الأميركي والتحالف الدولي بريف الحسكة الجنوبي قادمة من قواعدها بإقليم كردستان العراق المجاور.
من جهة ثانية، توصل وجهاء من قبيلة «البوخطاب» وممثلون عن القيادة العامة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» إلى اتفاق يفضي لحل الخلاف الذي وقع أول من أمس في قرية «نص تل» بريف بلدة تل براك التابعة لمدينة القامشلي، بعد خروج احتجاجات شعبية مناهضة واستخدمت قوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية الرصاص الحي لفض التظاهرات التي خرجت رفضاً لنقل محطة كهربائية خاصة بالقرية.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.