اللبنانيون يختارون بلداناً إقليمية لإنجاز أعمالهم بسبب تراكم الأزمات

TT

اللبنانيون يختارون بلداناً إقليمية لإنجاز أعمالهم بسبب تراكم الأزمات

لم يعد اللبناني عبد الله غانم (38 عاماً) يقوى على الإبداع في بلد يكبله وتأسر الأزمات طموحاته، وتجرده من أدنى الحاجات الحياتية من كهرباء ووقود وخدمة إنترنت. فجمع أغراضه وسافر برفقة كلبته «كوكي» إلى جورجيا، حسبما يروي لـ«الشرق الأوسط».
وغادر مئات اللبنانيين خلال الأشهر الماضية بشكل مؤقت إلى بلدان أخرى، هرباً من جحيم الأزمة في بلادهم، حيث انقطاع الكهرباء وشح الوقود والأدوية وانسداد الأفق. وفي حين يعمل عدد لا بأس به من اللبنانيين عن بُعد (أونلاين) كان الخيار متاحاً لهؤلاء لإنقاذ ما تبقى من أعصابهم، طالما أن السفر لن يؤثر على عملهم أو رواتبهم. وتتنوع وجهات اللبنانيين بين مصر وتركيا وقبرص ودبي وجورجيا، إلى جانب بلدان أخرى قريبة يستطيعون العمل فيها وينتقلون منها إلى بيروت في زيارات شهرية أو كل 15 يوماً.
ويشرح عبد الله، الذي يعمل في مجال الرسوم المتحركة الثلاثية الأبعاد، أن عمله يعتمد بالدرجة الأولى على الكهرباء والإنترنت، ويحتاج إلى ساعات طويلة ومتواصلة من هاتين الخدمتين لإنجازه، وهو أمر أصبح مستحيلاً في الأشهر الماضية، كما يتحدث عن المسؤولية التي تترافق مع عمله لناحية الاجتماع مع أشخاص عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويقول: «لم تعد لدي القدرة على العمل... لا كهرباء ولا إنترنت... لم أعد أستطيع استخدام تطبيق (زووم) في اجتماعات العمل... حتى أني لم أعد أتمكن من إنهاء عملي».
ويشكو عبد الله «العذاب النفسي والضغط الذي يفوق طاقة الإنسان»، وهما شعوران تملكاه خلال وجوده في لبنان في خضم انقطاع الكهرباء وإطفاء أصحاب المولدات مولداتهم لساعات طويلة بسبب شح مادة المازوت، ويحكي أنه لم يعد لديه أي وقت لحياته الشخصية، بل أصبح «أسير الكهرباء كل الوقت لإتمام عمله». يقول: «أنا شخص مبدع»، كما يصف نفسه، لكنه يستطرد «بسبب الضغط الزائد لم يعد لدي القدرة على الإبداع، صار البلد يعمل ضدي». عبد الله الذي يعمل بنظام التعاقد (فريلانس) في مجال الرسوم المتحركة مع شركات في الخارج، ترك خلفه شهرته في لبنان بمجال عمله الثاني الذي يبرع فيه وهو الإخراج. ورغم ذلك، لم يلتفت إلى الوراء، وأخذ قرار مغادرة لبنان والبدء من الصفر في بلد لا شهرة له فيها ولا أرشيف.
ويقول: «لم أعد أشعر بالأمان... خيار السفر لا يأتي فجأة، خصوصاً أن أموال اللبنانيين وأنا منهم، محجوزة في المصارف. وتطلب الموضوع الكثير من الوقت والتحضير والادخار لأتمكن من السفر... كان لدي شعور بأن الناس سيقتلون بعضهم البعض، وكانت الأمور تزداد سوءاً يوماً بعد يوم».
ورغم أن عبد الله نفذ قراره بمغادرة لبنان وسط أزمة الكهرباء والمحروقات، إلا أنه بدأ يفكر بالموضوع بعد انفجار مرفأ بيروت. واختار عبد الله جورجيا لأنها تناسب وضعه الاقتصادي، ويؤكد أنه كان يحب السفر إلى بلد أوروبي، لكن الموضوع يتطلب مصاريف مرتفعة، الأمر الذي لا يستطيع تأمينه، خصوصاً أن أمواله كلها محجوزة في المصرف.
وعادة ما يحصل اللبنانيون على تأشيرة سياحة لمدة عام لدى الوصول إلى جورجيا، حيث يسهل نسبياً فتح حساب مصرفي وإنشاء شركة، بما يمكنهم من الحصول على الإقامة.
ويعرب عبد الله عن حزنه على كل الأشخاص الذين يتمنون أن يغادروا لبنان، «ليس لأني ضد أن يكافح الإنسان في بلده، لكن أحياناً نحن لا نملك خيار الكفاح»، على حد تعبيره.
ويشعر اللبنانيون، حتى الذين لا ينوون السفر وترك لبنان، أنهم يحتاجون إلى متنفس من مكان آخر، يشحنهم بطاقة. من هنا، كانت فكرة «المركز اللبناني لحقوق الإنسان» الذي قدم لفريق عمله متنفساً خارج أسوار هذا البلد ليرمموا نفسياتهم والعودة بروحية أفضل.
ويشرح المدير التنفيذي للمركز فضل فقيه لـ«الشرق الأوسط»، أن المركز قرر استحداث مكتب آخر في تركيا لفريق عمله المؤلف من حوالي 40 شخصاً، حيث يتوجه قسم من الفريق، تقريباً أربعة أشخاص، إلى هناك لمدة لا تتعدى الشهر بهدف «أخذ نفس»، ثم العودة إلى مكتب بيروت، ثم يقوم زملاء آخرون بالأمر عينه.
وفي حين يؤكد فقيه أن هذا القرار لاقى تجاوباً ضمن فريق العمل، يوضح أن «عمل المنظمة يعتمد على (الأونلاين)، ونستطيع أن نقوم به من أي مكان، ومن بعد (كورونا)، أصبح الحاسوب هو كل مكان عمل الفرد، فأينما وجد يكون مكتب عملك، وتستطيع أن تقدم واجباته المهنية».
ويؤكد فقيه أن السبب الأساسي وراء اتخاذ هذا القرار هو «وضع البلد، والشق الأمني، وعدم توفر الخدمات الأساسية مثل الفيول والكهرباء والإنترنت»، ويقول: «سنكمل بهذا المتنفس طالما أن القدرات المادية تسمح وطالما أن وضع البلد لا يؤمن الحاجات الأساسية».
ويرجع السبب الذي دفع بالمنظمة لاتخاذ القرار إلى «الاهتمام بالشق النفسي لفريق العمل»، ويقول: «فكرنا براحة الأشخاص النفسية، عملنا يعنى بحقوق الإنسان في بلد تتأذى فيه تلك الحقوق وتنتهك، فإن لم تؤمن للعاملين في هذا المجال البيئة الحاضنة، وإن لم يكونوا مهيئين نفسياً ومرتاحين من الصعب جداً قيامهم بواجباتهم المهنية».
ويشرح أنه «مهما حاولت المنظمة أن تقدم الدعم لفريق عملها في لبنان الأمر سيكون صعباً جداً، لأن نظام البلد الذي نعيش فيه أصبح مريضاً، وهنا كانت الحاجة إلى إخراج الفريق من هذا النظام المريض لفترة لكي يتعافوا قبل العودة».



البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.