إيران تدعو إلى اتفاقات ثنائية وتعلن استمرار إرسال النفط إلى لبنان

TT

إيران تدعو إلى اتفاقات ثنائية وتعلن استمرار إرسال النفط إلى لبنان

أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في ختام زيارته إلى لبنان، أمس، استمرار بلاده في إرسال المشتقات النفطية إلى البلاد، غداة تنديد الولايات المتحدة بإدخال «حزب الله» صهاريج محملة بمازوت إيراني، واعتبرها «لعبة علاقات عامة»، وحذرت واشنطن من أن استيراد الوقود من دولة تخضع للعقوبات لن يحل أزمة المحروقات الحادة التي يعاني منها لبنان.
وأكد وزير الخارجية الإيراني، في مؤتمر صحافي عقده في ختام زيارته للبنان، «أننا سنساعد لبنان الشقيق للعبور من أزمته»، وقال: «مستعدون للمساعدة عبر استثمارات إيرانية أو لبنانية لإقامة معملين لإنتاج الكهرباء». وأعلن «أننا مستمرون بإرسال المشتقات النفطية إلى لبنان»، آملاً أن يكون في المستقبل «بإطار اتفاقيات بروتوكولية بين البلدين».
وفي ختام جولة له على المسؤولين السياسيين، أشار عبد اللهيان إلى أن «إيران على استعداد لتأمين حاجات لبنان من الأدوية والأغذية والمستحضرات الطبية، وأكدنا للمسؤولين اللبنانيين أن إيران على استعداد لإنشاء مترو الأنفاق». وقال: «إيران تكن احتراماً كاملاً لسيادة لبنان وتعبر عن رغبتها ببذل جهودها لدعم لبنان من خلال التعاون بين الحكومتين، ومستعدون للتعاون في المجالات كافة».
وأعلن عبد اللهيان من بيروت أن «المحادثات الإيرانية السعودية تسير في الاتجاه الصحيح، ونحتاج إلى المزيد من الحوار»، وأكد أن «دور إيران والسعودية له بالغ الأهمية على صعيد إرساء الاستقرار في المنطقة». ولفت إلى «أننا سنعود إلى محادثات فيينا على أن يتم تحقيق المصلحة الوطنية لإيران وشعبها».
ويأتي إعلان عبد اللهيان عن الاستمرار في توريد المحروقات إلى لبنان، غداة تنديد الولايات المتحدة، الخميس، بـ«لعبة علاقات عامة» يقوم بها «حزب الله» الذي أدخل، مؤخراً، إلى لبنان صهاريج محملة بمازوت إيراني، محذرة من أن استيراد الوقود من دولة تخضع للعقوبات لن يحل أزمة المحروقات الحادة التي يعاني منها لبنان. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين، أول من أمس، (الخميس)، إن «وقوداً من بلد خاضع لعقوبات عديدة مثل إيران ليس فعلاً حلاً مستداماً لأزمة الطاقة في لبنان». وأضاف: «برأينا هذه لعبة علاقات عامة يلعبها حزب الله وليست محاولة منه لإيجاد حل بناء للمشكلة».
وقال المتحدث الأميركي: «إننا ندعم الجهود الرامية لإيجاد حلول شفافة ومستدامة لمعالجة مشكلة النقص الحاد في الطاقة والوقود في لبنان». ولم يوضح برايس ما إذا كان لبنان سيخضع لعقوبات أميركية بسبب شحنات المازوت الإيراني، مكتفياً بالتذكير بأن الرئيس جو بايدن مستعد لرفع العقوبات المفروضة على إيران إذا عادت للامتثال الكامل لبنود الاتفاق النووي المبرم بينها وبين الدول الكبرى في 2015.
وتستعد إيران لإرسال المزيد من الوقود في الأيام المقبلة إلى لبنان، عن طريق سوريا، لتوزيعه من قبل حليفها «حزب الله» من دون المرور بمؤسسات الدولة اللبنانية، في تكرار للعملية التي جرت في منتصف سبتمبر (أيلول) الفائت. واعتمد «حزب الله» على «شركة الأمانة للمحروقات» لتوزيع المواد المستوردة من إيران كونها تخضع أساساً للعقوبات الأميركية منذ 2020، لأنها مملوكة من مؤسسة تابعة لـ«حزب الله». وأتى استقدام الحزب للمازوت الإيراني في خضم أزمة محروقات حادة يعاني منها لبنان بسبب تراجع قدرته المالية على الاستيراد ووسط انهيار اقتصادي متسارع.
وإلى جانب المسؤولين الرسميين في لبنان، التقى عبد اللهيان في بيروت أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، وجرى استعراض آخر الأوضاع والتطورات السياسية في لبنان والمنطقة، بحسب ما أعلنت العلاقات الإعلامية في الحزب. وقال الحزب، في البيان، إن الوزير الإيراني «أكد ثوابت الموقف الإيراني تجاه لبنان ودعمه والوقوف إلى جانبه على كل الأصعدة»، وأشار إلى أن نصر الله شكر للوفد الزائر «وقوف إيران إلى جانب لبنان دولة وشعباً ومقاومة خلال كل العقود الماضية حتى اليوم».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.